متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
اللقاء مع الدكتور عبد الفتاح صقر
الكتاب : ومن الحوار اكتشفت الحقيقة    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

اللقاء مع الدكتور عبد الفتاح صقر ( 1 )


وبعد أسبوع من قراءة كتاب المراجعات وإغلاقه لشدة ما رأيت فيه من بعض المسائل التي جعلتني أتشنج ، فقررت وبدافع قوي أن ألتقي الشيخ عبد الفتاح صقر وذهبت أسأل عنه في كلية الشريعة ، فقالوا لي في السكن حاليا ، والسكن بعد منطقة

عائشة بكار توجد منطقة اسمها نزلة أبي طالب فنزلت فيها وبدأت أسأل إلى أن وصلت موقع السكن ، فصعدت وطرقت الباب ، انتظرت قليلا . وفتح الباب ، فقلت للذي فتح الباب أود مقابلة الدكتور الشيخ عبد الفتاح صقر . وإذا به يقول لي تفضل

تفضل يا بني ، ودخلت . وجلست لحظات وقال لي من أين أنت أيها الأخ . ؟ قلت له من سوريا . أهلا وسهلا أهلا وسهلا نحن وسوريا كنا وحدة ، ولا يزال الشعب المصري
 

  * هامش *  
 

( 1 ) الدكتور الشيخ عبد الفتاح صقر ، من البعثة الأزهرية في بيروت عائشة بكار ( دار الفتوى ) أستاذ في كلية الشريعة ، وأحيانا يخطب الجمعة في مسجد دار الفتوى ( بيروت ) . ( * )

 

 

 ص 25

والسوري شعبا واحدا . قلت له نعم ، قال ما سؤالك أيها الأخ ؟ قلت له : سؤالي شيخنا الجليل دعاني أحد الأصدقاء ولم أعلم أنه شيعي ، لأني لو كنت أعلم أنه شيعي بصراحة لم أزره ، لماذا ؟ لأن الشيخ عندنا في المنطقة دائما يحذرنا من مجالسة الشيعي وعدم محاورته في المجال الديني .


فقال الشيخ عبد الفتاح صقر : الشيعة عندهم مبالغات كثيرة وكثير من أقوال رسول الله صلى الله عليه وآله ينسبونها للإمام علي عليه السلام : وعندهم تحريف في بعض الأحاديث .

أيها الشيخ ما رأيكم في كتاب المراجعات ؟

الشيخ عبد الفتاح صقر : إياك أن تقرأه يا بني هذا كتاب خيالي كتبه عبد الحسين شرف الدين بعد وفاة شيخ الأزهر الشيخ سليم البشري أحذرك من قراءته . لا تفرقن بك السبل يا بني مالك ومال الشيعة ؟ ؟ فرقة وضعت مقابل المعتزلة ! !

ودعت الشيخ عبد الفتاح صقر ، وطلبت منه الدعاء وأرجعت كتاب المراجعات لصديقي وأوقفت المطالعة . طيلة فترة خدمة العلم .

وأخيرا انتهت خدمة العلم في عام تسعين وبعد الانتهاء من معركتنا مع ميشيل عون اللعين حيث لم أسافر إلى البلد مباشرة ، بسبب الفقر المدقع والظروف الصعبة التي يمر بها أهلي ، وخاصة الظروف المادية حيث لم أتمكن من الذهاب إلى أهلي بعد

التسريح من خدمتي الإلزامية فاضطررت على المكوث في بيروت وأسكن مع الشباب السوريين في منطقة تسمى خلدة ( مشروع نائل
 

 ص 26

السكني ) فكان هناك شباب من القرية والبلد فسكنت معهم ، وتركت مهنة التعليم وكنت أجيد مصلحة شاقة وصعبة من الإعدادية والثانوية حيث كنت أسافر مع عمي أبو طلال إلى بيروت وعلمني ( نجارة الاسمنت والحديد ) إذ أصبحت معلما في

هذا المجال ، ومكثت أكثر من شهرين بعد انتهائي من الخدمة ، وبعد فترة من العمل أكثر من أسبوع جاءتنا عطلة فتوقفت أسبوعا آخر عن العمل وكنت أقف صباحا مع العمال العاطلين ، في هذا المشروع لأن هناك مكانا يشبه المعرض كنت أقف

فيه وأنتظر الساعات الطويلة ، حتى يأتيني إنسان بحاجة إلى عامل أو معلم حداد أو نجار ، وهكذا تجري الأيام والليالي ، وإذا بهذا الصديق الشيعي ( دخل الله ) يأتي إلى معرض العمال . فينظر على وجوه العاملين ، فيشاهدني من بينهم ، شتان ما بين

الموقفين ! ! موقف كنت أرتدي البزة العسكرية ، وموقف حاليا أرتدي فيه لباس العمل . فقال صديقي الشيعي : أتشتغل معي تشغلني في مصلحة ( البلاط ) ؟ فقلت له : بعد فترة نعم ، وبدأنا نشتغل أنا وصديقي الشيعي سوية وفي اليوم الثاني قال لي :

لم لم تحدثني يا أخي إلى أين وصلت في كتاب المراجعات ؟ فقلت له : والله لم أتمكن من قراءته كما يجب لأن القراءة يا صديقي تحتاج إلى ذهن صاف لأن العلم كما يقال شديد الانفلات إذا أعطيته كلك أعطاك بعضه وإذا أعطيته نصفك لم يعطك شيئا وأنا كنت مكابرا معه لوصايا علمائنا الحادة من مجالسة الشيعي والحوار معه .


وبدأ شبح المراجعات ، يطاردني من جديد ، وشبح صديقي ، يطاردني في كل مكان أفكر بكلمات الشيخ عندنا في المنطقة ، أفكر بكلمات الدكتور الشيخ عبد الفتاح صقر يا بني هذا كتاب خيالي كتبه العالم الشيعي بعد وفاة شيخ
 

 ص 27

الأزهر . وأحدث نفسي وأصارعها هل أنا أعقل من هذا الدكتور الذي قضى عمره في الدراسة واختصاصه في الشريعة الإسلامية ومن الجامع الأزهر العاصمة الإسلامية للعالم وذات يوم جاء أخي إلى بيروت ليعمل في العطلة الصيفية حيث كان

طالبا في الثانوية فحدثته في الموضوع وقلت له ما رأيك يا أخي تنزل معي إلى بيروت ؟ قال لي لماذا ؟ قلت له عندي بعض الأسئلة عن الشيعة ؟ وقلت له أيضا بأنني ذهبت فيما سبق إلى دار الفتوى منذ ستة أشهر والتقيت بشيخ مصري ، وأريد اليوم

الذهاب إلى مسجد برج أبي حيدر يقال أن هناك عالما علامة اسمه الشيخ عبد الله الهرري أود اللقاء معه وفعلا وصلنا أنا وأخي والصغير ( دحام ) إلى هذا المسجد والتقيت بشيخ اسمه ( طارق اللحام ) وبعد أن أديت فريضة صلاة المغرب خلف

سماحة الشيخ اقتربت منه وصافحته وقلت له تقبل الله أعمالكم يا شيخ ، فرد علي وأنتم كذلك ، فقلت له : شيخنا لدي بعض الأسئلة ، فقال لي تفضل : حيث كان يتكلم الفصحى ، فقلت له ما رأيك بكتاب المراجعات عند الشيعة ؟ ! !

فقال لي الشيخ طارق : من أين أنت ؟ قلت له من سوريا وأصلا من ريف حلب وأسكن حاليا في مدينة القامشلي . وإذا به يسألني هل قرأت كتاب ( ثم اهتديت ) للضال التونسي ؟ إذا قرأته أو موجود عندك فأحرقه ! !

قلت له لأول مرة أسمع باسم هذا الكتاب فقال لي مؤلفه خيالي غير موجود . اسمه التيجاني السماوي كتبوه الشيعة باسمه على أنه سني وتشيع وبدأ يدعو لمذهبهم . ونحن اتصلنا في تونس فقالوا لنا هذا الاسم غير موجود .
 

 ص 28

وأما عن كتاب المراجعات . أحذرك من قراءته ولا تأخذ علمك من القراءة والصحف فتسمى مصحفيا لأن هناك قواعد للقراءة ( فتضلن بك السبل ) .

إذا عندك فراغ احضر عندنا للدروس لأن العلم عندنا بالتلقي ، ومن ليس له شيخ فشيخه الشيطان ، وقال لي تفضل إلى المكتبة ، وقدم لي كتابا هدية اسمه ( المقالات السنية في كشف ضلالات ابن تيمية ) للشيخ عبد الله الهرري فودعت سماحة

الشيخ طارق ، وقبلت منه الهدية ، وذهبت وبدأ يراودني الفضول للبحث عن كتاب ( ثم اهتديت ) للتيجاني السماوي ورجعت أنا وأخي لمجمع نائل السكني حيث مقرنا هناك ، وبعد فترة أسبوع وإذا بصديقي الشيعي يقدم لي كتاب ( ثم اهتديت ) هذا ما

حدثني به سماحة الشيخ طارق وحذرني من قراءته وإنه شخص لا أصل له . فأخذت الكتاب وقلت لصديقي بأن هذا الشخص شخص خيالي .

وإذا بالأخ دخل الله يقول لي منذ شهر كان في بيروت ، وأنا رأيته بنفسي . دعك يا أخي من هذه الأقاويل ، أنت إنسان متعصب وتفكيرك على الطريقة التقليدية الموروثة دائما تقول لي ، الشيخ عندنا قال كذا ، والشيخ قال كذا ، فكر بعقليتك .

لا بعقلية الشيخ . فقلت لصديقي عفوا : أنا وأنت نفهم أكثر من العلماء والشيوخ ؟ فرد علي صديقي الشيعي قائلا : أنتم السنة . . الدين عندكم عادة وليس عبادة . . فقلت له : أفهمني كيف ؟ قال لي : الشيوخ عندكم تصلون بهم إلى درجة القداسة .

وبعد قال الشيخ . . لم يبق مجالا إطلاقا للنقاش والحوار معكم . وأنتم الشيعة كيف تتعاملون مع الشيوخ ؟ قال : نحن نحترم الشيوخ ولكن
 

 ص 29

على الطريقة المألوفة في الوسط الشيعي إذا كان هناك خطأ من العالم . . ونبهته إليه فإنه يتقبل ذلك بكل رحابة صدر فقلت له هل هذا من المعقول ؟ عندنا العالم لا يستطيع أحد مناقشته حتى إذا أردت أن تسأل سؤالا ولم يعجبه لا يرد عليه أصلا .

وأعطيك مثالا على ذلك : مرة دخلت إلى المسجد الأموي وقصدت مفتي دمشق في هذا المسجد وكان برفقتي المهندس عبد الحكيم السلوم لأسأله عن حديث الفرقة الناجية والخلفاء الاثني عشر من هم ؟ فأجابني بكلمة آسف وكررت السؤال وقال لي :

آسف . . وكررته ثالثا وقال لي : آسف بصوت عال . فخرجت مخذولا . . لماذا لم يرد على أسئلتي ؟ صديقي الشيعي : وهل هذا عالم ؟ ( العالم متواضع ، لين ، لا يكون فظا غليظ القلب ) . يرد على أسئلة الناس : يجب أن يستقطب الناس من حوله . . لأنه إذا صلح العالم صلح العالم ، وإذا فسد العالم فسد العالم .


هؤلاء علماء الأمة هم القدوة والأسوة الحسنة في المجتمع الإسلامي . ولكن نحن الشيعة عندنا مسألة مهمة وهي : الدليل في النقاش والحوار والدليل يجب أن يكون من القرآن والسنة ، ويقول إمامنا الصادق صاحب المذهب نحن أبناء الدليل أين ما مال نميل .

فأجبته هل نحن على الباطل حتى تقول لي دليلكم القرآن والسنة ؟ ونحن ماذا عندنا ؟ أليس القرآن والسنة ؟
 

 ص 30

صديقي الشيعي : يا أخي نفترض جدلا هذا الكتاب كتاب ضلال . لماذا لا يرد عليه علماؤكم السنة ؟

قلت له : يردون على شخصية خيالية موهومة ، مع الأسف عليك أيها الصديق إذا إنه إنسان خيالي غير موجود فكيف يردون عليه ؟

صديقي الشيعي : سؤال : نفترض أن التيجاني شخصية خيالية وهمية غير موجودة فهل الأدلة الموجودة في كتابه أيضا خيالية موهومة وغير موجودة ؟ أجبني على ذلك . ؟ فأحرجت أمامه لأني لا أعرف مضمون كتاب ( ثم اهتديت ) ومن ثم حذرني منه الشيخ طارق وقال لي احرقه .


فوقعت بين نارين ، بين إحراج الصديق الشيعي لماذا لا يرد عليه علماؤكم ؟ وبين تحذيرات الشيخ طارق إياك أن تقرأه ، فأحرقه ! يا إلهي خلصني من هذا المأزق الشديد الله أكبر . ! لماذا لماذا البحث والعناء ما هذه القصة . ؟

من أين جاءني هذا الشيعي ليشوش علي أفكاري وينغص حياتي وأنا رجل الآن أعمل بالإسمنت والأعمال الشاقة المتعبة المجهدة ، فعشت في صراع حاد مع عقلي ونفسي ، عقلي يقول لي اقرأ كتاب ثم اهتديت وأعرف ما فيه ، ونفسي قتلها

الخوف والتحذير من الشيخ طارق . نهارا محرج من الصديق الشيعي ، يقول لي أنت متعصب ولا تأتي بالدليل ألم تسمع بالبخاري ومسلم ؟ فكتاب ثم اهتديت كل أدلته من البخاري ومسلم فقلت له هناك طبعات للبخاري ومسلم مزورة ومدسوسة .

فما بالك يا صديقي أن التيجاني شخصية موهومة كما يقول علماؤنا وأتى بأدلة مزورة من البخاري ومسلم .

 ص 31

فأين أصبح يا صديقي ! دعني في حالي وعملي وكلنا إن شاء الله مسلمين ( تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ) . وكلما أصبحنا وأتانا يوم جديد يقول لي فكر . . . بمذهب أهل البيت عليهم السلام فكر لتنقذ نفسك ، بموالاة علي بن أبي طالب عليه السلام .


قلت له : أنا وأنت متفقان على حب علي ( كرم الله وجهه ) لكن مذهب أهل البيت هذا مصطلح جديد لأول مرة يطرق ذهني ، قلت له : وماذا تقصد من كلمة موالاة علي ؟

سألني الشيعي قائلا : ألم تقل عندكم سيدنا معاوية ( رض ) قتل سيدنا الحسن ( عليه السلام ) ؟ قلت له نعم : يقول علماؤنا ذلك ، بأن سيدنا معاوية ( رض ) اجتهد فأخطأ فله نصف الأجر .

الشيعي : وما تقول في البخاري ؟ المحاور : أصدق كتاب عندنا وهو لا يقبل الشك . الشيعي : ينقل لنا البخاري في صحيحه حديثا مشهورا ومتواترا اسأل عنه علماؤكم ؟ ( يا عمار تقتلك الفئة الباغية ، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار ) .

أليس الفئة الباغية هي فئة معاوية من خلال الحديث ؟ ( وهي التي قتلت عمارا ) . ألم يقل الرسول صلى الله عليه وآله في عمار ( عمار ملئ إيمانا من رأسه حتى مشاش قدميه ) ؟ قلت له نعم ، قال : فمن أين جاء ؟ فأين له وجه الاجتهاد كي يحصل على

 ص 32

نصف الأجر وهو قد قتل الصحابي الجليل عمار بن ياسر الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله . ( صبرا صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة ) . فأين له من عمار بن ياسر . ؟


وجاء الليل وجاء الصراع ، عقلي يقول هل علماؤنا مضللون عبر التاريخ ؟ هل علماؤنا ضحايا لإعلام مضلل ؟ تفكيرهم قائم على الطريقة التقليدية الموروثة . لا يقبلون النقاش والحوار ومن خالفهم في الرأي اتهموه بالكفر وفسقوه وضللوه وأقاموا

عليه الدنيا وأقعدوها لأنه خالفهم في الرأي ، وأخذوا يشهرون به في المجالس ، ويحذرون الناس منه لمجرد أنه أثار تساؤلا لا يعرفون الإجابة عليه أو لا يريدون الخوض فيه . أستاذي العالم لا تريد أن تبحث فدعني أبحث دعني أقرأ . . دعني أفكر

فإلى متى ( ممنوع أن تقرأ ، ممنوع أن تبحث ، ممنوع أن تفكر ) إلا بإذن من الشيخ وإلا فسقني ودمرني وأقام علي أهل البلد الله أكبر ما هذه السلطة المستبدة . . ؟ ما هذه الدكتاتورية ؟ نفسي تقول . . . إياك أن تقرأ ! ! الرعب مسيطر عليها

تحذيرات الشيخ في المنطقة والشيخ الدكتور عبد الفتاح صقر ، والتحذيرات الحادة من الشيخ طارق اللحام دوامة لا أعرف متى الخروج منها ؟ فاستيقظت ليلا من شدة الصراع الذي أرهقني وهد كياني ، أفكار هذا الصديق الشيعي وطريقته في

الحوار مقنعة . إذا كان هذا الكتاب على ضلال فليرد عليه علماؤكم ؟ ! ! فليحاوروا هذا الكتاب ، وإلا فإن هذا الكتاب كتاب صحيح . . . ؟ وكيف

 ص 33

تفكر وتقول ( سيدنا معاوية ( رض ) ؟ قتل سيدنا عمارا ( رض ) وسيدنا معاوية ( رض ) سم أو قتل سيدنا الحسن ( رض ) والحسن معروف بسيد شباب أهل الجنة ما هذا التناقض الحاد ؟ هل الدين جاء بالتناقض ؟ لا والله . لم يأت بالتناقض .


وفي اليوم الثاني وبعد أن انتهينا من العمل قلت لأخي ما رأيك في أن تنزل معي إلى بيروت قال لي : أنا متعب جدا هذا اليوم . فعزمت أن أنزل لوحدي وذهبت إلى مسجد صبرا والتقيت بالشيخ صالح عيزوقي وبعد أن أديت فريضة صلاة المغرب خلفه

قلت له : شيخنا الجليل : لدي بعض الأسئلة فسألني من أين الأخ ؟ فأجبته من سوريا . فقال لي أنا درست في دمشق . وتتلمذت على شيوخ دمشق . فقلت له : سماحة الشيخ . . أريدك أن ترشدني إلى كتب الصحاح وهل كتب الصحاح كلها صحيحة عندنا أهل السنة ؟

فأخذني إلى جانب من الناس وقال لي : يا بني رحم الله من قبلنا إن الصحاح عندنا مليئة بالمسيحيات والإسرائيليات وتغيير بعض الحقائق . . فقلت له البخاري ومسلم هل فيه مسيحيات وإسرائيليات ؟

قال نعم : كلها جاءتنا عن طريق كعب الأحبار اليهودي ، وتميم الداري المسيحي وغيرهما ، قلت له : سماحة الشيخ . . . ما تنصحني ؟

هناك صديق شيعي نعمل أنا وإياه في ورشة عمل في خلدة وقدم لي كتابين للقراءة ( المراجعات ، ثم اهتديت ) وصار له فترة بعد أن امتنعت عن قراءتهما بسبب فتاوى من علمائنا ، أصبحت محرجا أمامه في بعض الحوارات ، فقال لي يا أخي : المذهب الخامس
 

 ص 34

لديهم الاجتهاد مفتوح أما قصة الحوار فهم أذكياء فيه بسبب ظلمهم واضطهادهم عبر التاريخ من السلطات فاضطروا بكل السبل وأساليب فن الكلام للدفاع عن أنفسهم مما جعلهم يغربلون الصحاح عندنا وكتب التاريخ ليثبتوا أنفسهم لأن علماءنا علماء المذاهب الأربعة لم يعترفوا بهم كمذهب قائم .
 

لكن أنصحك بعدم الخوض في حوارات معه مع صديقك هذا لأن القضية شائكة والبحث طويل وطريق صعب ومتعب هم لديهم أدلة مقنعة ونحن لدينا أدلة مقنعة فاتركه يا أخي فودعت الشيخ صالح ورجعت إلى مكان عملي . أفكر بكلمات الشيخ صالح .

وجاء الليل ، وجاء التفكير ، لديهم أدلة مقنعة ، ولدينا أدلة مقنعة فقلت ما دام لديهم أدلة مقنعة كما قال لي الشيخ ما المانع من أن أقرأ كتاب المراجعات وكتاب ثم اهتديت ؟ وأقف على هذه الأدلة .


وقعت في تناقض حاد ، الشيخ المصري حذرني ! ! والشيخ طارق حذرني ! ! والشيخ فتح الباب ولكن في مصراع واحد ، لماذا لا أكمل رحلة البحث ؟ فسألت أحد أصدقائي من الذين يعملون معنا في الورشة ، فقلت له من يصلي عندكم إماما

للجماعة ؟ فقال لي : نحن في برج البراجنة عندنا شيخ كبير اسمه الشيخ إسماعيل عرناسي ( جامع العرب ) وفي اليوم الثاني وبعد الانتهاء من العمل ذهبت إليه حيث انتظرت في المسجد موعد صلاة المغرب ومجئ الشيخ : فجاء الشيخ وصلينا خلفه

جماعة ، وعندما انتهى صافحته واقتربت منه فقلت له سماحة الشيخ : أنا شاب سوري وأعمل في ورشة في منطقة خلدة واشتغل مع صديق شيعي ، وكل ساعة يحاورني في الدين ويسألني ويحرجني فما تنصحني
 

 ص 35

بالله عليك أيها الشيخ وتريحني ؟ ! ! فقال لي يا بني صار لي أكثر من أربعين سنة في هذا المسجد ولم اختلط مع واحد شيعي والكل يعلم ذلك ، لكن أنصحك هؤلاء الشيعة يقولون في آخر الصلاة ( تاه الوحي ثلاث مرات وينسبون أقوالا للرسول صلى

الله عليه وآله ويقولون قال الإمام علي . . فقلت له شيخنا الجليل أنا قرأت في كتيب لتعليم الصلاة عندهم حيث يقولون آخر الصلاة ثلاث مرات الله أكبر . . الله أكبر . . الله أكبر . فرد علي يا بني ماذا تعرف من دهاء هؤلاء الشيعة إنهم يستعملون التقية . وإمامهم الصادق يقول ( التقية ديني ودين آبائي ) .


فرجعت إلى مكاني مخذولا . تائها . . محتارا . وأوشكت من أن أصاب بأزمة نفسية ، وسيطر علي القلق . بحيث لم أعد أستطيع العمل ، أصبت برجفة حادة وقشعريرة فأخذني أخي إلى الدكتور ، وقال لي الدكتور : جسميا لا يوجد فيك شئ فأنت مرهق نفسيا وفكريا ، يا أخي بماذا تفكر . ؟


هذه الدنيا لا تستحق التفكير ، خذ إجازة من العمل وسافر إلى البلد . . . فنمت يومين في الفراش ، محاولا التخلص من التفكير وصرت أجلس مع أصدقائي أشاهد برامج التلفزيون والمسلسلات لأروح عن نفسي التعب والإرهاق . وبعدها عزمت أن أكمل قراءة كتاب المراجعات ،


وقلت لصديقي الشيعي : إذا سمحت غدا اجلب لي معك كتاب المراجعات ففرح صديقي . وقال أين أنت هذين اليومين فقلت له مكابرا والله إن أعصابي وجسمي مرهقان وأخذني أخي دحام إلى الدكتور ، وقال لي تحتاج إلى إجازة وراحة من العمل .
 

 ص 36

وفعلا في اليوم الثاني أتاني صديقي الشيعي بكتاب المراجعات وبدأت بالقراءة فيه حتى وصلت إلى ص 71 فاستوقفني مقال للشيخ الأنطاكي الحلبي المتشيع ( الاختلاف بين المذاهب الأربعة ) واستوقفتني أقوال للإمام علي ( كرم الله وجهه ) ما أقواها وأشدها وطا وأثرا على النفس في ص 75 .


قوله : ( نحن الشعار والأصحاب والخزنة والأبواب ، ولا تؤتى البيوت إلا من أبوابها ) . فمن أتاها من غير أبوابها سمي سارقا . ثم قال في ص 82 وإليك بيان ما أشرنا إليه من كلام النبي صلى الله عليه وآله إذ أهاب بالجاهلين وصرخ في الغافلين

، فنادى : ( يا أيها الناس إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ) وقال صلى الله عليه وآله : ( إني تارك فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ) ( 1 ) .


فسجلت مصادر الحديث الذي ينقلها العالم الشيعي في كتابه ( المراجعات ) وبعد يومين نزلت إلى مكتبة دار الفتوى ( عائشة بكار ) لأفتش عن المصادر لأرى
 

  * هامش *  
 

( 1 ) الحديث الأول يذكره من صحاحنا : صحيح الترمذي : ج 5 ، ص 28 ، ح 3874 - طبعة دار الفكر في بيروت ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 232 طبعة الحيدرية . وتفسير ابن كثير ج 4 ، ص 12 ، طبعة دار إحياء الكتب العربية بمصر إحياء الميت للسيوطي بهامش الإتحاف ص 114 طبعة الحلبي . جامع أصول الأثير : ج 1 ص 187 ح 65 طبعة مصر . والحديث الثاني نفس المصادر . ( * )

 

 

 ص 37

مدى صدق الشيعة في أقوالهم ، وفعلا عندما أتيت بصحيح الترمذي فوجدت الحديث ، فشعرت بالانتصار النفسي وفرحت فرحا شديدا ، وتابعت المصادر فأنزلت تفسير ابن كثير . فوجدت فيه الحديث . . الله أكبر الله أكبر ! ! صرت أصيح ما هذا الإنتصار . ؟

إصبر إصبر أحدث نفسي تابع البحث لا تيأس ، أشجع نفسي الآن وليس غدا يجب الذهاب إلى الشيخ عبد الفتاح صقر ، لأناقشه في هذا الحديث الذي سجلت مصادره عندي بورقة وضعتها في جيبي وأغلقت عليها كأني عثرت على كنز ! ! أحدث نفسي إصبر تابع البحث فصبرت نفسي على فرحها الشديد .


ورجعت أتابع القراءة وأي شئ كان يثيرني كنت أسجله وأنزل إلى المكتبة فقط أنزل إلى مكتباتنا حذرا من الصحاح الموجودة عند الشيعة كما يقول علماؤنا السنة أغلبها مزورة ومحرفة ! ! وأثارني حديث آخر استغربت منه أشد الاستغراب : عن زيد

بن أرقم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( من يريد أن يحيا حياتي ، ويموت موتي ، ويسكن جنة الخلد التي وعدني ربي ، فليتول علي بن أبي طالب ، فإنه لن يخرجكم من هدى ، ولن يدخلكم في ضلالة ) ( 1 ) .
 

  * هامش *  
  ( 1 ) أخرجه الحاكم في آخر ص 128 من الجزء 30 من صحيحه المستدرك . وأخرجه الطبراني في الكبيرة وأبو نعيم في فضائل الصحابة وهو الحديث 2577 من أحاديث الكنز في ص 155 من جزئه 6 وأورده في منتخب الكنز أيضا فراجع هامش ص 32 من الجزء 5 من المسند . ( * )  

 

 ص 38

فسجلته وسجلت مصادره وتابعت القراءة إلى أن وصلت ص 137 حيث جاءت آية قرآنية تقول ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) ( 1 ) المائدة : 55 .

وأخرج النسائي في صحيحه نزولها في علي عن طريق رواية عبد الله بن سلام . وأخرج نزولها صاحب الجمع بين الصحاح الستة في تفسير سورة المائدة . وأخرج الثعلبي في تفسيره الكبير نزولها في أمير المؤمنين .


فراجعت المصادر ووقفت عليها واستدل العالم الشيعي على أن الولاية بعد الله ورسوله لعلي بن أبي طالب . وتابع القول في آية أخرى : ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين ) ( 2 ) .

ويقول ألم يصدع رسول الله صلى الله عليه وآله بتبليغها عن الله يوم الغدير حيث هضب خطابه وعب عبابه فأنزل الله يومئذ : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) ( 3 ) ألم تر كيف فعل ربك يومئذ بمن جحد
 

  * هامش *  
 

( 1 ) وقفت على صحة هذه الأقوال : يقول العالم الشيعي : أجمع المفسرون كما اعترف به القوشجي الأشعري وهو من فطاحل علماء السنة في مبحث الإمامة من شرح التجريد على أن الآية نزلت في علي عندما تصدق بخاتمه وهو راكع .

( 2 ) آية التبليغ المائدة : 67 نزلت هذه الآية يوم 18 من ذي الحجة سنة 10 من الهجرة في حجة الوداع في رجوع النبي ( ص ) من مكة إلى المدينة في مكان يقال له غدير خم . فأمر الله نبيه ( ص ) أن ينصب عليا إماما وخليفة من بعده .

( 3 ) سورة المائدة : آية 3 ، هذه الآية نزلت يوم الغدير 18 من ذي الحجة سنة 10 من الهجرة بعد أن = ( * )

 

 

 ص 39

ولايته علانية وصادر بها رسول الله جهرة فقال : ( اللهم إن كان هذا هو الحق فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم فرماه الله بحجر من سجيل كما فعل من قبل بأصحاب الفيل ، وأنزل في تلك الحالة : ( سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع ) ( 1 ) .


وهنا جاء التأمل والصراع ، والمسألة مع النفس ومع الذات . . فراجعت المصادر ووقفت عليها ووجدت صدق ما يأتي به العالم الشيعي فاستغربت من قوة استدلال هذا العالم وإحاطته الدقيقة بالتاريخ والسيرة والصحاح واستهواني الكتاب بأسلوبه

الجذاب وثوبه الناعم المزركش وصرت أفكر يا إلهي أين كنت أنا ؟ أين علماؤنا من هذه الكتب ؟ فهل يعرف علماؤنا ما في هذه الكتب من أدلة ويتعمدون طمس هذه الحقائق عنا ؟ لأنه ليس من اختصاصنا البحث في الدين وإنما هو حكر على الشيوخ

والعلماء فقط ، أم أنهم لا يعلمون حقيقة هذه الكتب ؟ ! وتابعت القراءة إلى أن وصلت إلى الخطبة الشقشقية ص 680 من المراجعات . فاستوقفتني خطب ومناشدات للإمام علي عليه السلام وشدت انتباهي .


وأسرت تفكيري لما فيها من البيان والتصريح عن مظلوميته بعد النبي صلى الله عليه وآله حيث كان يبث شكواه من خلال هذه الخطب والمناشدات فيقول إمامنا علي عليه السلام أيام
 

  * هامش *  
 

 = خطب النبي أصحابه ونصب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب خليفة من بعده .

( 1 ) سورة المعارج : 1 - 3 ، نزلت هذه الآيات في النعمان الفهري لما شك في تنصيب النبي لعلي عليهم السلام الخلافة فوقع عليه العذاب . راجع : شواهد التنزيل : للحسكاني الحنفي : ج 2 ، ص 286 حديث : 1030 - 31 - 32 تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي الحنفي ص 30 . ( * )

 

 

 ص 40

خلافته متظلما يبث آلامه متألما منها حتى قال : ( أما والله لقد تقمصها فلان وهو يعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ، ينحدر عني السيل ، ولا يرقى إلي الطير ، فسدلت دونها ثوبا . وطويت عنها كشحا ، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء ،

أو أصبر على طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه ، فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى ، فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهبا . . . ) الخ الخطبة .


وكم وقف متظلما من القوم يبث شكواه قائلا : ( اللهم إني أستعينك على قريش ومن أعانهم ، فإنهم قطعوا رحمي ، وصغروا عظيم منزلتي ، وأجمعوا على منازعتي أمرا هو لي ، ثم قالوا : ألا إن في الحق أن تأخذه وفي الحق أن تتركه ) .

يا الله ! ! ما أعظم هذه الكلمات ؟ إنها تخرق الحجر ، وليس الدم واللحم ، فيتابع قوله : ( فنظرت فإذا ليس لي معين إلا أهل بيتي ، فضننت بهم عن الموت ، أغضيت على القذى ، وشربت على الشجا ، وصبرت على أخذ الكظم ، وعلى أمر من طعم العلقم ) .


فصرت أتساءل . . ما ذنب علي عليه السلام في التاريخ ؟ الله أكبر وأتابع البحث من جديد وأشحذ همتي كي أستطيع التأمل والتفكر في مناشدات وخطابات سيدي وإمامي علي عليه السلام روحي فداه . ما قرأت مقطعا من كلماته إلا وانهمرت دموعي ! ! ومرة أخرى يبث شكواه بمرارة ( فجزت قريش عني الجوازي ، فقط قطعوا


 

 ص 41

رحمي وسلبوني سلطان ابن أمي ) .


( أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا ، كذبا علينا وبغيا أن رفعنا الله ووضعهم ، وأعطانا وحرمهم وأدخلنا وأخرجهم ، بنا يستعطى الهدى ، ويستجلى العمى ، إن الأئمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم ، لا تصلح على سواهم ، ولا تصلح الولاة من غيرهم ) .


وقوله أيضا في خطبة له خطبها بعد البيعة له : ( لا يقاس بآل محمد صلى الله عليه وآله من هذه الأمة أحد ، ولا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا ، هم أساس الدين ، وعماد اليقين ، إليهم يفئ الغالي ، وبهم يلحق التالي ، ولهم خصائص حق الولاية وفيهم الوصية والوراثة ، الآن إذ رجع الحق إلى أهله ، ونقل إلى منتقله ) .


فكلمات الإمام بعد البيعة تؤكد على صدق ما ذهبنا إليه . فكلما وصلت إلى مقطع . . يزداد ألمي . هذه الكلمات القوية لا تخرج من إنسان عادي ، كلمات بحد ذاتها معجزة ، يتدفق الإشعاع منها إلى أعماق قلبي ، عبارات رصينة أدلة قوية تسيطر على القارئ المتدبر .


وحسبك قوله في خطبة أخرى : ( رجع قوم على الأعقاب ، وغالتهم السبل ، واتكلوا على الولائج ، ووصلوا غير الرحم ، وهجروا السبب الذي أمروا بمودته ، ونقلوا البناء عن رص أساسه ، فبنوه في غير مواضعه ، معادن كل خطيئة ، وأبواب

كل ضارب في غمرة ، قد ماروا في الحيرة ، وذهلوا في السكرة ، على سنة من آل فرعون ، من منقطع إلى الدنيا راكن ، أو مفارق للدين مباين ) فما تمالكت من نفسي إلا والدموع تعاودني بالانهمار فوقفت مبهوتا من هذه الأمة وهؤلاء القوم الذين يدعون الإسلام ! ! ما أقوى هذه
 

 ص 42

الكلمات ؟ تركت نفسي تقرأ بكل ما أمتلك من تركيز . لأني أقرأ كلمات من ؟ سيد الوصيين وخليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وكل ذلك لم أكن أعلم بعد صدق هذه الخطب ولكنها هزت مشاعري وسيطرت علي وصرت أتساءل :

هل هذه الكلمات تصدر من الإمام علي عليه السلام ؟ هل غصبت الخلافة من عنده ؟ هل هذه الكلمات لها سند معتبر ؟ فبدأت تنهال علي موجات عارمة من الأسئلة .


وتابعت البحث حتى عثرت على مناشدة للإمام علي عليه السلام يوم الشورى . وما أدراك ما يوم الشورى ؟ ! ! مناشدة علي بن أبي طالب عليه السلام يوم الشورى قال الخوارزمي الحنفي : أخبرني الشيخ الإمام شهاب الدين أفضل الحفاظ أبو النجيب

سعد بن عبد الله بن الحسن الهمداني المعروف بالمروزي فيما كتب إلي من همدان ، أخبرني الحافظ أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد فيما أذن لي في الرواية عنه ، أخبرني الشيخ الأديب أبو يعلى عبد الرزاق بن عمر بن إبراهيم الطهراني

سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة ، أخبرني الإمام الحافظ طراز المحدثين أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الأصفهاني ، قال الشيخ الإمام شهاب الدين أبو النجيب سعد بن عبد الله الهمداني ، وأخبرنا بهذا الحديث عليا الإمام الحافظ سليمان بن إبراهيم

الأصبهاني في كتابه إلي من أصبهان سنة 488 عن أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه ، حدثني سليمان بن محمد بن أحمد ، حدثني يعلى بن سعد الرازي ، حدثني محمد بن حميد ، حدثني زاهر بن سليمان بن الحرث بن محمد عن أبي الطفيل عامر بن وائلة ، قال : كنت مع علي في البيت يوم
 

 ص 43

الشورى ، وسمعته يقول لهم : لأحتجن عليكم بما لا يستطيع عربيكم ولا عجميكم تغيير ذلك .

ثم قال : أنشدكم الله أيها النفر جميعا ، أفيكم أحد وحد الله قبلي ؟

قالوا : لا ، قال :

فأنشدكم بالله ، هل منكم أحد له أخ مثل جعفر الطيار في الجنة مع الملائكة ؟

قالوا : اللهم لا ،

قال : أنشدكم بالله ، هل فيكم أحد له عم كعمي حمزة أسد الله وأسد رسوله سيد الشهداء غيري ؟

قالوا : اللهم لا ،

قال : أنشدكم بالله ، هل فيكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت محمد سيدة نساء أهل الجنة غيري ؟

قالوا : اللهم لا ،

قال : أنشدكم بالله هل فيكم أحد له سبطان مثل سبطي الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة غيري ؟

قالوا : اللهم لا ، قال : فأنشدكم بالله ، هل فيكم أحد ناجى رسول الله صلى الله عليه وآله عشر مرات قدم بين يدي نجواه

صدقة قبلي ؟ قالوا : اللهم لا ،

قال : فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله : ( من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، ليبلغ الشاهد الغائب غيري ) ؟

قالوا : اللهم لا ،

قال : فأنشدكم بالله ، هل فيكم أحد قال  له رسول الله صلى الله عليه وآله : ( اللهم إئتني بأحب خلقك إليك وإلي وأشدهم لك حبا ولي حبا ، يأكل معي من هذا الطير ، فأتاه وأكل معه ) غيري ؟

قالوا : اللهم لا ،

قال : فأنشدكم بالله ، هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله : لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، لا يرجع حتى يفتح الله على يده ، إذ رجع غيري منهزما غيري ؟

قالوا : اللهم لا ،

قال : فأنشدكم ، هل فيكم أحد قال فيه رسول الله لوفد بني وليعة : ( لأبعثن إليكم رجلا نفسه كنفسي ، وطاعته كطاعتي ، ومعصيته كمعصيتي ، يقتلكم بالسيف ) غيري ؟

قالوا : اللهم لا ،

 ص 44

قال : فأنشدكم الله ، هل فيكم أحد قال رسول الله : ( كذب من زعم أنه يحبني ويبغض هذا ) غيري ؟

قالوا : اللهم لا ،

قال : فأنشدكم بالله هل فيكم أحد سلم عليه في ساعة واحدة ثلاثة آلاف ملك من الملائكة ، منهم جبرائيل وميكائيل وإسرافيل ، حيث جئت بالماء إلى رسول الله من القليب ، غيري ؟

قالوا : اللهم لا ،

قال : فأنشدكم الله ، هل فيكم أحد قال له جبرائيل : هذه هي المواساة ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : إنه مني وأنا منه ، وقال جبرائيل : وأنا منكما ، غيري ؟

قالوا : اللهم لا .

قال : فأنشدكم الله ، هل فيكم أحد نودي من السماء ، لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي ، غيري ؟

قالوا : اللهم لا ،

قال : فأنشدكم بالله ، هل فيكم أحد يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين على لسان النبي ، غيري ؟

قالوا : اللهم لا ،

قال : فأنشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله : إني قاتلت على تنزيل القرآن وتقاتل على تأويل القرآن ، غيري ؟

قالوا : اللهم لا ،

قال : فأنشدكم الله ، هل فيكم أحد ردت عليه الشمس حتى صلى العصر في وقتها ، غيري ؟ 

قالوا : اللهم لا .

قال : فأنشدكم الله ، هل فيكم أحد أمره رسول الله أن يأخذ براءة من أبي بكر ، فقال أبو بكر : يا رسول الله ، نزل في شئ ، فقال : إنه لا يؤدي عني إلا علي ، غيري ؟

قالوا : اللهم لا ،

قال : فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له  رسول الله : لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا كافر ، غيري ؟

قالوا : اللهم لا ،

قال : فأنشدكم بالله ، أتعلمون أنه تعالى أمر بسد أبوابكم وفتح بابي ، فقلتم في ذلك ، فقال رسول الله : ما سددت أبوابكم ولا فتحت بابه ، بل الله سد أبوابكم وفتح بابه غيري ؟

قالوا : اللهم نعم ،

قال : فأنشدكم بالله أتعلمون أنه ناجاني يوم الطائف دون الناس ، فأطال ذلك فقلتم : ناجاه دوننا ، فقال ما

 ص 45

أنا انتجيته ، بل الله انتجاه ، غيري ؟

قالوا : اللهم نعم ،

قال : فأنشدكم الله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : الحق مع علي وعلي مع الحق ، يدور الحق مع علي كيف دار ؟

قالوا : اللهم نعم ،

قال : فأنشدكم بالله ، أتعلمون ، أن رسول الله قال : إني تارك الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما ، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض ؟

قالوا : اللهم نعم ،

قال : فأنشدكم الله ، هل فيكم أحد وقى رسول الله من المشركين بنفسه واضطجع في مضجعه غيري ؟

قالوا : اللهم لا ،

قال : فأنشدكم الله هل فيكم أحد بارز عمرو بن عبد ود العامري ، حيث دعاكم إلى البراز ، غيري ؟

قالوا : اللهم لا ،

قال : فأنشدكم بالله ، هل فيكم أحد أنزل الله فيه آية التطهير حيث قال : ( إنما يريد . . . ) غيري ؟

قالوا : اللهم لا ،

قال : فأنشدكم بالله ، هل فيكم أحد قال له رسول الله : أنت سيد العرب ، غيري ؟

قالوا : اللهم لا ،

قال : فأنشدكم الله ، هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله : ما سألت الله شيئا إلا سألت لك غيري ؟

قالوا : اللهم لا .


وعن عامر بن واثلة قال : كنت على الباب يوم الشورى ، فسمعت عليا يقول : ( أنشدكم بالله أمنكم من نصبه رسول الله يوم غدير خم للولاية غيري ؟ قالوا : اللهم لا ) ( 1 ) .
 

  * هامش *  
 

( 1 ) المناقب : لابن المغازلي الشافعي ص 222 . ( * )


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net