متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
8 ـ الحوالات الداخلية والخارجية
الكتاب : فقه الحضارة    |    القسم : مكتبة الفقه
(8)
الحوالات الداخلية والخارجية

مسألة 20 : الحوالة في المصطلح الفقهي تقتضي نقل الدين من ذمّة المُحيل إلى ذمّة المحال عليه ، ولكنّها ـ هنا ـ تستعمل في الأعمّ من ذلك ، وفيما يلي نماذج للحوالات المصرفية :
الأول : أن يصدر البنك صكّاً لعملية بتسلّم المبلغ من وكيله في الداخل أو الخارج على حسابه إذا كان له رصيد مالي في البنك ، وعندئذ يأخذ البنك منه عمولة معيّنة إزاء قيامه بهذا الدور ، والظاهر جواز أخذه هذه العمولة ، لأنّ للبنك حقّ الامتناع عن قبول وفاء دينه في غير مكان القرض ، فيجوز له أخذ عمولة إزاء تنازله عن هذا الحقّ وقبول وفاء دينه في ذلك المكان.
الثاني : أن يصدر البنك صكّاً لشخص يحقّ له بموجبه أن يتسلّم مبلغاً عيناً من بنك آخر في الداخل أو الخارج بعنوان الاقتراض منه ، نظراً لعدم وجود رصيد مالي للشخص عنده ، ويأخذ البنك عمولة معيّنة إزاء قيامه بهذا العمل.
والظاهر أنّه يجوز للبنك أخذ العمولة على إصداره صكّاً من


( 76 )

هذا القبيل إذا كان مردّه إلى أخذ الجعل على توكيل البنك الثاني في إقراض حامل الصك المبلغ المذكور فيه من أموال البنك الأوّل الموجودة لديه ، فليس هو من قبيل أخذ الجعل على الإقراض نفسه ليكون حراماً ، بل من قبيل أخذ الجعل على التوكيل في الاقراض فلا يكون الإلزام بدفع الجعل مرتبطاً بعملية الإقراض نفسها ، بل بالتوكيل فيها ، فلا يكون به بأس حينئذٍ.
ثم إنّ المبلغ المذكور في الصكّ إذا كان من العملة الأجنبية فيحدث للبنك حقّ ، وهو أنّ المدين حيث اشتغلت ذمّته بالعملة المذكورة فله إلزامه بالوفاء بنفس العملة ، فلو تنازل عن حقّه هذا وقبل الوفاء بالعملة المحلّية جاز له أخذ شيء منه إزاء هذا التنازل ، كما أنّ له تبديلها بالعملة المحلّية مع تلك الزيادة.
الثالث : أن يدفع الشخص مبلغاً معيّناً من المال إلى البنك في النجف الأشرف مثلاً ، ويأُخذ تحويلاً بالمبلغ أو بما يعادل على بنك آخر في الداخل كبغداد ، أو الخارج كلبنان أو دمشق مثلاً ، ويأخذ البنك إزاء قيامه بعملية التحويل عملة معيّنة منه.
وهذا يمكن أن يقع على نحوين :
أـ أن يبيع الشخص مبلغاً معيّناً من العملة المحلّية على البنك بمبلغ من العملة الأجنبية تعادل المبلغ الأول مع إضافة عمولة التحويل إليه.
وهذا لا بأس به كما سبق نظيره.
ب ـ أن يقوم الشخص بإقراض البنك مبلغاً معيّناً ويشترط


( 77 )

عليه تحويله إلى بنك آخر في الداخل أو الخارج مع عمولة معينة بإزاء عملية التحويل.
وهذا لا بأس به أيضاً ، لأنّ التحويل وإن كان عملاً محترماً له مالية عند العقلاء ، فيكون اشتراط القيام به على المقترض من قبيل اشتراط النفع الملحوظ فيه المال المحرّم شرعاً ، إلاّ أنّ المستفاد من النصوص الخاصة الدالّة على جواز اشتراط المقرض على المقترض قيامه بأداء القرض في مكان آخر ، جواز اشتراط التحويل أيضاً ، فإذا كان يجوز اشتراطه مجّاناً وبلا مقابل ، فيجوز اشتراطه بإزاء عمولة معيّنة بطريق أولى.
الرابع : أن يقبض الشخص مبلغاً معيّناً من البنك في النجف الأشرف مثلاً ، ويحوّل البنك بدله على بنك آخر في الداخل أو الخارج ، ويأخذ البنك الأول إزاء قبوله الحوالة عمولة معيّنة منه.
وهذا يقع على نحوين :
أـ أن يبيع البنك على الشخص مبلغاً من العملة المحلّية بمبلغ من العملة الأجنبية تعادل المبلغ الأول مع إضافة عمولة التحويل إليه ، فيحوّله المشتري إلى البنك الثاني لا ستلام الثمن.
وهذا جائز كما سبق.
ب ـ أن يقرضه البنك مبلغاً معيّناً ، ويشترط عليه دفع عمولة معيّنة إزاء قبوله بنقل القرض إلى ذمّة أُخرى وتسديده في بلد آخر ، وهذا رباً ، لأنّه من قبيل اشتراط دفع الزيادة في القرض وإن كنت بإزاء عملية التحويل.


( 78 )

نعم ، إذا وقع هذا من غير شرط مسبق بأن اقترض المبلغ من البنك أوّلاً ، ثم طلب منه تحويل قرضه إلى بنك آخر لاستيفائه منه ، فطلب البنك عمولة على قبوله ذلك جاز ، لأنّ من حقّ البنك الامتناع عن قبول ما ألزمه به المقترض من نقل القرض إلى ذمّة أُخرى وتسديده في بلد غير بلد القرض.
وليس هذا من قبيل ما يأخذه المقرض بإزاء إبقاء القرض والإمهال فيه ليكون رباً ، بل هو ممّا يأخذه لكي يقبل بانتقال قرضه إلى ذمّة أُخرى وتسديده في مكان آخر ، فلا بأس به حينئذٍ.
مسألة 21 : قد تنحلّ الحوالة إلى حوالتين ، كما إذا أحال المدين دائنه على البنك بإصدار صكّ لأمره ، وقام البنك بتحويل مبلغ الصكّ على فرع له في بلد الدائن ، أو على بنك آخر فيه يتسلّمه الدائن هناك ، فإنّ مردّ ذلك إلى حوالتين :
إحداهما : حوالة المدين دائنه على البنك ، وبذلك يصبح البنك مديناً لدائنه.
ثانيتهما : حوالة البنك دائنه على فرع له في بلد الدائن أو على بنك آخر فيه.
ودور البنك في الحوالة الأُولى قبول الحوالة ، وفي الثانية إصدارها ، وكلتا الحوالتين صحيحة شرعاً ، ولكن إذا كانت حوالة البنك على فرع له يمثل نفس ذمّته ، لا تكون هذه حوالة بالمصطلح الفقهي ، إذ ليس فيها نقل الدين من ذمّة إلى أُخرى ، وإنما مرجعها إلى طلب البنك من وكيله في مكان آخر وفاء دينه في ذلك المكان.


( 79 )

وعلى أيّ حال ، فيجوز للبنك أن يتقاضى عمولة على قيامه بما ذكر ، حتى بإزاء قبوله حوالة من له رصيد في البنك دائنه عليه ، لأنّها من قبيل الحوالة على المدين.
والمختار : عدم نفوذها من دون قبول المحال عليه ، فله أخذ العمولة على ذلك.
مسألة 22 : ما تقدّم من أقسام الحوالة وتخريجها الفقهي يجري بعينه في الحوالة على الأشخاص ، كي يدفع مبلغاً من المال لشخص ليحوّله بنفس المبلغ أو بما يعادله على شخص آخر في بلده أو بلد آخر ، ويأخذ بإزاء ذلك عمولة معيّة ، أو يأخذ من شخص ويحوله على شخص آخر ويأخذ المحول منه إزاء ذلك عمولة معيّنة.
مسألة 23 : لا فرق فيما تقدّم بين أن تكون الحوالة على المدين أو على البريء ، والأول كما إذا كان للمحال عليه رصيد مالي ، والثاني ما لم يكن كذلك.


( 80 )

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net