متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
كانت السنة المطهرة أعظم عائق بينهم و بين ملك النبوة
الكتاب : أين سنة الرسول و ماذا فعلوا بها ؟    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

كانت السنة المطهرة أعظم عائق بينهم وبين ملك النبوة

لقد وضع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم النقاط على الحروف ، ورتب عصر ما بعد النبوة من خلال سنته الطاهرة ترتيبا محكما ، وكل يوم يضع بأمر ربه لمسة على هذا الترتيب ، وقد رأت الأمة وسمعت كل ما قاله رسول الله ، فلم يكن بإمكان الطامعين بالملك أن يتجاهلوا وجود سنة الرسول ، ولا كان بإمكانهم أن ينكروها ، أو أن يقفزوا من فوقها ، لقد كانت سنة الرسول أعظم عائق أو حائل يحول بينهم وبين الاستيلاء على ملك النبوة بعد موت النبي ! !

لقد نقشت نصوص السنة في أذهان الناس ، وكان من المستحيل تجاهلها ، لذلك رأت قيادة التحالف ، أن السنة لا يمكن تدميرها إلا بالتشكيك بصاحبها ( رسول الله ) وإقناع الناس بأنه بشر ، وليس كل ما يقوله صحيحا ، وأن مهمته محصورة بتلقي القرآن من الله ، وتبليغه للناس بدون زيادة أو نقصان وأي كلام آخر للرسول يحتمل الخطأ ويحتمل الصواب ، والأكثرية هي التي تعرف أين الخطأ وأين الصواب في كلام رسول الله ! ! ( كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا ) .

المبدأ العام الذي اتفقوا عليه وعبروا منه لتدمير سنة الرسول بما أن محمدا قد بنى ملكا عظيما ، فمن مصلحة زعامة بطون قريش ومن والاها أن يعترفوا بنبوة محمد ، وأن يسلموا ليدعوا في ما بعد أنهم .

- ص 131 -

الأولى بملك محمد ، لأن محمدا رجل من قريش ، ومن مصلحتهم أن يعتنقوا الإسلام ليحافظوا على ملك النبوة الإسلامي ، وليوسعوا هذا الملك تحت شعار نشر الإسلام ! ! !

هذا هو الوجه الأول للمبدأ العام الذي اتفقوا عليه أما الوجه الثاني من هذا المبدأ فهو القرآن الكريم ، فمن ضرورات الإسلام الاعتراف بأن هذا القرآن هو كلام الله الذي نزله على نبيه بالحرف والمعنى ، وأن مهمة النبي كانت مقصورة على تلقي القرآن من الوحي ، وتبليغه للناس أو تلاوته عليهم بلا زيادة ولا نقصان ! ! وبما أن القرآن قد اكتمل نزوله ، فلم تعد هنالك حاجة إلى النبي لأنه بشر ولأن القرآن وحده يكفي ! ! وهذا معنى شعارهم ( حسبنا كتاب الله ) وشعار ( لا كتاب مع كتاب الله ) ومعنى ذلك الاستغناء التام عن ( بيان الرسول لهذا القرآن ) أو الاستغناء التام عن سنة الرسول بفروعها الثلاثة القول والفعل والتقرير خاصة تلك المتعلقة بمن يخلف النبي بعد موته ! ! ! فإن تمكنوا من فرض هذا المبدأ العام بوجهيه ، فإنهم سيدمرون سنة النبي ، ويبطلون مفعولها ولو إلى حين ، فإن دمروا سنة الرسول وأبطلوا مفعولها عندئذ يمكنهم أن يضعوا بيانا للقرآن الكريم يخدم مطامعهم وأهدافهم بدلا من بيان النبي ( سنته ) التي تقف لمطامعهم وأهدافهم بالمرصاد ! !

مثال على ذلك في غياب سنة الرسول ، وفي أعمال ( حسبنا كتاب الله ) ( ولا كتاب مع كتاب الله ) يمكن لقادة التحالف أن يتلوا قول الله تعالى : ( وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ) فيفسرون هذا النص ويبينونه على أن السلطة أو الخلافة من بعد النبي شورى ! ! ! فما تراه الأكثرية الساحقة من المسلمين ( بطون قريش ومن والاها والمنافقون والمرتزقة من الأعراب وذلك النفر من المهاجرين ) حقا فهو حق ! ! وما تراه باطلا فهو باطل ، وما تختاره للخلافة بعد وفاة النبي فهو خليفة ! ! ولا قيمة لاعتراض الأقلية المؤمنة ، فهم قلة

- ص 132 -

قليلة في المجتمع كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود ! ! ولا قيمة لاعتراض ومخالفة أهل بيت النبوة ولا معنى لعدم موافقة الإمام الشرعي الذي اختاره الرسول ليخلفه ، لأن هذا الإمام يقف ضد إرادة الأكثرية الساحقة للأمة ! ! وعندما يستولي ذلك النفر بالقوة والتغلب وكثرة الأتباع على منصب الخلافة يجندون النصوص الواردة في القرآن لخدمتهم وخدمة ملكهم فيقولون : إن الله قد أمر الناس بأن يطيعوا الله ورسوله ( وأولي الأمر ) وبما أنهم هم أولوا الأمر واقعيا وبما أن سنة الرسول ( أو بيان القرآن ) مغيب فستفرض الأكثرية البيان الذي تريده ! ! !

أما الوجه الثالث من هذا المبدأ الذي اعتمدته زعامة بطون قريش والمنافقون والمرتزقة من الأعراب وذلك النفر من المهاجرين فهو تغطية المعصية والتمرد على الشرعية الإلهية بشعار من الشعارات الدينية بظاهرها ! ! على سبيل المثال : فعندما أمرهم الرسول بقتل أحد المنافقين لم ينفذوا أمر الرسول بحجة أن :

 1 - ذلك المنافق يصلي ، فتنفيذ أمر الرسول طاعة ، وعدم تنفيذه معصية وخروج من الشرعية ومظلة أو غطاء المعصية قولهم ( إنه يصلي ) ( 1 ) ! ! .

 2 - الرسول موجود أمامهم فقال لبعض الصحابة : ( أريد أن أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا ) فتصدت له الأكثرية بزعامة ذلك النفر من المهاجرين وقالوا له : ( لا حاجة لنا بكتابك حسبنا كتاب الله ! ! ) ( 2 ) إنهم يعصون الرسول علنا ، ويمتنعون عن تنفيذ أوامره ، ويحرضون الآخرين على عدم تنفيذها ولكن تحت شعار ( حسبنا كتاب الله ! ! ! ) .

 3 - لقد أحرقوا المكتوب من سنة رسول الله ! ! ولما استهجن الناس فعلهم رفعوا شعار ( لا كتاب مع كتاب الله ! ! ) ( 3 ) .

 

( 1 ) راجع الإصابة لابن حجر ج 1 ص 484 ط السعادة ، وحلية الأولياء ج 2 ص 317 وج 3 ص 227 ، والطرائف لابن طاووس ج 2 ص 229 ، والنص والاجتهاد للعاملي ص 94 .
( 2 ) صحيح البخاري ج 7 ص 9 وج 4 ص 31 وج 1 ص 37 ، وصحيح مسلم ج 5 ص 75 وج 2 ص 16 وج 11 ص 94 و 95 ، وكتابنا نظرية عدالة الصحابة ص 288 يعالج تفصيل ذلك
. ( * )
( 3 ) الطبقات الكبرى لابن سعد ج 5 ص 140 . ( * )


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net