متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
33 ـ السيد محمد شعاع فاخر (ليلة في زمن الأنبياء)
الكتاب : ليلة عاشوراء في الحديث و الأدب    |    القسم : مكتبة الأدب و الشعر

33 ـ للسيد محمد شعاع فاخر (1)

ليلة في زمن الانبياء

أليلٌ سجـى في كربلاءَ أم الحشــرُ ؟ * تَسامت به الأيـــامُ وافتـخـر الدهرُ
وهل بسمـاتُ الوالهين إلى الرضـــا * أضائته أم ثغرُ الحقيقـــةِ يفتـــرُّ
وتلك دمـوعُ المشفقـات تسابقـــتْ * شئآبيبَ أم سحبٌ بهـا انبجسَ القطــرُ
وهذي جبـاهٌ أم بـروقُ صـــوارمٍ * أم اللوحُ محفوظاً بهيكلــه الذكـــرُ
وهل تلـك أرضٌ أشرقت في عراصها * ـ أو الفلكِ الأعلى ـ الكواكبُ (3) البدرُ
نعم حلَّها ثقـلُ الرِّسالــةِ فاكتســى * بهم سندساً من فيضِ جدواهـــم القفرُ

* * *

تعـالتْ علـى رمضــان أيامُ عشرها * وعن ليلة القدر استطـال بهــا القدرُ
لئن زاد قدرُ الشهـــرِ بالذكرِ وحـدَهُ * ففي العشر منها استُشهد الذكرُ والطهرُ
وإن كان يفنـى بالثلاثيـــن عــدّه * فما هي إلا الدهر أيامهـــا العشـرُ

____________
(1) هو : الفاضل الخطيب الشاعر السيد محمد شعاع فاخر ، ولد سنة 1360 هـ في الضفة الشمالية من شط العرب درس في حوزة الأهواز العلمية ثم هاجر الى حوزة النجف الأشرف لإكمال دراسته وكان عضواً في الرابطة الأدبية في النجف الأشرف ، ثم عاد الى الأهواز وحضر عند العلامة الكرمي ، ثم آثر الإقبال على الخطابة والكتابة ، من مولفاته 1 ـ حجة الشيعة الكبرى 2 ـ دفاع عن السيد المسيح 3 ـ جهاد كربلاء والإنسان 4 ـ ديوان شعر بعنوان « أنا الشاعر ».
(2) فاعل أشرقت.

===============

( 366 )

وليس ظلاماً ما أرى بل صحيفــةً * من النور تبدو والجهادُ لهــا سِفْرُ
جرت من أبيِّ الضّيمِ فيها دمــاؤُهُ * كتاباً جهادُ الأنبيـاء به سطـــرُ
ففي كلِّ جرحٍ من عديد جراحــه * لنوحٍ وبلواهُ السفينــةُ والبحــرُ
وفي كلِّ حرفٍ من لهيـب ندائــه * خليلٌ لإسماعيله في الحشــا جمرُ
وإنْ كان بالذبح العظيــم فــداؤُهُ * لتُفْدى بإسماعيلَ فتيانــه الغُــرُّ

* * *

وإنْ فخرت أرضُ الطَّواف بها جرٍ * فكم هاجرٍ بالطَّفِّ أبرزهــا الخدرُ
سَعتْ ألفَ شوطٍ تطلبُ الماءَ بعدما * جرى في مسيـر النَّهر ريقُهُ الغمرُ
ولو ملكتْ أمراً سقت من دموعها * عطاشاه لولا أنَّها أدمــعٌ حُمــرُ
تسيلُ بجنب النهر يندى بها الثرى * وتنسجُ برديه الشّقائقُ والزَهْـــرُ
فلم يعرفِ الراؤونَ ما الدمعُ منهما * غداةَ جرى من مقلتيها ومــا النَّهْرُ

* * *

وهذا ابنُ عمرانَ استقلَّ جهَــادَه * وما صَغُرَتْ شأناً مَوَاقِفُــه الكُثْـرُ
غداةَ رأى سبطَ النبيِّ بكربـــلا * به يستجيرُ الدينُ إذ مسَّــهُ الضُـرُّ
لئن خانه الحانون فى الذل جبهـةً * وأصبتهم الدنيا فما خانــه النَّصـرُ
وإن ظلَّ فرداً حيثُ خلاَّه عسكرٌ * فكان له من عزمهِ عسكـرٌ بحــرُ
تمنَّى كليمُ الله تفديـه نفسُـــهُ * ودونَ الحسينِ السبطِ تنحرهُ السُمْــرُ
وجلَّ الصليبُ المجتلى فوق عوده * مسيحٌ كما يجلى من الغَبَش الفَجْرُ (1)

____________
(1) هذه الأبيات ناظرة إلى ما جاء في الإنجيل من أن المسيح عليه السلام جزع حين رُفع على خشبة الصليب وأظهر ضعفاً ، وبالطبع هذا مفتعل على روح الله ولكن الشاعر جرى على معنى الإنجيل وفيه شبه الرد على النصارى.

===============

( 367 )

تسلَّق أعواد الصليب فما ونَـــتْ * رؤاه ولكن باح بــالألم السَّـــرُّ
يقولُ وملأُ الكونِ منـه شكايـــةٌ * إلى الله ممزوجٌ بهـــا الألـمُ المُرُّ
إلهي وربي كُنْ معي في مصيبتـي * رفيقي فقد عنَّاني الصلــبُ والأسرُ
وأُولاءِ فتيانُ الرسولِ تسابقـــوا * إلى الموت يتلو الحُرَّ في سعيه والحُرُّ
تَلفُّهُمُ الحربُ العَــوانُ كأنَّهـــا * نعيمٌ وفيه الأُنسُ لا البيـضُ والسُمْرُ
فما ضَعُفَت منها القلوبُ عن الوغى * أجل مات فيها الخوفُ وانذعر الذُعْرُ
وإن جلَّ يوم المطمئنِ وخائٍــفَ * فمَنّ منهما في السابقين له الفَخْــرُ ؟

* * *

طوى اللهُ آناءِ الزَّمانِ الذي مضـى * وفي ليلِ عاشوراءَ كان لــه النَّشْرُ
تَطلَّعَ ماضٍ في الزَّمـانِ وحاضـرُ * كراءٍ جيادَ السبقِ أبرزهــا الحضرُ
إلى فتيةٍ قد زانت الأرضَ بالسنــا * كما ازدان في عقدٍ من الـدُرَرِ النَّحْرُ
أحاطــت بسـرِّ الله فيهــا كأنَّه * فؤادٌ حواه بيـن أضلُعـــهِ الصدرُ
تمنَّت لقاءَ الموت قبـل أوانـــهِ * فأمْثَلُ شيءٍ أن يطـولَ بهــا العُمْرُ
تبرَّجَ رضـــوانُ الإله بعينهــا * نعيماً وما أخفاه عن ناظـــرٍ سِتْرُ
هَفَتْ لعناق البيض وهي مشوقــةٌ * لمقعدِ صدقٍ عنــدهُ يَعظــمُ الأجْرُ
وحَفَّتْ بسبط المصطفى وهو باسـمٌ * أضاءَ الهدى في ثغره إذ دجا الكفـرُ
أبَتْ أن ترى من هاشمٍ بشبا الظُبـا * عفيراً فعند المصطفى ما هـو العُذْرُ
ولكن أبَتْ فرسانُ هاشم أن تُــرى * مُحَلأَّةً والموتُ ريَّــانُ مُحْمَـــرُ
ونادى الهدى في حكمـه متنهِّــداً * كما فاح من غَنَّاءَ مطلولـــةٍ نَشْرُ
دَعُوا للوغى أنصارنا فقلوبُهـــا * لقطف رؤوس الكفر ضاق بها الصبرُ
ومذ حَظِيتْ بالحكم في الموت أقبلت * كما احتشدت في الأفقِ أنجُمُـهُ الزُهِرُ

===============

( 368 )

وقد مال خدرُ الهاشميــاتِ بالأسى * كما مال في زغبٍ مروَّعـــةٍ وكرُ
دعوا عند آل الله يخلص العــدى * إليكم بضرٍ ما جـرى دَمُنـــا الثرُّ
فما عرفت ماالخوفُ حتى تمرَّغتْ * على الفلق الريَّان من دمهـــا العُقْرُ

* * *

ويالك من ليلٍ محــت مُدلهِمَّـــه * جباهُهُم والبــدرُ والقُضُــبُ البُتْرُ
رأى الملأُ الأعلى لــو انَّ متــونَهُ * لهم صهواتٌ لا المُجمَّلـــةُ الشُقْـرُ
جرى دمهم في المَهْمِه القفر فاغتـدى * نعيماً وأمسى وهو مُؤتلــفٌ نضـرُ
وما سال فوقَ الأرضِ حتى تضَّرجت * به وجناتُ الأفقِ مما جنــى الغـدرُ
تفجَّرتْ الدّنيا جمــالاً بهم كمـــا * تفجَّرَ بالإبداعِ مـن مُلهــمٍ فِكْــرُ
وحقَّق للإنسانِ معنــى وجـــوده * دمٌ سال منهـم لا قليــلٌ ولا نَـزْرُ
وخصَّهـــم بالسبـطِ ربٌّ بَـراهُمُ * فلا قَدْرَ إلا فوقَــه لهُـمُ قَـــدْرُ

السيد محمد شعاع فاخر
27 / 10 / 1417 هـ.
الأهواز




السيد محمد شعاع فاخر

قصيدة الإقتطاف الجميل من حدائق النص القرآني الكريم هي قصيدة السيد محمد شعاع فاخر ( ليلة من زمن الأنبياء ) وهو توجّه مقتدر كم أحببت أن يساوقه تحرر من أسار الفخامة والتراكيب المستدعية لنمط التراكيب القديمة التي إستنفدت طاقتها فلم

===============

( 369 )

تعد تخاطب السمع النابض لحركة العصر الحديث.
فمنذ الصدر الاول يتبادر إلى الذهن هذا التنميط الذي يجر القصيدة إلى الوراء فمثلاً ( أليل سجى في كربلاء.. ) يُذكّرني بقوة ( أبرق بدا من جانب الحي لامع.. ) لكن الشاعر يغادر هذه المناطق كثيراً مما يمنح القصيدة عدم الإستقرار على محور نظمي محدّد وواضح فكأن شاعريته مرآة تعكس ما يمرّ أمامها من نصوص يداخلها في نصّه
فنرى مثلاً هذا البيت الرائع :

تسلّق أعواد الصليب فما ونت * رؤاه ولكن باح بالألم الســرّ

===============

( 370 )

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net