متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
لا تعارض في أحاديث مصحف فاطمة عليها السلام
الكتاب : مأساة الزهراء عليها السلام .. شبهات وردود ج1    |    القسم : مكتبة رد الشبهات

 لا تعارض في أحاديث مصحف فاطمة ( ع )

ثم إن هذا البعض قد أدعى : إن الأحاديث حول مصحف فاطمة عليها السلام متعارضة . . ؟ لأن بعضها يذكر أنه من إملاء رسول الله وكتابة علي عليه السلام ( 3 ) ، والبعض الآخر يذكر أنه كان ملك يأتيها بعد وفاة أبيها يحدثها ، وكان علي عليه السلام يكتب ذلك ، فكان مصحف فاطمة ( 4 ) .

  ( 3 ) راجع : بصائر الدرجات : ص 153 و 155 و 161 والبحار : ج 46 ص 41 و 42 و 47 و 48 و 49 و 271 .
( 4 ) الكافي : ج 1 ص 41 و 240 و 457 و 458 . بصائر الدرجات : ص 157 و 153 ، 159 والخرائج والجرائح : ج 2 ص 526 . وبحار الأنوار : ج 26 ص 41 و 240 و ج 43 ص 79 و 80 و ج 22 ص 545 و 546 . وراجع : ج 47
=>
 
 

- ص 116 -

ونقول في الجواب : إن معنى التعارض في الروايات هو أن تكون الروايات متكاذبة في ظاهرها ، تثبت هذه شيئا وتلك تنفيه ، أو العكس ، فإذا لم يمكن الجمع بينها ، فلا بد من الطرح لهما ، أو لإحداهما ، إذا وجد مرجح للآخر . .

والأحاديث التي تحدثت عن مصحف فاطمة ليست كذلك ، حيث يمكن الجمع بينها ، إذ قد يكون هذا الكتاب " المصحف " - سمي بذلك لأنه صحف مجتمع بعضها إلى بعض - قد كان قسم منه بإملاء رسول الله ( ص ) وكتابة علي ( ع ) ، والقسم الآخر من إملاء الملك لفاطمة وكتابة علي ( ع ) .

وقد كتب بعد وفاة رسول الله ( ص ) ، حيث كان ذلك الملك يأتيها فيسليها . وفي هذا المصحف وصية فاطمة ( ع ) أيضا ، فراجع ( 1 ) .

وخلاصة الأمر : إنه قد يتعلق الغرض ببيان أن الرسول كان قد تصدى . لإملاء قسم مما في الكتاب ، ليثبت بذلك أنه مقبول وممضى منه ( ص ) ، إيذانا بصحة ما في المصحف ، وبعظيم أهميته ومزيد شرفه .

أما الحديث الذي يتضمن : أن جبرائيل ( ع ) هو الذي كان يسلي فاطمة ( ع ) ، فلا يعارض الحديث الذي يقول : إن ملكا كان

  => ص 65 . وفي هامش الخرائج والجرائح عن مصادره كثيرة جدا ، فليراجعها من أراد . وعوالم العلوم : " القسم الخاص بالزهراء ( ع ) " ج 11 ص 583 و 447 عن المحتضر : ص 132 وضياء العالمين " مخطوط " : ج 2 ق 3 ص 38 و 39 .
( 1 ) بصائر الدرجات : ص 157 و 158 والبحار : ج 26 ص 43 والكافي : ج 1 ص 241 . ( * )
 
 

- ص 117 -

يسليها ويحدثها . إذ قد يكون هذا الملك هو نفس جبرائيل ( 1 ) ، على أن المجلسي قد وصف هذا الحديث بالصحيح ( 2 ) فراجع .

تصوير التعارض بنحو آخر : وذكر البعض نحوا آخر للتعارض بين روايات مصحف فاطمة ، فقال : " إن هناك روايتين تقولان : إنه بخط علي ( ع ) عما يحدثه الملك للزهراء ( ع ) ، ولكن الروايات الأخرى لا تدل على ذلك ، وهي المشتملة على الحلال والحرام ، ووصية فاطمة ، فلا بد من الترجيح بينها " . انتهى .

ونقول : قد ذكرنا فيما سبق بعض ما يتعلق بكلامه هذا ، ونزيد هنا : أن قوله الأخير : " فلا بد من الترجيح بينها " معناه أنها أخبار متعارضة ، ولا يمكن الأخذ بها كلها ، فلا بد من طرح البعض منها ، والأخذ بالبعض الآخر وفقا للمرجحات .

  ( 1 ) البحار : ج 43 ص 79 و ج 26 ص 41 ، بصائر الدرجات : ص 153 والكافي : ج 1 ص 241 . والخرائج والجرائح : ج 2 ص 526 . وفي هامشه عن مصادر كثيرة جدا وضياء العالمين " مخطوط " : ج 2 ق 3 ص 38 .
( 2 ) راجع : روضة المتقين ج 5 ص 342 . ومرآة العقول : ج 3 ص 59 . وجلاء العيون : ج 1 ص 183 . ( * )
 
 

- ص 118 -

وهذا كلام غير مقبول :
 أولا :
لأن وجود روايتين تصرحان بأنه بخط علي ( ع ) لا يعني أن الرواية الأخرى الساكتة عن ذلك تنفي هذا الأمر ، بل هي لم تتعرض له ، لأنها بصدد بيان جهات أخرى ، لم يكن معها داع أو ملزم لذكر الكاتب أو المملي .

وإذا كان هناك روايتان تصرحان بأن عليا عليه السلام هو كاتب المصحف ، فهل هناك ولو رواية واحدة تصرح بأن فاطمة عليها السلام هي التي كتبته وألفته ؟ ! فلماذا الجزم بكون مصحف فاطمة إنما كتب بخط يدها ، مع كونه مخالفا لما دل على كونه كتب بخط علي عليه السلام .

 ثانيا : لم نعرف كيف تعارضت الروايات التي ذكر بعضها : أن كاتب المصحف هو علي ( ع ) ، وذكر بعضها الآخر : أن هذا الذي كتبه علي ( ع ) في الحلال والحرام ، ثم ذكرت روايات أخرى : أن في هذا " المصحف وصية فاطمة " ! ! فهل عدم ذكر الطائفتين الأخيرتين لكون علي ( ع ) هو الكاتب يوجب أن تصبح هاتان الروايتان معارضتين لروايات كتابة علي ( ع ) للمصحف ؟ ! . فأين التعارض ؟ وأين التنافي ؟ !

 ثالثا : إننا حين راجعنا الروايات وجدنا : أن رواية حماد بن عثمان قد ذكرت أن مصحف فاطمة ليس فيه شئ من الحلال والحرام ، ثم راجعنا رواية الحسين بن أبي العلاء ، فوجدنا أن الضمير في قوله : وفيه ما يحتاج الناس إلينا ، لا يعود إلى مصحف فاطمة ، بل يعود إلى الجفر . ونتيجة ذلك كون الحلال والحرام في الجفر لا في

- ص 119 -

المصحف ، وراجعنا رواية الخثعمي ، فوجدناها تتحدث عن كتاب فاطمة ، لا عن مصحف فاطمة . وقد تقدم إنه قد كان لها عليها السلام مكتوبات أخرى غير المصحف .

وإن ما ذكرناه حول اختلاف الأغراض من ذكر الخصوصيات يشبه في بعض وجوهه نقل وقائع ما جرى على الزهراء عليها السلام ، فنجد أن بعضهم ينقل التهديد بالإحراق . . وبعض آخر ينقل : جمع الحطب . . وثالث ينقل : الاتيان بقبس من نار . . ورابع ينقل : إحراق الباب ، واشتعال النيران . . وخامس ينقل : كسر الباب ، ودخول البيت . . وسادس ينقل : عصر الزهراء ، بين الباب والحائط ، وإسقاط الجنين . . وسابع ينقل : لطمها على خدها ، أو ضربها على يديها ، أو جنبها ، أو متنها ، أو عضدها ، حتى صار كالدملج . . وثامن ينقل : كسر ضلعها . . وتاسع ينقل : أن عمر قد ضربها . . وعاشر ينقل : ضرب المغيرة أيضا لها . . وحادي عشر ينقل : ضرب قنفذ لها بأمر من عمر . . وثاني عشر ينقل : ضرب خالد بن الوليد لها .

- ص 120 -

ولا تكاذب بين هذه الروايات ، بل إن كل واحد ينقل شطرا مما جرى ، إما لتعلق غرضه به ، أو لأنه هو الذي ثبت لديه ، أو مراعاة لظرف سياسي ، أو غيره ، ولا غرابة في ذلك .

على أن الاختلاف في جزئيات النقل لا يضر بأصل ثبوت الحادث ، بل هو يؤكده ، إذا كان الكثيرون لا يتحققون من الجزئيات ، فضرب فاطمة ثابت ، واختلاف الرواة إنما هو في شخصية الضارب مع احتمال أن يكون الجميع قد اشتركوا في هذا الأمر الفظيع والشنيع واختلطت الأمور في زحمة المعركة وهيجانها .

وهكذا الحال بالنسبة لمصحف فاطمة صلوات الله وسلامه عليها . . مع فارق واحد ، هو أن السبب في التنوع في نقل ما جرى عليها هو في الأكثر الميول السياسية ، والمذهبية أو غيرها . .

أما بالنسبة لمصحف فاطمة ، فالسبب فيه هو القصد إلى بيان حيثية ترتبط بمقام الزهراء ( ع ) ، أو بأهمية المصحف المنسوب إليها ، وصحة ما فيه ، أو ما هو قريب من هذا وذاك . .

ولكننا لم نستطع : أن نقف على دوافع الإصرار على تضمين مصحف فاطمة للأحكام الشرعية ، كما لم نوفق لفهم أسباب ومبررات كثير من الأمور التي ذكرت في هذا المجال وفي مجالات أخرى كثيرة ومتنوعة .


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net