الاعداء يجولون حول بيوت الحسين عليه السلام قال : وأقبل القوم يجولون حول بيوت الحسين ( عليه السلام ) فيرون الخندق في
===============
( 72 ) ظهورهم ، والنار تضطرم في الحطب والقصب الذي كان اُلقي فيه. فنادى شمر بن ذي الجوشن بأعلى صوته : ياحسين أتعجلت النار قبل يوم القيامة. فقال الحسين ( عليه السلام ) مَنْ هذا كأنه شمر بن ذي الجوشن !! فقالوا له : نعم . فقال له : يابن راعية المعزى أنت أولى بها صليا ! ورام مسلم بن عوسجة أن يرميه بسهم فمنعه الحسين ( عليه السلام ) من ذلك. فقال له : دعني حتى أرميه فإنه الفاسق من أعداء الله وعُظماء الجبارين وقد أمكن الله منه. فقال له الحسين ( عليه السلام ) : لا ترمه فإني أكره أن أبدأهم (1). وجاء في الامالي : عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : وأقبل رجل من عسكر عمر بن سعد على فرس له ، يقال له : ابن أبي جويرية المزني ، فلما نظر إلى النار تتّقد صَفق بيده ونادى : يا حسين وأصحاب الحسين ، أبشروا بالنار فقد تعجلتموها في الدنيا. فقال الحسين ( عليه السلام ) : مَن الرجل ؟ فقيل : ابن أبي جويرية المزني. فقال الحسين ( عليه السلام ) : اللهم أذقه عذاب النار في الدنيا ، فنفرَ به فرسُه فألقاه في تلك النار فاحترق. ثم برز من عسكر عمر بن سعد رجل آخر ، يقال له : تميم بن الحصين الفزاري ، فنادى : يا حسين ويا أصحاب الحسين ، أما ترون إلى ماء الفرات يلوح كأنه بطون الحيات ، والله لا ذقتم منه قطرة حتى تذوقوا الموت جزعاً. ____________ (1) الارشاد للشيخ المفيد : ص 233 ـ 234 ، بحار الانوار : ج 45 ، ص 4 ـ 5 ،تاريخ الطبري : ص321 ـ 322.
===============
( 73 ) فقال الحسين ( عليه السلام ) : مَن الرجل ؟ فقيل : تميم بن حُصين. فقال الحسين ( عليه السلام ) : هذا وأبوه من أهل النار ، أللهم اقتل هذا عطشاً في هذا اليوم. قال : فخنقه العطش حتى سقط عن فرسه ، فوطأته الخيل بسنابكها فمات. ثم أقبل آخر من عسكر عمر بن سعد ، يقال له محمد بن أشعث بن قيس الكندي ، فقال : يا حسين بن فاطمة ، أيةُ حرمة لك من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ليست لغيرك؟! قال الحسين ( عليه السلام ) : هذه الاية ( إنَّ اللهَ اصطفَى آدَمَ ونُوحاً وآلَ إبراهيمَ وآلَ عِمرانَ على العَالمِينَ ، ذُريةً ) (1). ثم قال : والله إنَّ محمداً لَمن آل إبراهيم وإن العترة الهادية لمن آل محمد ، مَن الرجل ؟ فقيل : محمد بن أشعث بن قيس الكندي. فرفع الحسين ( عليه السلام ) رأسه إلى السماء فقال : أللهم أرِ محمدَ بن الاشعث ذُلاًّ في هذا اليوم لا تعزّه بعد هذا اليوم أبداً ، فعرض له عارض فخرج من العسكر يتبرز فسلّط الله عليه عقرباً فلذعه فمات باديَ العورة. فبلغ العطش من الحسين ( عليه السلام ) وأصحابه ، فدخل عليه رجل من شيعته يقال له : يزيد بن الحصين الهمداني... فقال : يا بن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أتأذن لي فأخرج إليهم فأملهم ، فأذن له. فخرج إليهم فقال : يا معشر الناس إن الله ـ عزّ وجلّ ـ بعث محمداً بالحقِّ بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً ، وهذا ماءُ الفرات تقع فيه خنازير ____________ (1) آل عمران الاية : ص33 ـ 34.
===============
( 74 ) السواد وكلابها ، وقد حيل بينه وبين ابنه ؟ فقالوا : يا يزيد فقد أكثرت الكلام فاكفّف فوالله ليعطش الحسين ( عليه السلام ) كما عطش مَنْ كان قبله. فقال الحسين ( عليه السلام ) : اقعد يا يزيد ، ثم وثب الحسين ( عليه السلام ) متوكياً على سيفه....الخ (1). إلى هنا قد تم ما تسنى لي جمعُه وإعدادُه من كتب السيرة والحديث في خصوص أحداث ووقائع هذه الليلة العظيمة على أهل بيت محمد ( صلى الله عليه وآله ) وما يرتبط بها ، وآخر دعوانا أنْ الحمد لله رب العالمين ، وسيعلمُ الذين ظلموا ـ آل بيت محمد ـ أيَّ منقلب ينقلبون ، والعاقبةُ للمتّقين. وذلك في ليلة الخميس السابعة من شهر رجب المرجب عام ألف وأربعمائة وستة عشر للهجرة المباركة على مهاجرها وآله أفضل الصلاة والتسليم. ____________ (1) أمالي الصدوق : ص134 ـ 135.
|