متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
بنو امية
الكتاب : الخدعة رحلتي من السنة إلى الشيعة    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

بنـو أمية


استوقفتني بعض الأحاديث الواردة في كتب السنة عن بني أمية . تلك الأحاديث التي تحذر الأمة من هذه الفئة وتكشف الدور الخطير الذي يهدد مستقبل الأمة والدين الذي سوف يلعبونه في ساحة الإسلام . . وإن كان معظم هذه الأحاديث قد وضعت

في دائرة الشك والتضعيف من قبل علماء الحديث إلا أن ما يلفت النظر هنا هو تلك الأحاديث التي صححوها في بني أمية والتي تشير إلى أن لهم فضلا ومكانة ودورا بارزا في نصرة الإسلام . . ومن الأحاديث التي وردت في ذم بني أمية قول

الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " هلكة أمتي على يدي غلمة من قريش " ( 1 ) . .
 

 

* هامش *

 

 

( 1 ) - أنظر البخاري كتاب الفتن الباب الثالث .

 

- ص 57 -

وفي راوية أخرى : " أن فساد أمتي على يدي غلمة سفهاء من قريش ( 2 ) . .

وقال أبو هريرة : لو شئت أن أقول بني فلان وبني فلان لفعلت ( 3 ) .

وهناك عدة أحاديث وردت في لعن الحكم بن العاص وأولاده ( 4 ) . .

وقال أبو هريرة : حفظت وعاءين عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعاء بثثته ووعاء لو بثثته لقطع هذا البلعوم   ( 5 ) . .
 

وفي ترجمة الحكم بن العاص الأموي عم عثمان بن عفان يقول ابن حجر : نفاه النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى الطائف وأعاده عثمان إلى المدينة في خلافته . ونقل أن النبي دعا عليه ولم يثبت ذلك - كلام ابن حجر - وروي أن الصحابة دخلوا

على الرسول وهو يلعن الحكم بن العاص . فقالوا يا رسول الله ما له : قال : دخل على شق الجدار وأنا مع زوجتي فلانة فكلح في وجهه . فقالوا أفلا نلعنه نحن ؟ قال : لا ، كأني أنظر إلى بنيه يصعدون منبري وينزلونه . قالوا يا رسول الله ألا نأخذهم . قال : لا ونفاه رسول الله ( 6 ) . .


وروى الطبراني : كان الحكم يجلس عند النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فإذا تكلم اختلج فبصر به النبي فقال : كن كذلك فما زال يختلج حتى مات قال ابن حجر في هذا الحديث : في إسناده نظر . وأخرجه البيهقي من هذا الوجه وفيه ضرار بن صرد وهو منسوب للرفض . .


وروى ابن حجر عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه : قال كنا مع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فرأى الحكم بن العاص . فقال النبي : ويل لأمتي مما في صلب هذا ( 8 ) . .


وروي عن عائشة أنها قالت لمروان : أما أنت يا مروان فأشهد أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعن أباك وأنت في صلبه ( 9 ) . .
 

ويروي مسلم عن ابن عباس : كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه ( 10 ) . .
 

ويروي ابن حجر عن البغوي قال : كان عمر إذا نظر إلى معاوية قال هذا كسرى العرب ( 11 ) . .
 

 

* هامش *

 

 

( 2 ) - المرجع السابق .  
( 3 )
- المرجع السابق .

( 4 )
- روي هذا اللعن على لسان عائشة كما سوف نبين .
( 5 )
- البخاري . كتاب العلم .
( 6 )
- أنظر كتاب الإصابة في تمييز الصحابة ( ج 1 رقم الترجمة
         17817 .

( 7 ) - المرجع السابق .
( 8 )
- المرجع السابق .
( 9 )
- المرجع السابق .
( 10 )
- مسلم كتاب فضائل الصحابة باب من فضائل أبي سفيان .
( 11 )
- الإصابة ترجمة معاوية .

 

- ص 58 -

ويروي عن ابن أبي الدنيا : قال عمر إياكم والفرقة بعدي فإن فعلتم فاعلموا أن معاوية بالشام فإذا أوكلتم إلى رأيكم عرف كيف يستبدها منكم ( 12 ) . .

وكان أبو سفيان وولده معاوية يعاملان معاملة المؤلفة قلوبهم حتى عهد عمر الذي ألغى نصيب المؤلفة قلوبهم وولى معاوية على الشام ( 13 ) . .

أما الأحاديث التي وردت في مدح بني أمية فعلى رأسها الأحاديث التي تمدح الشام وأهلها وهي مقر بني أمية ومركز حكمهم كما هو معروف ( 14 ) . .

وروي عن عثمان أنه قال : لو أن بيدي مفاتيح الجنة لأعطيتها بني أمية حتى يدخلوا من عند آخرهم ( 15 ) . .


ويحاول كتاب السنن اختلاق الفضائل لمعاوية وأبيه ورفع مكانتهم وتنقية صورتهم على لسان الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . .


يروي مسلم أن أبا سفيان قال للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يا نبي الله ثلاث أعطنيهن . قال نعم . قال عندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها . قال نعم . قال ومعاوية تجعله كاتبا بين يديك . قال نعم . قال وتؤمرني حتى أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين . قال نعم ( 16 ) . .


ومثل هذه الرواية إنما تثير في النفس تساؤلات كثيرة في مقدمتها :

هل الفضائل تستجدى وتطلب أم تمنح من الرسول ؟ .
وما هي الفضيلة التي ينص عليها هذا الحديث لأبي سفيان ؟ .
وهل من الخلق أن يتحدث أبو سفيان مع الرسول بهذا الأسلوب عارضا ابنته عليه بصورة توحي وكأن للنساء مدخلا لقلبه ؟ .
ثم كيف يجيبه الرسول على مطالبه بهذه البساطة ؟ .
وكيف لمثل أبي سفيان أن يطلب أمرة المسلمين في القتال وهو محاط بالشك والكراهية من المؤمنين هو وولده ؟ .


إن مثل هذا الحديث يحمل مغالطة تأريخية خطيرة وهي أن الثابت من خلال كتب القوم أن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تزوج أم حبيبة قبل الهجرة .
 

 

* هامش *

 

 

( 12 ) - المرجع السابق .
( 13 )
- أنظر تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي . وكتب التاريخ
( 14 )
- ذكر ابن عساكر في تاريخه الكثير من هذه الأحاديث وهي ضعيفة وإلى الوضع أقرب ويروي أحمد في مسنده قول الرسول
          ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم

( 15 )
- ابن كثير / البداية والنهاية  .
( 16 )
- مسلم كتاب فضائل الصحابة باب فضل أبي سفيان .

 

- ص 59 -

وهذه إشارة قوية على وضع هذا الحديث وكونه من اختراع السياسة ( 17 ) . .

يروي مسلم أن أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر فقالوا : والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها . فقال أبو بكر أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم . فأتى النبي فأخبره . فقال يا أبا بكر لعلك أغضبتهم لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك ( 18 ) . .


وهذه رواية أخرى تؤكد التصور السابق وهو أن أبا سفيان لم يكن بصاحب مكانة حميدة بين صحابة رسول الله ولم يكن موضع احترام أحد إلا أذناب قريش من أهل القبلية والمنافقين

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو :

لماذا دافع أبو بكر عن أبي سفيان ؟ .
هل كان يجهل وضع هذا الرجل وتاريخه ؟ .
وهل كان أبو سفيان ما يزال شيخ قريش وسيدها ؟ .

إن رد الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على أبي بكر لهو أكبر دلالة على أن موقف هؤلاء الصحابة من أبي سفيان هو الموقف الشرعي وأن أبا بكر تجاوز هذا الموقف وانحرف عنه . . وجعل البخاري لمعاوية بابا أسماه باب ذكر معاوية ليس فيه شئ يحسب لمعاوية . فهو لا يحوي سوى رواية على لسان ابن عباس تشهد له بالصحبة تارة وبالفقه تارة أخرى ( 19 )


يقول ابن حجر معلقا على الباب بقوله : عبر البخاري بقوله ذكر ولم يقل فضيلة ولا منقبة لكون الفضيلة لا تؤخذ من حديث الباب لأن ظاهر شهادة ابن عباس له بالصحبة والفقه دالة على الفضل الكثير .

ونقل عن إسحاق بن راهويه قوله : لم يصح في معاوية شئ .

وقد ورد في فضائل معاوية أحاديث كثيرة لكن ليس فيها ما يصح من طريق الإسناد وبذلك جزم إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما ( 20 ) . .
 

وعن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : سألت أبي ما تقول في علي ومعاوية ؟ فأطرق ثم قال : اعلم أن عليا كان كثير الأعداء ففتش أعداؤه له عيبا فلم يجدوا .
 

 

* هامش *

 

 

( 17 ) - أنظر كتب سيرة الرسول . وهناك رواية مشهورة في هذه الكتب عن صدام وقع بين أبي سفيان وابنته حين قدم المدينة ورفضت
          استقباله في بيتها .

( 18 )
- مسلم كتاب فضائل الصحابة . باب من فضائل صهيب وسلمان وبلال .
( 19 )
- هناك روايتان في البخاري على لسان ابن عباس الأولى تقول عن معاوية حين أوتر بركعة واحدة واستفز هذا الأمر مولى ابن عباس
         : دعه فإنه قد صحب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ) . والثانية تقول : إنه فقيه . ويذكر أن مسلم لم يذكر عن معاوية شيئا

( 20 )
- فتح الباري ( ج 7 / 107 ) . وقد قال إسحاق بن راهويه أستاذ البخاري : لم تصح في معاوية منقبة .

 

- ص 60 -

فعمدوا إلى رجل قد حاربه - معاوية - فأطروه - رفعوه - كيدا منهم لعلي . . وعلق ابن حجر على هذه الرواية بقوله : فأشار بهذا إلى ما اختلقوه لمعاوية من الفضائل مما لا أصل له ( 21 ) . .


يروي مسلم أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أرسل ابن عباس وهو صبي في طلب معاوية . قال فجئت فقلت هو يأكل . ثم قال لي اذهب وادع لي معاوية . قال فجئت فقلت هو يأكل . فقال : لا أشبع الله بطنه ( 22 ) .


وقد فسر بعضهم هذا الحديث لصالح معاوية واعتبر أن دعاء الرسول على معاوية يعني صحة الجسم بحيث تبقى شهيته مفتوحة على الدوام للطعام . كما وضع مسلم هذه الرواية تحت باب أسماه باب من لعنه الرسول أو سبه أو دعا عليه وليس هو أهلا لذلك كان له زكاة وأجرا ورحمة ( 23 ) . .


ولقد كانت هذه الرواية هي السبب المباشر في مصرع النسائي المحدث على يد أنصار معاوية بالشام حين طلبوا منه أن يكتب كتابا في معاوية وأبى ( 24 ) . .


ويبدو من هذا الطرح أن هناك محاولات بائسة من فقهاء يدينون بالولاء لبني أمية من أجل رفع مكانة هذه العائلة وإضفاء المشروعية على خطها وممارساتها . . وكانت هذه الروايات بالإضافة إلى هذه التفسيرات الدافع الأساسي الذي دفعني إلى الشك في جميع الروايات المتعلقة بالفضائل والعمل على بحثها وضبطها بميزان القرآن والعقل مما أوصلني إلى النتائج التالية :

 - أن معظم الروايات التي تدور حول فضائل الصحابة لا تشير إلى منقبة واضحة محددة ( 25 ) . .

 - أن هذه الروايات تروى على الأغلب على لسان أصحاب الفضائل أنفسهم ( 26 ) . .

 - إن فحص سيرة هؤلاء يكشف إن مثل هذه الفضائل لا تخصهم وربما قصد بها سواهم ( 27 ) . .

 - إن الأضواء والروايات مسلطة على نماذج ورموز معينة من الصحابة بينما هناك رموز لها مكانتها ودورها البارز لم تحظ
   بشئ من هذه الروايات ( 28 ) . .
 

 

* هامش *

 

 

( 21 ) - المرجع السابق . وانظر مسند أحمد .
( 22 )
- مسلم كتاب البر والصلة والآداب . باب من لعنه النبي أو دعا عليه أو سبه .
( 23 )
- أنظر المرجع السابق .
( 24 )
- قتل النسائي على يد أنصار معاوية سنة 303 ه‍ . وكان قد كتب كتابا اسمه خصائص الإمام علي ورفض أن يكتب كتابا في معاوية
          واحتج بالحديث المذكور وقال ألا ترضون إلا رأسا برأس .

( 25 )
- أنظر فصل تضخيم الرجال .
( 26 - 28 )
- أنظر الفصل السابق ذكره . .

 

- ص 61 -

 - أن معظم أصحاب الفضائل كانوا من أنصار معاوية وخط بني أمية ( 29 ) . .

 - أن هناك روايات صريحة في الإمام علي وآل البيت تتضاءل أمامها قيمة هؤلاء وتكشف أن هناك ميزة وخصائص اختصوا
   بها دون بقية الصحابة ( 30 ) . .

 - أن هناك محاولات متعمدة للطعن في الإمام علي والتقليل من شأنه ( 31 ) . .


 

 

* هامش *

 

 

( 29 - 31 ) - أنظر الفصل السابق ذكره . .  ( * )


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net