متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
40 ـ الشيخ هادي كاشف الغطاء (من الأرجوزة الحسينية)
الكتاب : ليلة عاشوراء في الحديث و الأدب    |    القسم : مكتبة الأدب و الشعر

40 ـ إرجوزةُ للشيخ هادي آل كاشف الغطاء (1)

من الارجوزة الحسينية
الإمام عليه السلام ينعى نفسه


واعتزلَ الحسينُ وَهو يُنْشِدُ * وَسيفُهُ أمامَــهُ مُجــرّدُ
يـا دَهرُ أُفٍّ لَكَ مِنْ خَليلِ * كمْ لك بالإشْراقِ وَالأصيلِ
مِنْ صاحبٍ أو طِالبٍ قتيلِ * وِالدّهرُ لا يَقْنَعُ بالبَديــلِ
وَكلُّ حيٍّ سالــكٌ سبيلي * ما أقَربَ الوَعْدَ من الرّحِيلِ
وقدْ وَعَتْ هذا النشيدَ زَينبُ * وَكادَ قَلْبُها لـهُ يَنْشَعِــبُ
قالـت أُخيَّ يا عزيزَ أهلي * هذا كلامُ موقنٍ بـالقتـلِ
قال لها نعم أيـا أختــاهُ * قالت له بعدك واثكــلاهُ
يَنْعى إليَّ نفسَهُ الحسيــنُ * يقولُ قدْ دنا إِليَّ الحيــنُ
وَشقّقَتْ جيُوبَها النســاءُ * وَقدْ عَلا العَويلُ وَالبُكـاءُ

____________
(1) هو : العلامة الحجة الشيخ هادي بن الشيخ عباس بن الشيخ علي بن الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء النجفي قدس سره ، ولد في النجف الأشرف سنة 1289 هـ ، وتوفي سنة 1361 هـ ، وقد نشأ في ظلال أسرة كريمة معروفة بالعلم ، تتلمذ ـ عليه الرحمة ـ على يد الآخوند وشيخ الشريعة واليزدي ـ عليهم الرحمة ـ ، ومن مؤلفاته 1 ـ مستدرك نهج البلاغة 2 ـ مدارك نهج البلاغة 3 ـ شرح شرائع الأسلام 4 ـ هدى المتقين ( رسالة عملية ) 5 ـ المقبولة الحسينية ( ملحمة ) راجع : أدب الطف للسيد جواد شبر : ج9 ، ص224 ، الملحمة الكبرى ( أو المقبولة الحسينية ).

===============

( 395 )

وأمُّ كُلْثُومٍ غَــدَتْ تنـــادي * تَنْدِبُ بالآبــاءِ وَالأجـــدادِ
وا أبتـاهُ وا مــحــمّـــداهُ * وَوا عـلـيّــاهُ وَوا أخــاهُ
تَقُولُ واضَيْعَتَنــا جميعـــا * بعدَكَ إذْ تَغْدوا لقى صريـعــا
قـالَ تَعَــزَّيْ بعـــزاءِ اللهِ * وَفوضّي الأمـرَ إلـى الإلــهِ
فكلُّ مَنْ فَوْقَ الثرى لا يبقــى * وَإنّ سكانَ السمــاءِ تفنــى
صبراً إذا أنـا قُتلتُ صبـــراً * فلا تَقُلْنَ بَعْدَ قتلـي هَجْـــراً
وَلا تَشُقّـنّ عَلَـي جَزَعــــا * جَيْباً وإنْ جَلَّ المُصابُ مَوْقِعـا
وَقدْ رَوى المفيدُ في الإرشادِ (1) * مُذْ سَمِعَتْ زينـبُ بالإنشــادِ
قامـتْ تجرُّ الثوبَ وهيَ حَسْرى * الى أخيها لا تُطيـقُ صَبْــرا
قالتْ لَهُ ياليــتَ إنَّ موتـــي * أعْدَمَني الحياةَ قَبلَ الفـــوتِ
اليومَ ماتتْ أُميَ الـزَهـــراءُ * وَماتْت الاخـوَةُ وَالأبنـــاءُ

الإمام عليه السلام يُهديء خواطرَ العقيلات ويأمرهن بالصبر
والتسليم والرضا بقضاء الله


قــالَ لَها وَشأْنُهُ الكِتْمــانُ * لا يُذْهِبَنَّ حِلْمَكِ الشّيْطـــانُ
وَهوَالذيّ لَمْ يكُ بالجــزَوعِ * ترَقرَقتْ عينـاهُ بالــدّموعِ
ثمَّ هَوَتْ مَغْشِيّـةً عَلَيْهـــا * فقامَ ـ جلَّ صبرُه ـ إليهـا
عنْ نفسِهِ بنفسـه عَزَاهــا * وبَالرّضا وَالصبرِ قَدْ أوْصاها

____________
(1) الإرشاد للشيخ المفيد : ص 232.

===============

( 396 )

مجيء الجيوش والتضييق على الحسين عليه السلام

وَاقبلتْ جيـوُش آلِ حــرْبِ * حتّى بهم قدْ ضاقَ كلُّ رَحْبِ
جاءَتْ لهُ بخيِلهــا وَالرّجْـلِ * كأنّها تطِلبُــهُ بِذَحْـــلِ
عشرون ألف فارسٍ بَلْ زادوا * وَالرّاجلونَ ما لَهُـم عِــدادُ
فضيّقوا على الحسينِ السّبُـلا * وَمَنَعوهُ سَهْلَهـا وَالجبَــلا
وَشَمّروا ثِيابَهـمْ للحَـــرْبِ * واسْتَسهَلوا لذاك كلَّ صَعْـبِ

تأجيل الحرب إلى الصبح

فقالَ للعباسِ سِـرِْ للقَـــوْمِ * واصْرِفْهُمُ بياضَ هذا اليــومِ
لَعَلَّنا لرَبّنـــا نُصـلّـــي * في هذه الليلة ذاتِ الفضــلِ
وَقدْ توقَّفَ ابنُ سعـد عُمَــرُ * والخيرُ مِن أَمثالِه لا يَظْهــرُ
لكنَّ بعــضَ القومِ من أتباعِهِ * أبدى لَهُ المَلامَ في امتناعِــهِ
قال : لو انّ غيرَهُـم إِلينـــا * جاؤوا وَ رامُوا ذاك ما أبينـا
كيفَ وَهُمْ اَجلُّ ساداتِ العَرَبِ * وَهُمْ سُلالَةُ النبيِّ المُنْتَجَــبْ
فقالَ ذلكَ الظَّلومُ المعتــدي * إنّيَّ قـد أجّلْتُهُم إلى غَـــدِ

===============

( 397 )

الإمام عليه السلام يأذن للأصحابه بالتفرق

والسِّبْطُ لَيلاً قد دعا أصحابَـهُ * مُوَجِّهاً إليْـهِــمُ خِطَابَـــهُ
فقالَ بعدَ الحمـدِ والثنـــاءِ * والشكرِ للمُنعـــم ِ ذى الآلاء
إنّي لا أعلمُ فيمــا أعلـــمُ * أوفى ولا أصلحَ صَحبــاً منكُمُ
وَلسـت أَدري أَهل بيتٍ أَفضلا * من أَهلِ بيتي نَجْدَةً وأَوْصــلا
جزاكُم اللهُ جميعــاً خَيْــرا * وَلا رَأَيْتُم ما حَييتُم ضَيْـــرا
ألا وإنّي قَـدْ أَذنْــتُ لَكُــمُ * فانطلقوا لا عَهْدَ لي عليكُـــمُ
والليــلُ قَدْ أَجَنَّكُمْ وأَقْبَــلا * فاتخـذوهُ للنجــاةِ جَمَـــلا
والقومُ لا يبغونَ غيـري أَحَدا * فارتحِلوا لِتَسْلَموا مِـنَ الـرَّدَى

جواب أهل بيته عليهم السلام

فَابتدأ العبّــاسُ في مقالِــهِ * وَقدْ جرى الصَّحْبُ على منْوالِهِ
قالوا جميعاً : وَلماذا نفعــلُ * نَظَلُّ أَحيـاءً وَأَنـتَ تُقْتَـــلُ
فَلا اَرانـا اللهُ ذاكَ أَبَـــدَا * وَليتَ أنّا لَكَ قَدْ صِرْنـا فِــدا
قالَ مُخاطبـــاً بني عقيـلِ * حَسْبُكُمُ مُسلـمُ مِـنْ قتيـــلِ
وَعندَ ذا تكلّمـوا جَميعـــا * وَقدْ أَبَوْا عنْ عَزْمِهـمْ رُجُوعـا
وَأَقسمـوا أَنْ لا يفارُقـــوهُ * يَوماً وَبالأَنْفُـسِ أَنْ يَقـــوهُ
فالعيشُ من بعدِ الحسينِ يَقْبُـحُ * وبَعدَه الحياةُ ليسـتَ تَصْلُــحُ

===============

( 398 )

جواب أصحابه عليهم السلام

ثُمّ تلاهم مسلمُ بنُ عَوْسَجَـــهْ * قالَ مَقالاً صادقاً ما أَبْهَجَــهْ
نحنُ نُخَلّيكَ كــذا وَنســري * وَقدْ أَحاطَ فيكَ أهـلُ الغَــدْرِ
ما العُذرُ عنـــدَ اللهِ في أداءِ * حَقِّك وَهْوَ أوجبُ الأشيـــاءِ
لأحْفَظَنَّ غَيْبَــةَ الرســـولِ * بالنفسِ والكثيـرِ والقليـــلِ
لوْ لَمْ يَكُنْ معي سلاحٌ أبـــدا * قَذَفْتُهُمْ بالصَّخْرِ حتّى يَنْفَــدا
سبعين مرّةً لَو انّـي اُقتـــلُ * أُحْرَقُ مثلَها بنــارٍ تشعــلُ
ثم أُذَرّى بعـدُ في الهـــواءِ * ما ملْتُ عنْ نصري وَلا وَلائي
فكيفَ وَهي قتلـةٌ وَبعـــدَها * كرامَـة خالقُهــا أَعـــدَّها
وَقامَ بعدَ مسـلــمٍ زهيـــرُ * وَكلُّهُمْ يُؤْمَلُ فيـهِ الخيـــرُ
قالَ وَدَدْتُ لَو قُتلْـتُ ألفـــا * وَيدفعُ اللهُ بــذاكَ الحَتْفَـــا
عنكَ وَعنْ فتْيانِك الأبـــرارِ * ذوي الإبا وَالعزِّ وَالفِخـــارِ
تَكلّم البــاقونَ مـنْ أَصحابِـهِ * والكلُّ قدْ أَجادَ في جوابـــهِ
قالوا لَهُ أَنْفُسُنـا لَـكَ الفِـــدا * نقيك بالأَرواح مِنْ بَأسِ العِدى
فإنْ قُتِلْنـا فلقــدْ وَفينــــا * وقدْ قَضَيْنا لكَ مـا علينـــا

===============

( 399 )

الحضرمي يعلن عن تصميمه الصادق على
ملازمة الإمام عليه السلام وفدائه


وَقدْ أتَى للحَضْرَمِيِّ الخبــرُ * أنّ الأعادي لابنه قدْ أَســروا
قالَ قَدْ احْتَسَبتُهُ وَنفســـي * عندَ إلهي إذ أحـلّ رَمْســي
ما كنتُ أهوى بَعْدَهُ بقــائي * وَهوَ أسيرٌ في يـدِ الاعــداءِ
دعا لَهُ سِبْطُ الهُدى بالرّحمـهْ * لمّا رأى امرَ ابنِـهِ أهمّـــهْ
قال لَهُ من بيعتي في حِــلٍّ * أنت فَسِرْ وَلا تُقِمْ من أجلــي
واطلُب نجاةَ ابنكَ من هلاكِـهِ * وَاعملْ بما يُجْديك في فَكَاكِـهِ
قالَ السِّبـــاعُ اكلتنـي حَيّاً * إنْ رُمتُ عنكَ مَوْضَعاً قَصَيّـا
فانظرْ رَعاكَ اللهُ ما أوْفــاهُ * وَما أَبـرَّهُ وَمــا أتقـــاهُ
وَهكذا فَلْيَكُــنِ الإيمـــانُ * والحبُّ وَالوفاءُ وَالعرْفـــانُ
لَمْ يَعْتذرْ وَعُذْرُهُ مَقبـــوُلُ * وَما انثنـى وَرزْؤهُ جَليـــلُ
مضى مَضاءَ الصارمِ الصقيلِ * في طاعةِ المهيمـنِ الجليــلِ
عنْ ابنهِ وَهو اَسيرٌ أعْرَضـا * وفَوّضَ الأمرَ لمالكِ القضــا
لَمْ يَفْتَتنْ قَطُّ بِتلـكَ المِحنْــهْ * والولدُ للأبِ العطوفِ فتنــهْ
حقٌّ بأنْ نرْثي لمِثلِ حالِــهِ * وَحَقُّ انْ نبكي على أمثالِــه

===============

( 400 )

إحياء ليلة عاشوراء بالعبادة

والسِّبْطُ والصَّحْبُ اُولوا الوفاءِ * باتُوا بِتلْكَ اللَّيْلَـةِ اللَّيْـــلاء
لَهُمْ دَويٌّ كَــدَويِّ النَّحــلِ * من ذاكــرٍ للهِ أوْ مُصَـــلِّ
صلاةَ عبدٍ خاشـــعٍ مُوَدّعِ * يدعوه بالخضوعِ وَالتضــرّعِ
اَحْيَوا جميعَ الليـــلِ بالعباده * فأدركوا سعـادةَ الشهـــاده
وَاصبحوا مثلَ الليوثِ الضاريه * قد أَرْخَصوا النفوّسَ وهي غاليه
لَذَّ لَهُمْ طَعمُ المنايــا وَحـلا * في طاعةِ الرّحمنِ جلَّ وَعـلا
طابَ وَراقَ لهـُمُ الممـــاةُ * والموتُ في نصر الهدى حيـاةُ
فاستقبلوا الموتَ بجأْشٍ ثابتِ * وعَزمِ شهمٍ للحيــاةِ ماقــتِ

استبشار أصحاب الإمام عليه السلام

قالَ بريرٌ لابــنِ عبــد رَبِّهِ * لّما رأى تأنيبَــهُ بِعَتْبِـــهِ
قدْ عَلِمَ القومُ جميعــاً أنّنــي * ما مِلْتُ للباطلِ طولَ زَمَنــي
وإنّما أفعــلُ ذا استبشـــارا * بما إليْه أمرُنـا قدْ صـــارا
مـا هوَ إلاّ أنْ نخوضَ الحَرْبـا * بالسُّمْرِ طَعْناً وَالسيوفِ ضَرْبـا
وَبَعْدَهــا لا نَصَبٌ وَلا عَنــا * نُعانِقُ الحُورَ وَنحظى بالمُنى (1)

____________
(1) الملحمة الكبرى لواقعة الطف : للشيخ هادي كاشف الغطاء : ص 63ـ 75.

===============

( 401 )

اُرجوزة الشيخ هادي آل كاشف الغطاء

منظومة تأريخية جليلة قامت بتوثيق المجريات والاحداث والاقوال والشخصيات توثيقاً تطابقياً دقيقاً.
ومما لا يخفى أن هذا المنحى في نظم المزدوجات من بحر الرجز هو طريقة مدرسية أكاديمية لتسهيل حفظ المطالب والدروس في العلوم المختلفة ومن أشهر أمثلتها ( الفية ابن مالك ) في النحو ومنظومة السبزواري في الحكمة.
وتكون هذه المنظومات عادة وفيّة للمادة التي تعالجها أو الموضوع الذي تطرحه ولا تولي إهتماماً لفن الشعر وجماليته ، ولغتها على العموم الغالب لغة العلم النثرية القائمة على الإخبار ونقل المعلومات بتقريرية ومباشرة لا مجال للشاعرية والتأملات الجمالية فيها ، فروحها روح علمية وصلتها بالادب والشعر صلة علمية أيضا فهي تعتني بعلم العروض كثوب لها وتختار من نظام التقفية نظام المزودجات لسهولته ولعدم قناعتها في الإيغال بفنون القوافي..

===============

( 402 )


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net