متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
العبادة في اللغة
الكتاب : الخلل الوهابي في فهم التوحيد القرآني    |    القسم : مكتبة رد الشبهات

العبادة في اللغة

قال الخليل ( ت 175 ) : " الإنسان حرا أو رقيقا هو عبد الله ويجمع على عباد وعبدين ، والعبد المملوك وجمعه عبيد وثلاثة أعبد وهم العباد أيضا ، إن العامة اجتمعوا على تفرقة ما يبن عباد الله والعبيد المملوكين ، وعبد بين العبودية وأقر بالعبودية ... .
وأما عبد يعبد عبادة فلا يقال إلا لمن يعبد الله وتعبد تعبدا أي تفرد بالعبادة ، أما عبد خدم مولاه فلا يقال عبده ولا يعبد مولاه ...
والمعبد كل طريق يكثر فيه المختلفة المسلوك ... " (1) .

قال الأزهري ( ت 370 ) : " وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم أنه قال : المعبد المذلل ، والمعبد : البعير الجرب ...
قال : تعبّدت فلانا أي اتخذته عبدا مثل عبّدته سواء وتأمّيت فلانة أي اتخذتها أمة .
وقال الفراء : يقال : فلان عبد بين العبودة والعبودية والعبدية وتعبد الله العبد بالطاعة أي استعبده .

 

(1) العين ص 592 - 593 .

 
 

129 ...................................................................... الخلل الوهابي في فهم التوحيد القرآني

قال الزجاج : في قول الله تعالى ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ ) إياك نطيع الطاعة التي نخضع معها ... ، قال : ومعنى العبادة في اللغة الطاعة مع الخضوع ، ويقال طريق معبد إذا كان مذللا بكثرة الوطء ، وبعير معبد إذا كان مطليا بالقطران ...

وقال الليث : العبد المملوك وجماعتهم العبيد وهم العباد أيضا إلا أن العامة اجتمعوا على تفرقة ما بين عباد الله والمماليك ، فقالوا : هذا عبد من عباد الله وهؤلاء عبيد مماليك ، قال : ولا يقال عبد يعبد عبادة إلا لمن يعبد الله ومن عبد من دونه إلها فهو من الخاسرين ، قال : وأما عبد خدم مولاه فلا يقال عبده ... قال الليث : ويقال للمشركين هم عبدة الطاغوت ويقال للمسلمين عباد الله يعبدون الله ...

وقال ابن الأنباري : فلان عابد وهو الخاضع لربه المستسلم لقضائه المنقاد لأمره ، وقوله ( اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ ) أي أطيعوا ربكم ، وقيل في قوله ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ ) إياك نوحد ، والعابد الموحد ...

وقال اللحياني : عبدت الله عبادة ومعبدا ، والمعبّد : الطريق الموطوء ...

وقال الزجاج في قول الله جل وعز ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) الذاريات / 56 : المعنى ما خلقتهم إلا لأدعوهم إلى عبادتي وأنا مريد العبادة منهم وقد علم الله قبل أن يخلقهم من يعبده ممن يكفر به ولو كان يخلقهم ليجبرهم على عبادته لكانوا كلهم عبادا مؤمنين ، قلت : وهذا قول أهل السنة والجماعة " (1) .

وقال ابن فارس ( ت 395 ) : " عبد : العين والباء والدال أصلان صحيحان كأنهما متضادان ، والأول من ذينك الأصلين يدل على لين وذل والآخر على شدة وغلظ .
فالأول : العبد وهو المملوك والجماعة العبيد ، وثلاثة أعبد وهم العباد ، قال الخليل : إلا أن العامة اجتمعوا على تفرقة ما بين عباد الله والعبيد المملوكين ... ومن الباب

 

(1) تهذيب اللغة ج2 ص136 -141 .

 
 

130 ...................................................................... الخلل الوهابي في فهم التوحيد القرآني

البعير المعبد أي المهنوء بالقطران وهذا أيضا يدل على ما قلناه لأن ذلك يذله ويخفض منه ، والمعبد الذلول يوصف به البعير أيضا ، ومن الباب الطريق المعبد وهو المسلوك المذلل .
والأصل الآخر العبدة وهي القوة والصلابة يقال : هذا ثوب له عبدة إذا كان صفيقا قويا ، ومنه علقمة بن عبدة بفتح الباء " (1) .

وقال ابن سيده ( ت 458 ) : العبد : الإنسان حرا كان أو رقيقا يذهب بذلك إلى أنه مربوب لباريه جل وعز ، والعبد : المملوك ، قال سيبويه : هو في الأصل صفة ، قالوا : رجل عبد ، ولكنه استعمل استعمال الأسماء ...
والعبدي والعبداء والمعبوداء والمعبدة أسماء الجمع وجعل بعضهم العباد لله وغيره من الجمع لله وللمخلوقين ، وخص بعضهم بالعبدي العبيد الذين ولدوا في الملك ، والأنثى عبدة ...
والاسم من كل ذلك العبودة والعبودية ولا فعل له عند أبي عبيد ...
وعبد الرجل عبودة وعبودية وعبد : ملك هو وآباؤه من قبل ...
وعبد الله يعبده عبادة ومعبدا ومعبدة تأله له ... والمتعبد : المتفرد بالعبادة ، والمعبد : المكرم المعظم كأنه يعبد ... وبعير معبد : مهنوء ... وبعير معبد : مذلل ، وطريق معبد : مسلوك مذلل ...
وقيل : عبد عبدا فهو عبد وعابد : غضب وأنف " (2) .

وقال ابن منظور ( ت 711 ) : " العبد الإنسان حرا كان أو رقيقا يذهب بذلك إلى أنه مربوب لباريه ... ، والعبد : المملوك خلاف الحر ...
ويقال : فلان عبد بين العبودة والعبودية والعبدية وأصل العبودية الخضوع والتذلل ...

 

(1) معجم مقاييس اللغة ص 701 - 702 .

(2) المحكم والمحيط الأعظم ج2 ص 25 – 27 .  
 

131 ...................................................................... الخلل الوهابي في فهم التوحيد القرآني

وجعل بعضهم العباد لله وغيره من الجمع لله والمخلوقين ... قال الأزهري : اجتمع العامة على تفرقة ما بين عباد الله والمماليك فقالوا هذا عبد من عباد الله وهؤلاء عبيد مماليك ، قال : ولا يقال عبد يعبد عبادة إلا لمن يعبد الله ....
وعبد الله يعبده عبادة ومعبدا ومعبدة تأله له ، ورجل عابد من قوم عبدة وعبد وعبّد وعبّاد ، والتعبد التنسك ، والعبادة الطاعة " (1) .

قال أبو البقاء ( ت 1094 ) : " العبد : هو الإنسان يملكه من يملك ...
والعبد المضاف إلى الله تعالى يجمع على (عباد ) وإلى غيره على ( عبيد ) وهذا هو الغالب ، وفي عرف القرآن إضافة العباد تختص بالمؤمنين ، والعبيد إذا أضيف إلى الله فهو أعم من العباد ولهذا قال تعالى ( وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ) ...
والعبودية أقوى من العبادة لأنها الرضا بما يفعل الرب ، والعبادة : فعل ما يرضي الرب ، والعبادة تسقط في العقبى والعبودية لا تسقط ، وعبدت الله بالتخفيف ، وعبدّت الرجل بالتشديد أي اتخذته عبدا " (2) .

قال الزبيدي ( ت 1205 ) : " والعبودية والعبودة بضمهما والعبادة بالكسر : الطاعة ، وقال بعض أئمة الاشتقاق أصل العبودية الذل والخضوع ، وقال آخرون : العبودية الرضا بما يفعل الرب والعبادة فعل ما يرضي الرب ، والأول أقوى وأشق ... وقال الله عز وجل ( اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ ) أي أطيعوا ربكم ، وقوله ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) أي نطيع الطاعة التي يخضع معها ، قال ابن الأثير : ومعنى العبادة في اللغة الطاعة مع الخضوع " (3) .

 

(1) لسان العرب ج3 ص 270 – 272 .

(2) الكليات ص 648 - 650 . (3) تاج العروس ج2 ص 410 .  
 

132 ...................................................................... الخلل الوهابي في فهم التوحيد القرآني

الحصيلة والخلاصة

تجد تعددا في استعمالات الكلمة ولكن بطبيعة الحال نحن نبحث حول استعمال معين من تلك الاستعمالات التي ذكرت وهو المعنى المقصود في استعمالها في مثل قولنا عبادة الله وعبادة الأوثان ، وقد بين الراغب التعدد بعد توضيحه المعنى الذي نقصده ونبحث فيه قال :
" العبودية إظهار التذلل ، والعبادة أبلغ منها لأنها غاية التذلل و لا يستحقها إلا من له غاية الإفضال وهو الله تعالى ، ولهذا قال ( أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ) ، والعبادة ضربان : عبادة بالتسخير وهو كما ذكرناه في السجود ، وعبادة بالاختيار وهو لذوي النطق وهي المأمور بها في نحو قوله ( اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ ) ، ( وَاعْبُدُواْ اللّهَ )، والعبد يقال على أربعة أضرب :
الأول : عبد بحكم الشرع وهو الإنسان الذي يصح بيعه وابتياعه نحو ( الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ ) و ( عَبْدًا مَّمْلُوكًا لاَّ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ ) .
الثاني : عبد بالإيجاد وذلك ليس إلا لله وإياه قصد بقوله ( إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ) .
والثالث : عبد بالعبادة والخدمة والناس في هذا ضربان :
عبد لله مخلصا وهو المقصود بقوله ( ... نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا ) ، ( نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ ) ...
وعبد للدنيا وأعراضها وهو المعتكف على خدمتها ومراعاتها ، وإياه قصد النبي (ص) بقوله : تعس عبد الدرهم ، تعس عبد الدنيا ...
ويقال طريق معبد أي مذلل بالوطء وبعير معبد مذلل بالقطران " (1) .

وهكذا يتحدث السيد الخوئي عن تعدد استعمالات الكلمة قائلا :

 

(1) المفردات ص 319 ، وقال أربعة باعتبار انقسام الثالث إلى قسمين .

 
 

133 ...................................................................... الخلل الوهابي في فهم التوحيد القرآني

" العبادة في اللغة تأتي لأحد معان ثلاثة :
الأول : الطاعة ، ومنه قوله تعالى ( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ) ، فإن العبادة المنهي عنها في الآية المباركة إطاعته .

الثاني : الخضوع والتذلل ومنه قوله تعالى ( فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ ) أي خاضعون متذللون ، ومنه أيضا إطلاق المعبد على الطريق الذي يكثر فيه المرور .

الثالث : التأله ، ومنه قوله تعالى ( قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ ) ، وإلى المعنى الأخير ينصرف هذا اللفظ في العرف العام إذا أطلق دون قرينة " (1) .
والسيد الخوئي ذكر في الثاني المعنى اللغوي للكلمة وفي الثالث المعنى المقصود والمبحوث عنه أي الخضوع الخاص لله ، وسماه التأله وسيتضح ذلك أكثر .

المهم أن المعنى الذي نريده هو المستعمل في مثل قولنا : يجب عبادة الله وترك عبادة الأصنام ، وهو معنى متسالم عليه بين المتشرعة تعود جذره اللغوية -كما في كلمات اللغويين - إلى معنى الخضوع والتذلل ، فالكلمة انطلاقا من ذلك تطلق على العبد القن المملوك كما في قوله تعالى ( ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً عَبْدًا مَّمْلُوكًا لاَّ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ ) النحل / 75 ، كما تطلق بمعناها اللغوي على كل موجود هو خاضع متذلل لله في وجوده ، فلا شك أنه استعمل بهذا المعنى في قوله تعالى ( إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ) مريم / 93 ، وهو ما قد يعبر عنه عبد بالتكوين ، ومثل قولنا طريق معبد وبعير معبد يرجع إلى هذا المعنى ، وقد بين ابن فارس وحدة المنطلق اللغوي في تلك الاستعمالات .

وأما في الشرع هو خضوع أيضا ولكن خاص للمعبود ، واللغويون حاولوا تحديده والتمييز بينه وبين مطلق الخضوع ، وإليك خلاصة عبارات بعضهم في ذلك :
- عبد يعبد عبادة فلا يقال إلا لمن يعبد الله وتعبد تعبدا أي تفرد بالعبادة .
- فلان عابد وهو الخاضع لربه المستسلم لقضائه المنقاد لأمره .

 

(1) البيان في تفسير القرآن ص 488

 
 

134 ...................................................................... الخلل الوهابي في فهم التوحيد القرآني

- وعبد الله يعبده عبادة ومعبدا ومعبدة تأله له .
- والتعبد التنسك ، والعبادة الطاعة .
- والعبادة : فعل ما يرضي الرب .
- والعبادة أبلغ منها لأنها غاية التذلل و لا يستحقها إلا من له غاية الإفضال وهو الله تعالى .
وأعتقد بأنهم لم يستطيعوا تقريب ما يريدون تمييزه إلا بذكر ارتباطه بالرب أو بالله أو بينوه بكلمة التأله ، واعتقد أن هناك خلطا بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي في كلمات اللغويين ، فلم يميزوا بينهما بنحو جيد .


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net