متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
3ـ الإحساس الجنسي ودرجات التلذذ الشهوي
الكتاب : فقه الحضارة    |    القسم : مكتبة الفقه
(3)
الإحساس الجنسي ودرجات التلذذ الشهوي

الحاجة إلى الجنس حاجة فسلجية لا تقل عن حاجة الجسم إلى الغذاء والماء ، ولقد ذهب الدور الذي يتحاشى فيه الفقيه الخوض في موضوعاته الصارخة ، وعاد من المنطق الالتفات إلى مجمل مشكلاته الكبرى ، ووضع الحلول المناسبة لها في ضوء معطيات الشريعة الغراء.
وقد كثر القول في رسائل الفقهاء : النظر بلا ريبة ، النظر دون شهوة ، النظر دون تلذذ ، النظرة المحرمة ، النظرة الأولى ، النظرة الثانية ، التلذذ الشهوي ، الإحساس الجنسي ، التلذذ الجنسي ، وأمثال ذلك من التعبير الفقهي المهذّب الذي لا يجرح عاطفة ، ولا يمس شعوراً بخدش ، وكل ذلك من التعبير الرقيق الذي يناسب موضوعه الرقيق أيضاً.
ولقد وجهت إلى سماحة سيدنا المفدى أطال الله أيام إفاضته الشريفة ، عدة استفتاءات من شرق الأرض وغربها ، فكان دقيقاً في الإجابة ، رفيقاً بالمشاعر ، ناهضاً بعبء المسؤولية


( 185 )

الشرعية ، ومن أبرز فتاواه ما أحاول أن أضعه أمامك مع أسئلته المثيرة أحياناً عملاً بالقاعدة الأصل : لا حياء في الدين.
1ـ ما هو حدّ اللذة المحرمة ؟
* أدنى حدّها ـ إن أريد بالحدّ المرتبة ـ هو أول درجة من الإحساس الجنسي.
2ـ في حرمة النظر للمرأة ترد عبارات غير واضحة الحدود عند الكثيرين. فما معنى الريبة والتلذذ والشهوة ؟ يرجى إيضاح ذلك للمكلفين ، وهل هذه كلها بمعنى واحد ؟
* التلذذ والشهوة يراد بهما التلذذ الجنسي الشهوي لا مطلق التلذذ ، ولا التلذذ الجبلّي للبشر الحاصل من النظر إلى المناظر الجميلة ، والمراد بالريبة خوف الافتتان والوقوع في الحرام.
3ـ ما المقصود بالقول المأثور ( النظرة الأولى لك والثانية عليك ) وهل يجوز إطالة النظرة الأولى للمرأة والتمعن بها بحجة أنها لا زالت نظرة أولى جائزة كما يدعّي البعض ؟
* الظاهر أن المقصود بالقول المذكور هو التفريق بين النظرتين من حيث الأولى اتفاقية عابرة فتكون بريئة ، ولا يقصد بها التلذذ الشهوي ، بخلاف الثانية فإنها تكون مقصودة وهادفة طبعاً ، فتقترن بنوع من التلذذ ، وبذلك تكون خسارة ، ومن هنا ورد في بعض النصوص عن أبي عبد الله الصادق ( عليه السلام ) أنه قال « النظرة بعد النظرة تزرع في القلب الشهوة ، وكفى بها لصاحبها فتنة ».
وكيفما كان ، فمن الواضح أن القول المذكور ليس في مقام تحديد النظر السائغ على أساس العدد بحيث يعني تجويز النظرة


( 186 )

الأولى وإن كانت هادفة وغير بريئة في أول حدوثها ، أو انقلبت إلى ذلك في حالة بقائها واستمرارها ، لأن الناظر لا تطاوعه نفسه من غمض النظر عن المنظور إليها ، وتحريم النظرة الثانية وإن كانت للحظة واحدة بلا تلذذ أصلاً(1).
لقد اقتصر النظر بغير شهوة على المحارم والمُماثل في الشرعية ، وبشهوة على الزوجة فحسب ، وههنا مسائل أدلى بها سماحة السيد دام ظله :
1ـ يجوز للرجل أن ينظر إلى جسد محارمه ـ ما عدا العورة ـ من دون تلذذ شهوي ولا ريبة ، والمراد بالمحارم من يحرم عليه نكاحهن أبداً من جهة النسب أو الرضاع او المصاهرة دون غيرها كالزنا واللواط واللعان.
2ـ لا يجوز للرجل أن ينظر إلى ما عدا الوجه والكفين من جسد المرأة الأجنبية وشعرها ، سواء أكان بتلذذ شهوي أو مع الريبة أم لا ، وكذا إلى الوجه والكفين إذا كان النظر بتلذذ شهوي أو مع الريبة ، وأما بدونهما فلا يبعد جواز النظر ، وإن كان الأحوط تركه أيضاً.
3ـ يحرم على المرأة النظر إلى بدن الرجل الأجنبي بتلذذ شهوي أو مع الريبة ، بل الأحوط لزوماً أن لا تنظر إلى غير ما جرت السيرة على عدم الالتزام بستره كالرأس واليدين والقدمين ونحوها وإن كان بلا تلذذ شهوي ولا ريبة ، وأما نظرها إلى هذه
____________
(1) فقه المغتربين | 285 وما بعدها.
( 187 )

المواضع من بدنه من دون ريبة ولا تلذذ شهوي فالظاهر جوازه ، وإن كان الأحوط تركه أيضاً.
4ـ يجوز لمن يريد أن يتزوج امرأة أن ينظر إلى محاسنها كوجهها وشعرها ورقبتها وكفّيها ومعاصمها وساقيها ونحو ذلك ، ولا يشترط أن يكون ذلك بإذنها ورضاها.
نعم يشترط : أن لا يكون بقصد التلذذ الشهوي وإن علم أنه يحصل بالنظر إليها قهراً. وأن لا يخاف الوقوع في الحرام بسببه. كما يشترط أن لا يكون هناك مانع من التزويج بها فعلاً مثل ذات العدة وأخت الزوجة . ويشترط أيضاً أن لا يكون مسبوقاً بحالها ، وأن يحتمل اختيارها وإلاّ فلا يجوز ، والأحوط وجوباً الاقتصار على ما إذا كان قاصداً التزويج بها بالخصوص فلا يعم الحكم ما إذا كان قاصداً لمطلق التزويج ، وكان بصدد تعيين الزوجة بهذا الاختبار ، ويجوز تكرر النظر إذا لم يحصل الاطلاع عليها بالنظرة الأولى.
5ـ يجوز سماع صوت الأجنبية مع عدم التلذذ الشهوي ولا الريبة ، كما يجوز لها إسماع صوتها للأجانب إلاّ مع خوف الوقوع في الحرام ، نعم لا يجوز لها ترقيق الصوت وتحسينه على نحو يكون عادة مهيجاً للسامع ، وإن كان محرماً لها(1).
وهناك أسئلة أجاب عنها سماحة سيدنا دام ظله في ضوء متطلبات الحياة العامة ، ولكنها متقيدة بالشروط نفسها في عدم
____________
(1) السيد السيستاني | منهاج الصالحين 3|12 ـ 15.
( 188 )

التلذذ الشهوي ، أو الريبة المحرمة ، أو الأفتان.
1ـ هل يجوز التحدث مع النساء حديثاً غزلياً دون ريبة أو تلذذ ؟
* لا يجوز على الأحوط.
2ـ هل يجوز التغزل نظماً أو نثراً بامرأة غير معينة أو بالنساء عموماً ؟
* إذا خلا عن تمني الحرام ونحوه ، ولم تترتب عليه مفسدة أخرى ، فلا بأس به.
3ـ هل يجوز التحدث مع النساء من دون تلذّذ شهوي وبقصد الاقتناع بواحدة منهن ، ثم طلب عقد الزواج المؤقّت منها ؟
* إذا خلا الحديث عمّا لا يجوز التحدث بشأنه مع المرأة الأجنبية ، فلا مانع منه.
4ـ هل يجوز النظر لصورة أمرأة محجبة معروفة ظهرت في الصورة دون حجاب.
* الأحوط ترك النظر إلى ما سوى الوجه والكفين منها ،أما هما فيجوز من دون ريبة أو تلذذ شهوي.
5ـ هل يجوز النظر إلى صورة لصبية أجنبية وهي الآن بالغة ومحافظة على سترها ؟
* إذا كانت الصورة لا تطابقها وهي بالغة لتغيّر أوصافها فلا يبعد جواز النظر إلى الصورة في حد ذاته وأما لو كانت


( 189 )

تطابقها فالاحوط وجوباً ترك النظر. نعم النظر إلى الوجه والكفين من الصورة لا مانع منه.
6ـ تصنع بعض الشركات جهازاً يشبه مهبل المرأة يضعه بعض الرجال على أجهزتهم التناسلية أثناء النوم للذة ، فهل يعدّ هذا من أنواع الاستمناء المحرّم ؟
* حرام إذا استتبع الإمناء مع كونه مقصوداً له ، أو كان من عادته ذلك ، بل الأحوط لزوماً الاجتناب عنه حتى مع الاطمئنان بعدم حصول الأمناء.
8 ـ ما حكم عناق الرجل للرجل بشهوة ، وتقبيل بعضهم بعضاً مع الالتذاذ الجنسي ، وماذا لو زاد الأمر عن هذا الحد ؟ فدخل في خانة الفعل الشاذ ؟
* يحرم ذلك كله ، وإن تفاوت في درجات الحرمة(1).
____________
(1) فتاوى خطية بحوزة المؤلف ، وانظر : فقه المغتربين | 287 ـ 292.

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net