متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
8 ـ الأستاذ جواد جميل (1ـ ودّعيني 2ـ ليلة الاسى والدموع)
الكتاب : ليلة عاشوراء في الحديث و الأدب    |    القسم : مكتبة الأدب و الشعر

8 ـ للشاعر الأستاذ جواد جميل(1)
(1)
ودعيني

ودّعيني ففي غدٍ يشرب السيفُ وريدي ويحفرُ القلبَ نصلُ وغداً تذعرين حين ترين الخيلَ في وجهها جـنونٌ وقتلُ وغداً تحملين أشلائيَ الحمراء غِمداً لألف سيفٍ يُسلُّ وغداً تُنهب الخيامُ وخلفَ النارِ تبكي النسا ويهربُ طفلُ وغداً لا يَظلُّ من يــوم عاشــوراء إلاّ جراحــنا... والرملُ هاهنـا تصـرخ الرؤوس الخضيبات ويبكي على صداها النخلُ وترضُّ الخيولُ صدري فيبكي النهرُ في صمته وتبكي الخيلُ آهِ يا زينبَ البطولةِ خلّي الصبرَ رمحاً على خيامكِ يعلو ودعي الدمعَ جمرةً ولهيباً من كُوى الغيب كلُّ آنٍ يَطلُّ فطريقُ الخلودِ صعبٌ وفيه يفتحُ المرءُ جُرحَهُ أو يذلُّ

جواد جميل
الأحد 27 شوال 1416 هـ ق



____________
(1) هو : الشاعر الأستاذ جواد جميل ، ولد سنة 1373 هـ في سوق الشيوخ إحدى مدن العراق الجنوبية ، تخرج من كلية الهندسة سنة 1395 هـ ، وحاز على البكالوريوس فيها ، يُعد في طليعة الشعراء المعاصرين ، ومن نتاجه الأدبي» الحسين عليه السلام لغة ثانية وله مجاميع شعرية اُخرى ، وله مساهمة فعالة في النوادي الأدبية والثقافية.

===============

( 243 )

(2)
ليلة الأسى والدموع
آه ، يا ليلة الأسـى والدمــوعِ ، أطفأي في دمِ الطفــوف شموعي ودعيني أعيش في ظلمة الحزن ، فعمري شمس بغير طلوعِ وانثري في عيوني الجمرَ وقّاداً ، وخلّي اللهيب بين ضلوعي وامسحي بالسواد لون وجــودي فلقـد كفّنَ الرمادُ ربيعي واحمليني لكربلاءَ خيالاً بجناحٍ من عبرةٍ.. وخشوعِ حيث نحر الحسين ينتظر الماءَ ، ويهفو لرأسهِ المقطوعِ وجراحاته تئنُّ ، فيبكــي ألفُ كون ، على الصدى الموجوعِ والشفـاهُ المخضباتُ نجــومٌ شاحباتٌ من الظما والجوعِ وتمنّـى «الفراتُ» لو طهّرتهُ قطرةٌ من دماءِ نحر الرضيعِ يا عيوني أين البكاءُ ؟ ففيضي هذه كربلا وهذا شفيعي هذه كربلا...وهذي الخيولُ الجُرْدُ تعدو على التريبِ الصريعِ هذه كربلا...وهذا رسول الله يبــكي فــي ساعـة التوديعِ

جواد جميل
21 / 11 / 1416 هـ



===============

( 244 )

الأستاذ جواد جميل

شاعرية الحيوية الإنسانية المتدفقة المنتصبة أمام الفناء والموت بكل شموخ الموقف الوجودي التفصيلي الذي يصون ويديم قيم الحياة ونقاءها الخلاب ، شاعرية الرؤى والتأملات الهاربة خلف نزق طفولي يمسك بطين الإبداع ليشكّله وفق أعين الكبار الذين يرون فيه توازناً وانسجاماً مفقوداً لديهم.
لذلك فشاعرها يبكيهم لكن ليس من أجل البكاء ، فلا يصل بكاؤه إلى مناطق العويل لأنه سرعان ما ينتبه إلى التدفّق والنموّ والنضارة والطراوة التي تحيط الأشياء فيهرب اليها بلا وقار ولا تصنّع.
إن النزق العابث هو روح شاعرية جواد جميل الذي يلائم نصّه مع حاجاته الإتصالية بكل سلاسة فهو ذو رؤيا ملتفتة بشدّة إلى البدء الاول أو الى الجوهري والصميمي من الأشياء ، وعلاقته بمادته علاقة حدسيّة متوقّدة يستشرف النهايات بعمق منذ الوهلة الاولى ، وهو أكثر إخلاصاً لما لم يتشكّل بعد ، ومالم يأت بعد ، ومالم يخن الجذور الاولى ، فتأتي قصيدته دائماً مثل حلم اليقظة ، حلم وطفولة وبدائية منفتحة على كل الإحتمالات والإمكانات من جهة ، وفي الجهة الاخرى هي يقظة ووعي وموقف واستشراف للأبعاد المستترة والخفية ، ومن معطيات هذا الوعي واليقضة محاولة جادة متسلطة على قصيدة العمود ذات الشطرين لتحديثها من خلال ضخّ الكريّات الأدونيسية في دمها بشكل يمكن أن نصطلح على تسميته بـ (أدنسة العمود) مع خشية حريصة على عدم تشتت وتبعثر الأوليات إلى شظايا شعرية متناثرة ، فهذه المحاولة لا تزال في افق التجريب والإختبار ، مع كفاءتها في التوازي

===============

( 245 )

والتجاور وقدرتها على الإمتداد والثبوت والإنطلاق.
أما عن قصيدتيه (ليلة الاسى والدموع ـ ودّعيني) فهما صدى محاكي لتجربة الشاعر في ديوانه الأخير (الحسين .. لغة ثانية) ولم تستطيعا تجاوز الافق الشعري الذي افترضته تلك التجربة المجدّدة ، بل أن الشاعر لا يزال يناغي الرؤيا ذاتها ويشتغل على موضوعة ليلة عاشوراء بنفس الآليات ولكن بمخطّط مبتور عن الوحدة العضوية التي نسجت شبكات التعبير والتوصيل في الديوان ، فنراه قد لجأ الى تكنيك الحوار في كلتا القصيدتين ففي قصيدة (ليلة الاسى والدموع) كان الحوار يدور بين ذات الشاعر ـ كمحاوِر نوعيّ ـ وبين الليلة ـ كمخاطَب جماعي ـ له أن يردّ أو لا يردّ الخطاب ، مما جعل الحوار ذا بعد وطرف واحد فتقلص الى مونولوج داخلي يسرد مايحدث بإحاطة وشمولية العارف بكل شيء.
وفي قصيدة (ودعيني) يرتدي الحوار حنجرة الإمام الحسين عليه السلام محاوراً الحوراء زينب عليها السلام في عرض بانورامي لما سيحدث بلغة التنبؤ وإستشراف المستقبل.
وعلى مستوى الألفاظ وطرق تركيبها فهو لا يتجاوز قاموسه الخاص ولا يتخطى طرقه المعتادة في التركيب والبناء ، فلا يزال النسق الناري ينتظم بمفرداته (إطفاء الشموع ، الشمس ، الجمر الوقّاد ، اللهيب ، النجوم الشاحبات) وتدفق مفردات النسق المائي ماثلة (دم الطفوف ، انتظار الماء ، الظمأ ، الفرات ، قطرة من دماء ، فيضي ، يشرب السيف وريدي ، يبكي النهر ، الدمع) إضافة للسيوف والأغماد والخيول والخيام والرماح والخضاب والرماد .
ومع انتظام الإيقاع وفق ما يؤثره الشاعر من أبحر الشعر فقد إختار تراكب الحركات الإيقاعية لبحر الخفيف لتنظيم هيكلية القصيدتين البنائية.

===============

( 246 )

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net