متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
1ـ التذكية واللحوم وطعام غير المسلمين
الكتاب : فقه الحضارة    |    القسم : مكتبة الفقه
(1)
التذكية واللحوم وطعام غير المسلمين

أحل الله الطيبات من الرزق وحرّم الخبائث منها ، وكان ما أحله الله تعالى أكثر مما حرمه ، وعائدية هذا التحليل والتحريم معاً إنما شرعت لمصلحة الإنسان الصحية والنفسية ، وكان تفضل الله عميماً على البشرية أن أباح لها السمك من حيوان البحر ، وحرّم غيره من حيوانه حتى المسمى باسم ما يؤكل من حيوان البرّ كبقره وفرسه ، وكذا الضفدع والسرطان والسلحفاة ، ولا يحل من السمك إلا ما كان له فلسٌ ولو بالأصل ، فيحل الكنعت والربيثا والبز والبني والشبوط والقطان والطبراني والأبلامي والأربيان ، ولا يحل ما ليس له فلس في الأصل كالبحري والزمّير والزهو والمار ماهي ، وإذا شك في وجود الفلس وعدمه بنى على العدم(1).
وأحل الله من البهائم البرية صنفين من الأهلية والوحشية : أما الأهلية فيحل منها جميع أصناف الغنم والبقر والإبل ، ويكره
____________
(1) ظ السيستاني | منهاج الصالحين 3|291.
( 152 )

الخيل والبغال والحمير ، ويحرم منها الكلب والهر ونحوهما.
وأما الوحشية فتحل منها الظباء والغزلان والبقر والكباش الجبلية واليحامير والحمر والوحشية . وتحرم منها السباع ، وهي ما كان مفترساً وله ظفر أو ناب قوياً كان كالأسد والنمر والفهد والذئب ، أو ضعيفاً كالثعلب والضبع وابن آوى ، كما تحرم المسوخ ومنها الخنزير والقرد والفيل والدبّ(1). وأحل الله كل طائر ذي ريش فيحل أكل لحمه إلا السباع ، فيحلّ الحمام بجميع أصنافه ، كما يحل الدجاج بجميع أقسامه ، والعصفور بجميع أنواعه ومنه البلبل والزرزور والقبرة ، ويحل الهدهد والخطاف والشقراق ، وتحل النعامة والطاووس على الأقوى . ويحرم كل ذي مخلب كالبازي والصقر والعقاب والشاهين والباشق والنسر والبغاث ، وكذا الغراب(2) ويشترط في حلية أكل ما تقدم التذكية الشرعية.
أما السمك فتحصل ذكاته بأخذه من داخل الماء إلى خارجه حياً باليد أو الشبكة والشعب أو الغالة أو غيرها ، وفي أخذه هذا يكون ذكياً(3).
أما ذكاة الذبيحة فيشترط فيها :
1ـ أن يكون الذابح مسلماً أو من بحكمه كالمتولد منه.
2ـ أن يكون الذبح بالحديد مع الإمكان ، فلو ذبح بغيره مع التمكن لم يحل وإن كان من المعادن المنطبعة كالصفر والنحاس
____________
(1) السيستاني | منهاج الصالحين 3|292.
(2) السيستاني | منهاج الصالحين 3|293.
(3) السيستاني | منهاج الصالحين 3|272.

( 153 )

والذهب والفضة والرصاص وغيرها . والأحوط وجوباً عدم الذبح بالاستيل مع التمكن من الحديد.
3ـ قصد الذبح بفري الأوداج.
4ـ الاستقبال بالذبيحة حال الذبح إلى القبلة ، فإن أخلّ بالاستقبال عالماً عامداً حرمت . نعم إذا كان الإخلال بالاستقبال لإعتقاد الذابح عدم لزومه شرعاً فلا يضر بذكاة ذبيحته.
5ـ تسمية الذابح عليها حين الشروع بالذبح أو متصلاً به عرفاً ، ولا تجزيء تسمية غير الذابح عليها ، والمدار في التسمية ذكر اسم الله وحده عليها ، فيكفي أن يقول : بسم الله ، أو الله أكبر ، أو الحمد لله ، أو لا إله إلا الله ، ونحو ذلك.
6ـ قطع الأعضاء الأربعة ، وهي : المري : وهو مجرى الطعام ، والحلقوم : وهو مجرى النفس ومحله فوق المريء ، والودجان : وهما عرقان غليظان محيطان بالحلقوم والمريء.
وقطع الأعضاء الأربعة يستلزم بقاء ( الجوزة ) متصلة بالرأس ، فلو بقي شيء منها في الجسد لم يتحقق قطع تمامها.
7ـ خروج الدم المتعارف منها حال الذبح ، فلو لم يخرج منها الدم ، أو كان الخارج قليلاً ـ بالإضافة إلى نوعها ـ بسبب انجماد الدم في عروقها أو نحوه لم تحل . وأما إذا كان عدم خروجه من جهة نزيف قبل الذبح حلّ.
8ـ أن تتحرك الذبيحة بعد تمامية الذبح ولو حركة يسيرة ،
____________
(1) السيستاني | منهاج الصالحين 3|276 ـ 280.
( 154 )

بأن تطرف عينها ، أو تحرك رجلها أو ذنبها ، هذا إذا شك في حياتها عند الذبح ، وإلا فلا تعتبر الحركة أصلاً.
وتختص الإبل من بين البهائم بأن تذكيتها بالنحر ، ولا يجوز ذلك في غيرها ، وكيفيته : أن يدخل الآلة من سكين أو غيره من الآلات الحادة الحديدية في لبتها ، وهو الموضع المنخفض الواقع في أعلى الصدر متصلاً بالعنق ، والشروط المعتبرة في الذبح تعتبر نظائرها في النحر ، عدا الشرط السادس ، وهو قطع الأعضاء الأربعة(1).
وأغلب المشاكل التي يتعرض لها المسلمون والمغتربون منهم بصورة خاصة هي مشكلة التذكية ، أو تقديم ما ليس بمذكّى ، أو اللحم غير المباح ، مما تفرضه طبيعة المناخ الذي يتواجدون فيه ، مما يلزم العسر والحرج أحياناً ، ويقتضي التأمل والتثبت أحياناً أخرى ، وثمت مشكلة أخرى وهي تناول الطعام المعدُّ من غير المسلمين ، ومشكلة المعلبات والأجبان ، وشراء اللحم من غير المسلم ، ومشكلة الذبح بالأجهزة الحديثة ، ومشكلة شراء اللحم ممن يبيع الخمر ، وهكذا مما ستراه.
ولقد دأب سماحة السيد دام ظله الشريف على تذليل الصعوبات ، واحتواء العقبات في الطريق واستوعب هذه المشاكل بأبعادها فأبان رأي الشرع الشريف بما لا عسر فيه ولا حرج ضمن المسائل المهمة الآتية :
____________
(1) السيستاني | منهاج الصالحين 3|282.
( 155 )

1ـ يحق للمسلم أن يتناول الطعام المعدّ من قبل الكافر غير الكتابي ، إذا لم يعلم المسلم أو يطمئن بأن ذلك الكافر قد مسّه مع البلل ، شرط أن لا يعلم أو يطمئن المسلم باحتواء ذلك الطعام على ما يحرم تناوله كالخمر مثلاً.
2ـ يحق للمسلم أن يتناول أي طعام أعدّه صانعه للأكل ، إذا جهل المسلم معتقد ودين ومبدأ ذلك المعدّ للطعام ، سواء مسّه معدّه مع البلل ، أو لم يمسّه ، شرط أن لا يعلم أو يطمئن المسلم باحتواء ذلك الطعام على ما يحرم عليه تناوله كالخمر مثلاً.
وللحوم والشحوم ومشتقاتها حكم خاص سيأتي بعد ذلك.
هذا ولا يجب على المسلم يؤال معدّ الطعام عن إيمانه أو كفره ، أو عن مسّه الطعام أو عدمه ، حتى وإن كان ذلك السؤال سهلاً يسيراً عليه ، وطبيعياً على ما يسأله.
وباختصار فإن المأكولات بأنواعها المختلفة عدا اللحوم والشحوم ومشتقاتها ، يحق للمسلم تناولها ، حتى إذا ظن بأن في محتوياتها ما لا يجوز له أكله ، أو ظن أن صانعها أياً كان قد مسّها مع البلل(1).
وهنا مسألتان :
1ـ هل يجوز للمسلم طبخ غير المُذكّى ؟ علماً أن لا علاقة له بالبيع أو التقديم . ثمّ ما هو حكم تقديم الطعام النجس ( غير المذكى ) أو نقله لغير المسلمين ؟ وهل يفرق في هذا بين الخنزير وغيره ؟
____________
(1) فقه المغتربين |140 وما بعدها استناداً إلى إفتاء سماحة السيد بالموضوع.
( 156 )

* لا مانع من طبخ غير المذكى ، ولا تقديمه إلى مُستحلّيه ، ويشكل بيعه منهم ، لكن لا مانع من أخذ المال إزاء التنازل عنه أو استنقاذاً ، وأما الخنزير فيشكل تقديمه لمستحلية ، ولا يجوز بيعه بلا إشكال والله العالم.
2ـ هل يصح للمسلم امتلاك مطعم يقدم فيه اللحم غير المذكّى ، علماً بأنه لا يمارس العمل بنفسه ، بل يشرف على المشروع ويديره ؟ وعلى فرض عدم الجواز كيف يصحح امتلاك العوائد ؟ وما هو موقف من يعتمد في نفقته عليه كزوجته وأطفاله ؟
* لا بأس بامتلاكه ذلك إذا كان تقديم اللحم غير المذكى إلى المستحلين له ، وإن قدمه إلى مسلم أخبره بالحال إن احتمل تأثير الأخبار في حقه ، وإلاّ لم يجب ، وأما العوائد فليصحح امتلاكها بطريقة الاستنقاذ أو التنازل حسبما مرّ ، دون البيع ، فإن صحّحها هو حلّت أيضاً لمن يعيلهم ، وإن لم يفعل فليقصدوا تملك ما يدفعه إليهم من أعيانهم فتحل لهم ، والله العالم(1).
____________
(1) المستحدثات من المسائل الشرعية | 12 ـ 13.
( 157 )

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net