متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
19 ـ الاستاذ عبود الأحمد النجفي (الغد الدامي)
الكتاب : ليلة عاشوراء في الحديث و الأدب    |    القسم : مكتبة الأدب و الشعر

19 ـ للشاعر الأستاذ عبود الأحمد النجفي (1)

الغد الدامي

في غد يشرق الصباح مدمـىً * وعلى الترب أنجم مطفـــآتُ
واشتعال الرمال يلهب أفقــا * أججته ضغائــنّ وهنـــاتُ
والمدى الرحب خلفه يتـوارى * فيه غابت شموسه النيـــراتُ
وجفون السماء تقطر دمعــاً * سكبته عيونُهــا الباكيـــاتُ
علّها تُطفيء اللظـي بــزلال * وعلى الأرض أكبد ظامئــاتُ
أغلقت دونها الينابيع عذبــا * بعدما شحّ بالرواء الفـــراتُ
أيبس الطف والقلوب جفـاف * ونفوسٌ عن الرؤى مجدبــاتُ
لن ترى غير مقتل الحق نصراً * فهي في صحوة الحياة سبـاتُ
غادرت يقظة الضمائر موتى * فتعرت أشلاؤهـا الصدئــاتُ
رسمت لوحة الخطيئة بحــراً * من جحيم وعمقـه الظلمــاتُ
أبحرت فيه والمتـاه دلـيــل * مزقتها عواصفٌ مهلكـــاتُ

____________
(1) هو : الشاعر الأستاذ عبود الأحمد النجفي ، ولد في النجف الاشرف سنة 1367 هـ ، أكمل الدراسة الثانوية واتجه بعدها للعمل الحر ، مارس كتابة الشعر الشعبي ثم الشعر العمودي والحر قبل الثمانينات ، عمل في مؤسسات تحقيقية ، وشارك في عدة ندوات أدبية وأمسيات شعرية ، أصدر مجموعة شعرية بعنوان ( اهتزاز الذاكرة ) عام 1417 هـ

===============

( 300 )

نبذت قبر عريها كـل أرض * فهي في رقدة العذاب شتاتُ
في غدٍ تملأ الشعاب صبايـا * ونساءٌ فواجعٌ ثـا كــلاتُ
أثقلتها مصائـب ورزايــا * غاب عنها أعزةٌ وحمــاةُ
طاردتها شمس الظهيرة جواً * وقفارٌ تحت الخطى مسعراتُ
خلفها يُشعل الخيامَ ضــرامٌ * حاط فيها توحّشٌ وقســاةُ
وخيول الأعداء تطحن صدراً * وضلوعاً تهفو لها الكائنـاتُ
جسدٌ ضمَّ في ثناياهُ كونــاً * يتسامى وفيضُهُ المكرمـاتُ
عانقَ الموتَ والشهادةَ شوقـاً * فجنانٌ لشوقـهِ عاشقــاتُ
ووحيداً يُلقن الحشدَ درســاً * بثباتٍ يحارُ فيـه الثبــاتُ
حوله من بنيه والصحب جمعٌ * جمعتهم مواقفٌ خالــداتُ
وقفوا وقفةَ الإبـاء بحــزمٍ * وسيوفٍ تهاب منها الكُمـاةُ
سطّروا صفحةَ الوفاء وساروا * بطريق تهيم فيـه الأبــاةُ
فإلى الخلد أنفـسٌ تتعالــى * وعلى الرمل أبدنٌ زاكيـاتُ
سال منها دمُ الحيـاة نديــاً * بربيع الجراح تَحيى المواتُ

* * *

في غدٍ يرحل الزمان مجـداً * وتباريُ أيامَه اللحضـــاتُ
وإلى الشام يستحـث مسيـراً * وإلى الشام تنتهي الخطــواتُ
فعلى الرمـح ثـورةٌ رؤوسٌ * وعلى النوق أنفـسٌ حائـراتُ

===============

( 301 )

سوف تجتاح في غدٍ معقل الظلم * وتنهـار أعــرشٌ نكـــراتُ
وستبقى الدمـاءُ ما دام فيهــا * صحوةُ الدين والفدا والعظــاتُ
وستبقى الدماء أغلى وجــوداً * من حياةٍ يعيش فيهـا الجنــاةُ
ينحني السيفُ خاشعاً وذليــلاً * وخضوعاً ستركع المرهفــاتُ
حين أعطت قيادهــا للئــامٍ * ثم أودت بعزهــا عثـــراتُ
فاستحقت مدى الزمان عتابــاً * وتنامـت بفعلهــا النائبــاتُ

عبود الأحمد النجفي
1 / 11 / 1417 هـ




الإستاذ عبود الأحمد النجفي

عبود الأحمد النجفي شاعر يصارع الألم ولايزال في تفاصيل حياته ، فلذا يتبدّى ولاؤه للمأساة الحسينية في أشكال ذاتية يتحسسها بقرب روحي عميق ، وإذا أضفنا إلى ذلك تمرّسه في الكتابة باللهجة المحلية للمنبر الحسيني لسنين طويلة فسوف تختمر تجربته وتتصاعد ، فلا غرو أن تستجيب شاعريته لموضوعة محدّدة التفاصيل مثل ليلة عاشوراء ليصوّرها من أفق الانتظار :

في غد يشرق الصباح مدمّى * وعلى الترب أنجم مطفــآت

ليُصور الغد الدامي بتجربة مبتورة إذا نظرنا إلى بقية شعره ، فأنا قد لاحظت قبلاً على النجفي سمة الإرتقاء الشعري من قصيدة إلى أخرى لكنه في هذه المحطة لم يقلْ ما تريده حصيلته الشعرية المتصاعدة ولا أعلم سبباً وجيهاً لهذا النكوص ، فالنجفي لاتضغط على شاعريته المناسبة فهو من فرسانها المجلّين مع ثُلّة من إخوانه من شعراء الولاء ، لكنه بدأ مع تراكم تجربته في الكتابة بالتوجه إلى منحى آخر في التأمل والرؤيا الشعرية إزدانت به مجموعته ـ اهتزاز الذاكرة ـ مما أثرى تجربته بإرتياد مناطق كانت مجهولة لديه وإنفتح عليها نبوغه وتطلّعه ولعلي أصيب حين أسميه بالنابغة النجفي تيمناً بنوابغ الشعر العربي الأصيل ، فعبود الأحمد النجفي كتب الشعر الفصيح متأخراً فتصحّ عليه هذه التسمية ولعله يقبلها برحابة صدره المعهودة.

===============

( 303 )

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net