متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
زيارة الصديقة الطاهرة ، تفاصيل حديث ظلمها عليها السلام
الكتاب : مأساة الزهراء عليها السلام .. شبهات وردود ج2    |    القسم : مكتبة رد الشبهات

الفصل الخامس : الحدث في كلمات المحدثين والمؤرخين

------------------------------- ج2 ص 151 -------------------------------

زيارة الصديقة الطاهرة :

 1 - ذكر الشيخ المفيد زيارة لفاطمة ( ع ) ، تقول : " السلام عليك يا رسول الله ( ص ) ، السلام على ابنتك الصديقة الطاهرة ، السلام عليك يا فاطمة بنت رسول الله ( ص ) ، يا سيدة نساء العالمين ، أيتها البتول الشهيدة الطاهرة ، الخ . . " ( 1 ) .

 2 - وفي نص آخر : " السلام عليك أيتها البتولة الشهيدة ، ابنة نبي الرحمة " ( 2 ) . وهناك نص آخر لزيارتها يقول : " السلام عليك أيتها الصديقة الشهيدة " ( 3 ) .

 3 - ونص آخر يقول : " السلام عليك أيتها الصديقة الشهيدة ، الممنوعة إرثها ، المكسور ضلعها ، المظلوم بعلها ، المقتول ولدها " ( 4 ) .

 

( 1 ) كتاب المزار للشيخ المفيد : ص 156 ، وكتاب المقنعة للشيخ المفيد أيضا : ص 459 . وراجع : البلد الأمين : ص 198 و 278 ، والبحار : ج 97 ص 197 و 198 .
( 2 ) راجع البحار : ج 97 ص 198 ، وفي هامشه عن مصباح الزائر : ص 25 و 26 .
( 3 ) مصباح المتهجد ، ص 654 ، وإقبال الأعمال : ص 624 ، والبحار : ج 97 ص 195 .
( 4 ) إقبال الأعمال : ص 625 ، والبحار : ج 97 ، ص 199 / 200 . ( * )

 
 

- ج2 ص 152 -

وقال الشيخ الصدوق رحمه الله : " لم أجد في الأخبار شيئا موظفا محدودا لزيارة الصديقة ( ع ) ، فرضيت لمن نظر في كتابي هذا من زيارتها ما رضيت لنفسي " ( 1 ) . قال هذا تعقيبا على الزيارة المتقدمة التي تقول : " السلام عليك أيتها الصديقة الشهيدة " ( 2 ) .

 4 - وقال الشيخ الطوسي ( رحمه الله ) بعد نقله الزيارة المروية : " يا ممتحنة ، امتحنك الله . . . " . " هذه الرواية وجدتها مروية لفاطمة ( ع ) ، وأما ما وجدت أصحابنا يذكرونه من القول عند زيارتها ( ع ) ، فهو أن تقف على أحد الموضعين اللذين ذكرناهما ( 3 ) ، وتقول : " السلام عليك يا بنت رسول الله . . . السلام عليك أيتها الصديقة الشهيدة الخ . . " ( 4 ) .

 5 - وفي نص آخر : " اللهم صل على السيدة المفقودة ، الكريمة المحمودة ، الشهيدة العالية " ( 5 ) . 6 - وقد ذكر الكفعمي : أن عدد أولاد فاطمة خمسة . وأن

 

( 1 ) من لا يحضره الفقيه : ج 2 ص 573 .
( 2 ) من لا يحضره الفقيه : ج 2 ص 574 .
( 3 ) أي موضع دفنها .
( 4 ) تهذيب الأحكام للطوسي : ج 6 ص 10 وملاذ الأخيار : ج 9 ص 25 ، والوافي : ج 14 ص 371 و 370 وروضة المتقين : ج 5 ص 345 ، وراجع : جامع أحاديث الشيعة : ج 12 ص 264 .
( 5 ) بحار الأنوار : ج 99 ، ص 220 . ( * )

 
 

- ج2 ص 153 -

سبب وفاتها ( ع ) هو أنها ضربت وأسقطت ( 1 ) .

وأما تفاصيل حديث ظلمها ، فقد تقدم شطر منها في ضمن ذلك القدر العظيم من النصوص والآثار في الفصول المتقدمة ، ونقدم هنا مقدارا مما ذكره المؤرخون والمؤلفون في كتبهم ، نبدؤها بما رواه سليم بن قيس ، في كتابه القيم ، الذي هو من الأصول المعتمدة ، لجامعية حديثه لتفاصيل ما جرى .

 7 - قال شيخ الإسلام العلامة المجلسي : روي بأسانيد معتبرة عن سليم بن قيس الهلالي ، وغيره ، عن سلمان والعباس قالا : - والنص لكتاب سليم :
قال سليم بن قيس : " فلما رأى علي ( ع ) خذلان الناس إياه وتركهم نصرته واجتماع كلمتهم مع أبي بكر وطاعتهم له وتعظيمهم إياه لزم بيته . فقال عمر لأبي بكر : ما يمنعك أن تبعث إليه فيبايع ، فإنه لم يبق أحد إلا وقد بايع غيره وغير هؤلاء الأربعة .

وكان أبو بكر أرق الرجلين وأرفقهما وأدهاهما ، وأبعدهما غورا ، والآخر أفظهما ( وأغلظهما ) وأجفاهما .

فقال أبو بكر : من نرسل إليه ؟ فقال ( عمر ) : نرسل إليه قنفذا ، وهو رجل فظ غليظ جاف من الطلقاء ، أحد بني عدي بن كعب . فأرسله إليه وأرسل معه أعوانا . وانطلق ، فاستأذن على علي

 

( 1 ) مصباح الكفعمي : ص 522 . ( * )

 
 

- ج2 ص 154 -

( ع ) ، فأبى أن يأذن لهم . فرجع أصحاب قنفذ إلى أبي بكر وعمر - وهما ( جالسان ) ، في المسجد والناس حولهما - فقالوا : لم يؤذن لنا .

فقال عمر : إذهبوا ، فإن أذن لكم وإلا فادخلوا ( عليه ) بغير إذن ! ! فانطلقوا فاستأذنوا ، فقالت فاطمة ( ع ) : " أحرج عليكم أن تدخلوا علي بيتي ( بغير إذن ) " . فرجعوا وثبت قنفذ الملعون . فقالوا : إن فاطمة قالت كذا وكذا ، فتحرجنا أن ندخل بيتها بغير إذن .

فغضب عمر وقال : ما لنا وللنساء ! ! ؟ ثم أمر أناسا حوله أن يحملوا الحطب فحملوا الحطب ، وحمل معهم عمر فجعلوه حول منزل علي وفاطمة وإبنيهما ( ع ) ، ثم نادى عمر حتى أسمع عليا وفاطمة ( ع ) : " والله لتخرجن يا علي ، ولتبايعن خليفة رسول الله وإلا أضرمت عليك ( بيتك بالنار ) ؟ !

فقالت فاطمة ( ع ) ، يا عمر ، ما لنا ولك ؟ فقال : افتحي الباب وإلا أحرقنا عليكم بيتكم . فقالت : " يا عمر ، أما تتقي الله تدخل علي بيتي ؟ " ، فأبى أن ينصرف . ودعا عمر بالنار فأضرمها في الباب ، ثم دفعه ، فدخل ،

- ج2 ص 155 -

فاستقبلته فاطمة ( ع ) وصاحت : " يا أبتاه يا رسول الله " ! فرفع عمر السيف وهو في غمده ، فوجأ به جنبها ، فصرخت : " يا أبتاه " ! فرفع السوط فضرب به ذراعها فنادت : " يا رسول الله ، لبئس ما خلفك أبو بكر وعمر " .

فوثب علي ( ع ) فأخذ بتلابيبه ، ثم نتره ، فصرعه ، ووجأ أنفه . ورقبته ، وهم بقتله ، فذكر قول رسول الله ( ص ) وما أوصاه به ، فقال : " والذي كرم محمدا بالنبوة - يا ابن صهاك - لولا كتاب من الله سبق ، وعهد عهده إلي رسول الله ( ص ) ، لعلمت أنك لا تدخل بيتي " .

فأرسل عمر يستغيث ، فأقبل الناس حتى دخلوا الدار ، وثار علي ( ع ) إلى سيفه . فرجع قنفذ إلى أبي بكر وهو يتخوف أن يخرج علي ( ع ) ( إليه ) بسيفه ، لما قد عرف من بأسه وشدته . فقال أبو بكر لقنفذ : " إرجع ، فإن خرج وإلا فاقتحم عليه بيته ، فإن امتنع فاضرم عليهم بيتهم بالنار . فانطلق قنفذ الملعون ، فاقتحم هو وأصحابه بغير إذن .

إلى أن قال : وحالت بينهم وبينه فاطمة ( ع ) عند باب البيت ، فضربها قنفذ الملعون بالسوط فماتت حين ماتت وإن في عضدها كمثل الدملج من ضربته ، لعنه . . . الله ، إلى أن قال : ثم انطلق بعلي ( ع ) يعتل عتلا حتى انتهي به إلى أبي بكر ، وعمر قائم بالسيف على رأسه ، وخالد بن الوليد ، وأبو عبيدة بن الجراح ، وسالم مولى أبي حذيفة ، ومعاذ بن جبل ، والمغيرة بن شعبة ، وأسيد بن حصين ، وبشير بن سعد ، وسائر الناس ( جلوس ) حول أبي

- ج2 ص 156 -

بكر عليهم السلاح . قال : قلت لسلمان : أدخلوا على فاطمة ( ع ) بغير إذن ؟ ! قال : إي والله ، وما عليها من خمار . فنادت : " وا أبتاه ، وا رسول الله ! يا أبتاه فلبئس ما خلفك أبو بكر وعمر وعيناك لم تتفقا في قبرك " - تنادي بأعلى صوتها - . فلقد رأيت أبا بكر ومن حوله يبكون ( وينتحبون ) ما فيهم إلا باك غير عمر وخالد بن الوليد والمغيرة بن شعبة ، وعمر يقول : إنا لسنا من النساء ورأيهن في شئ .

قال : فانتهوا بعلي ( ع ) إلى أبي بكر وهو يقول : أما والله لو قد وقع سيفي في يدي لعلمتم أنكم لن تصلوا إلى هذا أبدا . أما والله ما ألوم نفسي في جهادكم ، ولو كنت استمكنت من الأربعين رجلا لفرقت جماعتكم ، ولكن لعن الله أقواما بايعوني ثم خذلوني .

ولما أن بصر به أبو بكر صاح : " خلوا سبيله " ! فقال علي ( ع ) : يا أبا بكر ، ما أسرع ما توثبتم على رسول الله ! بأي حق وبأي منزلة دعوت الناس إلى بيعتك ؟ ألم تبايعني بالأمس بأمر الله ، وأمر رسول الله ؟ وقد كان قنفذ لعنه الله ضرب فاطمة ( ع ) بالسوط حين حالت بينه وبين زوجها وأرسل إليه عمر : إن حالت بينك وبينه فاطمة فاضربها ، فألجأها قنفذ لعنه الله إلى عضادة باب بيتها ودفعها فكسر ضلعها من جنبها ، فألقت جنينا من بطنها .

فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت ( ع ) من ذلك شهيدة . قال : ولما انتهي بعلي ( ع ) إلى أبي بكر انتهره عمر ، وقال له :

- ج2 ص 157 -

بايع ( ودع عنك هذه الأباطيل ) . فقال له ( ع ) : فإن لم أفعل فما أنتم صانعون ؟ قالوا : نقتلك ذلا وصغار ! ! فقال : إذا تقتلون عبد الله وأخا رسوله . فقال أبو بكر : أما عبد الله فنعم ، وأما أخو رسول الله فما نقر بهذا ! قال : أتجحدون أن رسول الله ( ص ) آخى بيني وبينه ؟ قال : نعم . فأعاد ذلك عليهم ثلاث مرات .

ثم أقبل عليهم علي ( ع ) فقال : يا معشر المسلمين والمهاجرين والأنصار ، أنشدكم الله أسمعتم رسول الله ( ص ) يقول يوم غدير خم كذا وكذا ؟ ! وفي غزوة تبوك كذا وكذا ؟ فلم يدع ( ع ) شيئا قال فيه رسول الله ( ص ) علانية للعامة إلا ذكرهم إياه . قالوا : اللهم نعم .

فلما تخوف أبو بكر أن ينصره الناس ، وأن يمنعوه بادرهم فقال ( له ) : كلما قلت حق قد سمعناه بآذاننا ( وعرفناه ) ووعته قلوبنا ، ولكن قد سمعت رسول الله ( ص ) يقول بعد هذا : " إنا أهل بيت اصطفانا الله ( وأكرمنا ) ، واختار لنا الآخرة على الدنيا ، وإن الله لم يكن ليجمع لنا أهل البيت النبوة والخلافة " .

فقال علي ( ع ) : هل أحد من أصحاب رسول الله ( ص ) شهد هذا معك ؟

- ج2 ص 158 -

فقال عمر : صدق خليفة رسول الله ، قد سمعته منه كما قال .

وقال أبو عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة ومعاذ بن جبل : ( صدق ) ، قد سمعنا ذلك من رسول الله ( ص ) . فقال لهم علي ( ع ) : لقد وفيتم بصحيفتكم ( الملعونة ) التي تعاقدتم عليها في الكعبة : " إن قتل الله محمدا أو مات لتزون هذا الأمر عنا أهل البيت " .

فقال أبو بكر : فما علمك بذلك ؟ ما أطلعناك عليها ؟ !
فقال ( ع ) : أنت يا زبير ، وأنت يا سلمان ، وأنت يا أبا ذر . وأنت يا مقداد ، أسألكم بالله وبالإسلام ، ( أما ) سمعتم رسول الله ( ص ) يقول ذلك وأنتم تسمعون : " إن فلانا وفلانا - حتى عد هؤلاء الخمسة - قد كتبوا بينهم كتابا ، وتعاهدوا فيه وتعاقدوا ( أيمانا ) على ما صنعوا إن قتلت أو مت ؟ فقالوا : اللهم نعم ، قد سمعنا رسول الله ( ص ) يقول ذلك لك : إنهم قد تعاهدوا وتعاقدوا على ما صنعوا ، وكتبوا بينهم كتابا إن قتلت أو مت ( أن يتظاهروا عليك ) وأن يزووا عنك هذا يا علي " . قلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، فما تأمرني إذا كان ذلك أن أفعل ؟ فقال لك : إن وجدت عليهم أعوانا فجاهدهم ونابذهم ، وإن ( أنت ) لم تجد أعوانا فبايع واحقن دمك . فقال علي ( ع ) : أما والله ، لو أن أولئك الأربعين رجلا الذين بايعوني وفوا لي لجاهدتكم في الله ، ولكن أما والله لا ينالها أحد من

- ج2 ص 159 -

عقبكما إلى يوم القيامة . وفي ما يكذب قولكم على رسول الله ( ص ) قوله تعالى : * ( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما ) * ، فالكتاب النبوة والحكمة ، والسنة والملك الخلافة ونحن آل إبراهيم .

فقام المقداد فقال : يا علي بما تأمرني ؟ والله إن أمرتني لأضربن بسيفي وإن أمرتني كففت ؟ .

فقال علي ( ع ) : كف يا مقداد ، واذكر عهد رسول الله وما أوصاك به . فقمت وقلت : والذي نفسي بيده ، لو أني أعلم أني أدفع ضيما وأعز لله دينا ، لوضعت سيفي على عنقي ثم ضربت به قدما قدما ، أتثبون على أخي رسول الله ووصيه وخليفته في أمته وأبي ولده ؟ ! فأبشروا بالبلاء واقنطوا من الرخاء !

وقام أبو ذر فقال : أيتها الأمة المتحيرة بعد نبيها المخذولة بعصيانها ، إن الله يقول : * ( إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ) * ، وآل محمد الأخلاف من نوح ، وآل إبراهيم من إبراهيم ، والصفوة والسلالة من إسماعيل وعترة النبي محمد ، أهل بيت النبوة وموضع الرسالة ، ومختلف الملائكة ، وهم كالسماء المرفوعة ، والجبال المنصوبة ، والكعبة المستورة ، والعين الصافية ، والنجوم الهادية ، والشجرة المباركة ، أضاء نورها وبورك زيتها ، محمد خاتم الأنبياء ، وسيد ولد آدم ، وعلي وصي الأوصياء ، وإمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين ، وهو الصديق الأكبر ، والفاروق الأعظم ، ووصي محمد ، ووارث علمه ، وأولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم ، كما قال : * ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم

- ج2 ص 160 -

وأزواجه أمهاتهم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) * ، فقدموا من قدم الله ، وأخروا من أخر الله ، واجعلوا الولاية والوراثة لمن جعل الله .

فقام عمر فقال لأبي بكر - وهو جالس فوق المنبر - : ما يجلسك فوق هذا المنبر ، وهذا جالس محارب لا يقوم فيبايعك ؟ أو تأمر به فنضرب عنقه ! - والحسن والحسين قائمان - ! فلما سمعا مقالة عمر بكيا ، فضمهما ( ع ) إلى صدره فقال : لا تبكيا ، فوالله ما يقدران على قتل أبيكما .

وأقبلت أم أيمن حاضنة رسول الله ( ص ) فقالت : " يا أبا بكر ، ما أسرع ما أبديتم حسدكم ونفاقكم " ! فأمر بها فأخرجت من المسجد وقال : ما لنا وللنساء .

وقام بريدة الأسلمي وقال : أتثب - يا عمر - على أخي رسول الله وأبي ولده ، وأنت الذي نعرفك في قريش بما نعرفك ؟ ! ألستما قال لكما رسول الله ( ص ) : " انطلقا إلى علي وسلما عليه بإمرة المؤمنين " ؟ فقلتما : أعن أمر الله وأمر رسوله ؟ قال : نعم .

فقال أبو بكر : قد كان ذلك ، ولكن رسول الله قال بعد ذلك : " لا يجتمع لأهل بيتي النبوة والخلافة " .
فقال : " والله ما قال هذا رسول الله ، والله لا سكنت في بلدة أنت فيها أمير ، فأمر به عمر فضرب وطرد ! ثم قال : قم يا ابن أبي طالب فبايع .

- ج2 ص 161 -

فقال ( ع ) : فإن لم أفعل : قال : إذا والله نضرب عنقك ، فاحتج عليهم ثلاث مرات ، ثم مد يده من غير أن يفتح كفه ، فضرب عليها أبو بكر ، ورضي بذلك منه . فنادى علي ( ع ) قبل أن يبايع - والحبل في عنقه - : * ( يا بن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ) * .

وقيل للزبير : بايع . فأبى ، فوثب إليه عمر ، وخالد بن الوليد ، والمغيرة بن شعبة في أناس معهم ، فانتزعوا سيفه ( من يده ) فضربوا به الأرض ( حتى كسروه ثم لببوه ) .

فقال الزبير - ( وعمر على صدره ) - : " يا ابن صهاك ، أما والله لو أن سيفي في يدي لحدت عني " . ثم بايع . قال سلمان : ثم أخذوني فوجأوا عنقي حتى تركوها كالسلعة ، ثم أخذوا يدي ( وفتلوها ) ، فبايعت مكرها . ثم بايع أبو ذر والمقداد مكرهين ، وما بايع أحد من الأمة مكرها غير علي ( ع ) وأربعتنا .

ولم يكن منا أحد أشد قولا من الزبير ، فإنه لما بايع قال : يا ابن صهاك ، أما والله لولا هؤلاء الطغاة الذين أعانوك لما كنت تقدم علي ومعي سيفي ، لما أعرف من جبنك ولؤمك ، ولكن وجدت طغاة تقوى بهم وتصول .

فغضب عمر وقال : أتذكر صهاك ؟ فقال : ( ومن صهاك ) وما يمنعني من ذكرها ؟ ! وقد كانت صهاك زانية ، أو تنكر ذلك ؟ ! أوليس كانت أمة حبشية لجدي عبد

- ج2 ص 162 -

المطلب فزنى بها جدك نفيل ، فولدت أباك الخطاب ، فوهبها عبد المطلب لجدك - بعدما نزى بها - فولدته ، وإنه لعبد لجدي ولد زنا ؟ ! . فأصلح بينهما أبو بكر وكف كل واحد منهما عن صاحبه .

قال سليم بن قيس : فقلت لسلمان : أفبايعت أبا بكر - يا سلمان - ولم تقل شيئا ؟ قال : قد قلت بعدما بايعت : تبا لكم سائر الدهر ، أوتدرون ما صنعتم بأنفسكم ؟ أصبتم وأخطأتم ! أصبتم سنة من كان قبلكم من الفرقة والاختلاف ، وأخطأتم سنة نبيكم حتى أخرجتموها من معدنها وأهلها .

فقال عمر : يا سلمان ، أما إذ ( بايع صاحبك ) وبايعت فقل ما شئت وافعل ما بدا لك ، وليقل صاحبك ما بدا له .
قال سلمان : فقلت : سمعت رسول الله ( ص ) يقول : " إن عليك وعلى صاحبك الذي بايعته مثل ذنوب ( جميع ) أمته إلى يوم القيامة ومثل عذابهم جميعا " .
فقال : قل ما شئت ، أليس قد بايعت ولم يقر الله عينيك بأن يليها صاحبك ؟
فقلت : أشهد أني قد قرأت في بعض كتب الله المنزلة أنك - باسمك ونسبك وصفتك - باب من أبواب جهنم .
فقال لي : قل ما شئت ، أليس قد أزالها الله عن أهل ( هذا ) البيت الذي اتخذتموه أربابا من دون الله ؟
فقلت له : أشهد أني سمعت رسول الله ( ص ) يقول ، وسألته

- ج2 ص 163 -

عن هذه الآية : * ( فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد ) * ، فأخبرني بأنك أنت هو .
فقال عمر : اسكت : أسكت الله نامتك ، أيها العبد ، يا ابن اللخناء !
فقال علي ( ع ) : أقسمت عليك يا سلمان لما سكت . . الخ " ( 1 ) .

 

( 1 ) كتاب سليم بن قيس ( بتحقيق الأنصاري ) : ج 2 ص 584 / 594 ، راجع : الاحتجاج : ج 1 ص 210 / 216 ، وجلاء العيون ، وراجع : مرآة العقول : ج 5 ص 319 و 320 والبحار : ج 28 ص 268 / 270 ، و 299 و 261 و ج 43 ص 197 / 200 . وراجع : العوالم : ج 11 ص 400 - 403 و 404 . وراجع : ضياء العالمين ( مخطوط ) ج 2 ق 3 ص 63 و 64 . ( * )


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net