متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الامام علي عليه السلام
الكتاب : الخدعة رحلتي من السنة إلى الشيعة    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

الإمام علي

لفت نظري أثناء قراءتي لكتب التراث السني قول ابن حنبل : أن عليا كثير الأعداء ففتش أعداؤه له عيبا فلم يجدوا فعمدوا إلى رجل قد حاربه فأطروه كيادا منهم لعلي . فهذا القول يلخص حركة التاريخ . الخاص بالصراع بين آل البيت والقوى المتربصة بهم .

وإن كان ابن حنبل قد خص بقوله معاوية ، فالرجل من جهة أخرى أدان التاريخ السني بأكمله وإن كان لا يقصد ذلك .

فتاريخ السنة إنما يقوم على أساس مباركة حكام بني أمية وبني العباس الذين قضوا على خط آل البيت وبطشوا بأئمته .

وعلى أساس مباركة التراث الذي تولد من حالة التعايش بينهم وبين هؤلاء الحكام ذلك التراث الذي يقوم على الحط من قدر الإمام علي وتشويه آل البيت .


إن ارتباط أهل السنة بخط الحكام فرض عليهم تبني وجهة معادية للإمام علي ولآل البيت وذلك هو الموقف الطبيعي لهم إذ أن هؤلاء الحكام هم أعداء علي وآل البيت . .

فهم قد عملوا على رفع أبي بكر وعمر وعثمان عليه . .

وهم قد أعلوا من مقام أبي سفيان وولده معاوية وساووه بالإمام علي . .

وهم قد قاموا بتأويل النصوص الواردة في الإمام وآل البيت على غير معناها . .

وهم قد برروا كل المواقف والحوادث التي وقعت بين الإمام والصحابة بما يخدم خط الحكام . .

وهم قد عتموا على أئمة آل البيت من بعد الإمام علي وشوهوا شيعتهم . .

ومثل هذه المواقف إنما تنم عن انحياز كامل لجانب أعداء الإمام وآل البيت . .

لقد كنت أتأمل مثل هذه المواقف من القوم وأتساءل :
ما سر هذه المواقف ؟
وما هو الدافع من ورائها ولماذا يحظى الإمام بهذا التركيز من خصومه ؟ . .

لم يكن كلام ابن حنبل سوى إجابة على طرف السؤال .

أما الإجابة الكاملة التي لم يستطع النطق بها فهي أن القوم قد تآمروا على الإمام من بعد الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأن هذا التآمر قد اضطرهم إلى تحريف النصوص الواردة فيه وفي آل البيت وطمس معالمها بل واختراع نصوص
 

- ص 149 -

تناقضها . . إلا أن القوم على الرغم من موقفهم هذا نطق لسانهم بما يفيد الشبهة فيهم . فقد لاحظت أنهم يطلقون لفظة " إمام " على علي وحده من دون بقية الصحابة . ثم أنهم يدعون أن الإمام عليا قام بتحريق أناس قالوا بألوهيته .

وكنت كلما مررت على هذين الأمرين تساءلت : لماذا يطلق القوم هذه اللفظة على الإمام خاصة . ولماذا قال هؤلاء بألوهية الإمام دون غيره ؟ . .

إن الإجابة على هذين السؤالين قد كلفتني الكثير من الوقت في البحث والتأمل حتى اهتديت أن هناك من النصوص ما يعطي للإمام علي خاصية ترفعه فوق الجميع . وأن هذه الخاصية كان يتنزل بها القرآن ويبشر بها الرسول . وهذه الخاصية هي

الطهارة من الرجس لتسلم مهمة الإمامة من بعد الرسول . وهذا هو ما توارثه القوم عن علي وحجبته السياسة وما بقي منه سوى وصفهم له بالإمام . وهذا هو ما دفع بالبعض للقول بألوهيته لما يرون من تحقق المعجزات على يديه . إن سلمنا بصحة هذه الرواية ( 4 ) . .


إن القوم لم يخبرونا لماذا أله علي ؟ فهم على الرغم من تبنيهم هذه الرواية لا يقصدون من ورائها سوى الطعن في شيعة الإمام ونبذ أي تصور يطرأ على ذهن المسلم حول خصوصيته وكأنهم يريدون أن يثبتوا من وراء هذه الرواية أن الإمام كان يبارك الخط السائد وأن من حاول الانشقاق عن هذا الخط ومنحه خصوصية تميزه عن القوم فقد أحرقه بيده .


فدعوى ألوهية الإمام قضي عليها في مهدها على يده ولم تظهر بعدها أية دعاوى أخرى لتمييز الإمام أما الشيعة هؤلاء ففرقة مختلقة لا أصل لها ويقف من ورائها أعداء الإسلام ( 5 ) . .


ثم إن القوم بعد هذا لا يذكرون الإمام إلا ويقولون كرم الله وجهه . وعندما سألت عن معنى هذه الكلمة قالوا : إنه لم يسجد لصنم بينما جميع الصحابة قد وقعوا في هذا . فقلت في نفسي إن هذه الخاصية التي جاءت على لسان القوم إنما تؤكد مكانة

الإمام وموقعه الشرعي كما أكدته رواية إدعاء ألوهيته ونعتهم له بالإمام . . لقد استفزتني كثيرا تلك المكانة المتواضعة جدا التي يضع أهل السنة فيها الإمام عليا
 

 

* هامش *

 

 

( 4 ) - روى البخاري في باب حكم المرتد والمرتدة : أتي علي بزنادقة فأحرقهم . فبلغ ذلك ابن عباس فقال : لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا تعذبوا بعذاب الله . ولقتلتهم لقول رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من بدل دينه فاقتلوه . . ورواه أحمد في مسنده ( ج 1 / 217 ) . ومن الواضح أن هذه الرواية تضرب عليا بابن عباس . وتشكك في فقه علي وعلمه . فهل يعقل أن يجهل علي حكما صريحا بالنهي وارد عن الرسول ؟ وهل ابن عباس أفقه من علي ؟ .

( 5 ) - اخترع القوم شخصية تحت اسم " عبد الله بن سبأ " يهودي الأصل . وربطوها بالشيعة بهدف التشكيك في أطروحتهم وتاريخهم . أنظر كتب التاريخ . وكتاب عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى للسيد مرتضى العسكري . ولا يزال القوم يلصقون ابن سبأ بالشيعة حتى اليوم . أنظر كتاب السبئية والسبئيون .

 

- ص 150 -

واستفزني تقديم عثمان عليه على الرغم من أفاعيله ومنكراته . .
واستفزني مساواته بمعاوية الطليق الذي لا وزن له . .
واستفزني ما يلصقون به من صغائر وموبقات . .

وكان هذا كله مبررا للنفور من فقه القوم وأطروحتهم والبحث عن الحقيقة في دائرة الأطروحات الأخرى حتى اهتديت للأطروحة الشيعية ووجدت فيها ما أراح عقلي وطمأن نفسي بخصوص الإمام علي . . وجدت فيها مكانته وخصوصيته . .

ووجدت فيها علمه الذي دثره القوم . . وجدت عليا الإمام المعصوم وهي الصفة التي تعكس خصوصيته وتميزه والتي فسرت على ضوئها جميع الأمور التي استشكلت علي في فقه القوم حول الموقف من الإمام . .

فسرت لماذا يقولون عنه إمام . . ؟ .
ولماذا يقولون كرم الله وجهه . . ؟ .
ولماذا حاول تأليهه البعض . . ؟ .

إن مكانة الإمام كانت ساطعة سطوع الشمس بحيث لم يتمكن القوم من حجبها عن أعين المسلمين بتأويلاتهم وتبريراتهم .


وقد كنت واحدا من هؤلاء الذين سطعت عليهم شمس الحقيقة فأضاءت لي الطريق نحو الصراط المستقيم خط آل البيت محطما من طريقي جميع القواعد والأغلال التي صنعها القوم لتكبيل العقل وحجب الحقائق .


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net