متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
3ـ الشوارع المفتوحة من قِبل الدولة
الكتاب : فقه الحضارة    |    القسم : مكتبة الفقه
(3)
الشوارع المفتوحة من قبل الدولة

بغية تخطيط المدن تخطيطاً عمرانياً ، ونتيجة للكثافة السكانية ، وحلاً لظاهرة تزاحم المواصلات ، فقد تلجأ الدول إلى فتح الشوارع العامة فتستملك الدور والعقارات ، وتعوّض عادة المالكين ، وقد يشمل هذا الفتح المساجد والمعابد ضمن مساحات تلك الأراضي المستملكة ، ويترتب على ذلك حكم هذه الأرض ، فهل ترتب عليها آثار المسجدية أو آثار الوقفية ، وكيف ؟ وما هو شأن أنقاضها في الأحكام ، فهل تصرف بأعيانها على عمارة مسجد آخر ، وهل يجوز بيعها من قبل المتولي إذا رأى المصلحة في ذلك ، وإلى ماذا تكون عائدية ثمنها ، فهل تصرف على مسجد آخر ، أم تعود للأوقاف العامة ، وما هو شأن المقابر الموجودة في تلك الطرق ، وما هو شأن المدارس والحسينيات الواقعة في الشوارع أو المتبقي شيء منها في أرصفتها المستحدثة ، وأخيراً ما هو حكم الاستطراق والمرور ، وأحكام الفضلات المتصلة بالأرصفة ، وغير هذا ما تجيب عليه المسائل الآتية المعبرة عن الحكم الشرعي عند سماحة السيد دام ظله.


( 118 )

1ـ يجوز استطراق الشوارع والأرصفة المستحدثة الواقعة على الدور والأملاك الشخصية للناس التي تستملكها الدولة وتجعلها طرقاً . نعم من علم أن موضعاً خاصاً منها قد قامت الدولة باستملاكه قهراً على صاحبه من دون إرضائه بتعويض أو ما بحكمه ، جرى عليه حكم الأرض المغصوبة ، فلا يجوز له التصرّف فيه حتى بمثل الاستطراق إلا مع استرضاء صاحبه أو وليّه ـ من الأب أو الجدّ أو القيّم المنصوب من قبل أحدهما ـ فإن لم يعلم صاحبه جرى عليه حكم المجهول مالكه ، فيراجع بشأنه الحاكم الشرعي ، ومنه يظهر حكم الفضلات الباقية منها ، فإنه لا يجوز التصرف فيها إلا بإذن أصحابها.
2ـ يجوز العبور والمرور من أراضي المساجد الواقعة في الطرق ، وكذا يجوز الجلوس فيها ونحوه من التصرفات ، وهكذا الحال في أراضي الحسينيات والمقابر وما يشبههما من الأوقاف العامة.
وأما أراضي المدارس وما شاكلها ففي جواز التصرّف فيها بمثل ذلك لغير الموقوف عليهم إشكال.
3ـ المساجد الواقعة في الشوارع والأرصفة المستحدثة لا تخرج عرصتها عن الوقفية ، ولكن لا تترتب عليها الأحكام المترتبة على عنوان المسجد الدائرة مداره وجوداً وعدماً ، كحرمة تنجيسه ، ووجوب إزالة النجاسة عنه ، وعدم جواز مكث الجنب والحائض والنفساء فيه ، وما شاكل ذلك.
وأمّا الفضلات الباقية منها ، فإن لم تخرج عن عنوان


( 119 )

المسجدية ترتبت عليها جميع أحكامه ، وأمّا إذا خرج عنه ـ كما إذا جعلها الظالم دكّاناً أو محلاً أو داراً ـ فلا تترتب عليها تلك الأحكام ، ويجوز الانتفاع منها بجميع الانتفاعات المحللة الشرعية إلاّ ما يعدّ منها تثبيتاً للغصب ، فإنه غير جائز.
4ـ الأنقاض الباقية من المساجد بعد هدمها ـ كأحجارها وأخشابها ، وآلاتها : كفرشها ، ووسائل إنارتها وتبريديها وتدفئتها ـ إذا كانت وقفاً عليها وجب صرفها في مسجد آخر ، فإن لم يمكن ذلك جعلت في المصالح العامة ، وإن لم يمكن الانتفاع بها إلا ببيعها باعها المتولي أو من بحكمه وصرف ثمنها على مسجد آخر.
وأمّا إذا كانت أنقاض المسجد ملكاً له ، كما لو كانت قد اشتريت من منافع العين الموقوفة على المسجد ، فلا يجب صرف تلك الأنقاض بأنفسها على مسجد آخر ، بل يجوز للمتولي أو من بحكمه أن يبيعها إذا رأى المصلحة في ذلك ، فيصرف ثمنها على مسجد آخر.
وما ذكرناه من التفصيل يجري أيضاً في أنقاض المدارس والحسينيات ونحوهما من الأوقاف العامة الواقعة في الطرقات.
5ـ مقابر المسلمين الواقعة في الطرق : إن كانت من الأملاك الشخصية أو من الأوقاف العامة ، فقد ظهر حكمها ممّا سبق ، هذا إذا لم يكن العبور والمرور عليها هتكاً لموتى المسلمين ، وإلاّ فلا يجوز.
وأمّا إذا لم تكن ملكاً ولا وقفاً فلا بأس بالتصرف فيها ما


( 120 )

لم يكن هتكاً. ومن ذلك يظهر حال الأراضي الباقية منها ، فإنها على الغرض الأول لا يجوز التصرف فيها وشراؤها إلا بإذن مالكها.
وعلى الغرض الثاني لا يجوز ذلك إلا بإذن المتولي ومن بحكمه ، فيصرف ثمنها في مقابر أخرى للمسلمين مع مراعاة الأقرب فالأقرب على الأحوط.
وعلى الغرض الثالث ، يجوز ذلك من دون حاجة إلى إذن أحد ، ما لم يستلزم التصرّف في ملك الغير كآثار القبور المهدّمة(1).
____________
(1) السيستاني | منهاج الصالحين 1|462 وما بعدها.

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net