متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
عثمان
الكتاب : الخدعة رحلتي من السنة إلى الشيعة    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

عثمـان

ونكتفي بهذا القدر من الروايات القوم في تضخيم عمر ونتجه إلى عثمان . .

يروي مسلم : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مضطجعا في بيت عائشة كاشفا عن فخذيه أو ساقيه فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على تلك الحال ثم استأذن عمر فأذن له وهو كذلك . فتحدث . ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله وسوى ثيابه . فسألته عائشة عن ذلك . ؟ . . فقال : ألا أستحيي من رجل تستحيي منه الملائكة ؟ . . ( 1 ) . .


مرة أخرى يحاول القوم تضخيم شخصية فيحطون من الرسول ويمتهنونه . ويصورونه كاشفا فخذيه أمام الناس دون حياء حتى إذا جاء عثمان استحيا منه .

فهل يعني هذا أن الرسول لم يكن يضع اعتبارا لأبي بكر وعمر الجالسين إلى جواره ويضع هذا الاعتبار لعثمان ؟ ألا يشير ذلك إلى أن مكانة عثمان أكبر من مكانة الشيخين ؟ . .


ويروي البخاري أن رجلا من أهل مصر سأل ابن عمر عن عثمان . فقال : هل تعلم أن عثمان فر يوم أحد ؟ قال ابن عمر : نعم . فقال الرجل : تعلم أنه تغيب عن بدر ولم يشهد ؟ قال : نعم . قال الرجل : هل تعلم أنه تغيب عن بيعة الرضوان فلم

يشهدها ؟ قال : نعم قال الرجل : الله أكبر . فقال ابن عمر : تعال أبين لك . أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله عفا عنه وغفر له . وأما تغيبه عن بدر فإنه كان تحت بنت رسول الله وكانت مريضة . فقال له الرسول : إن لك

 

* هامش *

 

 

( 1 ) - مسلم . كتاب فضائل الصحابة . باب من فضائل عثمان .

 

- ص 136 -

أجر من شهد بدر وسهمه . وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فلو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان لبعثه مكانه . فبعث رسول الله عثمان وكانت بيعة الرضوان بعدما ذهب عثمان إلى مكة . فقال رسول الله بيده اليمني : هذه يد عثمان فضرب بها على يده فقال : هذه لعثمان . فقال ابن عمر للرجل : اذهب بها الآن معك ( 2 ) . .

إن مثل هذه الرواية إنما تكشف أمامنا عدة حقائق :

 - أن المدافع عن عثمان هو ابن عمر . .

 - أن الأسئلة الثلاثة تكشف أن هناك مواقف عدائية من عثمان . .

 - أن ابن عمر قد أقر بفرار عثمان يوم أحد . .

 - أن ابن عمر لم يأت بالدليل على أن الله قد غفر له فعلته هذه . .

 - أن راوي الحديث قد أخطأ في ترتيب الأحداث وكان يجب أن يسأله عن تغيبه عن بدر أولا ثم يسأله عن أحد .
   لأن أحدا بعد بدر . . وأمر مثل هذا ما كان يجب أن يخفى عن البخاري وفقهاء القوم فهو يشكك في الرواية . .

 - أن الثابت تاريخيا أن الرسول لم يكن له بنات سوى فاطمة . وأن رقية وأم كلثوم وزينب ربائبه . .

 - أن زواج عثمان من رقية وأم كلثوم فيه خلاف والأرجح عدم حدوثه . .

 - أنه لم يثبت أن الرسول بعث عثمان إلى أهل مكة وقت بيعة الرضوان . .


وينقل ابن حجر رواية للبزار أن عثمان عاتب عبد الرحمن بن عوف فقال له : لم ترفع صوتك علي ؟ فذكر الأمور الثلاثة غيابه عن بدر وفراره من أحد وتخلفه عن بيعة الرضوان . فأجابه عثمان بمثل ما أجاب به ابن عمر ( 3 ) . .


ورواية البزار هذه إنما تؤكد التهم الموجهة لعثمان إذ أن الذي يتهمه بها واحد من أنصاره وحلفائه وهو الذي مهد له للوصول إلى الحكم . فهو ممن يعرفون تاريخ . عثمان جيدا . .


ويلاحظ في كتب الأحاديث خاصة البخاري ومسلم تكرار الأحاديث التي تربط الخلفاء الثلاثة ببعضهم عند الحديث عن مناقب وفضائل كل خليفة على حده . .

 

* هامش *

 

 

( 2 ) - البخاري . كتاب فضائل الصحابة . باب مناقب عثمان .

( 3 ) - فتح الباري ( ج 7 / 59 ) .

 

- ص 137 -

فحديث : أثبت أحد فإن عليك نبيا وصديقا وشهيدين . .
وحديث : إئذن له وبشره بالجنة . .
وحديث : كنا في زمن النبي لا نعدل بأبي بكر أحدا ثم عمر ثم عثمان ثم نترك أصحاب رسول الله . .
وحديث ابن الحنفية : أي الناس خير بعد رسول الله . .
وحديث : إني لكنت أرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك . .

وتكرار مثل هذه الأحاديث التي تجمع الثلاثة إنما يؤكد أن هناك محاولات متعمدة لربط الثلاثة ببعضهم بصورة تجعل من الصعب التفريق بينهم . وإذا ما تطرق الشك إلى أحدهم فإن الآخر سوف يدعمه ويبدد هذا الشك عنه .


وغالبا ما سوف يتجه الشك لعثمان إذ أن تاريخه لا يبرر له هذه المكانة التي وضعوه فيها فمن ثم فإن ربطه بأبي بكر وعمر سوف يقوي من موقفه ويغطي على مساوئه . . ولما كانت محاولة المساس بعثمان سوف تكون نتيجتها المساس بأبي بكر وعمر .
 

فقد وضع القوم المحاذير الصارمة التي تحول دون الخوض في عثمان والتي هي نفس المحاذير التي تمنع من الخوض في أبي بكر وعمر . . ومن هنا فقد أحاط القوم الخلفاء الثلاثة بهالة من القداسة وكم هائل من النصوص التي تشكل حاجزا منيعا

يحول دون الخوض أو حتى مجرد التفكير في نقدهم . . أما الإمام علي فإنهم وإن كانوا قد وضعوه رابع الخلفاء فهم لم يوقروه ويعظموه كما عظموا الثلاثة ويكفي أن وضعوه رابعهم ونقلوا الكثير من الروايات التي تحط من قدره وتشكك في

علمه ومكانته وتبرر وضعه في مؤخرة الخلفاء على ما سوف نبين عند عرض مناقب الإمام في روايات القوم . . ومثل هذا الأمر إنما يؤكد أن مسألة الخلفاء إنما هي مسألة مخترعة من قبل السياسة وأن القوم يتخبطون في محاولة دعم هذه المسألة بالنصوص . .


يروي مسلم : سئلت عائشة من كان رسول الله مستخلفا لو استخلف . قالت : أبو بكر فقيل لها ثم من بعد أبي بكر . قالت : عمر . ثم قيل لها من بعد

- ص 138 -

عمر . قالت : أبو عبيدة بن الجراح وكما يظهر من هذه الرواية أن عائشة أطاحت بعثمان من بين الثلاثة الذين أجمع عليهم القوم ووضعت مكانه أبي عبيدة مناقضة بذلك كل النصوص الأخرى التي تضع عثمان من وراء عمر .

فمن نصدق : عائشة أم القوم ؟ . .


يروي الحاكم في مستدركه عن أبي هريرة قال : دخلت رقية بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) امرأة عثمان وبيدها مشط . فقالت : خرج رسول الله من عندي آنفا رجلت شعره فقال لي : كيف تجدين أبا عبد الله عثمان ؟ قلت : قال : أكرميه فإنه من أشبه أصحابي بي خلقا ( 4 ) . .


ويعلق الحاكم على هذه الرواية بقوله : هذا حديث صحيح الإسناد واهي المتن . فإن رقية ماتت سنة ثلاث من الهجرة عند فتح بدر وأبو هريرة إنما أسلم بعد فتح خيبر سنة سبع ( 5 ) . .


وقال الذهبي : هذا حديث منكر المتن . فإن رقية ماتت وقت بدر وأبو هريرة أسلم وقت خيبر ( 6 )
 

ومثل هذه الرواية التي نجد منها كثيرا في كتب القوم إنما تدل على محاولات الوضع والتضخيم لشخصيات مهزوزة .

وتخبط القوم فيها إنما يعود سببه إلى حيرتهم بين نكران السند ونكران المتن .

فهم قد أنكروا المتن هذه المرة ولم ينكروا السند كما جرت على ذلك عادتهم . وهذا قمة التناقض .

وليتهم ساروا على هذا النهج مع الروايات الأخرى لكان من الممكن أن يريحونا من كم كبير من الروايات المخترعة لتضخيم الرجال . ولكنها السياسة . .

أما ما يتعلق ببقية العشرة فقد جاء القوم بروايات تسهم في زيادة الحيرة وترفع من درجة الشك في المسألة من أساسها .


فعن الزبير بن العوام أحد العشرة يروي البخاري ، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة عن مروان بن الحكم قوله : كنت عند عثمان إذ أتاه رجل فقال : استخلف ؟ قال : وقيل ذلك ؟ قال : نعم . الزبير . قال : أما والله إنكم لتعلمون أنه خيركم . ثلاثا .

ومثل هذه الرواية لا تدل عن منقبة ولا شئ . وليست سوى شهادة من عثمان لصالحه . وهي شهادة لا ترفع من قدره لكونها صادرة ممن يحتاج إلى من يرفع

 

* هامش *

 

 

( 4 ) - مستدرك الحاكم ( ج 4 ) .
( 5 )
- المرجع السابق .
( 6 )
- تلخيص المستدرك .

 

- ص 139 -

قدره . . ويكفي أن الراوي هو مروان بن الحكم الذي لعنه الرسول وهو في صلب أبيه . .

ويروي البخاري قول النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أن لكل نبي حواريا . وأن حواريي الزبير بن العوام . .

كما يروي أن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال للزبير : فداك أبي وأمي . . وبالطبع فإن المقصود من جعل الزبير من حواريي الرسول هو منازعة الإمام علي في مكانته الخاصة القريبة من الرسول . ثم إن تعميم هذه الفضائل من شأنه أن ينفي الشك عن أن تكون الفضائل خاصة بفئة محددة . .


ويروي مسلم أن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : لكل أمة أمينا وإن أميننا أيتها الأمة أو عبيدة بن الجراح . .

ويروي مسلم عن سعد بن أبي وقاص : قالت عائشة أرق رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ذات ليلة فقال ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة . قالت وسمعنا صوت السلاح . فقال الرسول من هذا ؟ قال سعد بن أبي وقاص يا رسول الله جئت أحرسك . قالت عائشة فنام رسول الله حتى سمعت غطيطه . .

ومثل هذه الرواية إنما تثير عدة تساؤلات . .

 الأول : هل كان الرسول يخاف من شئ ما ؟ وما هو هذا الشئ ؟ . .

 الثاني : أين بقية الصحابة ولماذا تركوا الرسول بلا حواسة ؟ . .

 الثالث : وجود عائشة معه هل يعني أنه كان في بيته أم في غزوة من الغزوات ؟ فإذا كان في بيته فلماذا يخاف ؟ وإذا كان
         في غزوة أين الصحابة . .

 الرابع : لماذا سعد بالذات الذي تطوع لحراسة الرسول ؟ هل يعني هذا أن الإمام عليا تقاعس عن حراسته ؟ . .

ويروي البخاري أن أناسا وشوا به - إي بسعد - إلى عمر . قالوا : لا يحسن أن يصلي . .

- ص 140 -

وعن طلحة يروي البخاري قول عمر : توفي النبي وهو عنه راض . .

ويروي عن أبي حازم قوله : رأيت يد طلحة التي وقى بها النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد شلت . . أما بقية العشرة سعيد بن زيد وعبد الرحمن بن عوف فلم يرو البخاري أو مسلم شيئا عن مناقبهما . فإذا كانا بلا مناقب فكيف يوضعان ضمن العشرة المبشرين بالجنة ؟ . .


وإذا ما تطرقنا إلى الآخرين من الصحابة أتباع الإمام مثل بلال وسلمان وعمار وحذيفة والمقداد وأبي ذر فإن القوم قد مروا عليهم مرور الكرام وكأن هؤلاء ليس لهم دور في الإسلام وليست لهم مكانة . . لقد جعل البخاري لمعاوية بابا أسماه باب

ذكر معاوية في الوقت الذي لم يذكر شيئا عن مناقب أبي ذر الغفاري . وجمع عمارا وحذيفة في باب واحد وبرواية واحدة . . يروي البخاري عن عمار وحذيفة وأن علقمة قال : قدمت الشام فصليت ركعتين ثم قلت اللهم يسر لي جليسا صالحا فأتيت

قوما فجلست إليهم فإذا شيخ قد جاء حتى جلس إلى جنبي . قلت من هذا ؟ قالوا : أبو الدرداء . فقلت : أني قلت من أهل الكوفة . قال أو ليس عندكم ابن أم عبد صاحب النعلين والوسادة المطهرة ؟ أو ليس فيكم الذي أجاره الله من الشيطان عمار

يعني على لسان نبيه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . أو ليس فيكم صاحب سر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الذي لا يعلم أسماء المنافقين أحد غيره حذيفة ( 7 ) . .


وعن بلال يروي البخاري عن عمر قوله : أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا يعني بلالا ( 8 ) . .

ويروي أيضا أن بلالا قال لأبي بكر : أن كنت اشتريتني لنفسك فأمسكني . وإن كنت إنما اشتريتني لله فدعني أعمل لله ( 9 )

ويروي عن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قوله في بلال : سمعت دف

 

* هامش *

 

 

( 7 ) - البخاري . كتاب فضائل الصحابة . باب مناقب عمار وحذيفة .
( 8 )
- البخاري . كتاب فضائل الصحابة . باب مناقب بلال .
( 9 )
- المرجع السابق .

 

- ص 141 -

نعليك بين يدي في الجنة ( 10 ) . .

أما مسلم فقد روى في بلال الرواية السابقة بينما روى في أبي ذر رواية واحدة هي قصة إسلامه ولقائه الرسول بمكة ولم يرو شيئا من فضائل حذيفة أو عمار أو غيره من أصحاب الإمام بينما جعل بابا في فضائل أبي هريرة وابن عمر وأبي سفيان ( 11 ) . .

ويروي مسلم عن بلال وسلمان وصهيب الرواية التي ذكرناها سابقا حين اصطدم بهم أبو بكر لمهاجمتهم أبي سفيان وقال له الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك وما نخرج به من هذه الروايات هو ما يلي :

 - أن حذيفة وعمارا لهما مكانة خاصة فالأول صاحب سر النبي والثاني مجار من الشيطان . .

 - أن هذه المكانة لم تضعهما في المكان الصحيح والملائم لهما عند القوم . .

 - أن القوم لم يبينوا لنا لماذا اختص حذيفة دون غيره بسر النبي عن المنافقين ؟ . .

 - أن رواية البخاري في بلال على لسان عمر لا تعطي قدرا له فإنما هي شهادة لصالح أبي بكر أكثر منها لصالح بلال . .

 - أن قول بلال لأبي بكر يشير إلى صدام وقع بينهما بعد وفاة الرسول ( 12 ) . .

 - أن قول الرسول في بلال يؤكد أنه من المبشرين بالجنة .


وهذا يفرض طرح السؤال التالي : لماذا لم يوضع بلال ضمن العشرة المبشرين بالجنة ؟ . .

 - أن رواية مسلم عن بلال وسلمان وصهيب تؤكد أن مكانتهم أعلى من مكانة أبي بكر . .
 

 

* هامش *

 

 

( 10 ) - المرجع السابق . ومسلم كتاب الفضائل باب من فضائل بلال .
( 11 )
- أنظر كتاب الفضائل .
( 12 )
- كان هذا الصدام في خلافة أبي بكر حين رفض بلال أن يؤذن لأحد بعد الرسول وقرر الرحيل من المدينة وأراد أبو بكر منعه . ومثل هذا الحدث يدل على أصحاب الإمام كانت لهم مواقف من أبي بكر ومن عمر . . أنظر فتح الباري ( ج 7 / 99 ) . وكتب التاريخ .


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net