معاوية والأمويون
كان معاوية وولاته قد وضعوا مئات الألوف من الأحاديث الباطلة المفتعلة بفضائل لا أول لها ولا آخر ، وبمناقب لا وجود لها إلا في أذهان رواتها وحتى يزيد معاوية الطين بلة ، ويخلط الأمور خلطا يصعب إعادة فرزه فقد أمر معاوية رعيته بحفظ ورواية هذه الأحاديث المفتعلة ، وأمر معاهده العلمية بتدريسها ، وتناقلها المسلمون جيلا بعد جيل ، وتبنتها دولة الخلافة رسميا ، واعتبرتها جزءا لا يتجزأ من وثائقها ومناهجها التربوية والتعليمية ، وصار الناس يعتقدون بصحتها ، لقد شاعت بينهم ، وعندما أباحت دولة الخلافة في ما بعد كتابة وتدوين سنة الرسول ، كتب العلماء هذا الكم الهائل من الأحاديث المفتعلة ، مسلمين بصحته وهو باطل ومفتعل كما يقول " ابن نفطويه " ( 1 )
وساعد على تسوية هذه الأحاديث المفتعلة أنها قد وضعت والكثير من جيل الصحابة على قيد الحياة .
أولياء الخلفاء الأول كذلك فإن أولياء الخلفاء الأول وهم قوة عظمى من قوى المجتمع ، - حتى أن الأمويين أنفسهم يعتبرون أنفسهم جناحا من أجنحة أولياء الخلفاء الأول - وفي سبيل تبرير أعمال الخلفاء الأول ، وضعوا كما هائلا من الأحاديث التي تجعل كل خطوة قد خطاها الخلفاء الأول ، وكل فعل فعلوه منسجما بالكامل مع أمر الله وسنة رسوله ، لقد صورت هذه الأحاديث الخلفاء بصور أزهى من صور الأنبياء ، وكانت وسائل إعلام الدولة قد تناقلت هذه الأحاديث جيلا بعد
|
( 1 ) شرح النهج ج 3 ص 595 و 596 تحقيق حسن تميم . ( * ) |
| |
جيل أيضا ، واعتقدت الأكثرية بصحتها ، لأنها وجدت فيها نماذج لصور الأبطال الذين تحلم بهم ! ! وعندما شرع العلماء بكتابة وتدوين سنة الرسول عثروا على هذا الكنز الدفين من الأحاديث التي تتفق مع توجهاتهم فدونوا هذه الأحاديث كلها دون تعديل ولا تبديل ، بل فرغوا فيها فنهم لتبدو على أفضل صورة ! !
ومن المفارقات المبكية أن أولياء الخلفاء حملوا رسول الله وزر عدم كتابة ورواية سنته ، فزعموا أن الرسول هو الذي أمر المسلمين بعدم كتابة سنته وعدم روايتها ، وأن الخلفاء الأول قد اتبعوا أمر الرسول ، فمنعوا كتابة ورواية سنته بناء على توجيهاته ! ! وهم يعنون بأنه لا لوم على الخلفاء إن منعوا كتابة ورواية سنة الرسول مائة عام ، إنما يقع اللوم - بزعمهم - على الآمر وهو رسول الله ! ! ووضعوا مئات الأحاديث التي تخدم هذا التوجه ! ! !
|