متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الخطوة الأولى : هي الحيلولة بين جيش أسامة وبين الخروج
الكتاب : أين سنة الرسول و ماذا فعلوا بها ؟    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

الخطوة الأولى : هي الحيلولة بين جيش أسامة وبين الخروج

 لقد نجح ذلك النفر بتثبيط المسلمين عن الخروج في جيش أسامة ، مع أن الرسول الأعظم قد عبأ هذا الجيش بنفسه ، وعبأ ذلك النفر فيه ، وأعطى الرسول الراية لأسامة بنفسه ، وحث الرسول هذا الجيش على الخروج سريعا ( 1 ) ، وقال الرسول جهزوا جيش أسامة لعن الله من تخلف عنه ( 2 ) لكن ذلك النفر وأولياءهم كانوا يرون أن تأمير الرسول لأسامة على

 

( 1 ) المغازي للواقدي ج 3 ص 117 والسيرة الحلبية ج 3 ص 207 ، والطبقات الكبرى ج 2 ص 190
( 2 ) الملل والنحل للشهرستاني ج 1 ص 23 وج 1 ص 20 بهامش الفصل لابن حزم ج 1 ص 24
 . ( * )

 
 

- ص 210 -

الجيش وهو فتى غير مناسب ! ! ! والأفضل أن يعين الرسول بدلا منه ! ! هذه هي الحجة التي احتجوا بها حتى لا يخرجوا مع الجيش ، فاضطر الرسول أن ينهض من فراش الموت وهو معصوب ومحموم ، وأن يصعد المنبر ، وأن يدافع عن قراره بتأمير أسامة وأن يؤكد ذلك بقوله : ( . . . وأيم الله إنه لخليق بالإمارة ( 1 ) ومع هذا فقد أصروا على موقفهم بأن تأمير الرسول لأسامة غير مناسب ويتوجب على الرسول أن يستبدله ! ! !

ومن الطبيعي أن يصر الرسول على قراره فكان يقول : ( جهزوا جيش أسامة ، أرسلوا بعث أسامة ) وكرر ذلك مرات متعددة وهم متثاقلون ( 2 ) ويبدو أن ذلك النفر قد ضغط على أسامة ضغطا شديدا ، فدخل على رسول الله فأمره رسول الله بالسير وقال له : ( أغدو على بركة الله ( 3 ) فقال أسامة للرسول : دعني أمكث حتى تشفى ، فقال الرسول أخرج وسر على بركة الله ، فقال أسامة : إن خرجت وأنت على هذه الحالة خرجت وفي قلبي قرحة ، فقال الرسول : سر على النصر والعافية فقال أسامة : يا رسول الله إني أكره أن أسائل عنك الركبان فقال الرسول : أنفذ لما أمرتك به ) ( 4 )

فقام أسامة ، ثم أغمي على الرسول ، واستفاق وأخذ بقول : أنفذوا بعث أسامة ، لعن الله من تخلف عن بعث أسامة ! ! ومع هذا لم يخرجوا ولم يستجيبوا لرسول الله ، وأصروا على رأيهم بأن تأمير الرسول لأسامة عمل غير صائب فلا ينبغي لأسامة وهو فتى أن يتأمر على شيوخ المهاجرين والأنصار ! ! وحتى بعد أن توفي الرسول أصروا على رأيهم وضغطوا على الخليفة الأول كي ينزع أسامة ! ! لأن تأمير

 

( 1 ) المغازي للواقدي ج 3 ص 119 ، والطبقات الكبرى ج 2 ص 190 ، وشرح النهج ج 1 ص 57 ، والسيرة الحلبية ج 3 ص 207 و 243 .
( 2 ) كنز العمال ج 10 ص 573 ، ومنتخب الكنز بهامش مسند الإمام أحمد ج 4 ص 182 .
( 3 ) المغازي للواقدي ج 3 ص 112 ، والطبقات الكبرى لابن سعد ج 3 ص 191 ، والسيرة الحلبية ج 3 ص 208 وص 235 ، والسيرة الدحلانية ج 2 ص 340 ، وشرح النهج ج 1 ص 160 ، وكنز العمال ج 10 ص 571 .
( 4 ) السقيفة للجوهري راجع شرح النهج ج 6 ص 52
 . ( * )

 
 

- ص 211 -

الرسول لأسامة ليس مناسبا ولا صحيحا ! ! فأخذ الخليفة الأول بلحية عمر بن الخطاب وقال له : ( ثكلتك أمك وعدمتك يا بن الخطاب استعمله رسول الله وتأمرني أن أنزعه ) ( 1 ) .

لقد استمات ذلك النفر للحيلولة بين جيش أسامة وبين الخروج لأن الرسول قد عبأهم بهذا الجيش بنفسه ، فإن تخلفوا عنه سينكشفون ثم إن خروجهم بهذا الجيش سيقوض كل خططهم الرامية إلى زحزحة الخلافة عن صاحبها الشرعي والاستيلاء عليها بالقوة والتغلب بعد تجاهل سنة الرسول التي رتبت نظام الحكم بعد موت النبي ! !

فلو خرجوا مع الجيش لانتقلت الخلافة في غيابهم إلى صاحبها الشرعي انتقالا سلميا ولما اختلف اثنان لقد فطن ذلك النفر إلى تدبير النبي ، لذلك استماتوا للحيلولة بين جيش أسامة وبين الخروج ، وكانت هذه هي الخطوة الرئيسية الأولى لتجاهل سنة الرسول تجاهلا تاما ونقض أول عروة من عرى الإسلام وهي نظام الحكم ! !

 

( 1 ) تاريخ الطبري ج 3 ص 226 ، والكامل لابن الأثير ج 2 ص 335 ، والسيرة الحلبية ج 3 ص 209 و 236 ، والسيرة الدحلانية ج 2 ص 340  . ( * )


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net