متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
محطة ( اتخاذ الليل جملاً )
الكتاب : ليلة عاشوراء في الحديث و الأدب    |    القسم : مكتبة الأدب و الشعر
محطة ( اتخاذ الليل جملاً )


نبدأ أولاً بالنص الذي حاور به الامام الحسين (عليه السلام) أصحابه ليلة العاشر من المحرم ليتركوه وحده للاعداء في نص يحمل كلّ أسرار البلاغة العلوية حين قال لهم : (هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً)
فسنرى كيف تناول الشعراء مقطعاً منه تحديداً وإختصاراً وهو نص (فهذا الليل فاتخذوه جملاً) فعند محاولة إستحضاره وإستضافته سيكون هناك إستحضاران للاداء الشعري المقابل في صيغة إعادة إنتاج أو مقاربة متدرجة وهما :

1 ـ الاستحضار اللفظي :
في هذا الجزء من النصّ الاصلي ثلاث كلمات هي (الليل ، فاتخذوه ، جملاً) وبما أن السياق الذي جاءت فيه هذه الكلمات في النص هو سياق الخطاب النثري غير الموزون فسوف يقرّبه الشعراء إلى واقع النظم وفقاً لمتطلبات الاوزان العروضية التي سيستخدمونها ، وسنقسّم هذا الاستحضار اللفظي وفقاً لوجود الكلمات الثلاث الى :

أ ـ لفظي تام :
إستطاع الشعراء أن يستخدموا الكلمات الثلاث فيه ومنهم الشيخ هادي آل كاشف الغطاء في إرجوزته حيث قال من بحر الرجز :

===============

( 205 )


 

الليل قد أجنّكم وأقبلا * فاتخذوه للنجاة جملا


وكذلك السيد محد رضا القزويني حيث قال من بحر الرمل :
أقبل الليل ألا فاتخذوه جملاً فالستر أحرى...

ب ـ لفظي ناقص :
إستخدم الشيخ عبدالمنعم الفرطوسي لفظة (الظلام) بدلاً عن لفظة (الليل) لمقتضيات عروضية إقتضاها النظم على بحر الخفيف فقال :

جنّ هذا الظلام فاتخذوه * جملاً للنجا وأضفى غشاء


ومن بحر الكامل قال السيد محسن الامين في قصيدته (همم على هام النجوم) :

جاء المسا فدعاهمُ قوموا اذهبوا * فالليلُ ستر جهرهُ إخفات


وقال في قصيدته الاخرى بعد أن إستبدل لفظة (الليل) بلفظة (المساء) ولم يذكر الكلمتين الاخريتين :

وأتى المساء وقد تجهّـم وجهه * واليوم محتشد البـلاء عصيب
قال إذهبوا وانجوا ونجّوا أهلـ * بيتي إنني وحدي أنا المطلوب


وقال السيد أحمد العطار بعد إبداله نفس اللفظة بلفظة (الدجى) ولم يذكر غيرها أيضا من بحر الخفيف :

إذهبو فالدجى ستير وما الوقت * هجيراً ولا السبيل خطيرا


وكذلك الشيخ محمد سعيد المنصوري باستبدالها بلفظة (الغروب) ولم يذكر غيرها أيضاً من بحر الخفيف :

===============

( 206 )


 

قال يا صحبي الكرام وفيتم * فاذهبوا في ظلام هذا الغروب


ومن الشعراء من ذكر لفظة (الليل) دون غيرها كما فعل الشيخ ابن مغامس من بحر الطويل :

ألا فارحلوا فالليل مرخ سدوله * عليكم ومنهاج البسيطة خالِ


وكذلك فعل الشاعر بولس سلامه من بحر الخفيف :

وخذوا عترتي وهيموا بجنح الليل * فالليــل درعــكم للنجــاة


وكذلك الشاعر ابن الخلفة من بحر الكامل :

قوموا بحفظ الله سيروا واغنموا * ليلاً نجاة النفس قــبل فواتــها


وكذلك العسيلي في ملحمته من بحر الكامل :

هذا سواد الليـل مدّ ظلامه * وجناحه من فوقكم مسدول
هيا إذهبوا إن الفلاة وسيعة * وجبالهـا حصن لكم ومقيل


وكذلك الشيخ النصيراوي من بحر البسيط :

ويعجب الناس أن الليل حيـن بدا * يمدّ جنحاً من الظلماء محتدما
قال الحسين لهم : خفّوا على عجل * فمـا سواي أراد المعتدون دما


وممن إستبدل لفظة (الليل) بتركيب (قبل الصبح) الشيخ لطف الله الحكيم فقال من بحر الكامل :

ياقوم من يُردِ السلامة فليجدَّ * السير قبل الصبح وليترحّلِ



2 ـ الاستحضار المعنوي:
جرى التفاعل هنا مع الصورة البصرية لاتخاذ الليل جملا ، فاستحضرت هيئة

===============

( 207 )


الركوب المجازية التي قالها الامام الحسين (عليه السلام) ببلاغة التركيب المنتج للمعنى فتمّ للشاعر نزار سنبل باستحضار لفظي ناقص ـ كما أسميناه ـ أن ياتي باستحضار معنوي فيه الكثير من دقة المعنى فقال بعد أن مهّد لقوله بصورة مركبة عن إرتداء الدرب :

إرتدوا الدرب في الخفاء سراعاً * وإركبوا الليل أيّها الازكياء


على أن الشاعر محمد سعيد المناميين يتوسّع مع قرينة الركوب ليفصّلها ويفكّكها الى أدواتها ، ويوصل الركوب الى الامتطاء فيخصصه لان الامتطاء يكون ركوباً على ظهور الحيوانات فقط ليطابق مع لفظة النص (جملا) معنوياً ويستبدل لفظة (الليل) بلفظة (الظلام) وهو المطلوب من الليل في حديث الامام الحسين(عليه السلام).
لكن المناميين يتوغل في مطابقة المعنى بإيراده للفظة (صهوة) وأضاف (الظلام) اليها ، ليحسن لديه جمال التركيب أيضاً أضافة الى الايجاز والتمكّن من حصر كل هذا في مجزوء الخفيف حيث قال :

فامتطوا صهوة الظلامْ * أســرعوا لا تلفّتـوا


 


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net