الباب الثاني : النصوص والآثار
------------------------------- ج2 ص 9 -------------------------------
فصول هذا الكتاب :
وبعد . . فقد حان الوقت لعرض طائفة من النصوص التي حفلت بها الكتب التاريخية والحديثية . والتي تضمنت الكثير مما يدل على مهاجمة بيت الزهراء ، وهتك حرمتها ، حيث تناولتها أيدي المهاجمين بالضرب والأذى . . والظاهر : أن ذلك قد تكرر منهم ، بتكرر مهاجماتهم لأهل بيت النبوة ، فنتج عن ذلك كله إسقاط جنينها ، وفوزها بدرجة الشهادة .
وأجد أنني في غنى عن التأكيد على النقاط التالية : 1 - إن هذه القضية لا يمكن استيفاء التقصي فيها ، فلا بد من الاقتصار على ما لا يرتاب فيه المنصف . . وإلا ، فإن المؤلفات كثيرة تعد بالألوف ، ولا يسعنا استقصاؤها جميعا .
2 - إنه حتى أولئك الذين تصدوا لتنقية التراث من شوائب يرون أنها قد علقت به لم يعتبروا هذا الحدث واحدا منها ، فها هو العلامة المتبحر السيد محسن الأمين مثلا ، الذي تصدى لتهذيب مجالس العزاء ، بالاعتماد على المصادر الموثوقة على حد تعبيره - وقد ذكر منها : كتاب سليم بن قيس - قد ذكر هذه الأحداث ، وقررها ، ونظم فيها الأشعار . فاستمع إليه حيث يقول : " ولما ألفنا المجالس السنية هذبناها والحمد لله من جميع ذلك ،
وميزنا القشر من اللباب ، والخطأ من الصواب الخ . . " ( 1 ) .
وقال : " . . لما ألفنا لواعج الأشجان صارت قراءة المقتل فيه . وصارت قراءة الذاكرين في المجالس السنية ، فخلصت الأحاديث ، وصفت من تلك العيوب " ( 2 ) .
لكن ما جرى على الزهراء موجود في معظمه في الكتب الموافقة للمواصفات التي شرطها على نفسه لجمع هذه المجالس وتهذيبها . وهذا يعني : أنه يرتضي ذلك ، ولا يعتبره موضع نقاش .
3 - لقد ذكرنا في قسم النصوص عدة فصول لا بد من ضم بعضها إلى بعض ، فلاحظ ما يلي : أ - فصل يتضمن حوالي أربعين رواية من بينها ما هو صحيح ، ومعتبر . يتحدث عما لاقته الزهراء عليها السلام من مصائب وبلايا بعد وفاة أبيها . ب - وآخر يتضمن أشعار الشعراء حيث ذكرنا مجموعة صالحة منها . ج - ثم ذكرنا نصوصا كثيرة في فصل ثالث أيضا ، تتحدث عن المحسن . د - هذا بالإضافة إلى فصل الاحتجاجات المذهبية بهذا الأمر عبر العصور .
|
( 1 ) أعيان الشيعة : ج 10 ص 173 . ( 2 ) أعيان الشيعة : ج 1 ص 343 . ( * ) |
| |
هـ - ذكرنا فصلا آخر ، بعنوان الحدث في كلمات المحدثين ، والمؤرخين ، ذكرنا فيه أيضا عشرات النصوص التي تؤكد ما حصل للزهراء من أذى بعد وفاة أبيها . فإذا ضممنا كل ذلك بعضه إلى بعض ، فسوف يتحصل لدينا قدر كبير من النصوص لا يمكن أبدا أن تكون جميعها مكذوبة وموضوعة ، وهو معنى التواتر . ولو أردنا أن نقنع أنفسنا بزيفها وبطلانها ، وهي بهذه الكثرة الكاثرة ، فلن نستطيع أن نقتنع بأية حقيقة دينية أو تاريخية أخرى . . . أو فقل : إننا سنجد أنفسنا في موقع العجز عن الاقتناع بكثير منها .
4 - وقد يلاحظ وجود بعض التشابه فيما بين بعض النصوص ، الأمر الذي يوحي بعدم لزوم إعادة كتابة النص . ولكننا إنما أعدنا كتابته ، من أجل الإلفات إلى وجود اختلاف أو خصوصية جديدة في الرواية ، أو في المروي عنه . وقد حصل ذلك في موارد يسيرة قد لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة فليلاحظ ذلك .
5 - إننا قد ذكرنا عددا يسيرا جدا من النصوص التي أوردها بعض المتأخرين من المؤلفين ، لأننا وجدناها تشتمل على خصوصيات لم نوفق للبحث عنها في كتب المتقدمين ، فليلاحظ ذلك أيضا .
6 - وأخيرا . . فإنه إذا كان البعض يستند في " فتاواه أحيانا إلى خبر واحد ممدوح أو موثق أو ضعيف لا مقتضي - عنده - للكذب فيه ، ويريد من الناس في جميع أقطار الأرض أن يعملوا بمقتضاه ، فهل يعقل : أن يرفض أو يشكك في ثبوت مضمون هذا القدر العظيم من
النصوص ، والذي يمكن أن يجد روافد مستمرة تؤكد مضمونه ، وترسخ اليقين بصدوره . ومهما يكن من أمر ، فإننا نضيف ما يأتي إلى ما تقدم ، ونعتذر للقارئ الكريم على الاكتفاء بهذا القدر . وبإمكان كل واحد أن يجد المفيد ، والمزيد ، والتجربة أدل دليل .
فإلى ما يلي من مطالب ومن الله نستمد العون ، وعليه نتوكل .
|