متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
دعاء غير الله هو الموجب لشرك العبادة
الكتاب : الخلل الوهابي في فهم التوحيد القرآني    |    القسم : مكتبة رد الشبهات

دعاء غير الله هو الموجب لشرك العبادة

في التصوير الآخر لشرك العبادة أكدوا على الدعاء كأجلى مظاهر العبادة التي أشرك بها المشركون ، فهي المدخل الذي أضل المشركين ومعهم مشركي المسلمين الذي ساروا على دربهم كما تقول الوهابية ، فشرك المشركين ينبع من دعاء آلهة أخرى مع الله وهو ما يفعله كثير من المسلمين بدعاء الأولياء عند قبورهم .

يقول ابن تيمية تقريرا لذلك :
" وهذا ونحوه مما يبين أن الذين يدعون الأنبياء والصالحين بعد موتهم عند قبورهم وغير قبورهم هم من المشركين الذين يدعون غير الله كالذين يدعون الكواكب والذين اتخذوا الملائكة والنبيين أربابا قال تعالى ( مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ * وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ ) ، وقال تعالى ( قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً * أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ

27 ....................................................................... الخلل الوهابي في فهم التوحيد القرآني

عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ) ، وقال تعالى ( قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ * وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ) ، ومثل هذا كثير في القرآن ينهى أن يدعى غير الله لا من الملائكة ولا الأنبياء ولا غيرهم ، فإن هذا شرك أو ذريعة إلى الشرك بخلاف ما يطلب من أحدهم في حياته من الدعاء والشفاعة فإنه لا يفضي إلى ذلك فإن أحدا من الأنبياء والصالحين لم يعبد في حياته بحضرته ، فإنه ينهى من يفعل ذلك بخلاف دعائهم بعد موتهم ، فإن ذلك ذريعة إلى الشرك بهم وكذلك دعاؤهم في مغيبهم هو ذريعة إلى الشرك " (1) .
وإن كان عبارته : " ذريعة إلى الشرك " تجعله غير جازم بما جزم به في العبارات الأخرى .

وقال أيضا : " ودين الإسلام مبني على أصلين وهما :
تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فلا تحب مخلوقا كما تحب الله ولا ترجوه كما ترجو الله ولا تخشاه كما تخشى الله ، ومن سوى بين المخلوق والخالق في شيء من ذلك فقد عدل بالله ... ، وقد جعل مع الله إلها آخر وإن كان مع ذلك يعتقد أن الله وحده خلق السماوات الأرض ، فإن مشركي العرب كانوا مقرين بأن الله وحده خلق السماوات والأرض كما قال تعالى ( وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ) ...

الأصل الثاني : أن نعبده بما شرع على ألسن رسله ... ، والدعاء من جملة العبادات فمن دعا المخلوقين من الموتى والغائبين واستغاث بهم – مع أن هذا أمر لم يأمر به الله ولا رسوله أمر إيجاب ولا استحباب – كان مبتدعا في الدين مشركا برب العالمين " (2).

 

(1) مجموعة الفتاوى ج1 ص 133 .

(2) المصدر السابق ج1 ص 218 .  
 

28 ....................................................................... الخلل الوهابي في فهم التوحيد القرآني

وقال ابن عبدالوهاب في ( كشف الشبهات ) :
" فإن قال : أنا لا أعبد إلا الله وهذا التجاء إلى الصالحين ودعاؤهم ليس بعبادة .
فقل له : أنت تقر أن الله فرض عليك إخلاص العبادة وهو حقه عليك ، فإذا قال : نعم فقل له : بين لي هذا الذي فرض عليك وهو إخلاص العبادة لله وحده وهو حقه عليك ، فإن كان لا يعرف العبادة ولا أنواعها فبينها له بقولك قال الله تعالى ( ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ) .
فإذا أعلمته بهذا فقل له : هل علمت هذه عبادة لله ؟ فلا بد أن يقول نعم ، والدعاء مخ العبادة ، فقل له : إذا أقررت أنها عبادة ودعوت الله ليلا ونهارا خوفا وطمعا ، ثم دعوت في تلك الحاجة نبيا أو غيره ، هل أشركت في عبادة الله غيره ؟ ...
وقل له أيضا : المشركون الذين نزل فيهم القرآن ، هل كانوا يعبدون الملائكة والصالحين واللات وغير ذلك ؟ فلا بد أن يقول : نعم ، فقل له : وهل كانت عبادتهم إياهم إلا في الدعاء والذبح والالتجاء ونحو ذلك ، وإلا فهم يقرون أنهم عبيده وتحت قهره ، وأن الله هو الذي يدبر الأمر ولكن دعوهم والتجأوا إليهم للجاه والشفاعة وهذا ظاهر جدا " (1) .

وقال في كتابه ( التوحيد ) :
" من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره ، وقول الله تعالى ( وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ )... فيه مسائل ... الثالثة : أن هذا هو الشرك الأكبر ... الثالثة عشر : تسمية تلك الدعوة عبادة للمدعو " (2) .

وفيما يتعلق بالشفاعة لم ينكر ابن عبدالوهاب شفاعة رسول الله (ص) ولكنه أنكر طلبها من الشافع فقال : " فإن قال : النبي (ص) أعطي الشفاعة ، وأنا أطلبه مما أعطاه

 

(1) شرح كشف الشبهات ص 87 – 90 .

(2) التوحيد ص 32- 33 .  
 

29 ....................................................................... الخلل الوهابي في فهم التوحيد القرآني

الله ؟ فالجواب : أن الله أعطاه الشفاعة ، ونهاك عن هذا فقال : ( فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ) فإذا كنت تدعو الله أن يشفع نبيه فيك فأطعه في قوله ( فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ) " (1) .

 

(1) شرح كشف الشبهات ص 92 - 93


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net