متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
بداية - ماذا نريد في هذا الفصل ، إحراق الباب أو التهديد به - إذا عرف السبب زال العجب - خلاصات
الكتاب : مأساة الزهراء عليها السلام .. شبهات وردود ج2    |    القسم : مكتبة رد الشبهات

الفصل الثاني : التصدي لإحراق باب بيت فاطمة ( ع )

------------------------------- ج2 ص 287 -------------------------------

بداية : إن ما تقدم قد أعطانا صورة عن الأبواب لبيوت مدينة الرسول ( ص ) في عهده صلوات الله وسلامه عليه وعلى أهل بيته الطاهرين . ولكن ، بما أن البعض قد حاول - بدعوى عدم وجود أبواب في المدينة - تأييد إنكاره لما جرى على الزهراء صلوات الله وسلامه عليها ، من الهجوم على بابها ، ومحاولة إحراقه ، وما تبع ذلك من الاعتداء عليها بالضرب ، من أكثر من شخص ، حتى أسقطت جنينها ، بل وكسر ضلعها أيضا ، فماتت صديقة ، شهيدة ، صابرة محتسبة .

وهو إنما يريد بذلك إزالة أداة الجرم لينتفي الجرم نفسه .

ومن أجل ذلك أحببنا أن نورد هنا طائفة من النصوص التي تحدثت عن وجود باب لبيت فاطمة ( ع ) بالذات ; فنقول ، وعلى الله نتوكل ، ومنه نستمد القوة والحول . وعليه التكلان .

ماذا نريد في هذا الفصل :

لا نريد في هذا الفصل أن نذكر ما تعرضت له الزهراء صلوات الله وسلامه عليها من إهانات ومصائب على أيدي الذين اغتصبوا الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقد تقدم ذلك .

- ج2 ص 288 -

ولكننا نريد - فقط - أن نذكر بعض النصوص التي رويت من طرق السنة والشيعة على حد سواء ، وذكرت جمعهم للحطب على باب بيت فاطمة الزهراء ( ع ) ، لإحراقه ، وإضرام النار فيه بالفعل ، أو هددوا بذلك .

وسوف نذكر أولا النصوص التي وردت فيها كلمة باب ، ثم نعقبها ببعض النصوص التي لم تذكر هذه الكلمة واكتفت بذكر الإحراق ، أو التهديد به .

ثم نذكر أيضا نموذجا من النصوص التي تحدثت عن إسقاط المحسن بسبب عصر الزهراء ( ع ) ، بين الباب والحائط ، رغم أننا قد ذكرنا ذلك كله وسواه في فصول سابقة .

فنقول : إحراق الباب أو التهديد به :

 1 - روى البلاذري وغيره ; وروته الشيعة من طرق كثيرة : أن أبا بكر أرسل إلى علي يريده للبيعة ، فلم يبايع ، فجاء عمر ، ومعه قبس ، فتلقته فاطمة على الباب ، فقالت : يا ابن الخطاب ، أتراك محرقا علي بابي ؟ ! . قال : نعم ، وذلك أقوى فيما جاء به أبوك . وجاء علي فبايع ( 1 ) .

 

( 1 ) البحار : ج 28 ص 389 و 411 ، وهامش ص 268 ، عن البلاذري ، وأنساب الأشراف : ج 1 ص 586 ، وراجع المصادر التالية : وبعضها أبدل كلمة بابي بكلمة بيتي : الشافي للسيد المرتضى : ج 3 ص 241 ، والعقد الفريد : ج 4 ص 259 و 260 و ج 2 ص 250 و ج 3 ص 63 ، وكنز العمال : ج 3 ص 149 ، =>

 
 

- ج2 ص 289 -

 2 - وفي نص آخر ، قال المفضل للصادق عليه السلام : يا مولاي ، ما في الدموع من ثواب ؟ قال : ما لا يحصى . . إلى أن تقول الرواية : فقال له الصادق ( ع ) : ولا كيوم محنتنا في كربلاء ، وإن كان يوم السقيفة ، وإحراق النار على باب أمير المؤمنين ، والحسن والحسين ، وفاطمة ، وزينب ، وأم كلثوم عليهم السلام ، وفضة ، وقتل محسن بالرفسة أعظم وأدهى وأمر ، لأنه أصل يوم العذاب ( 1 ) .
 وقال عليه السلام : ويأتي محسن مخضبا محمولا تحمله خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين الخ . . ( 2 ) .

 3 - روى المفضل حديثا : عن الإمام الصادق : يتحدث فيه عن الإمام الحجة ، ورجعة بعض الأموات فكان ما قاله : " ضرب سلمان الفارسي ، وإشعال النار على باب أمير المؤمنين ، وفاطمة ، والحسن والحسين عليهم السلام لإحراقهم بها ، وضرب يد الصديقة الكبرى فاطمة بالسوط ، ورفس بطنها وإسقاطها محسنا . . إلى أن تقول الرواية : " وجمعهم الجزل والحطب على الباب لإحراق بيت أمير المؤمنين ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ، وزينب ، وأم

 

=> والرياض النضرة : ج 1 ص 167 ، والمختصر في أخبار البشر ، لأبي الفداء : ج 1 ص 156 ، والطرائف : ص 239 ، وتاريخ الخميس : ج 1 ص 178 ، ونهج الحق : ص 271 ، ونفحات اللاهوت : ص 79 ، وراجع : مسند فاطمة في العوالم : ج 11 ص 602 و 408 ، والشافي لابن حمزة : ج 4 ص 174 ، وتلخيص الشافي : ج 3 ص 76 ، وراجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج 2 ص 147 .
( 1 ) و ( 2 ) فاطمة الزهراء بهجة قلب المصطفى : ص 532 ، عن نوائب الدهور للعلامة السيد الميرجهاني : ص 194 . ( * )

 
 

- ج2 ص 290 -

كلثوم عليهم السلام ، وفضة ، وإضرامهم النار على الباب ، وخروج فاطمة ، وخطابها لهم من وراء الباب وقولها : ويحك يا عمر ، ما هذه الجرأة على الله وعلى رسوله ؟ تريد أن تقطع نسله من الدنيا وتفنيه ، وتطفئ نور الله والله متم نوره " . ثم تذكر الرواية جواب عمر لها وفيه : " فاختاري إن شئت خروجه لبيعة أبي بكر أو إحراقكم جميعا " .

وتقول هذه الرواية أيضا : وإدخال قنفذ يده ( لعنه الله ) يروم فتح الباب ، وضرب عمر لها بالسوط على عضدها حتى صار كالدملج الأسود ، وركل الباب برجله ، حتى أصاب بطنها ، وهي حامل بالمحسن لستة أشهر وإسقاطها إياه .
وهجوم عمر ، وقنفذ وخالد بن الوليد ، وصفقة خدها حتى بان قرطها تحت خمارها ، وهي تجهر بالبكاء ، وتقول : " وا أبتاه وا رسول الله ، ابنتك فاطمة تكذب ، وتضرب ، ويقتل جنينها في بطنها وخروج أمير المؤمنين ( ع ) من داخل الدار محمر العين حاسرا . . إلى أن قال : " فقد جاءها المخاض من الرفسة ، ورد الباب ، فأسقطت محسنا ( 1 ) " .

 4 - ويروي سليم بن قيس هذه القضية ، عن سلمان وعبد الله بن عباس ، فذكرا : إنه بعد أن بويع أبو بكر ، بعثا - أبو بكر وعمر - مرارا ، وأبى علي ( ع ) أن يأتيهم ، فوثب عمر غضبان ، ونادى خالد بن الوليد ، وقنفذا ، فأمرهما أن يحملا حطبا ونارا ، ثم أقبل حتى انتهى إلى باب علي ، وفاطمة عليهما السلام قاعدة خلف الباب ، وقد عصبت رأسها ، ونحل جسمها بعد وفاة رسول الله ( ص ) ، فأقبل عمر حتى ضرب الباب ، ثم نادى : يا ابن أبي طالب ; افتح الباب ، فقالت فاطمة

 

( 1 ) البحار : ج 53 ، ص 14 و 17 و 18 و 19 . ( * )

 
 

- ج2 ص 291 -

( ع ) : يا عمر ، ما لنا ولك لا تدعنا وما نحن فيه ؟ ! . قال : افتحي الباب ، وإلا أحرقنا عليكم . فقالت : يا عمر ، أما تتقي الله عز وجل ، تدخل علي بيتي ، وتهجم علي داري ، فأبى أن ينصرف ، ثم دعا بالنار ، فأضرمها في الباب ، فأحرق الباب ، ثم دفعه عمر ، فاستقبلته فاطمة ، وصاحت : يا أبتاه يا رسول الله الخ . . ( 1 ) وثمة تفصيلات أخرى لما جرى فراجع ( 2 ) .

 5 - وفي رواية المفيد : " انفذ عمر بن الخطاب قنفذا ، وقال له : أخرجهم من البيت ، فإن خرجوا ، وإلا فاجمع الأحطاب على بابه ، واعلمهم أنهم إن لم يخرجوا أضرمت عليهم البيت نارا " . ثم قام بنفسه في جماعة ، منهم المغيرة بن شعبة الثقفي ، وسالم مولى أبي حذيفة ، حتى صاروا إلى باب علي عليه السلام ، فنادى : يا فاطمة بنت رسول الله ، أخرجي ، من اعتصم ببيتك ليبايع ، ويدخل فيما دخل فيه المسلمون ، وإلا - والله - أضرمت عليهم نارا . . وفي حديث مشهور ( 3 ) .

وفي نص آخر : أنه حين بويع لأبي بكر كان علي ( ع ) والزبير يدخلون على فاطمة ( ع ) ويشاورونها ، ويرتجعون في أمرهم ، فبلغ ذلك عمر ، فجاء إلى فاطمة فقال : " يا بنت رسول الله ، والله ، ما من الخلق أحب إلي من أبيك ، وما من أحد أحب إلينا بعد أبيك منك ، وأيم الله ، ما ذلك بمانعي إن اجتمع النفر عندك أن آمر بهم أن يحرق عليهم

 

( 1 ) البحار : ج 43 ص 197 و 198 و ج 28 ص 299 وكتاب سليم بن قيس : ج 2 ص 250 ( ط الأعلمي ) .
( 2 ) البحار : ج 28 ص 268 - 270 و 261 .            ( 3 ) الجمل : ص 117 و 118 ( ط جديد ) . ( * )

 
 

- ج2 ص 292 -

الباب ، فلما خرج عمر جاءوها ، قالت : تعلمون : أن عمر قد جاءني ، وقد حلف بالله لئن عدتم ليحرقن عليكم الباب ، وأيم الله ، ليمضين ما حلف عليه ، فانصرفوا راشدين ، فروا رأيكم الخ . . فانصرفوا عنها ، فلم يرجعوا إليها حتى بايعوا ( 1 ) . وليلاحظ : أنه يذكر تحريق الباب لا البيت ، وهو ما قد حصل بالفعل .

 6 - يقول عمر : " فلما انتهينا إلى الباب ، فرأتهم فاطمة ( ع ) أغلقت الباب في وجوههم ، وهي لا تشك أن لا يدخل عليها إلا بإذنها ، فضرب عمر الباب برجله فكسره ، وكان من سعف ، ثم دخلوا فأخرجوا عليا ( ع ) ملببا " ( 2 ) .

 7 - وروي أن النبي ( ص ) قال في وصيته لعلي ( ع ) عن فاطمة " . . . وويل لمن هتك حرمتها ، وويل لمن أحرق بابها ، وويل لمن آذى خليلها ، وويل لمن شاقها وبارزها " ( 3 ) .

 

( 1 ) منتخب كنز العمال : ( مطبوع بهامش مسند أحمد ) ج 2 ص 174 و ج 5 ص 651 ، والاستيعاب ( بهامش الإصابة ) : ج 2 ص 254 و 255 ، والوافي بالوفيات : ج 17 ص 311 ، وكنز العمال : ج 5 ص 651 ، وإفحام الأعداء والخصوم : ص 72 ، وعن المصنف لابن أبي شيبة : ج 14 ص 567 ، والحديث موجود في شرح نهج البلاغة للمعتزلي : ج 2 ص 45 عن الجوهري وفي الشافي : ج 4 ص 110 ، والمغني للقاضي عبد الجبار : ج 20 قسم 1 ص 335 ، وقرة العين ، لولي الله الدهلوي : ( ط بيشاور ) ص 78 ، والشافي لابن حمزة : ج 4 ص 174 ، ونهاية الإرب : ج 19 ص 40 .
( 2 ) البحار : ج 28 ص 227 ، وتفسير العياشي : ج 2 ص 67 ، وراجع : الاختصاص : ص 185 و 186 ، وتفسير البرهان : ج 2 ص 93 .
( 3 ) البحار : ج 22 ص 485 ، وخصائص الأئمة : ص 72 . ( * )

 
 

- ج2 ص 293 -

 8 - وفي حديث مروي عن الزهراء نفسها تقول : " فجمعوا الحطب الجزل على بابنا ، وأتوا بالنار ليحرقوه ويحرقونا ، فوقفت بعضادة الباب ، وناشدتهم بالله وبأبي أن يكفوا عنا وينصرونا ، فأخذ عمر السوط من يد قنفذ مولى أبي بكر ، فضرب به عضدي ، فالتوى السوط على عضدي حتى صار كالدملج ، وركل الباب برجله ، فرده علي ، وأنا حامل ، فسقطت لوجهي والنار تسعر ، وتسفع وجهي ، فضربني بيده حتى انتثر قرطي من أذني ، وجاءني المخاض ، فأسقطت محسنا قتيلا بغير جرم ( 1 ) .

 9 - ومما قاله بعض الزيدية مما استحسنه النقيب في الرد على الجويني : " . . فكيف صار هتك ستر عائشة من الكبائر التي يجب فيها التخليد في النار ، والبراءة من فاعله ، ومن أوكد عرى الإيمان ؟ ! وصار كشف بيت فاطمة ، والدخول عليها منزلها ، وجمع حطب ببابها وتهديدها بالتحريق من أوكد عرى الإيمان " . وقد نقل هذا القول عن كراس لبعض الزيدية ورأى فيه أبو جعفر جوابا كافيا للجويني ( 2 ) .

 10 - ويقول المسعودي : " فوجهوا إلى منزله ، فهجموا عليه ، وأحرقوا بابه ، واستخرجوه منه كرها " ( 3 ) .

 11 - وقد اعتبر المعتزلي الشافعي الروايات التي تقول : " إن عمر ضغطها بين الباب والجدار حتى أسقطت جنينها " هي مما تنفرد به

 

( 1 ) البحار : ( ط قديم ) ج 2 ص 231 ، و ( ط جديد ) ج 30 ص 348 ، عن إرشاد القلوب للديلمي .
( 2 ) راجع شرح المنهج للمعتزلي : ج 20 ص 16 و 17 .
( 3 ) إثبات الوصية : ص 143 ، والبحار : ج 28 ص 308 . ( * )

 
 

- ج2 ص 294 -

الشيعة ( 1 ) . ولكن كلامه هذا غير دقيق ، فقد روى ذلك كثيرون من غير الشيعة ، كما ذكرناه في قسم النصوص فراجع .

 12 - وذكر المجلسي رحمه الله تعالى عهدا كان كتبه الخليفة الثاني إلى معاوية يحكي فيه له ما جرى لهم مع الزهراء ( ع ) ، وقد جاء فيه قوله : فأتيت داره مستيشرا ( 2 ) لإخراجه منها ، فقالت الأمة فضة - وقد قلت لها قولي لعلي : يخرج إلى بيعة أبي بكر فقد اجتمع عليه المسلمون فقالت : إن أمير المؤمنين ( ع ) مشغول ، فقلت : خلي عنك هذا وقولي له : يخرج وإلا دخلنا عليه وأخرجناه كرها .
فخرجت فاطمة فوقفت من وراء الباب ، فقالت : أيها الضالون المكذبون ! ماذا تقولون ؟ وأي شئ تريدون ؟ . فقلت : يا فاطمة ! . فقالت فاطمة : ما تشاء يا عمر ؟ ! . فقلت : ما بال ابن عمك قد أوردك للجواب وجلس من وراء الحجاب ؟ . فقالت لي : طغيانك - يا شقي - أخرجني وألزمك الحجة ، وكل ضال غوي . فقلت : دعي عنك الأباطيل وأساطير النساء وقولي لعلي

 

( 1 ) شرح النهج للمعتزلي : ج 2 ص 60 .
( 2 ) ما في مطبوع البحار يقرأ : مستأشرا ، والمستأشر : هو الذي يدعو إلى تحزيز الأسنان ، كما في القاموس 1 / 364 . قال في مجمع البحرين 3 / 511 : وشرت المرأة أنيابها وشرا - من باب وعد - إذا حددتها ورققتها فهي واشرة ، واستوشرت : سألت أن يفعل بها ذلك . أقول : ولعل الواو قلبت ياء ولعله كناية . ( * )

 
 

- ج2 ص 295 -

يخرج . فقالت : لا حبا ولا كرامة ( 1 ) أبحزب الشيطان تخوفني يا عمر ؟ ! وكان حزب الشيطان ضعيفا . فقلت : إن لم يخرج جئت بالحطب الجزل وأضرمتها نارا على أهل هذا البيت وأحرق من فيه ، أو يقاد علي إلى البيعة . وأخذت سوط قنفذ فضربت ( 2 ) وقلت لخالد بن الوليد : أنت ورجالنا هلموا في جمع الحطب ، فقلت : إني مضرمها .
فقالت : يا عدو الله وعدو رسوله وعدو أمير المؤمنين ، فضربت فاطمة يديها ( 3 ) من الباب تمنعني من فتحه فرمته فتصعب علي فضربت كفيها بالسوط فآلمها ، فسمعت لها زفيرا وبكاء ، فكدت أن ألين وأنقلب عن الباب فذكرت أحقاد علي وولوعه في دماء صناديد العرب ، إلى أن قال : فركلت ( 4 ) الباب وقد ألصقت أحشاءها بالباب تترسه ، وسمعتها وقد صرخت صرخة حسبتها قد جعلت أعلى المدينة أسفلها ، وقالت : يا أبتاه ! يا رسول الله ! هكذا كان يفعل بحبيبتك وابنتك ، آه يا فضة ! إليك فخذيني ، فقد والله قتل ما في أحشائي من حمل . وسمعتها تمخض ( 5 ) وهي مستندة إلى الجدار ، فدفعت الباب

 

( 1 ) كذا وردت في ( ك ) ، إلا أنه وضع على : فقالت : رمز مؤخر ( م ) ، وعلى : لا حب ولا كرامة ، رمز مقدم ، فتصير هكذا : لا حب ولا كرامة فقالت : أبحزب . . إلى آخره ، والظاهر : لا حبا .

 
( 2 ) في ( س ) : وضربت وأخذت سوط قنفذ .
( 3 ) جاء في ( س ) : يدها .
( 4 ) قال في القاموس 3 / 386 : الركل : الضرب برجل واحدة .
( 5 ) قال في القاموس 2 / 344 : مخضت تمخيضا : أخذها الطلق . ( * )
 

- ج2 ص 296 -

ودخلت فأقبلت إلي بوجه أغشى بصري ، فصفقت صفقة ( 1 ) على خديها من ظاهر الخمار فانقطع قرطها وتناثرت إلى الأرض ، وخرج علي ، فلما أحسست به أسرعت إلى خارج الدار ، وقلت لخالد وقنفذ ومن معهما : نجوت من أمر عظيم .

وفي رواية أخرى : قد جنيت جناية عظيمة لا آمن على نفسي . وهذا علي قد برز من البيت وما لي ولكم جميعا به طاقة . فخرج علي وقد ضربت يديها إلى ناصيتها لتكشف عنها وتستغيث بالله العظيم ما نزل بها ، فأسبل علي عليها ملاءتها ( 2 ) وقال لها : يا بنت رسول الله ! إن الله بعث أباك رحمة للعالمين ، إلى أن قال : فكوني - يا سيدة النساء - رحمة على هذا الخلق المنكوس ولا تكوني عذابا . واشتد بها المخاض ودخلت البيت فأسقطت سقطا سماه علي : محسنا . وجمعت جمعا كثيرا ، لا مكاثرة لعلي ولكن ليشد بهم قلبي ، وجئت - وهو محاصر - فاستخرجته من داره . . إلى أن قال : وأبو بكر يقول : ويلك يا عمر ، ما الذي صنعت بفاطمة ( 3 ) .

 13 - وقال عبد الجليل القزويني الرازي عن عمر : إنه " ضرب الباب على بطن فاطمة ، ومنعها من البكاء على أبيها " ( 4 ) .

 14 - وقال الفيض الكاشاني : " . . ثم إن عمر جمع جماعة من

 

( 1 ) في ( س ) : صفقته .    ( 2 ) قال في مجمع البحرين 1 / 398 : ملاءة : كل ثوب لين رقيق .
( 3 ) البحار : ج 30 ص 293 - 295 ، والهداية الكبرى للخصيبي ، ص 417 .    ( 4 ) النقض : ص 302 . ( * )

 
 

- ج2 ص 297 -

الطلقاء المنافقين وأتى بهم إلى منزل أمير المؤمنين عليه السلام ، فوافوا بابه مغلقا . فصاحوا به : أخرج يا علي ، فإن خليفة رسول الله يدعوك ، فلم يفتح لهم الباب . فأتوا بحطب ، فوضعوه على الباب ، وجاؤا بالنار ليضرموه ، فصاح عمر ، وقال : والله لئن لم تفتحوا لنضرمنه بالنار .

فلما عرفت فاطمة عليها السلام أنهم يحرقون منزلها ، قامت ، وفتحت الباب . فدفعوها القوم قبل أن تتوارى عنهم . فاختبأت فاطمة عليها السلام وراء الباب والحائط . ثم إنهم تواثبوا على أمير المؤمنين عليه السلام ، وهو جالس على فراشه ، واجتمعوا عليه حتى أخرجوه سحبا من داره ، ملببا بثوبه ، يجرونه إلى المسجد . فحالت فاطمة بينهم وبين بعلها ، وقالت : والله ، لا أدعكم تجرون ابن عمي ظلما . .

إلى أن تقول الرواية : فتركه أكثر القوم لأجلها . فأمر عمر قنفذ بن عمران ، أن يضربها بسوطه . فضربها قنفذ بالسوط على ظهرها وجنبيها إلى أن أنهكها ، وأثر في جسمها الشريف . وكان ذلك الضرب أقوى ضرر في إسقاط جنينها . وكان رسول الله صلى الله عليه وآله سماه محسنا . وجعلوا يقودون أمير المؤمنين عليه السلام إلى المسجد ، حتى أوقفوه بين يدي أبي بكر ، فلحقته فاطمة لتخلصه فلم تتمكن من ذلك ، فعدلت إلى قبر أبيها ، فأشارت إليه الخ . . " ( 1 ) .

 

( 1 ) علم اليقين ، للفيض الكاشاني : ص 686 - 688 ، الفصل العشرون . ( * )

 
 

- ج2 ص 298 -

ويؤيد ما تقدم :
 1 - قولهم :
" فحالت فاطمة عليها السلام بين زوجها وبينهم عند باب البيت ، فضربها قنفذ بالسوط . . . إلى أن قال : فأرسل أبو بكر إلى قنفذ لضربها ، فألجأها إلى عضادة باب بيتها ، فدفعها ، فكسر ضلعا من جنبها ، وألقت جنينا من بطنها " ( 1 ) .

 2 - وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : " ألا إن فاطمة بابها بابي ، وبيتها بيتي ، فمن هتكه ، فقد هتك حجاب الله " ( 2 ) .

 3 - وقال المحقق الكركي : " والطلب إلى البيعة بالإهانة والتهديد بتحريق البيت ، وجمع الحطب عند الباب ، وإسقاط فاطمة محسنا ، ولقد ذكروا - كما رواه أصحابنا - إغراء للباقين بالظلم لهم ، والانتقام منهم ( 3 ) . وقال : " فضلا عن الزامهم له ( ع ) بها ، والتشديد عليه ، والتهديد بتحريق البيت ، وجمع الحطب عند الباب ، كما رواه المحدثون والمؤرخون ، مثل الواقدي وغيرهم " ( 4 ) .

 4 - ونقل ابن خيزرانة في غرره : " قال زيد بن أسلم كنت ممن حمل الحطب مع عمر إلى باب فاطمة ، حين امتنع علي وأصحابه عن البيعة أن يبايعوا فقال عمر لفاطمة : أخرجي من في البيت وإلا أحرقته ومن فيه . قال : وفي البيت علي وفاطمة ، والحسن والحسين ، وجماعة

 

( 1 ) الاحتجاج : ج 1 ص 212 .
( 2 ) البحار : ج 22 ص 477 ، وفي الهامش عن الطرائف

( 3 ) نفحات اللاهوت : ص 130 .
( 4 ) المصدر السابق : ص 65 . ( * )
 
 

- ج2 ص 299 -

من أصحاب النبي ( ص ) . فقالت فاطمة : تحرق على ولدي ؟ ! فقال : أي والله ، أو ليخرجن وليبايعن " ( 1 ) .

إذا عرف السبب زال العجب :

وبعد ما تقدم يتضح : أن سبب إنكار وجود الأبواب لبيوت أزواج النبي ( ص ) بالمدينة ، ثم إنكار الأبواب لبيوت المدينة بأسرها هو التشكيك في الروايات الكثيرة التي رواها أهل السنة والشيعة ، التي تثبت محاولة بعض صحابة الرسول إحراق باب الزهراء وبيتها بمن فيه ، وفيه الزهراء ، وعلي ، والحسنان وآخرون . وإذا لم يكن ثمة مصاريع وأبواب ، فلا أثر بعد هذا لكل ما رواه المحدثون والمؤرخون أن إسقاط المحسن بن علي قد كان بسبب ضربها ( ع ) ، ثم حصرها بين الباب والحائط ؟ !

إن من يطلع على الكيد العلمي ، والثقافي والتاريخي والمذهبي الذي أظهره خصوم أهل البيت ( ع ) في مواجهتهم لهم صلوات الله وسلامه عليهم لا يستطيع أن يتردد كثيرا في البخوع لهذا الأمر ، ولا أقل من جعله في الحسبان ، متلمسا الشواهد والمؤيدات له .

ويتضح ما جرى للزهراء في هذا المجال ، إذا اطلعنا على ما تقدم من نصوص لا نجد مبررا للتشكيك فيها ، بعد أن رواها الكثيرون من

 

( 1 ) نهج الحق : ص 271 ، وقال في هامشه : هذا قريب مما رواه ابن قتيبة في الإمامة والسياسة : ص 12 وابن الشحنة في تاريخه : ( بهامش الكامل ) ج 7 ص 164 وأبو الفداء في تاريخه : ج 1 ص 156 ، وابن عبد ربه في العقد الفريد : ج 2 ص 254 ، واليعقوبي في تاريخه : ج 2 ص 105 . ( * )

 
 

- ج2 ص 300 -

أولئك الذين يهمهم تبرئة ساحة هذا الفريق الذي ما زالوا يحبونه ، ويعظمونه على مر الدهور والعصور .

خلاصات :

وقد رأينا : أن هذا الفصل قد تضمن مجموعة من التعابير ، المفيدة في تأكيد وجود باب لبيت فاطمة يفتح ويغلق ، ويكسر ، ويحرق . فلاحظ الخلاصة التالية :
- أتراك محرقا علي بابي ؟
- وخطابها لهم من وراء الباب .
- وأخذت النار في خشب الباب .
- وإدخال قنفذ يده يروم فتح الباب .
- وركل الباب برجله ، زاد في نص آخر : فرده علي وأنا حامل .
- ورد الباب .
- انتهى إلى باب علي ، وفاطمة قاعدة خلف الباب .
- ضرب الباب .
- افتحي الباب وإلا أحرقنا عليكم .
- ثم دعا بالنار فأضرمها بالباب ، فأحرق الباب .
- أغلقت الباب في وجوههم .
- فضرب . . الباب برجله فكسره ، وكان من سعف .

- ج2 ص 301 -

- ويل لمن أحرق بابها .
- فجمعوا الحطب الجزل على بابنا ، وأتوا بالنار ليحرقوه ، ويحرقونا .
- كشف بيت فاطمة والدخول عليها منزلها ، وجمع الحطب ببابها .
- فركلت الباب . وقد ألصقت أحشاءها بالباب تترسه .
- فدفعت الباب فدخلت .
- فإن خرجوا ، وإلا فاجمع الأحطاب على بابه .
- وأحرقوا بابه ، واستخرجوه منه كرها .
- ضغطها بين الباب والجدار .
- بابها بابي ، وبيتها بيتي .

أما بالنسبة لأحاديث تحريق بيت علي ( ع ) ، فقد أوردناها لارتباطها بتحريق الباب نفسه ، ولذا فلا نرى حاجة لإيراد خلاصته ، لها . وكذلك الحال بالنسبة لما أوردناه من شعر بهذا الخصوص .


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net