متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
صلة القربى بين النبي و بين من سيخلفه
الكتاب : أين سنة الرسول و ماذا فعلوا بها ؟    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

صلة القربى بين النبي وبين من سيخلفه

فهو ابن عمه الشقيق ، فأبو طالب هو الذي كفل النبي ورباه ، فكان بمثابة أبيه وقد عبر رسول الله عن ذلك بقوله : ( يا عم ربيت صغيرا ، وكفلت يتيما ، ونصرت كبيرا فجزاك الله خيرا ) ( 1 )

ويوم مات أبو طالب سمى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عام موته بعام الحزن ، ووصف موته بأنه مصيبة ( 2 ) وقال : ( ما نالت مني قريش حتى مات أبو طالب ( 3 ) كذلك فقد كانت أم الإمام علي بمثابة أم لرسول الله ، فيوم ماتت قال الرسول : ( اليوم ماتت أمي إنها كانت أمي . . . ) ( 4 ) .

وعندما شرعت الإخوة الإسلامية قبل الهجرة آخى رسول الله بينه وبين النبي وعلي ( 5 ) وبعد الهجرة آخى الله بينهما ، وقد أكد الرسول هذه الإخوة في أكثر من مناسبة حتى لا ينساها المسلمون كقوله لعلي : ( أنت أخي ورفيقي في الجنة ( 6 ) وكقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( وأما أنت يا علي فأخي وأبو ولدي ومني وإلي . . ) ( 7 )

وكقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( بشارة أتتني من ربي في أخي وابن عمي وابنتي . . . ) ( 8 ) ولينقش النبي مغزاه في الذهنية الإسلامية ، قال لعلي أمام الصحابة مجتمعين : ( أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس نبي بعدي ) ( 9 ) فهارون كان أخو موسى ونائبه ، لقد أعطى رسول الله

 

( 1 ) تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 25 وسيرة الرسول وأهل بيته ج 1 ص 84 .
( 2 ) المصدر السابق . ( 3 ) المصدر السابق . ( 4 ) المصدر السابق .
( 5 ) تذكرة الحفاظ ص 23 ، وترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 ص 107 و 150 ، وكنز العمال ج 1 ص 290 ، والمناقب للخوارزمي ص 7 ، والمستدرك للحاكم ج 3 ص 109 ، وصحيح الترمذي ج 5 ص 30 ، وأسد الغابة ج 2 ص 221 وج 3 ص 137 ، والاستيعاب بهامش الإصابة ج 3 ص 35 ، والطبقات الكبرى ج 3 ص 21 .
( 6 ) تاريخ ابن عساكر ج 1 ص 123 ، ومنتخب الكنز بهامش مسند الإمام أحمد ج 5 ص 46 .
( 7 ) المناقب للخوارزمي ص 27 .
( 8 ) المناقب للخوارزمي ص 246 ، ومقتل الحسين للخوارزمي ج 1 ص 60 ، وأسد الغابة ج 1
ص 206 ، والصواعق المحرقة لابن حجر ص 121 .
( 9 ) صحيح البخاري باب مناقب علي كتاب بدء الخلق ، وباب غزوة تبوك ، وصحيح مسلم كتاب الفضائل باب علي ، وصحيح الترمذي ج 2 ص 301 ، وصحيح ابن ماجة ص 12 ، والخصائص =
>

 
 

- ص 81 -

لعلي كافة المنازل والدرجات التي كان يتمتع بها هارون عند موسى ، ولم يستثن رسول الله إلا النبوة ، لقد روى هذا الحديث حتى أعداء علي ، وشق هذا الحديث طريقه إلى الأذهان بالرغم من استماتة القوم بطمس الأحكام والفضائل الخاصة بالإمام علي ، ومثل هذا الشرف لم يخلع على أحد قط .

ولما حضرت رسول الله الوفاة ، كان يكرر ( ادعو لي أخي . . . يعني علينا ) ( 1 ) واحتج الإمام علي في ما بعد بهذه الأخوة فقال : ( أنا عبد الله وأخو رسوله ، وأنا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي إلا كاذب ) ( 2 ) .

والأعظم من ذلك أن حكمة الله قد اقتضت بأن تكون ذرية كل نبي من صلبه واقتضت حكمته أن تكون ذرية خاتم الأنبياء من صلب علي ومن أبناء فاطمة بنت رسول الله كما صرح بذلك رسول الله ( 3 )

لقد زوج الله فاطمة لعلي ، وجعل أولادهما هم أولاد الرسول وكان الرسول يتصرف على أساس أن أولاد علي هم أولاده ، فكلما ولد واحد منهم كان الرسول يأتي الأسرة العظمى مبتهجا فيقول : ( أروني ابني ، ماذا سميتموه ؟ ) فيقول الوالدان سميناه حربا ، فقال النبي عند ولادة أولهم بل هو حسن ، وعند ولادة الثاني قال بل هو حسين ، وعند ولادة الثالث قال : بل هو محسن ، وقد علل النبي ذلك بقوله : ( إني سميتهم بأسماء ولد هارون شبر وشبير ومشبر ) ( 4 ) ، وكما

 

 => للنسائي ص 15 و 16 وص 4 وص 14 و 19 و 32 .
( 1 ) الطبقات لابن سعد ج 2 ص 236 ، وقريب منه المناقب للخوارزمي ص 29 .
( 2 ) راجع سنن ابن ماجة ج 1 ص 44 ، وتاريخ الطبري ج 3 ص 310 ، والكامل لابن الأثير ج 2 ص 57 ، وتاريخ ابن عساكر ج 1 ص 120 ، والاستيعاب بهامش الإصابة ج 3 ص 29 .
( 3 ) تاريخ بغداد ج 1 ص 3316 ، والرياض النضرة للطبري ج 2 ص 168 ، والصواعق المحرقة لابن حجر ص 93 ، ومجمع الزوائد للهيثمي ج 9 ص 172 ، وقال رواه الطبري وكنز العمال
ج6
ص 152 ، وفيض القدير للمناوي ج 2 ص 223 ، وفضائل الخمسة ج 2 ص 180 - 181 .
( 4 ) الأدب المفرد للبخاري ص 120 ، والمستدرك للحاكم ج 3 ص 165 ، ومسند أحمد ج 6 ص 165 وج 7 ص 63 ، وابن الأثير في أسد الغابة ج 2 ص 18 وج 4 ص 308 ، والاستيعاب ج 1 ص 139 ، وكنز العمال ج 6 ص 221 . . الخ
. ( * )

 
 

- ص 82 -

بفعل الوالد مع أولاده عند ولادتهم أذن النبي في أذن الحسن ، عند ولادته ، وأذن في أذن الحسين عند ولادته أيضا ( 1 ) ، وكما يفعل الوالد كلما يرزق بولد أمر النبي بحلق رأس الحسن عند ولادته ، والتصدق بزنة شعره فضة ، وهكذا فعل عندما ولد الحسين ( 2 ) .

وعوذ رسول الله الحسن والحسين بما عوذ به نبي الله إبراهيم ولديه ( 3 ) ، وأعلن النبي أمام أصحابه : بأن الحسن والحسين ( عضوان من أعضائه ) ( 4 ) وأنهما ريحانتاه من الأمة ولا يرضى لهما حر الشمس ( 5 ) ، وكان يحملهما بفخر على عاتقه ويقول : ( نعم الراكبان هما ) ( 6 ) وكثيرا ما كانا يثبان على ظهر النبي وهو في الصلاة فلا يمنعهما ( 7 ) وصدف أكثر من مرة أن النبي كان يخطب بأصحابه فيشاهد الحسنين فيقطع خطبته وينزل عن المنبر ويحملهما ( 8 ) وأعلن الرسول أمام أصحابه : ( بأن الحسن والحسين ابناه وابنا

 

( 1 ) صحيح الترمذي ج 1 ص 286 ، وصحيح أبي داود ج 3 ص 179 ، وفضائل الخمسة ج 3 ص 212 .
( 2 ) صحيح النسائي ج 2 ص 188 ، وصحيح أبو داود ج 1 ص 7 ، وتاريخ بغداد ج 1 ص 151 ، ومشكل الآثار للطحاوي ج 1 ص 456 ، وحلية الأولياء ج 7 ص 126 ، والمستدرك على الصحيحين للحاكم ج 4 ص 236 ، وذخائر العقبى للطبري ص 119 ، وكنز العمال ج 7 ص 107 ، وصحيح الترمذي ج 1 ص 286 .
( 3 ) صحيح البخاري كتاب بدء الخلق ، وصحيح ابن ماجة ج 1 ص 3 وص 180 ، والمستدرك ج 3 ص 167 .
( 4 ) مسند أحمد بن حنبل ج 6 ص 399 ، والإصابة لابن حجر ج 5 ص 231 ، وقال أخرجه البغوي ، وصحيح ابن ماجة - باب الرؤيا ص 289 ، والمستدرك على الصحيحين للحاكم ج 3 ص 176 ، وطبقات ابن سعد ج 8 ص 204 ، وأسد الغابة ج 3 ص 244 وج 2 ص 10 .
( 5 ) الأدب المفرد للبخاري باب رحمة الوالد ، ومسند أحمد بن حنبل ج 2 ص 85 و 93 و 114 و 53 ، وأبو داود الطيالسي في مسنده ج8 ص 160 ، وحلية الأولياء ج 5 ص 70 ، وخصائص النسائي ص 72 . . الخ .
( 6 ) ذخائر العقبى للطبري ص 130 ، ومجمع الزوائد ج 9 ص 189 ، والمستدرك على الصحيحين ج 3 ص 170 .
( 7 ) المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 167 ، وسنن البيهقي ج 2 ص 163 ، وصحيح النسائي ج 1 ص 171 ، ومجمع الزوائد ج 9 ص 182 .
( 8 ) صحيح الترمذي ج 2 ص 306 ، وصحيح النسائي ج 1 ص 209 و 235 ، والمستدرك ج 1 ص 287
 . ( * )

 
 

- ص 83 -

ابنته ، وأن من أحبهما فقد أحب النبي ) ( 1 ) .

هذا نمط من القربى والتماسك والتكامل بين النبي وبين من سيخلفه عجيب ، ولا نجد له شبيها في التاريخ البشري كله ، هذه طبيعة الصلة بين النبي ، وبين خلفائه الشرعيين ، وهي طبيعة عجيبة من جميع الوجوه ، والأغرب هو ادعاء بعض الأصحاب بأنهم أولى بالنبي من أهله ! ! لأن الصاحب أولى بالمعروف من ذوي القربى القريبة ! ! ! 

 

( 1 ) صحيح الترمذي ج 2 ص 307 ، وصحيح ابن ماجة فضائل الحسن والحسين ، ومسند أحمد بن حنبل ج 5 ص 369 وج 2 ص 288 ، وسنن البيهقي ج 2 ص 263 ، وحلية الأولياء ج 8 ص 305 ، وكنز العمال ج 7 ص 108 .   ( * )


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net