متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
خبر المسمار
الكتاب : مأساة الزهراء عليها السلام .. شبهات وردود ج1    |    القسم : مكتبة رد الشبهات

الفصل التاسع : ولست أدري خبر المسمار

-------------------------------------- ص 352 ----------------------------------------
....
-------------------------------------- ص 353 ----------------------------------------

خبر المسمار

قد جاء في كتاب منسوب إلى شبل الدولة مقاتل بن عطية ، عرف باسم : " مؤتمر علماء بغداد " الفقرة التالية : " . . . ولما جاءت فاطمة خلف الباب ، لترد عمر وحزبه ، عصر عمر فاطمة بين الحائط والباب عصرة شديدة ، حتى أسقطت جنينها ونبت مسمار الباب في صدرها ، وصاحت فاطمة : يا أبتاه ، يا رسول الله . . . ( 1 ) " .

وقال الفيلسوف المحقق آية الله العظمى الشيخ محمد حسين الأصفهاني قدس الله سره :

ولست أدري خبر المسمار * سل صدرها خزانة الأسرار

ونحن لا نستطيع تأكيد أو نفي هذا الأمر ، رغم أننا نناقش في نسبة كتاب مؤتمر علماء بغداد إلى شبل الدولة ، ونحتمل أنه كتاب وضعه بعض من تأخر عنه ولكن ذلك لا يعني : أن ما ورد فيه من معلومات تاريخية أو غيرها غير صحيح أيضا .

  ( 1 ) مؤتمر علماء بغداد : ص 135 . ( * )  
 

- ص 354 -

إذن ، فقد يكون مؤلف هذا الكتاب قد أستقي معلوماته من مصادر لم تصل إلينا ، ومناقشتنا في صحة نسبته إلى من ينسب إليه ، لا تعني أن جميع ما ورد فيه أيضا محل مناقشة وريب ، ففيه كثير من المعلومات الصحيحة ، التي تؤيدها الروايات الثابتة والصحيحة بصورة قطعية ، فلا بد من تمييز الغث من السمين ، والصحيح من غيره وفق معايير البحث العلمي وأصوله . .

ونحن نذكر هنا ما نستند إليه في شكنا في نسبة هذا الكتاب ، فنقول . . كتاب مؤتمر علماء بغداد في الميزان : وقد ذكر مؤلف كتاب مؤتمر علماء بغداد : أن كتابه ، أو كتيبه هذا هو خلاصة مناظرة دينية ، يقول : إنها جرت بين عشرة من كبار علماء السنة ، وكبار علماء الشيعة في بغداد بدعوة من السلطان ملك شاه السلجوقي ، ووزيره نظام الملك ، وحضورهما ، ومشاركتهما .

وقد ظهر في هذه المحاورة : التي دامت ثلاثة أيام أن مذهب التشيع هو الحق ، فتشيع السلطان ملك شاه ، وأعلن وزيره نظام الملك تشيعه أيضا ، ولحق بهما عدد من القواد ، وأركان الدولة .

ويطرح هنا سؤال هو : هل هذه المناظرة ، واقعية أم افتراضية ؟ ! وهو ينتظر الجواب الصحيح والصريح . وإذا جاز لنا أن ندلي بدلونا هنا ، فإننا نقول : إن ما نميل إليه هو الخيار الثاني . أي أنها قضية افتراضية .

ونستند في حكمنا هذا إلى عدة أمور ، وإن لم يمكن اعتبار كل واحد منها بمفرده دليلا قاطعا ، ولكنها بمجموعها تمنحنا الجرأة على

- ص 355 -

تسجيل استبعادنا هذا ، الذي يرقى إلى درجة الاطمئنان بكونها قضية افتراضية ، قد أراد مؤلفها أن ينتصر لمذهب بعينه ، ويصوغ الأدلة المذهبية المستندة إلى وقائع تاريخية مشهورة في كتب المسلمين ، وروايات يعترف بصحتها وبصحة الاستناد إليها المتخاصمون - يصوغها بطريقة مثيرة ، وملفتة ، تثير اهتمام القارئ ، وتأخذ بمشاعره .

والأمور التي نستند إليها في رأينا هذا هي التالية : الأسلوب التعبيري : إن أول ما يلفت نظر القارئ لذلك الكتاب " أو الكتيب " هو أسلوبه التعبيري ، حيث إن كثيرا من الموارد قد استعملت فيها تعابير لم تكن متداولة في تلك الفترة من الزمن .

ونحن نذكر هنا جملة منها مع الإشارة إلى رقم صفحة الكتاب المطبوع في سنة 1415 ه‍ . ق . 1994 م . دار الإرشاد الإسلامي ، بيروت - لبنان . تحقيق وتعليق الشيخ محمد جميل حمود .

فنقول : كلمة " مؤتمر " التي وردت في عنوان الكتاب ، وفي ص 17 و 25 و 26 و 28 و 37 . " لم يكن رجلا متعصبا أعمى " ص 17 . " كان شابا منفتحا " ص 17 . " ألفت فيها كتب وموسوعات " ص 25 . " ونرى نحن من خلال المحادثات والمناقشات " ص 26 ، وراجع

- ص 356 -

ص 32 و 34 . " وأن يكون طلب الحق هو رائد الجميع " ص 37 . " إن الذين يسبون لهم منطقهم " ص 46 . " هذا العمل اللا إنساني " ص 96 . " إن بعض رواة السوء ، وبائعي الضمائر " ص 98 . " واعتبر إيمانه إيمانا مثاليا " ص 101 . " يتصورهم أناسا طيبين مؤمنين " ص 111 . " مزق السيد العلوي ستار الصمت " ص 109 . " ولكن المؤهلات في علي بن أبي طالب كانت قليلة " ص 116 . وثمة مورد آخر في نفس الصفحة أيضا . "

الواقع : إن مؤهلات الخلافة والإمامة كانت متوفرة كاملا في علي " ص 116 وراجع ص 117 . " وأقضي غالب أوقاتي بالصيد ، والشؤون الإدارية " ص 153 . " وأخذوا يحيكون المؤامرات ضد الملك ، ونظام الملك ، وحملوه تبعة هذا الأمر ، إذ كان هو العقل المدبر للبلاد ، حتى امتدت إليه يد أثيمة " ص 154 و 155 . " وكان لها نتائج سلبية " ، " وأعطت نتائج سلبية معكوسة " ص 127 . " أليست المتعة هي الحل الوحيد لهم للخلاص من القوة الجنسية

- ص 357 -

الطائشة ، وللوقاية من الفسق والميوعة ؟ ! أليست المتعة أفضل من الزنا الفاحش ، واللواط ، والعادة السرية " ص 124 . ركاكة التعابير : وقد تضمن الكتاب أيضا طائفة من التعابير التي تظهر عليها الركاكة ، والضعف ، وذلك مثل قوله : " رجلا متعصبا أعمى " ص 17 . " كانت متوفرة كاملا في علي " ص 116 . " وكان يحب أهل البيت حبا جما كثيرا " ص 17 . "

 ثانيا : رواتها وأسنادها غير صحيحة " ص 76 . " استهزأ به بعض الحاضرين ، وغمزه " ص 18 . " كان صغير العمر ، بينما كان أبو بكر كبير العمر " . ص 113 . " قد كنت أنا حاضر المجلس والمحاورة " ص 156 . " دين التشيع حق لا مراء له " ص 156 . أخطاء نحوية : ووردت في الكتاب أيضا أخطاء نحوية عديدة ، كالموارد التالية : " وإنما انتخبه ثلاثة أو اثنين " ص 61 مع أن الصحيح : اثنان .

- ص 358 -

" إن الرسول يفعل ما لا يفعله حتى الناس العاديين " ص 93 . والصحيح : العاديون . " حتى يأتي بعض الناس الجهال ، فيختاروا الأصلح " ص 115 ، والصحيح : فيختارون . " وكان يحضر مجلسه أربعة آلاف تلميذا " ، ص 151 ، والصحيح : تلميذ . " إلى غيرها من بدعكم أنتم أيها السنة التابعين لعمر " ص 149 ، والصحيح : التابعون .

ولتلاحظ الفقرات التالية : " وأمره - أي أمر أبو بكر خالدا - أن يقتل مالك وقومه " ص 131 . " ووزعت واردها الكثير ، ( مئة وعشرون ألف دينار ذهب ، على قول بعض التواريخ في الناس " ص 145 . " علما بأن فدك لو بقيت " . " غصبا فدك " . " غصبا ملكها فدك " . " ورد فدك على أولاد فاطمة " ص 144 و 145 .

تصحيح خطأ : ووقع فيه سهو آخر في آية قرآنية كريمة ، حيث قال : * ( إنا هديناه النجدين ) * ص 89 . والصحيح : وهديناه النجدين . بالإضافة إلى كلمة " وأخذوا يحيكون المؤامرات " والصحيح :

- ص 359 -

يحوكون . ملك شاه : الجاهل المحب للعلم : وقد وصف ملك شاه السلجوقي بأنه " كان شابا ، منفتحا ، محبا للعلم والعلماء " ص 17 .

مع أن هذا المحب للعلم والعلماء ، لم ينتفع من حبه هذا ، حيث إنه - كما يظهره الكتاب الذي هو مورد البحث - من أجهل الناس حتى بأبسط الأمور ، وبأبده البديهيات الإسلامية والتاريخية ، وكأنه قد عاش في جزيرة ثم دخل بلاد الإسلام لتوه .

حتى أنه لا يعرف بوجود طائفة اسمها الشيعة ، هي نصف المسلمين الذين يحكمهم ، ص 25 و 26 ، بل هو لا يعرف حتى معنى كلمة شيعي ، فضلا عما سوى ذلك من قضايا تاريخية وغيرها .

ولا ندري لماذا أهمل أبوه السلطان ألب ارسلان تأديبه وإعداده للمنصب الذي سيتصدى له ؟
ولماذا لم يحشد له من العلماء والمتخصصين ، أفضلهم ، وأعلمهم ، وأبعدهم صيتا ، وأكثرهم خبرة ؟ . مع أن الملوك والخلفاء كانوا يهتمون بتأديب وتعليم أولادهم ، ولا سيما الذين يرشحونهم لخلافتهم في المناصب لإدارة شؤون البلاد والعباد .

رعونة وطيش : وقد ذكر أيضا : أن ملك شاه السلجوقي يكاد يتخذ قرارا بقتل الشيعة جميعا ، إن لم يقبلوا بالتمذهب بمذهب أهل السنة ، رغم أن وزيره كان قد أخبره بأنهم " يشكلون نصف المسلمين تقريبا " ص 25 . ( * )

- ص 360 -

ولكن وزيره أخبره بأن قتل نصف المسلمين غير ممكن ، ص 27 . وليس ثمة من رعونة وطيش أعظم من هذا ، فكيف يذكرون عنه ما يدل على الاستقامة والعدل ، وعلى الحنكة والعقل ؟ اغتيال الملك ووزيره وقد ذكر هذا الكتاب : أن نظام الملك قد اغتيل بإيعاز من أهل السنة ، ثم اغتالوا ملك شاه السلجوقي بعد ذلك أيضا . والمذكور في التاريخ : أن قتل نظام الملك كان على يد غلام ديلمي من الباطنية . وذكر ابن الأثير قصة تشير إلى أن الذي دبر قتله هو ملكشاه نفسه . أما ملكشاه ، فيذكرون أنه مرض ومات ( 1 ) .

الملك لا يثق إلا بوزيره : ورغم أن المجتمعين قد كانوا كبار علماء أهل السنة في بغداد ، لكننا نجد : أن هذا الملك لا يزال يستفهم وزيره عن كل شئ ، وهذا الوزير بدوره قد دأب على الإجابة بقوله : هكذا ذكر المفسرون ، أو المؤرخون ، أو الرواة ، أو نحو ذلك . فلماذا لا يثق بكبار علماء الإسلام ، ولا يقبل منهم ما ينقلونه ويتداولونه ؟

  ( 1 ) راجع ذلك في : الكامل في التاريخ : ج 10 ص 204 - 205 وص 210 . ( * )  
 

- ص 361 -

من هم المجتمعون ؟ ! والذي زاد في تحيرنا : أنه رغم أن بغداد كانت تعج بالعلماء المعروفين في تلك الفترة ، سواء من الشيعة ، أو من أهل السنة ، فإن هذا الكتاب لم يذكر لنا اسم أي من هؤلاء العلماء العشرين المشاركين في المناظرة الذين وصفهم بأنهم كبار العلماء في بغداد من الفريقين .

نعم ، وردت أربعة أسماء ادعى المؤلف أنها أسماء علماء هي : الحسين بن علي ، الملقب بالعلوي . أحمد عثمان . السيد جمال الدين . الشيخ حسن القاسمي . ولم نستطع أن نحصل على أي معلومات عن أصحاب هذه الأسماء ، وعن درجاتهم العلمية ، وعن دورهم وأثرهم في البلاد والعباد .

فكيف غاب مشاهير علماء بغداد من سنة وشيعة عن هذه المناظرة الحساسة والمصيرية ، أو فقل : كيف لم يعلن أسماء أي من هؤلاء المشاهير .

مفارقة أخرى لا مبرر لها :
وقد ذكر الكتاب : أن الوزير نظام الملك ، وكذلك العباسي ، الذي كان يناظر عن أهل السنة ، وكذلك العلماء الذين كانوا معه ، قد سكتوا ، وأحجموا عن الإجابة على سؤال حول سعي طلحة والزبير في قتل عثمان . وعلق المؤلف على ذلك بقوله : " ماذا يقولون ؟ ! أيقولون الحق ؟ !

- ص 362 -

وهل الشيطان يسمح بالاعتراف بالحق ؟ ! وهل ترضى النفس الأمارة بالسوء أن تخضع للحق والواقع ؟ ! أتظن أن الاعتراف بالحق أم سهل وبسيط ؟ ! . كلا ، إنه صعب جدا ، لأنه يستدعي سحق العصبية الجاهلية ، ومخالفة الهوى ، والناس أتباع الهوى وبالباطل ، إلا المؤمنين ، وقليل ما هم ؟ ! " ص 109 .

ونقول : إننا ندعو القارئ الكريم للتأمل فيما يلي :
 أ : إن المؤلف نفسه قد وصف نظام الملك في أول الكتاب بقوله : " كان رجلا حكيما فاضلا ، زاهدا ، عازفا في الدنيا ، قوي الإرادة ، يحب الخير وأهله ، يتحرى الحقيقة دائما " ص 17 .

 ب : إن الوزير نظام الملك كان قد أجاب على جميع الأسئلة التقريرية للملك ، مع أن الكثير منها كان أشد إحراجا له من هذا السؤال العادي جدا ، حيث إن بعضها يتعلق بالخليفتين الأولين أبي بكر ، وعمر بالذات .

 ج : إن نظام الملك قد عاد واعترف للملك بصحة استدلال العلوي ، فلما سأله عن سبب سكوته في بادئ الأمر ، قال : " لأني أكره أن أطعن في أصحاب رسول الله ( ص ) " ص 11 . مع أنه هو نفسه قد أجاب بالايجاب حين طعن العلوي في إيمان عمر ( رض ) . وعمر عنده قد كان أعظم بكثير من طلحة ، ومن عثمان أيضا ، فراجع ص 100 .

- ص 363 -


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net