متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
اللقاء الخامس : لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا
الكتاب : ومن الحوار اكتشفت الحقيقة    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

اللقاء الخامس

المؤلف : بعد أن ذكرت وبينت سماحة السيد موضوع آية ( محمد رسول الله والذين معه ) وآية الغار لدي أدلة جديدة ونصوص صريحة أثبت من خلالها أحقية سيدنا أبي بكر ( رض ) بالخلافة من بعد رسول الله صلى الله عليه وآله . وهي :

 أولا : مروا أبا بكر فليصل بالمسلمين ، ( حديث رواه البخاري ) .

 ثانيا : ( لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا ، لا يبقين في المسجد خوخة إلا سدت إلا خوخة أبي بكر ) ( حديث رواه البخاري ) .

ثالثا : عن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وآله في اليوم الذي بدئ فيه ، فقال : ( إدعي لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابا ) ثم قال : ( يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر ) ( حديث رواه البخاري ) . حوار في النصوص التي أثبت المحاور من خلالها أحقية الخليفة أبي بكر بالخلافة


السيد البدري : أقول : لو سلمت لك جدلا أن النبي صلى الله عليه وآله أمر أبا بكر أن يصلي بالناس في مرضه الذي توفي فيه صلى الله عليه وآله ولكن ماذا تقول لو قال قائل ممن لا يقول بقولك : ألم يقل جمهور الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وآله في مرضه هجر رسول الله صلى الله عليه وآله على ما أخرجه البخاري في صحيحه ( 1 )
 

  * هامش *  
 

( 1 ) صحيح البخاري : 7 / 9 ، 5 / 137 ، 2 ، 132 ، 4 ، 65 - 66 - 2 ، صحيح مسلم : 2 / 16 ، 5 / 75 ، 11 / 94 - 95 - بشرح النووي ، مسند أحمد : 1 - 955 . ( * )

 

 

 ص 97

عن ابن عباس أنه قال : ( يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء ) قال اشتد برسول الله صلى الله عليه وآله وجعه يوم الخميس ، فقال أئتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فتنازعوا ، ولا ينبغي عند نبي تنازع . فقالوا : هجر رسول الله صلى الله عليه وآله ! قال : دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه .


المؤلف : عفوا سماحة السيد أراك خرجت عن موضوع الدليل والنص الذي طرحته .

السيد البدري : يا أستاذ تعلم الصبر والنفس الطويل في الحوار ولا تكن سريعا ، مهلا سأورد لك بعض المخالفات لأنتقل إلى تحليل هذا النص الذي أنت تحتج به وتعتبره دليلا مقنعا .

سؤال موجه لك : ألم يقل الخليفة عمر بن الخطاب للصحابة في مرض النبي صلى الله عليه وآله إن النبي قد غلبه الوجع وعندكم القرآن ، حسبنا كتاب الله والرواية الأولى قال عن الرسول ( إنه هجر أي بمعنى يهذي ) ( 1 ) .


المؤلف : سيدنا عمر بن الخطاب الفاروق يقول لسيدنا محمد صلى الله عليه وآله إنه هجر ؟ من أين لك هذا الحديث ؟ ومن أين أتيت به أيها السيد ؟ كلام غريب ( معاذ الله من ذلك ) .


السيد البدري : لا تغضب يا أخي هدئ من روعك واصبر .

  * هامش *  
 

( 1 ) سر العالمين وكشف ما في الدارين : ص 21 ، أبو حامد الغزالي . ( * )

 

 

 ص 98

المؤلف : كيف أهدأ وأنت تتهجم على سيدنا عمر ( رض ) وتتهمه هذا الاتهام .

السيد البدري : ما رأيك في صحيح البخاري يا أستاذ .

المؤلف : صحيح البخاري أصدق صحيح عندنا بعد القرآن .

السيد البدري : راجع صحيح البخاري في أواخر ص 118 الجزء الثاني في باب ( هل يستشفع إلى أهل الذمة ومعاملتهم ) . وحتى أربط كل هذا الاستدلال لك بقول : عن ابن عباس قال : ( لما حضر رسول الله صلى الله عليه وآله وفي البيت رجال

فيهم عمر بن الخطاب ، قال النبي صلى الله عليه وآله هلم أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده فقال عمر : ( إن النبي صلى الله عليه وآله قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن ، حسبنا كتاب الله ، فاختلف أهل البيت فاختصموا فهم من يقول ما قال عمر ، فلما

أكثروا اللغو واللغط والاختلاف عند النبي صلى الله عليه وآله قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( قوموا ) قال عبد الله فكان ابن عباس يقول : ( الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وآله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم ) ( 1 ) وهذا مشهور برزية يوم الخميس .
 

  * هامش *  
 

( 1 ) صحيح البخاري : الجزء الثاني : باب ( هل يستشفع إلى أهل الذمة ومعاملتهم ) ، ص 118 . ( * )

 

 

 ص 99

الوجه الصحيح في حديث صلاة الخليفة أبي بكر أبو بكر في مرض النبي صلى الله عليه وآله

السيد البدري : أقول إن الصحيح المتواتر بين الفريقين السني والشيعي معا أن النبي صلى الله عليه وآله أخر الخليفة أبا بكر من تلك الصلاة وصرفه عن إمامة المسلمين لأنه خرج بعد سماعه بتقدم أبي بكر يتهادى بين علي والعباس مع ما فيه من

ضعف الجسم بالمرض ، الأمر الذي لا يتحرك معه العاقل إلا في حال الاضطرار ، لتدارك ما يخاف بفوته حدوث أعظم فتنة فعزل النبي صلى الله عليه وآله أبي بكر عما كان تولاه من تلك الصلاة كما نطقت به صحاحكم ويدلك على تقدمه للصلاة لم

يكن بأمر من النبي صلى الله عليه وآله في شئ وإنما كان الأمر صادرا من ابنته السيدة عائشة ولم تكن تلك الصلاة إلا صلاة الصبح لا غيرها . ويرشدك ويدلك على ذلك يا أخي ما أخرجه الحافظ الكبير الإمام مسلم في صحيحه ( 1 ) .


وأنقل لك هذه الرواية عن عائشة أم المؤمنين ( رض ) : ( قالت : لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وآله جاء بلال يؤذنه بالصلاة ، فقال : مروا أبا بكر فليصل بالناس ، قالت : فقلت : يا رسول الله ! إن أبا بكر رجل أليف ، وإنه متى يقم مقامك لم

يسمع الناس فلو أمرت عمر ! فقال : مروا أبا بكر فليصل بالناس ! قالت : فقلت لحفصة قولي له إن أبا بكر رجل أليف ، وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس فلو أمرت عمر !

  * هامش *  
  ( 1 ) صحيح مسلم : ج 1 باب ( استخلاف الإمام إذا عرض له عذر ) كتاب الصلاة . ( * )  

 

 ص 100

فقالت له فقال رسول الله صلى الله عليه وآله إنكن لأنتن صويحبات يوسف مروا أبا بكر فليصل بالناس ! قالت فأمروا أبا بكر يصلي بالناس . ثم أخي الكريم لماذا تحاول ربط مسألة الصلاة بمسألة الخلافة .

لو فرضنا جدلا صحة حديث عائشة أم المؤمنين وغضضنا النظر عن تلك الوجوه التي ناقشتها الآن . ومع كل ذلك فإن الأمر بالصلاة خلفه لا يوجب للخليفة أبي بكر الإمامة العامة على المسلمين لعدة أسباب منها :

أولا : لقد اتفق أئمة السنة والحفاظ عندكم على أن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى خلف عبد الرحمن بن عوف على ما نقله لنا ابن كثير في تاريخه ( 1 ) . وهذا شئ لا يختلف فيه أحد فلم يوجب فضلا لعبد الرحمن بن عوف على النبي صلى

الله عليه وآله ولا يقتضي ذلك أن يكون إماما واجب الطاعة عليه صلى الله عليه وآله وعلى غيره من أصحابه . فكما أن صلاة النبي صلى الله عليه وآله خلف عبد الرحمن بن عوف لم توجب له الإمامة على رسول الله صلى الله عليه وآله ولا على غيره من الناس ، فكذلك لم توجب صلاة أبي بكر بالمسلمين إمامته عليهم .


ثانيا : لا خلاف بين الفريقين السني والشيعي في أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد استعمل عمرو بن العاص على الخليفتين أبي بكر وعمر وجماعة المهاجرين والأنصار ، وكان يؤمهم في الصلاة مدة إمارته عليهم في واقعة ذات السلاسل على
 

  * هامش *  
 

( 1 ) البداية والنهاية : ابن كثير ، ج 5 ، ص 22 . ( * )

 

 

 ص 101

ما نقله لنا ابن كثير في تاريخه ( 1 ) فلم توجب صلاته فيهم ( 2 ) إمامته عليهم ولا فضلا عليهم ، لا في الظاهر ولا عند الله تعالى على حال من الأحوال . فكذلك الحال في صلاة أبي بكر فيهم لا توجب إمامته عليهم ولا فضلا عليهم .
 

ثالثا : وهذا البخاري أصدق صحيح عندكم يحدثنا في صحيحه ( 2 ) عن ابن عمر قال : ( لما قدم المهاجرون الأولون ( العصبة موضع بقبا ) قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وآله كان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة وكان أكثرهم قرآنا ) فكما أن

إمامة سالم مولى أبي حذيفة للمهاجرين الأولين ، لم توجب له فضلا ولا الإمامة العامة عليهم ولم تقض له بخلافة الرسالة المحمدية ، فكذلك إمامة أبي بكر للصلاة بالمسلمين ، لم توجب له فضلا ، ولا الإمامة العامة عليهم ، ولم تقض له بخلافة الرسول صلى الله عليه وآله .


رابعا : عتاب بن أسيد أحق بالخلافة من الخليفة أبي بكر . لماذا ؟ ! لأن الذي قدمه الرسول صلى الله عليه وآله يصلي بالناس حين فتح رسول الله مكة والرسول مقيم في مكة ، وأبو بكر معه يصلي خلف عتاب بن أسيد فقدمه رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي بالناس في المسجد الحرام من غير علة ولا ضرورة دعته إلى ذلك * ( هامش ) *

  * هامش *  
 

( 1 ) البداية والنهاية : ابن كثير ، ج 4 ، ص 273 .
( 2 ) راجع في ذلك إمامة عمرو بن العاص في الخليفتين أبي بكر وعمر تلك المصادر 1 - السيرة الحلبية : الشافعي ، ج 3 ، ص 19 ، وراجع أيضا تاريخ الخميس : ج 2 ، ص 82 ، والدحلاني في ص 11 من سيرته بهامش الجزء الثاني من السيرة الحلبية .
( 3 ) صحيح البخاري : ج 1 ، ص 89 ، باب ( إمامة العبد من أبواب صلاة الجماعة من كتاب الآذان . ( * )

 

 

 ص 102

وهذا بإجماع الأمة . فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي بالناس الظهر والعصر . وعتاب بن أسيد يصلي بالناس الثلاث صلوات بإجماع الأمة . وبإجماع الأمة أن المسجد الحرام أفضل من مسجد المدينة ومكة أفضل من المدينة ويلزم في

النظر أن من قدمه رسول الله صلى الله عليه وآله في المواطن الأفضل من غير علة أفضل ممن قدمه في مسجد هو دونه في الفضل مع ضرورة العلة فتأمل يا أخي ؟ ! تجويزكم للصلاة خلف البر والفاجر


السيد البدري : ثم إنكم متفقون على أن رسول الله صلى الله عليه وآله أرشدكم إلى الصلاة خلف كل بر وفاجر ( 1 ) . فإذا كانت الصلاة تجوز عندكم خلف كل فاسق وفاجر والاقتداء بكل ظالم وعاص بإجماع علماء السنة نصا وفتوى وعملا ، وكانت

صلاة الخليفة أبي بكر بالمسلمين دليلا على خلافة النبي صلى الله عليه وآله وإمامة الأمة كان ذلك دليلا أيضا على إمامة هؤلاء جميعا ولكان كلهم خلفاء النبي صلى الله عليه وآله من بعده . وكأن قوله تعالى ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ) باطلا لا معنى له . حوار في حديث خوخة أبي بكر


المؤلف : بعدما ذكرت الأدلة الكثيرة حول صلاة الخليفة أبي بكر ( رض ) وإبطالها فما رأي سماحتكم بقوله صلى الله عليه وآله :

  * هامش *  
 

( 1 ) سنن البيهقي : 4 ، 19 . الفتح الكبير : 2 ، 190 . ( * )

 

 

 ص 103

( لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا ، لا يبقين في المسجد خوخة إلا سدت إلا خوخة أبي بكر ) . أليس هذا الحديث دليلا قاطعا على خلافة سيدنا أبي بكر ( رض ) .

السيد البدري : إن هذا الحديث رواية آحاد هذا أولا .

وثانيا إن هذا الحديث معارض بحديث أقوى منه سندا وتنقله أحاديثكم وهو قوله صلى الله عليه وآله : ( لا تقل لو أني فعلت كذا كان كذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن كلمة - لو - تفتح عمل الشيطان ) ( حديث شريف ) . فكيف برسول الأمة

وإمامها ينهانا عن القول بكلمة ( لو ) ويقول لنا إنها تفتح عمل الشيطان ، وهو يبدأ بها هل يعقل هذا الأمر ؟ بأن هذا الحديث يصدر من النبي صلى الله عليه وآله فتأمل . . ؟ !

ثالثا : إن هذا الحديث موضوع لدينا ووضع مقابل حديث المؤاخاة المشهور والمتواتر وهو قول النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام : ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ) .

رابعا : الشطر الثاني من الحديث ( لا يبقين في المسجد خوخة إلا سدت إلا خوخة أبي بكر ) . وضع مقابل الحديث المشهور والمتواتر ( سدوا هذه الأبواب إلا باب علي ) . فوضع أصحاب الأقلام المأجورة كلمة خوخة بدل باب للتغيير والتحريف .

المؤلف : عفوا سماحة السيد الرسول صلى الله عليه وآله ترك خوخة مفتوحة لسيدنا أبي بكر ( رض ) ومعنى كلمة الخوخة أي ( الباب الصغير ) .

 ص 104

السيد البدري : لو أن الرسول صلى الله عليه وآله أراد إكرامه لفتح له باب كبير ، لماذا باب صغير ؟ وحتى أثبت لك بالأدلة والبراهين القاطعة بأن هذا الحديث وضع مقابل حديث ( سدوا كل الأبواب إلا باب علي ) فتفضل يا أخي :

أولا : أمر رسول الله صلى الله عليه وآله بسد أبواب الصحابة من المسجد تنزيها له عن الجنب والجنابة ، ولكنه أبقى باب علي ، وأباح له عن الله تعالى أن يجنب في المسجد كما كان هذا مباحا لهارون فدلنا على ذلك عموم المشابهة كما كان هذا مباحا لهارون عليه السلام ( 1 ) الحديث .
 

قال ابن عباس حبر الأمة : ( وسد رسول الله صلى الله عليه وآله أبواب المسجد غير باب علي فكان يدخل المسجد جنبا وهو طريقه ليس له طريق غيره . . ) ( 2 ) الحديث .


كان لنفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله أبواب شارعة في المسجد فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : سدوا هذه الأبواب إلا باب علي فتكلم الناس في
 

  * هامش *  
 

( 1 ) في حديث سد الأبواب إلا باب علي - راجع في ذلك . 1 - مناقب علي بن أبي طالب : ابن المغازلي الشافعي : ص 255 - 303 . 2 - ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق : لابن عساكر الشافعي : ج 1 ص 266 .

( 2 ) مسند أحمد بن حنبل : ج 5 ص 25 سند صحيح : دار المعارف ( مصر ) . الخصائص : للنسائي ص 15 ، ط بيروت - ؟ 64 . الإصابة : ابن حجر العسقلاني : ج 2 ، ص 509 . تاريخ ابن عساكر : ج 1 ص 185 . ( * )

 

 

 ص 105

ذلك فقام رسول الله صلى الله عليه وآله فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ( أما بعد فإني أمرت بسد هذه الأبواب إلا باب علي فقال فيه قائلكم وإني والله ما سددت شيئا ولا فتحته ولكني أمرت بشئ فاتبعته ) ( 1 ) .
 

وأخرج الطبراني في الكبير عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله قام يومئذ فقال : ( ما أنا أخرجتكم من قبل نفسي ولا أنا تركته ، ولكن الله أخرجكم وتركه إنما أنا عبد مأمور ، ما أمرت به فعلت أن أتبع إلا ما يوحى إلي ( 2 ) . يا علي ( لا يحل لأحد أن يجنب في المسجد غيري وغيرك ( 3 )

وعن سعد بن أبي وقاص والبراء بن عازب ، وابن عباس وابن عمر وحذيفة بن أسيد الغفاري

  * هامش *  
 

( 1 ) 1 - خصائص أمير المؤمنين : للحافظ النسائي : ص 73 الطبعة الحيدرية و ص 2 التقدم ط مصر .
 2 - الحاوي للفتاوى : للشيخ السيوطي : ج 2 ص 57 . 3 - مناقب علي بن أبي طالب : ابن المغازلي الشافعي : ص 257 ط طهران .
 4 - الرياض النظرة : ج 2 ص 253 . 5 - ترجمة الإمام علي : تاريخ ابن عساكر الدمشقي : ج 1 ، ص 255 .
 6 - المستدرك للحاكم النيسابوري : ج 3 ، ص 125 . 7 - كفاية الطالب : للكنجي الشافعي : ص 203 ط الحيدرية و ص 88 ط العربي .
 8 - ينابيع المودة : للقندوزي الحنفي : ص 87 ط إسلامبول .

( 2 ) مناقب الإمام علي : ابن المغازلي الشافعي : ص 252 ط طهران ينابيع المودة : للقندوزي الحنفي : ص 87 ص إسلامبول و ص 99 ط الحيدرية .
( 3 ) صحيح الترمذي : ج 5 ص 303 ح 3811 . ( * )

 

 

 ص 106

قالوا كلهم : ( خرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المسجد فقال : ( إن الله تعالى أوحى إلى نبيه موسى أن ابن لي مسجدا طاهرا لا يسكنه إلا أنت وهارون وإن الله أوحى إلي أن ابن مسجدا طاهرا لا يسكنه إلا أنا وأخي علي ( 1 ) . حديث المنزلة ومنازل هارون من موسى عليه السلام


السيد البدري : وحتى أثبت لك بأن حديث الخلة وضع مقابل حديث المنزلة حتى تكون على بصيرة من أمرك أيها الأستاذ الباحث عن الحقيقة فالواجب الشرعي - يفرض - علي أن أبين لك الحقائق لتنقذ نفسك من الصراع الذي تعيشه والتناقض والحيرة .

فهذا الإمام البخاري يحدثنا في صحيحه ( 2 ) في مناقب علي بن أبي طالب وذاك الإمام مسلم في صحيحه ( 3 ) يحدثنا عن النبي صلى الله عليه وآله . أنه قال لعلي عليه السلام : ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ) . وفي القرآن العربي المبين يقول الله تعالى في سورة طه آية 25 وما بعدها
 

  * هامش *  
 

( 1 ) مناقب الإمام علي : ابن المغازلي الشافعي : ص 252 ط طهران ينابيع المودة : للقندوزي الحنفي : ص 87 ط إسلامبول و ص 99 ط الحيدرية .
( 2 ) صحيح البخاري : ج 2 ، ص 197 ( مناقب علي بن أبي طالب ) .
( 3 ) صحيح مسلم - باب نفسه - . ( * )

 

 

 ص 107

حكاية عن كليمه موسى عليه السلام : ( رب اشرح لي صدري ، ويسر لي أمري ، وأحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي ، واجعل لي وزيرا من أهلي ، هارون أخي ، أشدد به أزري ، وأشركه في أمري ) إلى قوله تعالى ( قد أوتيت سؤلك يا

موسى ) . وأنت تعلم يا أخي المحاور أن منازل هارون عليه السلام من موسى عليه السلام كثيرة ومتعددة وسأورد لك بعض المقارنات بين هارون ومنزلته من موسى لتعلم أن عليا هو الخليفة الحق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله .

الأول : إن هارون عليه السلام كان وزيرا لموسى عليه السلام فكذلك علي عليه السلام وزير رسول الله صلى الله عليه وآله .

الثاني : إن هارون عليه السلام كان شريكا لموسى عليه السلام في أمره فكذلك علي عليه السلام شريك رسول الله صلى الله عليه وآله في أمره على الخلافة والإمامة لا النبوة والمستثناة من عموم المنازل في الحديث الشريف .

الثالث : إن هارون عليه السلام كان ثاني موسى عليه السلام في قومه فكذلك علي عليه السلام ثاني رسول الله صلى الله عليه وآله في أمته .

الرابع : إن هارون عليه السلام كان أخا لموسى عليه السلام ، فكذلك علي عليه السلام كان أخا لرسول الله صلى الله عليه وآله بدليل حديث المؤاخاة المتواتر نقله في كتب السنة والشيعة ، وعدم استثناء النبي صلى الله عليه وآله من حديثه إلا النبوة وقد أخرج ذلك أحد علمائكم أحمد بن حنبل في مسنده ( 1 ) عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس في حديث بضع عشرة
 

  * هامش *  
  ( 1 ) مسند أحمد بن حنبل : ج ص 220 المحب الطبري : الرياض النظرة : باب فضائل علي بن أبي طالب . ( * )  

 

 ص 108

فضيلة كانت لعلي عليه السلام لم تكن لغيره من الصحابة .

الخامس : إن هارون عليه السلام كان أفضل قوم موسى عليه السلام عند الله تعالى وعند نبيه موسى عليه السلام فكذلك علي عليه السلام أفضل أمة النبي صلى الله عليه وآله عند الله تعالى وعند رسوله محمد صلى الله عليه وآله .

السادس : إن هارون عليه السلام كان هو القائم مقام موسى عليه السلام في غيبته مطلقا ، فكذلك علي عليه السلام هو الذي يقوم مقام النبي صلى الله عليه وآله في غيبته مطلقا ، وقد جاء التنصيص عليه جليا ، واضحا لا يرتاب فيه اثنان من أهل الإيمان ، بقوله صلى الله عليه وآله ( لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي ) ( 1 ) .

السابع : إن هارون عليه السلام كان أعلم قوم موسى عليه السلام فكذلك علي عليه السلام أعلم أمة رسول الله صلى الله عليه وآله وقد صرح النبي صلى الله عليه وآله بذلك فقال : ( أعلم أمتي من بعدي علي بن أبي طالب ) ( 2 ) .

الثامن : إن هارون عليه السلام كان واجب الطاعة على يوشع بن نون وصي موسى عليه السلام وغيره من أمته فكذلك علي عليه السلام واجب الطاعة على الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم من أمة النبي صلى الله عليه وآله .

التاسع : إن هارون عليه السلام كان أحب الناس إلى الله تعالى وإلى كليمه موسى عليه السلام فكذلك علي أحب الناس إلى الله تعالى وإلى رسوله محمد صلى الله عليه وآله .

العاشر : إن الله تعالى قد شد أزر نبيه موسى عليه السلام بأخيه هارون عليه السلام فكذلك
 

  * هامش *  
 

( 1 ) مسند أحمد بن حنبل : ج 1 ص 330 آخر الصفحة المذكورة .
( 2 ) منتخب كنز العمال : المتقي الهندي : هامش الجزء الخامس من مسند الإمام أحمد بن حنبل . ( * )

 

 

 ص 109

شد أزر نبيه محمد صلى الله عليه وآله بأخيه علي عليه السلام . الحادي عشر : إن هارون عليه السلام كان معصوما من الخطأ ، والنسيان ، والزلل والعصيان . فكذلك علي عليه السلام يكون معصوما من الخطأ والنسيان والزلل والعصيان .


المؤلف : سماحة السيد هل لديك أدلة أخرى في علي كرم الله وجهه وفي إثبات أحقيته بالخلافة ؟ زدني من فضلك .

السيد البدري : وما أزيدك ما هذا الذي ذكرته إلا غيض من فيض من فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام . إذا قلت لك أن عليا جامع لفضائل الأنبياء هل تقنع ؟

المؤلف : إذا كان هناك أدلة وبراهين تقنعني لماذا لا أقنع ؟ الإمام علي عليه السلام جامع فضائل الأنبياء

السيد البدري : وقد شهد بذلك سيد الرسل وخاتم النبيين محمد الصادق الأمين صلى الله عليه وآله كما جاء في مناقب الخوارزمي : ص 49 - 245 والرياض النضرة : 2 - 217 ، وذخائر العقبى : 93 وغيرها أنه قال صلى الله عليه وآله :

مع بعض الاختلافات اللفظية : ( من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في فهمه وإلى يحيى بن زكريا في زهده وإلى موسى بن عمران في بطشه فلينظر إلى علي بن أبي طالب ) .


ونقل لنا ابن الصباغ المالكي في كتابه ( الفصول المهمة ) من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في عزمه وإلى إبراهيم في حلمه ، وإلى
 

 ص 110

موسى في هيبته ، وإلى عيسى في زهده فلينظر إلى علي بن أبي طالب

وفي الرياض النضرة : 2 - 202 قال : أخرج الملا عمر بن خضر في سيرته قيل يا رسول الله ! وكيف يستطيع علي عليه السلام أن يحمل لواء الحمد ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وكيف لا يستطيع ذلك وقد أعطي خصالا شتى صبرا كصبري ، وحسنا كحسن يوسف ، وقوة كقوة جبريل عليه السلام .


وروى السيد مير علي الهمداني في كتابه ( مودة القربى ) المودة الثامنة قال : عن جابر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( من أراد أن ينظر إلى إسرافيل في هيبته وإلى ميكائيل في رتبته ، وإلى جبرائيل في جلالته ، وإلى آدم في علمه ،

وإلى نوح في خشيته ، وإلى إبراهيم في خلته ، وإلى يعقوب في حزنه ، وإلى يوسف في جماله ، وإلى موسى في مناجاته ، وإلى أيوب في صبره وإلى يحيى في زهده ، وإلى عيسى في عبادته ، وإلى يونس في ورعه وإلى محمد في حسبه وخلقه ، فلينظر إلى علي ، فإن فيه تسعين خصلة من خصال الأنبياء جمعها الله فيه ولم يجمعها في أحد غيره ) .


المؤلف : عفوا سماحة السيد أنت هنا وصلت بي إلى مقايسة علي ( كرم الله وجهه ) بالأنبياء ( عليهم الصلاة والسلام ) وهذا مشكل منكم .

السيد البدري : إسمع يا أخي لأروي لك ما نقله بعض من المؤرخين إذا الأدلة لم تقنع فناقشني وحاورني .
 

 ص 111

مقايسة علي عليه السلام بالأنبياء لقد حدثنا المؤرخون والمحدثون أنه عليه السلام في آخر يوم من حياته الكريمة ، حينما كان على فراش الموت والشهادة حضر عنده جماعة من أصحابه لعيادته ، وكان ممن حضر صعصعة بن صوحان وهو من كبار

الشيعة في الكوفة ، وكان خطيبا بارعا ، ومتكلما لامعا ، وهو من الرواة الثقات حتى عند أصحاب الصحاح الستة عندكم وأصحاب المسانيد ، فإنهم يروون عنه ما ينقله عن الإمام علي عليه السلام وقد ترجم له كثير من أعلامكم مثل ابن عبد البر

في ( الاستيعاب ) ، وابن سعد في ( الطبقات الكبرى ) ، وابن قتيبة في ( المعارف ) ، وغيرهم فكتبوا أنه كان عالما صادقا ، وملتزما بالدين ، ومن خاصة أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في ذلك اليوم سأل صعصعة الإمام عليا

عليه السلام قائلا : يا أمير المؤمنين ! أخبرني أنت أفضل أم آدم عليه السلام ؟ فقال الإمام عليه السلام يا صعصعة ! تزكية المرء نفسه قبيح ولولا قول الله عز وجل : ( وأما بنعمة ربك فحدث ) ( 1 ) ما أجبت يا صعصعة ! أنا أفضل من آدم ، لأن

الله تعالى أباح لآدم كل الطيبات المتوفرة في الجنة ونهاه عن أكل الحنطة فحسب ، ولكنه عصى ربه وأكل منها ! وأنا لم يمنعني ربي من الطيبات ، وما نهاني عن أكل الحنطة ، فأعرضت عنها رغبة وطوعا . فقال صعصعة : أنت أفضل أم نوح ؟
 

  * هامش *  
 

( 1 ) سورة الضحى الآية 11 . ( * )

 

 

 ص 112

فقال عليه السلام : أنا أفضل من نوح ، لأنه تحمل ما تحمل من قومه ، ولما رآى منهم العناد دعا عليهم وما صبر على أذاهم فقال : ( رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ) ( 1 ) . ولكني بعد حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله تحملت أذى قومي وعنادهم فظلموني كثيرا فصبرت وما دعوت عليهم ( 2 ) .


فقال صعصعة : أنت أفضل أم إبراهيم ؟ فقال عليه السلام : أنا أفضل ، لأن إبراهيم قال : ( رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن ، قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ) ( 3 ) . ولكني قلت وأقول : لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا .

قال صعصعة : أنت أفضل أم موسى ؟ قال عليه السلام : أنا أفضل من موسى ، لإن الله تعالى لما أمره أن يذهب إلى فرعون ويبلغ رسالته ( قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون ) ( 4 ) . ولكني حين أمرني حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله بأمر الله عز وجل حتى أبلغ أهل مكة المشركين سورة براءة ، وأنا قاتل كثير من رجالهم وأعيانهم ! مع ذلك
 

  * هامش *  
 

( 1 ) سورة نوح الآية 26 .
( 2 ) راجع عزيزي القارئ : نهج البلاغة - الخطبة الشقشقية يصف فيها سلام الله عليه جانبا من الوضع الذي قاساه فصبر .
( 3 ) سورة البقرة الآية 260 .
( 4 ) سورة القصص الآية 33 . ( * )

 

 

 ص 113

أسرعت غير مكترث ، وذهبت وحدي بلا خوف ولا وجل فوقفت في جمعهم رافعا صوتي ، وتلوت الآيات من سورة براءة وهم يسمعون ! !

قال صعصعة : أنت أفضل أم عيسى ؟ قال عليه السلام أنا أفضل ، لأن مريم بنت عمران لما أرادت أن تضع عيسى كانت في بيت المقدس ، جاءها النداء يا مريم أخرجي من البيت ! ها هنا محل عبادة لا محل ولادة ، فخرجت ( فأجاءها المخاض إلى

جذع النخلة ) ( 1 ) ولكن أمي فاطمة بنت أسد لما قرب مولدي جاءت إلى بيت الله الحرام والتجأت إلى الكعبة ، وسألت ربها أن يسهل عليها الولادة ، فانشق لها جدار البيت الحرام وسمعت النداء : يا فاطمة ادخلي ! فدخلت ورد الجدار على حاله فولدتني في حرم الله وبيته .


وانتهى اللقاء وعشت في دوامة أكثر وأحدث نفسي تابع البحث إياك والملل ! !
 

  * هامش *  
  ( 1 ) سورة مريم الآية 23 . ( * )

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net