متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
توطئـة و بدايـة
الكتاب : مأساة الزهراء عليها السلام .. شبهات وردود ج1    |    القسم : مكتبة رد الشبهات

الفصل الرابع : ماذا يقول المفيد ( ره )

--------------------------------------- ص 158 -----------------------------------------
. . .
--------------------------------------- ص 159 -----------------------------------------

توطئة وبداية : هناك من يحاول إثارة الشك بكل ما جرى على الزهراء عليها السلام ، باستثناء التهديد بإحراق البيت وغصب فدك . وحتى هذا التهديد ، فإنه يحاول أو يخفف من وقعه ، ويجعله صوريا بدعواه : " أن الذين جاء بهم الخليفة الثاني ليهاجموا الزهراء عليها السلام ، كانت قلوبهم مملوءة بحبها فكيف نتصور أن يهجموا عليها " .

هذا بالإضافة إلى أن قوله : " إن الناس كانوا يحترمونها ويجلونها ، ولن يكون من السهل القيام بأي عمل ضدها " . يعني : أن يصبح التهديد شكليا ، ثم يضيف قوله : إن رأس المهاجمين قد استثنى الزهراء عليها السلام ، وأخرجها عن دائرة التهديد ، حيث فسر كلمة : " وإن " في جواب من قال : إن فيها فاطمة ، قائلا : " إن المراد بقوله " وإن " : لا شغل لنا بفاطمة ، إنما جئنا لاعتقال علي " .

ثم استشهد لذلك كله بما تقدم في الفصل السابق ، وبما سنذكره في هذا الفصل وما يأتي بعده .

- ص 160 -

والذي نريد أن نلم به في فصلنا هذا هو ما رأى أنه يؤيده من أقوال بعض أساطين المذهب ، ورواد العلم ، حيث استشهد بكلام ثلاثة من هؤلاء وهم :

 1 - الإمام الشيخ المفيد قدس الله نفسه الزكية .

 2 - آية الله الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء رحمه الله .

 3 - آية الله السيد عبد الحسين شرف الدين طاب ثراه .

فنحن نورد أولا كلام المفيد ( قدس سره ) ، ثم نوضح أنه لا ينفعه فيما يريد إثباته ، وذلك فيما يلي من مطالب . الاستناد إلى أقوال العلماء : قلنا : إن البعض يستشهد لتأييد تشكيكاته فيما جرى على الزهراء عليها السلام ، من بلايا ومصائب بأقوال ينسبها إلى بعض كبار العلماء ، كالمفيد ، وكاشف الغطاء ، وشرف الدين .

وقبل إن ندخل في مناقشة صحة ما ينسب إليهم ، نود التذكير بأمر هام يرتبط بالاستشهاد بأقوال العلماء بصورة عامة .

فنقول : إن البعض قد يعتذر عن مخالفاته الكثيرة في أمور الدين لما عليه عامة جهابذة العلم وأساطينه ، بأن فلانا العالم يقول بهذا القول ، وأن فلانا العالم الآخر يقول بذلك القول . . وهكذا . . وقد لا يقتصر في اعتذاره هذا على أمور الفقه بل يتعداها إلى

- ص 161 -

العقائد ، والتاريخ : والتفسير ، وغير ذلك ، وقد يحتاج أحيانا ، قبل أن يجهر ببعض قناعاته إلى أن يمهد لها بما يبعدها عن الإستهجان والاستغراب بأنواع التمهيدات ، فيسرب رأيه أولا عن طريق بعض المقربين له ، ثم يعلن في مناسبات متوالية أنه لا يزال يدرس الموضوع ، ويلمح في الوقت نفسه إلى فرص انتاج الرأي المطلوب بطريقة أو بأخرى .

وحين لا يجد أحدا من الفقهاء يوافقه على ما يقول ، فأنه يلجأ إلى اعتبار الاحتياط الوجوبي بنقيض قوله إشارة بل اتجاها نحو موافقته بالفتوى في المستقبل . فالقول بأن الأحوط هو حرمة حلق اللحية مثلا ، يعتبره خطوة على طريق القول بالحلية ، ويصلح للاستشهاد به لها .

ثم إنك قد تجده يقول : أنا فلانا العالم والفقيه المعروف لدى عامة الناس ، هو أول من قال بكذا ، فإذا راجعت الكتب والموسوعات الفقهية ، تجد أن الأمر ليس كذلك ، بل قد سبق هذا الفقيه إلى هذا القول كثيرون آخرون .

فقد يقال لك مثلا في العديد من المرات والمناسبات أن المرجع الديني الكبير السيد محسن الحكيم رحمه الله هو أول من أفتى بطهارة الكتابي ، مخالفا بذلك الإجماع ، والقصد من هذا القول هو تبرير مخالفات الإجماع التي تصدر من قبل من يهمه أمثال هذه التبريرات ، مع أن ابن أبي عقيل ، وابن الجنيد ، والشيخ المفيد في أحد قوليه ، وربما نسب إلى الشيخ الطوسي أيضا القول بذلك - وجميع هؤلاء من كبار قدماء فقهاء الإمامية - ، وقد أفتوا بطهارة الكتابي قبل السيد الحكيم رحمه الله .

ومثال آخر نذكره هنا ، وهو أن البعض حين يسأل عن السبب

- ص 162 -

في تحليله اللعب بآلات القمار نجده يبادر إلى الاستشهاد بالسيد الإمام الخميني ( ره ) على أنه قد خالف الإجماع حين حلل اللعب بالشطرنج وهو من آلات القمار . . مع أن السيد الإمام لم يحلل الشطرنج الذي هو من آلات القمار ، بل قال رحمه الله : " إن الشطرنج إن كان قد خرج عن كونه من آلات القمار ، جاز اللعب به " .

وهذه قضية تعليقية شرطية ، وصدق الشرطية لا يستلزم صدق طرفيها . على أن من الواضحات كون الافتاء بالجواز معلقا على شرط ، لا يعني المخالفة لمن أفتى بالحرمة بدون ذلك الشرط . وحين تجتمع لدى البعض نوادر من الفتاوى ، على نحو ملفت للنظر ، نجده يبرر ذلك بأن فلانا العالم قد قال بهذه الفتوى ، وقال فلان العالم الآخر بتلك ، وهكذا .

ولكننا لا ندري لماذا يكون الحق في ذلك كله مع هؤلاء في خصوص المسائل التي شذوا فيها مما وافقهم عليه ، ولكنهم يخطئون في فتاواهم والمشهور يخطئ معهم ، في غير ذلك من فتاوى تخالفه ، فضلا عن خطأهم فيما شذوا فيه عن المشهور ، ولم يوافقهم هذا البعض أيضا عليه ؟ !

على أن اجتماع فتاوى شاذة كثيرة لدى شخص واحد ، قد يؤدي إليه أن يصبح هذا الشخص خارج دائرة المذهب الفقهي الذي ينتمون إليه . . وإن كان لا يخلو فقيه من الموافقة في بعض فتاواه لبعض الفتاوى الشاذة اليسيرة جدا ، والتي لا تضر ، ولا تخرجه عن النهج العام للمذهب الذي ينتمي إليه .

وبعد هذه المقدمة ، ندخل إلى الموضوع الذي هو محط نظرنا ، فنقول : الإجماع على المظلومية :


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net