متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
موقف الفريقين من عصمة النبي ( ص )
الكتاب : حقيقة الشيعة الاثني عشرية    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

موقف الفريقين من عصمة النبي ( ص ) :


في الوقت الذي يثير فيه بعض المغرضين والأفاكين إشاعات كاذبة بتفضيل الشيعة لائمتهم على شخص الرسول ( ص ) ، وكما هو سائد في مفهوم الكثير من أهل السنة ، فإنني وجدت من خلال بحثي أن الشيعة يقدسون النبي ( ص ) بدرجة تفوق بكثير مكانته بنظر أهل السنة .


 

حقيقة الشيعة الاثني عشرية - أسعد وحيد القاسم ص 106

فالشيعة يقدسون سنة النبي ( ص ) ويرون كفر من ينكر حكما أمر به النبي ( ص ) بأنه أفضل الأولين والآخرين ، فهم يرون ضرورة التمسك بالأئمة الاثنى عشر من أهل البيت عليهم السلام بوصفهم أوثق الطرق نقلا لسنة النبي ( ص ) ،

وهم يدرأون عن كل ما أحيط بمسألة عصمة النبي ( ص ) من شبهات وأقاويل ، فهو بنظرهم معصوم في أمور الدين والدنيا وقبل النبوة وبعدها .



وأما أهل السنة فإنهم أيضا يفضلون شخص النبي ( ص ) على الأولين والآخرين ، إلا أنهم يرون أن عصمته محدودة بالأمور الدينية فقط ، والتي هي بنظرهم الأمور المتعلقة بتبليغ الرسالة ليس إلا ، وما دون ذلك فهو كغيره من البشر يخطئ ويصيب .



وقبل أن نفند هذا القول ، نعرض للقارئ صورا مما يعتقده أهل السنة بشأن عصمة النبي ( ص ) لنرى بصورة جلية حقيقة موقفهم بهذا الشأن ، ومن خلال ما يعتبرونه أصح الكتب بعد كتاب الله



فعن عائشة ( رض ) قالت : " . . . حتى فاجأه الحق وهو في غار حراء ، فجاءه الملك فيه ، فقال : اقرأ ، فقال له النبي ( ص ) : ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال : اقرأ ( . . . ثلاثا ) فرجع بها ترجف بوادره

حتى دخل على خديجة فقال : زملوني ، زملوني ، فزملوه حتى ذهب عنه الروح فقال : يا خديجة ، ما لي ؟ ثم انطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي . وهو ابن عم خديجة أخو أبيها ، وكان امرءا تنصر في

الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العربي ، فيكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب وكان شيخا كبيرا قد عمي ، فقالت له خديجة : أي ابن عم ، اسمع من ابن أخيك ، فقال ورقة : ابن أخي ماذا ترى ؟ فأخبره النبي ( ص ) ما رأى فقال ورقة :

هذا الناموس الذي أنزل على موسى ، يا ليتني فيها جذعا أكون حيا حين

 

حقيقة الشيعة الاثني عشرية - أسعد وحيد القاسم ص 107

يخرجك قومك ، فقال رسول الله ( ص ) : أو مخرجي هم ؟ . . . " ( 1 ) .

فهل يعقل أن الرسول صلى الله عليه وآله لم يكن يعلم بأن ما أنزل عليه كان النبوة وأن ورقة بن نوفل - النصراني - هو الذي أعلمه بذلك ؟ ؟


وتستمر عائشة ( رض ) بروايتها هذه بما هو أغرب من ذلك ، وبما تقشعر له الأبدان : " . . . ثم لم ينشب ورقة حتى توفي وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي ( ص ) فيما بلغنا حزنا غدا منه مرارا كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال ، فكما أوفى

بذروة جبل لكي يلقي منه نفسه تبدى له جبريل فقال : يا محمد ، إنك رسول الله حقا ، فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه فيرجع ، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك ، فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك " ( 2 ) .
 

وهل يمكن لمسلم أن يصدق بأن الرسول ( ص ) لم يكن يحفظ القرآن بكامله ؟
 

فانظر إذن لما أخرجه البخاري بالإسناد إلى عائشة ( رض ) قالت : " سمع النبي ( ص ) رجلا يقرأ في المسجد ، فقال : رحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آية أسقطتها في سورة كذا وكذا " ( 3 ) .
 


وأما بالنسبة لما يزعمونه من جواز سهو النبي ( ص ) ،


فقد روي بالإسناد إلى جابر بن عبد الله أنه قال : " أن النبي ( ص ) جاءه عمر بن الخطاب يوم الخندق فقال : يا رسول الله ، والله ما كدت أن أصلي حتى كادت الشمس تغرب

 

  * ( هامش ) *
( 1 ) صحيح البخاري ج 9 ص 92 كتاب التعبير باب أول ما بدى به رسول الله ( ص ) .

( 2 ) صحيح البخاري ج 9 ص 93 كتاب التعبير باب أول ما بدى به رسول الله ( ص ) .

( 3 ) صحيح البخاري ج 8 ص 234 كتاب الدعوات باب قوله تعالى " وصل عليهم " . ( * )

 

 

حقيقة الشيعة الاثني عشرية - أسعد وحيد القاسم ص 108

وذلك بعدما أفطر الصائم ، فقال النبي ( ص ) ، والله ما صليتها ، فنزل النبي ( ص ) إلى بطحان وأنا معه فتوضأ ثم صلى العصر بعدما غربت الشمس ، ثم صلى بعدها المغرب " ( 1 ) .



وعن أبي هريرة قال : " أقيمت الصلاة وعدلت الصفوف قياما ، فخرج إلينا رسول الله ( ص ) فلما قام في مصلاه ذكر أنه جنب ، فقال لنا : مكانكم ، ثم رجع فاغتسل ، ثم خرج إلينا ورأسه يقطر ، فكبر فصلينا معه " ( 2 ) .



وعن أبي هريرة أيضا : " فصلى بنا النبي ( ص ) الظهر ركعتين ثم سلم ، ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد ، ووضع يده عليها وفي القوم يومئذ أبو بكر وعمر فهابا أن يكلماه ، وخرج سرعان الناس ، فقالوا : قصرت الصلاة ؟ وفي القوم رجل كان النبي ( ص ) يدعوه ذا اليدين ، فقال : يا نبي الله ، أنسيت أم قصرت ؟ فقال : لم أنس ولم تقصر ، قالوا : بل نسيت يا رسول الله ، قال : صدق ذو اليدين " ( 3 ) .



ويصل الأمر - على حد زعمهم - إلى أن يتمكن أحد اليهود من أن يسحر النبي ( ص ) فيتهيأ للنبي ( ص ) أنه فعل الشئ وما فعله ، وسؤاله لعائشة عن نزول الوحي عليه أم لم ينزل ، وهل أتى أهله أم لم يأتي ؟


فعن عائشة ( رض ) قالت : " مكث النبي ( ص ) كذا وكذا يخيل إليه أنه يأتي أهله ولا يأتي ، فقال لي ذات يوم : يا عائشة إن الله تعالى أفتاني في أمر استفتيته
 

 

* ( هامش ) *
( 1 )
صحيح البخاري ج 1 ص 349 كتاب الأذان باب قول الرجل للنبي - ما صلينا - .

( 2 ) صحيح البخاري ج 1 ص 168 كتاب الغسل باب إذا ذكر في المسجد أنه جنب .

( 3 ) صحيح البخاري ج 8 ص 48 كتاب الأدب باب ما يجوز من ذكر الناس . ( * )

 

 

حقيقة الشيعة الاثني عشرية - أسعد وحيد القاسم ص 109

فيه : أتاني رجلان فجلس أحدهما عند رجلي ، والآخر عند رأسي ، فقال الذي عند رجلي للذي عند رأسي : ما بال الرجل ؟ قال : مطبوب ، يعض مسحورا . قال : ومن طبه ؟ قال : لبيد بن أعصم " ( 1 ) .



وعن عائشة ( رض ) أيضا أنها قالت : " سحر رسول الله ( ص ) حتى أنه يخيل إليه أنه فعل الشئ وما فعله حتى إذا كان ذات يوم وهو عندي دعا الله ودعاه ثم قال : أشعرت يا عائشة أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه ؟ " ( 2 ) .



وقد رفض الشيخ محمد عبده هذه الروايات التي تقول بوقوع الرسول ( ص ) تحت تأثير السحر لأنها تتعارض مع قوله تعالى : ( وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا ) ( 3 ) .



وأما عن تحكم الرسول ( ص ) بشهواته ، فقد أخرج البخاري في صحيحه بالرواية عن أبي هشام قال : " إن رسول الله ( ص ) لما كان في مرضه جعل يدور في نساءه ويقول : أين أنا غدا ؟ أين أنا غدا ؟ حرصا على بيت عائشة . قالت عائشة : فلما كان يومي سكن " ( 4 ) .



وعن عائشة ( رض ) قالت : " كان رسول الله ( ص ) إذا أراد سفرا أقرع بين نساءه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه ، وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها ، غير أن سودة بنت زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة زوج النبي

 

  * ( هامش ) *
( 1 ) صحيح البخاري ج 8 ص 57 كتاب الأدب باب إن الله يأمر بالعدل والاحسان .

( 2 ) صحيح البخاري ج 7 ص 444 كتاب الطب باب السحر .

( 3 ) الفرقان : 8 .

( 4 ) صحيح البخاري ج 5 ص 77 كتاب فضائل الصحابة باب فضل عائشة . ( * )

 

 

حقيقة الشيعة الاثني عشرية - أسعد وحيد القاسم ص 110

( ص ) تبتغي بذلك رضا رسول الله ( ص ) " ( 1 ) . ومما يفهم أيضا من الروايتين أعلاه ، أن الرسول صلى الله عليه وآله كان يقسم لكل من نساءه يومها وليلتها ، إلا أن الرواية التالية تتعارض معهما .
 


فعن أنس بن مالك قال : " كان النبي ( ص ) يدور على نساءه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن إحدى عشرة ، قال : قلت لأنس أو كان يطيقه ؟ قال : كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين " ( 2 ) .
 


ويقول كذلك أهل السنة أن الآيات الكريمة : ( عبس وتولى أن جاءه الأعمى * وما يدريك لعله يزكى * أو يذكر فتنفعه الذكرى . . . ) ( 3 ) قد نزلت عتابا للرسول ( ص ) لعبوسه بوجه عبد الله بن مكتوم والذي كان ضريرا ، وأن سبب

إعراض الرسول ( ص ) عنه حسب ما يرويه أهل السنة هو انشغاله بالحديث مع عتبة بن ربيعة ، وأبا جهل بن هشام ، والعباس بن عبد المطلب ، وأبيا ، وأمية بن خلف ، يدعوهم إلى الله ويرجو إسلامهم ، وقد طلب ابن مكتوم من الرسول

حينها أن يقرؤه ويعلمه مما علمه الله حتى ظهرت الكراهة في وجه رسول الله ( ص ) لقطعه كلامه وقال في نفسه : يقول هؤلاء الصناديد إنما أتباعه من العميان والعبيد ، فأعرض عنه وأقبل على القوم الذين كان يكلمهم .


والشيعة يرفضون ذلك ويقولون إن هذه الآيات نزلت بحق رجل من بني أمية أعرض عن ذلك الأعمى وليس الرسول صلى الله عليه وآله .


وقد ذكر العلامة محمد حسين الطباطبائي في تفسيره " الميزان " : " . . . وليست الآيات ظاهرة الدلالة على أن المراد بها هو النبي ( ص ) بل خبر محض لم يصرح بالمخبر عنه ، بل فيها ما يدل
 

 

* ( هامش ) *
( 1 ) صحيح البخاري ج 3 ص 462 كتاب الهبة باب هبة المرأة لغير زوجها .

( 2 ) صحيح البخاري ج 1 ص 165 كتاب الغسل باب إذا جامع ثم عاد ومن دار على نسائه في غسل واحد .

( 3 ) عبس : 1 - 4 . ( * )

 

 

حقيقة الشيعة الاثني عشرية - أسعد وحيد القاسم ص 111

على أن المعني بها غيره لأن العبوس ليست من صفات النبي ( ص ) مع الأعداء المباينين فضلا عن المؤمنين المسترشدين . ثم الوصف بأنه يتصدى للأغنياء ويتلهى عن الفقراء لا يشبه أخلاقه الكريمة . . .


وقد عظم الله خلقه ( ص ) إذ قال - وهو قبل نزول هذه السورة - : ( وإنك لعلى خلق عظيم ) ، فكيف يعقل أن يعظم الله خلقه أول بعثته ويطلق القول في ذلك ثم يعود فيعاتبه على بعض ما ظهر من أعماله الخلقية ويذمه بمثل التصدي للأغنياء وإن كفروا والتلهي عن الفقراء وإن آمنوا واسترشدوا ) ( 1 ) .
 


واعتمادا على الروايات السابقة وأمثالها أخذ أهل السنة اعتقادهم بعدم اشتمال عصمة النبي ( ص ) إلا للأمور الدينية والتبليغية فقط ، ولكن الله تعالى أمر بالاقتداء برسوله ( ص ) مطلقا وبدون أي قيد أو شرط ، فقوله تعالى : ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) ( 2 ) ،



وكذلك قوله تعالى : ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) ( 3 ) . يدل على عدم تقييد عصمته بل إطلاقها ، وإذا جاز أن يخطئ النبي ( ص ) فإن الله يكون قد أمرنا بخطأ ، وهذا ما نستعيذ بالله أن نقول بمثله .



وإن تسرب الروايات التي تمس بعصمة النبي ( ص ) بالإضافة إلى أنها من وضع الوضاعين حتى تتخذ مطاعن على دين الإسلام ، فإنه يحتمل أيضا أسبابا أخرى لوضعها منها ما يصلح ليكون مؤيدا لموقف بعض الصحابة عندما قالوا في

الرسول ( ص ) أنه يهجر - وهو في مرضه الأخير - عندما طلب منهم أن يأتوه بكتاب يكتبه لهم حتى لا يضلوا بعده ، فلا غرابة بعد ذلك من وجود بعض الروايات والتي تجعل من أحد الصحابة يصيب في مسائل أخطأ فيها النبي ( ص ) وذلك على حد زعم مروجي مثل هذه الروايات . ومنها ما نسب
 

 

* ( هامش ) *
( 1 ) تفسير الميزان للعلامة السيد محمد حسين الطباطبائي ج 20 ص 203 الطبعة الثانية 1974 م .

( 2 ) النجم : 3 - 4 .

( 3 ) الحشر : 7 . ( * )

 

 

حقيقة الشيعة الاثني عشرية - أسعد وحيد القاسم ص 112

بشأن نزول آية الحجاب بعد تنبيه عمر بن الخطاب لرسول الله ( ص ) بضرورة تحجب نساءه

فعن أنس قال : " قال عمر ( رض ) : قلت : يا رسول الله ، يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب - وفي رواية أخرى ، قال عمر للرسول : احجب نساءك ، قالت : فلم يفعل - فأنزل الله آية الحجاب " ( 1 ) .
 


وأيضا ما نسبه أهل السنة بشأن آية النهي عن الصلاة على المنافقين بأنها نزلت مؤيدة لموقف عمر بعد أن أصر الرسول ( ص ) على الصلاة على ابن أبي المنافق ،


فيروى عن عبد الله بن عمر أنه قال : " لما توفي عبد الله بن أبي جاء ابنه إلى رسول الله ( ص ) فقال : يا رسول الله أعطني قميصك أكفنه فيه وصل عليه واستغفر له .

فأعطاه قميصه وقال له : إذا فرغت منه فآذنا ، فلما فرغ آذنه به فجاء ليصلي عليه فجذبه عمر فقال : أليس قد نهاك الله أن تصلي على المنافقين ؟ فقال : ( استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ) - فنزلت - ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ) . فترك الصلاة عليهم " ( 2 ) .


وفي رواية أخرى عن عمر نفسه قال : " . . . فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله ( ص ) " ( 3 ) .


والحقيقة في تلك الحادثة أن الرسول ( ص ) قد خير بالصلاة على المنافقين والاستغفار بقوله تعالى : ( استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم
 

 

* ( هامش ) *
( 1 ) صحيح البخاري ج 6 ص 296 كتاب التفسير ، ج 8 ص 170 كتاب الاستئذان .

( 2 ) صحيح البخاري ج 7 ص 462 كتاب اللباس باب لبس القميص .

( 3 ) صحيح البخاري ج 2 ص 252 كتاب الجنائز . ( * )

 

 

حقيقة الشيعة الاثني عشرية - أسعد وحيد القاسم ص 113

سبعين مرة فلن يغفر الله لهم " ( 1 ) وقد اختار الرسول ( ص ) الصلاة على ذلك المنافق لما في ذلك من فائدة عظيمة ومصلحة متوخاة واستئلافا لقومه الخزرج ، وقد أسلم بذلك منهم ألف رجل ، وقد كانت صلاته ( ص ) على ذلك المنافق قبل نزول النهي عن ذلك ، فآية ( استغفر لهم أو لا تستغفر . . . )


لا تدل على النهي الذي فهمه عمر واعترض على الرسول ( ص ) وخطأه بسببه ، ونزول آية النهي عن الصلاة على المنافقين لا تدل أبدا على خطأ الرسول ( ص ) في صلاته على عبد الله بن أبي والعياذ بالله ، فهي تكون خطأ لو فعلها بعد نزول آية النهي وليس قبل .
 


ولا يستفاد من هذه الحادثة سوى خطأ عمر وشدة اعتراضه على الرسول ( ص ) ، وكما اعترف عمر نفسه بذلك ، حيث يروى عنه أنه قال : " أصبت في الإسلام هفوة ما أصبت مثلها قط ، أراد رسول الله ( ص ) أن يصلي . . . الخ " ( 2 ) .
 



ومثل ذلك ما يروى أخذ الفداء من الأسرى يوم بدر ، وأن الآية ( ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم * لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم " ( 3 )


نزلت - على حسب رأي أهل السنة - عتابا للرسول ( ص ) بسبب أخذه الفداء من أسرى بدر وعدم قتله لهم ، في نفس الوقت الذي كان فيه عمر بن الخطاب يريد قتلهم جميعا ، فنزلت الآية مؤيدة لرأي عمر ،


ورووا ما يؤيد رأيهم قولا وضعوه من عندهم ، ونسبوه إلى الرسول ( ص ) بشأن معنى الآية السابقة الذي يتضمن تهديدا بالعذاب الشديد ولكن لمن ذلك التهديد ؟


فيروي أهل السنة أن الرسول ( ص ) كان يبكي مع أبو بكر حيث قال : " إن كاد ليمسنا في خلاف ابن الخطاب عذاب عظيم ، ولو نزل عذاب ما أفلت منه إلا ابن الخطاب " ( 4 ) .
 

 

* ( هامش ) *
( 1 ) التوبة : 80 .

( 2 ) كنز العمال حديث رقم : 4404 .

( 3 ) الأنفال : 67 . ( 4 ) ( * )

 

 

حقيقة الشيعة الاثني عشرية - أسعد وحيد القاسم ص 114

وحقيقة هذه الحادثة : أن الآية السابقة قد نزلت قبل معركة بدر وتنديدا بالصحابة الذين فضلوا العير وما تحمله قافلة أبو سفيان على القتال ، وذلك عندما استشارهم الرسول ( ص ) ليرى مدى استعدادهم ورغبتهم لقتال المشركين ، فالنهي في الآية ليس

في مطلق أخذ النبي ( ص ) للأسرى وإنما النهي عن أخذ الأسرى دون قتال المشركين كما كان يريد بعض الصحابة عندما استشارهم الرسول ( ص ) بأخذ القافلة منهم أو قتالهم .


وكيف يعقل أن تكون هذه الآية التي تهدد الذين لا يريدون إثخانا في الأرض ( أي القتال ) قد نزلت تنديدا بالرسول ( ص ) وقد أثخن في المشركين وقتلهم شر قتلة ! وقد قتل في تلك الموقعة سبعين من صناديد قريش .



 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net