متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
العمدة هو كتاب سليم وهو غير معتمد - كتاب سليم معتمد
الكتاب : مأساة الزهراء عليها السلام .. شبهات وردود ج1    |    القسم : مكتبة رد الشبهات

العمدة هو كتاب سليم وهو غير معتمد :

هناك من لا يرضيه الاستشهاد بما جاء في كتاب سليم بن قيس من أحاديث تذكر ما جرى على الزهراء ، ويقول : جئني بغير ما روي في هذا الكتاب ؟ .

- ص 141 -

فما هو السر يا ترى في هذا الموقف من سليم ومن كتابه ؟ ! بل هو يقول : " إن كتاب سليم بن قيس - الذي هو العمدة في الموضوع على حد زعمه - ليس بمعتمد في صيغته بشهادة الشيخ المفيد وغيره ، مع أن فيه خلطا لا يخفى على أحد " .

ونقول :
 أولا :
ليس كتاب سليم هو العمدة في نقل ما جرى على الزهراء ( ع ) في الجملة . بل مضافا إلى ما جاء في كتاب سليم هناك روايات كثيرة بل متواترة عن المعصومين ( ع ) ، ونصوص تاريخية متضافرة أوردها المؤرخون في كتبهم على اختلاف مذاهبهم ، وسنذكر في هذا الكتاب طائفة كبيرة من ذلك إن شاء الله تعالى .

 ثانيا : كتاب سليم يعد من أوائل ما ألفه قدماء الأصحاب ، وهو يعبر عن أصول وثوابت المذهب بصورة عامة ، وقد تلقاه العلماء بالقبول والرضا ، ولا نجد فيه أي أثر لهذا الخلط المزعوم ، ولم يقدم لنا مدعيه أي مورد يصلح شاهدا على مدعاه ، حيث لم يظهر لنا من هذا الخلط سوى دعواه ذلك .

ولعل عدم رضا البعض بما فيه ينشأ عن أنه لا ينسجم هو شخصيا مع كثير مما ورد فيه ، بل هو يناقض بعض طروحاته ، ونحن لا نرى أي مبرر لاستثناء كتاب سليم من ثقافتنا التاريخية والاعتقادية ، بل إن قدمته ، واتصال مؤلفه بعلي أمير المؤمنين عليه السلام ، وبعدد من الأئمة بعده يرجحه على كثير مما عداه من كتب ألفت بعده بعشرات السنين .

وفي محاولة منا لتقريب الصورة ، بحيث تصبح أكثر وضوحا

- ص 142 -

ودقة وتعبيرا عن حقيقة هذا الكتاب ومدى اعتباره ، ومبررات التشكيك ، فيه .

نقول : كتاب سليم معتمد : إن ما ذكره هذا البعض لا يمكن قبوله ، وذلك لما يلي :

 أولا : إن مجرد التشكيك في كتاب لا يكفي لتبرير رفض ما فيه ، ما لم يصرح بمبررات تشكيكه ، ويقدم الشواهد والدلائل الموجبة للتشكيك في نسبة الكتاب ، أو تثبت وجود تخليط أو دس فيه ، أو تدل على أنه كتاب موضوع ، أو غير ذلك ، ومن دون ذلك ، فلا يلتفت إلى دعوى الشك هذه ، وذلك بديهي وواضح لكل أحد .

 ثانيا : إننا إذا رجعنا إلى كتاب سليم بن قيس ، فلا نجد فيه إلا ما هو سليم وموافق للمذهب ، وليس فيه ما يحتمل أن يكون غلوا في شأن الأئمة حتى على زعم من يرى ذكر بعض هذه المعجزات غلوا ومع هذا فإنك ترى في الكافي وغيره من كتب الشيعة أضعاف ما ورد في كتاب سليم ولا طريق لنا إلى رده .

وقد روي عن الإمام الباقر ( ع ) ، وهو يتحدث عن أصحابه ، أنه قال : " إن أسوأهم عندي حالا ، وأمقتهم إلي الذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا ، ويروى عنا فلم يعقله ، ولم يقبله قلبه اشمأز منه ، وجحده ، وكفر بمن دان به ، وهو لا يدري لعل الحديث من عندنا خرج ، وإلينا

- ص 143 -

أسند ، فيكون بذلك خارجا عن ولايتنا " ( 1 ) .

وقال عليه السلام : " لا تكذبوا بحديث أتاكم أحد ، فإنكم لا تدرون لعله من الحق ، فتكذبوا الله فوق عرشه " ( 2 ) .

 ثالثا : إن كلمات العلماء عن كتاب سليم تدل على أنه من الأصول المتقنة التي هي في غاية الاعتبار .

وفيما يلي شطر من أقوالهم هذه : قال النعماني في كتاب الغيبة ( 3 ) بعدما أورد من كتاب سليم أخبارا كثيرة ، ما هذا لفظه : " كتابه أصل من الأصول ( 4 ) التي رواها أهل العلم ، وحملة حديث أهل البيت عليهم السلام وأقدمها ، لأن جميع ما اشتمل عليه هذا الكتاب ( 5 ) إنما هو عن رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام ، والمقداد ، وسلمان الفارسي ، وأبي ذر ، ومن جرى مجراهم ممن شهد رسول الله ، وأمير المؤمنين عليهما السلام ، وسمع منهما .

  ( 1 ) البحار : ج 2 ص 186 ، حديث 12 والكافي : ج 2 ص 223 حديث 7 .
( 2 ) البحار : ج 2 ص 186 . وراجع : ص 187 و 188 . وراجع : المحاسن : ص 230 / 231 .
( 3 ) راجع : غيبة النعماني : ص 101 و 102 - باختلاف يسير - تحت عنوان : ما روي في أن الأئمة اثنا عشر إماما وراجع أيضا ، الذريعة : ج 2 ص 152 .
( 4 ) في الأصل : من أكبر كتب الأصول .
( 5 ) في المصدر : هذا الأصل . ( * )
 
 

- ص 144 -

وهو من الأصول التي ترجع الشيعة إليها ، وتعول عليها . انتهى " ( 1 ) .

أما العلامة المتبحر الشيخ الطهراني فهو يقول : " روي عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام أنه قال : من لم يكن عنده من شيعتنا ومحبينا كتاب سليم بن قيس الهلالي فليس عنده من أمرنا شئ ، ولا يعلم من أسبابنا شيئا ، وهو أبجد الشيعة ، ومن سر من أسرار آل محمد صلى الله عليه وآله " ( 2 ) .

وقال : " عن مختصر البصائر : أنه قرأ أبان بن أبي عياش كتاب سليم على سيدنا علي بن الحسين عليه السلام ، بحضور جماعة من أعيان أصحابه ، منهم أبو الطفيل ، فأقره عليه زين العابدين عليه السلام ، وقال : هذه أحاديثنا صحيحة ( 3 ) " .

وذكر الكشي عرض الحديث المذكور آنفا على الباقر عليه السلام - بعد أبيه السجاد - وأنه اغرورقت عيناه ، وقال : صدق سليم ، وقد أتى أبي بعد قتل جدي الحسين ، وأنا قاعد عنده فحدثه بهذا الحديث بعينه ، فقال أبي : صدق . وقد حدثني أبي وعمي الحسن بهذا الحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام ( 4 ) " .

وقد أشار إلى هذا الكتاب أيضا أحمد بن حنبل في

  ( 1 ) البحار : ج 30 ، ص 133 و 135 .
( 2 ) الذريعة : ج 2 ، ص 152 .
( 3 ) الذريعة : ج 2 ، ص 153 .
( 4 ) الذريعة : ج 2 ص 153 ط مؤسسة اسماعيليان . وراجع : اختيار معرفة الرجال : ص 104 و 105 . الحديث رقم 167 .
 
 

- ص 145 -

مسنده ( 1 ) .

وقال عنه ابن النديم : هو أول كتاب ظهر للشيعة ( 2 ) ومراده : أنه أول كتاب ظهر فيه أمر الشيعة ( 3 ) . وقال بدر الدين السبكي : " أول كتاب صنف للشيعة هو كتاب سليم " ( 4 ) .

ونقل عن كتاب سليم كثير من قدماء الأصحاب ، مثل : ثقة الإسلام في الكافي ، ورئيس المحدثين الشيخ الصدوق في الخصال ، وفرات في تفسيره ، ومن لا يحضره الفقيه ، وعيون المعجزات ، والاحتجاج ، وإثبات الرجعة ، والاختصاص ، وبصائر الدرجات ، وتفسير ابن ماهيار ، والدر النظيم في مناقب الأئمة اللهاميم .

فقد رووا عنه بأسانيد متعددة تنتهي أكثرها إلى أبان بن عياش ، الذي أعطاه سليم كتابه مناولة ، ويرويه أيضا عن سليم بغير مناولة ( 5 ) .

وقد اعتبره النجاشي في جملة القلائل المتقدمين في التصنيف من سلفنا الصالح ( 6 ) ، وأشار إليه شيخ الطائفة الشيخ الطوسي رحمه الله ( 7 ) وابن شهرآشوب المازندراني ( 8 ) .

  ( 1 ) مسند أحمد : ج 2 ص 332 .
( 2 ) الفهرست : ص 275 . والذريعة : ج 2 ص 153 .
( 3 ) الذريعة : ج 2 ، ص 153 .
( 4 ) المصدر السابق ، عن محاسن الوسائل في معرفة الأوائل .
( 5 ) راجع : الذريعة : ج 2 ص 154 و 155 .
( 6 ) رجال النجاشي : ص 6 .
( 7 ) الفهرست : ص 162 .
( 8 ) معالم العلماء : ص 58 . ( * )
 
 

- ص 146 -

أما المسعودي فقال : " والقطعية بالإمامة ، الاثنا عشرية منهم ، الذي أصلهم في حصر العدد ما ذكره سليم بن قيس الهلالي في كتابه ( 1 ) .

وقال العلامة السيد ابن طاووس : " تضمن الكتاب ما يشهد بشكره وصحة كتابه ( 2 ) " .

وقال المولى محمد تقي المجلسي : " إن الشيخين الأعظمين حكما بصحة كتابه ، مع أن متن كتابه دال على صحته ( 3 ) " . وقال : " كفى باعتماد الصدوقين : الكليني والصدوق : ابن بابويه عليه . . وهذا الأصل عندي ، ومتنه دليل صحته ( 4 ) " .

وقد اعتبره المحدث المتبحر الشيخ الحر من الكتب المعتمدة التي شهد بصحتها مؤلفوها وغيرهم ، وقامت القرائن على ثبوتها ، وتواترت عن مؤلفيها ، أو علمت صحة نسبتها إليهم ( 5 ) .

وراجع ما نقله الفاضل المعاصر الشيخ محمد باقر الأنصاري الزنجاني الخوئيني في مقدمة كتاب سليم بن قيس : ج 1 ص 109 - 113 عن العلامة السيد مصطفى التفريشي ، والعلامة السيد هاشم البحراني والمدقق الشيرواني ، والفاضل المتبحر مير حامد حسين صاحب كتاب عبقات الأنوار ، وغيرهم .

  ( 1 ) التنبيه والإشراف : ص 198 .
( 2 ) التحرير الطاووسي : ص 136 .
( 3 ) روضة المتقين : ج 14 ص 372 .
( 4 ) تنقيح المقال : ج 2 ص 53 .
( 5 ) راجع : وسائل الشيعة : ج 20 ص 36 و 42 . ( * )
 
 

- ص 147 -

كما أن العلامة السيد محسن الأمين رحمه الله قد اعتمده ونقل عنه في كتاب المجالس السنية الذي يقول في آخره : " . . وأخذه من المصادر والموثوقة والمصنفات المشهورة " ( 1 ) وهو إنما كتب كتابه هذا " المجالس السنية " ليكون عملا إصلاحيا ، يبعد فيه عن سيرتهم عليهم السلام عما يعتقد فيه أنه مدسوس أو مكذوب ( 2 ) .

  ( 1 ) المجالس السنية : ج 5 ص 762 . ( 2 ) أعيان الشيعة : ج 10 ص 173 . ( * )

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net