متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
اللقاء السابع - اللقاء الثامن : الإجماع والشورى - إجماع الأمة على خلافة أبي بكر
الكتاب : ومن الحوار اكتشفت الحقيقة    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

اللقاء السابع


ذهبت في تمام الساعة العاشرة صباحا إلى منزل الداعية الشيعي السيد علي البدري فطرقت الباب ففوجئت بحرمه الموقرة تبلغني نبأ مرضه الشديد وقالت حصل معه ألم في القلب وهو في مشفى المجتهد في قسم العناية القلبية المشددة ، فنزلت على

الدرج بسرعة هائلة وقطعت الشارع ركضا وأقلتني سيارة إلى مشفى المجتهد فدخلت إلى المشفى وأدعوا له طول الطريق بطول العمر لأنه الإنسان الوحيد الذي وجدت فيه الصدق في القول والإخلاص في العمل رجل شيبة في الثمانينات ويحاور

ويسافر ويحمل أكداس من الكتب بيده الشريفة لينير الدرب أمام الشباب وسألت البواب الذي يقف على باب قسم العناية القلبية المشددة فأدخلني فسرت في الممر فسألت إحدى الممرضات عن غرفة السيد علي البدري فقالت لي الشيخ الشيبة ؟

قلت لها نعم . قالت : هو في الغرفة الثالثة فدخلت وقبلته من جبينه وقال لي : يا بني لقد أتيت ، فقلت له نعم ، فقال لي أطلب من الله أن يطيل بعمري فقط ولو سنة حتى أوضح لك كل الشبهات التي في ذهنك فقلت له : عمرك طويل إن شاء الله تعالى

يا سماحة السيد . السيد : هل تريد مني أي خدمة ؟ قال لي : إجلس هنا هذا السرير فارغ . فجلست ، ورفع رأسه عن الوسادة . حوار في مشفى المجتهد لمدة نصف ساعة ! ! المؤلف : سماحة السيد الجليل أستطيع أن أتكلم معك وأسألك .

السيد البدري : اسأل يا أخي ( ما دام في عرق ينبض سأرد عليك
 

 ص 119

ويساعدني الإمام علي عليه السلام والزهراء والحجة القائم الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف المؤلف : ألم يكن هناك إجماع وشورى على خلافة سيدنا أبي بكر ( رض ) بعد النبي صلى الله عليه وآله .
 

السيد البدري : أرجو أن تبين لي أدلتك على صحة الإجماع والشورى .

المؤلف : أولا : إجماع الأمة على خلافته .

ثانيا : كبر سنه وشيخوخته والأمة لا تقبل أن يكون الخليفة من هو أصغر سنا مثل الإمام علي ( كرم الله وجهه ) وأنتم لو أنصفتم سماحة السيد لأعطيتم الحق للمسلمين فلا يجوز عقلا أن يتقدم في هذا الأمر العظيم شاب حدث السن مع وجود شيوخ قومه وكبراء أهله .

وإن تأخر سيدنا علي ( كرم الله وجهه ) لا يكون نقصا له بل كماله ، وأن أفضليته على أقرانه ثابتة ولا ننكرها . ثم إنني أسمع حديثا دائما يردده علماؤنا السنة قول سيدنا عمر ( رض ) لا تجتمع النبوة والملك في أهل بيت واحد . هذه أسباب تقدم أبي بكر وتأخر علي في أمر الخلافة . ( ولا تجتمع أمتي على ضلال أو على خطأ ) .


السيد البدري : إن أدلتك يا أخي تضحك الثكلى وإن مثلك كمثل الذي يغمض عينيه فيصبح كالأعمى ، فلا يرى الشمس الطالعة في الضحى ، وينكر ضوء النهار إذا تجلى فافتح عينيك وأنظر إلى منار الهدى ، واسلك طريق الحق ، ولا تتبع الهوى ، ولا تغرنك الدنيا ، وإن الآخرة خير وأبقى .

وأرجو منك أن تقرأ كتب الشيعة بدقة وتعمق الفكر في أدلتنا وبراهيننا . أقول هذا لأني فتشت أسواق القاهرة ، والحجاز ، والخليج والأردن
 

 ص 120

وأسواق الشام وأندونيسيا وتنزانيا وبومباي وغيرها من البلاد الإسلامية التي غالب سكانها أهل السنة أو حكامها من أهل السنة والجماعة فما وجدت كتب الشيعة في مكتباتها فكأنكم - مع الأسف - آليتم أن لا تطالعوا كتب الشيعة ، فلا أدري هل حكمتم

عليها بأنها كتب ضلال فحرمتم قراءتها ؟ ! ! وإني دخلت بيوت كثير من إخواننا أهل السنة علماء وغير علماء ، وخاصة الذين يهوون مطالعة الكتب ويملكون مكتبات شخصية في بيوتهم ، فوجدت فيها كتب مختلفة حتى كتب غير المسلمين من

الشرقيين والغربيين ، ولم أجد كتابا واحدا من كتب الشيعة ! ! بينما نحن في بلادنا نطبع كتب السنة وننشرها وندعوا أهل العلم والمثقفين من شبابنا لمطالعتها . فهذه مدينة النجف الأشرف ، وكربلاء المقدسة في العراق وهذه مدينة مشهد ، ومدينة قم

المقدسة وكذلك شيراز وطهران ، وأصفهان التي فيها حوزاتنا العلمية ومراجعنا العظام . ولا أجد مكتبة واحدة من مكتباتنا العامة والخاصة تخلوا من صحاحكم وكتبكم ومسانيدكم وتواريخكم وتفاسيركم لا لحاجة منا إليها ، لأن مدرسة أهل البيت

عليهم السلام غنية والأخبار المروية عن العترة الطاهرة تناولت جميع جوانب الحياة وكل ما يحتاجه الإنسان في أمر الدين والدنيا وعلاوة على ذلك ألفت نظرك إلى مسألة مهمة جدا خذها بعين الاعتبار يا أخي . إعطني دليلا واحدا أن هناك عالم

شيعي انتقل من التشيع إلى التسنن - لا يوجد - . . أتحداك بينما العشرات والمئات من علماء السنة ومثقفيهم انتقلوا من التسنن إلى التشيع . . لماذا ؟ ! ! فكر في ذلك وأنصف .
 

 ص 121

لا إجماع على خلافة أبي بكر ويتابع سماحة السيد إجابته قائلا : أيها الأخ لو فكرت قليلا وأنصفت ثم نظرت نظرة الباحث المدقق المتأمل بأحداث السقيفة وما نجم منها لأذعنت أن خلافة أبي بكر ما كانت بموافقة أهل الحل والعقد ، ولم يحصل

الإجماع عليها ولو أنك تدبرت قول عمر بن الخطاب في صحيح البخاري أصدق صحيح عندكم ما قاله بعد هذا الإجماع والبيعة في السقيفة قوله : ( إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة ، وتمت ( 1 ) ، ولكن الله وقى شرها - إلى أن قال - من بايع منكم

رجلا من غير مشورة من المسلمين ، فلا يبايع هو ، ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا - إلى قوله - إلا أن الأنصار خالفوا ، واجتمعوا بأسرهم في سقيفة بني ساعدة ، وخالف عنا علي والزبير ومن معهما ) .


وأزيدك أدلة أخرى يا أستاذ . فالإجماع الذي تزعمه نفاه كثير من علمائكم منهم صاحب كتاب ( المواقف ) والفخر الرازي وجلال الدين السيوطي وابن أبي الحديد والطبري والبخاري ومسلم بن الحجاج وغيرهم . وقد ذكر العسقلاني والبلاذري في

تاريخه وابن عبد البر في ( الاستيعاب ) وغير هؤلاء أيضا ذكروا : أن سعد بن عبادة وطائفة من الخزرج وجماعة من قريش ما بايعوا أبا بكر ، وثمانية عشر من كبار الصحابة رفضوا أيضا أن يبايعوه ، وهم شيعة علي بن أبي طالب وأنصاره ذكروا أسمائهم كما يلي :

  * هامش *  
 

( 1 ) صحيح البخاري : ج 4 ، ص 119 ( باب رجم الحبلى من الزنى إذا أحصنت ) . ( * )

 

 

 ص 122

( 1 ) سلمان الفارسي .
( 2 ) أبو ذر الغفاري .
( 3 ) المقداد بن الأسود الكندي .
( 4 ) أبي بن كعب .
( 5 ) عمار بن ياسر .
( 6 ) خالد بن سعيد بن العاص
( 7 ) بريدة الأسلمي .
( 8 ) خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين .
( 9 ) أبو الهيثم بن التيهان .
( 10 ) سهل بن حنيف .
( 11 ) عثمان بن حنيف .
( 12 ) أبو أيوب الأنصاري .
( 13 ) جابر بن عبد الله الأنصاري .
( 14 ) حذيفة بن اليمان .
( 15 ) سعد بن عبادة
( 16 ) قيس بن سعد
( 17 ) عبد الله بن عباس
( 18 ) زيد بن أرقم .


وذكر اليعقوبي في تاريخه فقال : تخلف قوم من المهاجرين والأنصار عن بيعة أبي بكر ، ومالوا مع علي بن أبي طالب ، منهم العباس بن عبد المطلب . والفضل بن العباس ، والزبير بن العوام ، وخالد بن سعيد بن العاص ، والمقداد ، وسلمان ، وأبو ذر الغفاري ، وعمار بن ياسر ، والبراء بن عازب ، وأبي بن كعب


أقول : ألم يكن هؤلاء من صفوة أصحاب النبي صلى الله عليه وآله ومن المقربين إليه والمكرمين لديه ؟ ! فلماذا لم يشاورهم ؟ فإن لم يكن هؤلاء الأخيار من أهل الحل والعقد ومن ذوي البصيرة والرأي في المشورة والاختيار ، فمن يكون إذن ؟ ! !

وإذا لم يعبأ برأي أولئك الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله يشاورهم الأمور ويعتمد عليهم ، فبرأي من يعبأ ، ورأي من يكون ميزانا ومعيارا لإبرام الأمور المهمة وحسم قضايا الأمة ؟ !
 

 ص 123

مخالفة أهل البيت لخلافة أبي بكر ويتابع السيد البدري استدلاله قائلا : أول من خالف أبي بكر هم أهل البيت عليهم السلام وهم بإجماع الأمة أفضل الصحابة وهم في الصف الأول والمتقدمين على أهل الحل والعقد وإن إجماع أهل البيت عليهم السلام

حجة لازمة على الأمة بدليل قوله صلى الله عليه وآله : إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا .


المؤلف : عفوا . عفوا سماحة السيد أنت ذكرت إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لماذا لم تذكر حديث كتاب الله وسنة نبيه ؟ من أين أتيت بحديث عترتي أهل بيتي ؟

السيد البدري : أعطني دليلا على صحة ما قلت أيها الأستاذ .

المؤلف : وقفت محتارا عن عدم الدليل ( فاقد الشئ لا يعطيه ) إن شاء الله في جلسة أخرى سأحضر الدليل .

السيد البدري : لا تعذب نفسك يا أخي راجع مسند أحمد بن حنبل الجزء الثالث ( ص 17 ) وأخرجه أيضا في نفس المصدر عن أبي سعيد الخدري ص 26 و ص 59 عن أبي سعيد الخدري حديثا آخر وأخرج في الجزء الرابع ص 267 عن زيد بن

أرقم حديثا آخر وفي صحيح مسلم ذكره في الجزء الثاني ص 238 وأما حديث كتاب الله وسنة نبيه ، رواه الإمام مالك في موطئه الجزء الثاني ص 899 ط دار إحياء التراث العربي تحقيق الدكتور محمد فؤاد عبد الباقي المصري . وصيغة الحديث على الشكل التالي :

 ص 124

حدثنا مالك أنه بلغه ما إن تمسكتم بأمرين كتاب الله وسنة نبيه فهذا الحديث عند علماء الجرح والتعديل عندكم والحفاظ حديث مرسل ولا يؤخذ به ، فشهر عندكم ( وكم من شهير ليس له أصل ) والصحاح الحاكمة بوجوب التمسك بالثقلين متواترة ،

وطرقها عن بضع وعشرين صحابيا متظافرة ، وقد تبقى صدع بها رسول الله صلى الله عليه وآله في مواقف له شتى : تارة يوم غدير خم ، وتارة يوم عرفة في حجة الوداع ، وتارة بعد انصرافه من الطائف ، ومره على منبره في المدينة وأخرى في

حجرته المباركة في مرضه ، والحجرة غاصة بأصحابه إذا قال : ( أيها الناس يوشك أن أقبض قبضا سريعا فينطلق بي ، وقد قدمت إليكم القول معذرة إليكم ، ألا إني مخلف فيكم كتاب الله عز وجل وعترتي أهل بيتي ) ثم أخذ بيد علي عليه السلام

فرفعها ، فقال : ( هذا علي مع القرآن ، والقرآن ، مع علي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض ) الحديث ، ثم قال : أخرجه الطبراني كما في أربعين الأربعين وكتاب ( إحياء الميت في فضائل أهل البيت ) للشيخ جلال الدين السيوطي .

وانتهى الحوار في مشفى المجتهد بدمشق .


اللقاء الثامن

ذهبت إلى منزل السيد البدري صباحا وهنأته بالسلامة بعد خروجه من المشفى وقال لي الآن عندي موعد مع جماعة من لبنان وبعد صلاة المغرب تفضل يا أخي لنكمل البحث والحوار .



 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net