متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
اختيار الزوجة
الكتاب : آداب الأسرة في الاسلام    |    القسم : مكتبة الفقه

اختيار الزوجة :
العلاقة الزوجية ليست علاقة طارئة أو صداقة مرحلية ، وإنّما هي علاقة دائمة وشركة متواصلة للقيام بأعباء الحياة المادية والروحية ، وهي أساس تكوين الاُسرة التي ترفد المجتمع بجيل المستقبل ، وهي مفترق الطرق لتحقيق السعادة أو التعاسة للزوج وللزوجة وللأبناء وللمجتمع ، لذا فينبغي على الرجل أن يختار من يضمن له سعادته في الدنيا والآخرة .
عن إبراهيم الكرخي قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام)
: إنّ صاحبتي هلكت رحمها الله ، وكانت لي موافقة وقد هممت أن أتزوج ، فقال لي : « اُنظر أين تضع نفسك ، ومن تشركه في مالك ، وتطلعه على دينك وسرّك ، فإن كنت فاعلاً فبكراً تنسب إلى الخير وحسن الخلق ، واعلم :
____________
1) تهذيب الاحكام 7 : 407 .

===============

( 18 )

 

فمنهنَّ الغنيمة والغـــــرام

*

ألا إنّ النســـاء خلقن شتى

لصاحبه ومنهنَّ الظــــلام

*

ومنهنَّ الهـــلال إذا تجلّى

ومن يعثر فليس له انتقام » (1)

*

فمن يظفر بصــالحهنَّ يسعد


وراعى الإسلام في تعاليمه لاختيار الزوجة ، الجانب الوراثي ، والجانب الاجتماعي الذي عاشته ومدى انعكاسه على سلوكها وسيرتها .
قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)
: « اختاروا لنطفكم ، فإنّ الخال أحد الضجيعين »(2) .
وقال (صلى الله عليه واله وسلم)
: « تخيروا لنطفكم ، فإنّ العرق دسّاس » (3).
وروي أنّه جاء إليه رجل يستأمره في النكاح ، فقال (صلى الله عليه واله وسلم)
: « نعم انكح ، وعليك بذوات الدين تربت يداك » (4).
وقال (صلى الله عليه واله وسلم)
: « من سعادة المرء الزوجة الصالحة » (5).
فيستحب اختيار المرأة المتدينة ، ذات الأصل الكريم ، والجو الاُسري السليم (6) .
وبالاضافة إلى هذه الاُسس فقد دعا الإسلام إلى اختيار المرأة التي
____________
1) من لا يحضره الفقيه 3 : 386 ، وتهذيب الاحكام 7 : 401 .
2) تهذيب الاحكام 7 : 402 .
3) المحجة البيضاء ، الفيض الكاشاني 3 : 93 ، ط3 ، دار التعارف ، 1401 هـ .
4) تهذيب الاحكام 7 : 401 .
5) الكافي 5 : 327 .
6) اُنظر : الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 290 . والسرائر 2 : 559 . وجامع المقاصد 12 : 11 .

===============

( 19 )


تتحلى بصفات ذاتية من كونها ودوداً ولوداً ، طيبة الرائحة ، وطيبة الكلام ، موافقة ، عاملة بالمعروف إنفاذاً وإمساكاً (1).
وفضّل تقديم الولود على سائر الصفات الجمالية ، قال (صلى الله عليه واله وسلم) : « تزوجوا بكراً ولوداً ، ولا تزوجوا حسناء جميلة عاقراً ، فاني أُباهي بكم الاُمم يوم القيامة » (2) .
ولم يلغِ ملاحظة بعض صفات الجمال لاشباع حاجة الرجل في حبه للجمال ، قال (صلى الله عليه واله وسلم)
: « إذا أراد أحدكم أن يتزوج ، فليسأل عن شعرها كما يسأل عن وجهها ، فان الشعر أحد الجمالين » (3).
وقال (صلى الله عليه واله وسلم)
: « تزوجوا الأبكار ، فانهنَّ أطيب شيء أفواهاً » (4).
وقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)
: « أفضل نساء أمتي أصبحهنَّ وجهاً ، وأقلهنَّ مهراً »(5) .
ويستحب أن تكون النية في الاختيار منصبّة على ذات الدين ، فيكون اختيارها لدينها مقدّماً على اختيارها لمالها أو جمالها ، لأنَّ الدين هو العون الحقيقي للانسان في حياته المادية والروحية ، قال الامام جعفر الصادق (عليه السلام)
: « إذا تزوج الرجل المرأة لمالها أو جمالها لم يرزق ذلك ، فإنّ
____________
1) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 290 . ونحوه في : جواهر الكلام 29 : 36 وما بعدها .
2) الكافي 5 : 333 .
3) من لايحضره الفقيه 3 : 388 .
4) الكافي 5 : 334 .
5) تهذيب الاحكام 7 : 404 .

===============

( 20 )


تزوجها لدينها رزقه الله عزَّ وجلَّ جمالها ومالها (1) » .
ويكره اختيار المرأة الحسناء المترعرعة في محيط أُسري سيء ، والسيئة الخلق ، والعقيم ، وغير السديدة الرأي ، وغير العفيفة ، وغير العاقلة ، والمجنونة (2) ، لأنّها تجعل الرجل في عناء مستمر تسلبه الهناء والراحة ، وتخلق الأجواء الممهّدة لانحراف الاطفال عن طريق انتقال الصفات السيئة إليهم ، ولقصورها عن التربية الصالحة .
عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) قال : « قام النبي (صلى الله عليه واله وسلم) خطيباً ، فقال : أيُّها الناس إياكم وخضراء الدمن . قيل : يا رسول الله ، وما خضراء الدمن ؟ قال : المرأة الحسناء في منبت السوء
» (3).
وحذّر الإسلام من تزوج المرأة المشهورة بالزنا ، قال الإمام الصادق (عليه السلام)
: « لاتتزوجوا المرأة المستعلنة بالزنا » (4) ، وذلك لأنّها تخلق في أبنائها الاستعداد لهذا العمل الطالح ، إضافة إلى فقدان الثقة في العلاقات بينها وبين زوجها المتدين ، إضافة إلى إنعكاسات انظار المجتمع السلبية اتجاه مثل هذه الاُسرة .
وكما نصح بتجنّب الزواج من الحمقاء لامكانية انتقال هذه الصفة إلى الاطفال ، ولعدم قدرتها على التربية ، وعلى الانسجام مع الزوج وبناء الاُسرة الهادئة والسعيدة ، قال الامام علي (عليه السلام)
: « إيّاكم وتزويج الحمقاء ،
____________
1) من لا يحضره الفقيه 3 : 393 .
2) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 290 .
3) تهذيب الأحكام 7 : 403 . وجواهر الكلام 29 : 37 .
4) مكارم الأخلاق ، الطبرسي : 305 ، منشورات الشريف الرضي ، قم 1410 هـ .

===============

( 21 )


فإنّ صحبتها بلاء ، وولدها ضياع » (1).
وكذا الحال في الزواج من المجنونة ، فحينما سُئل الإمام الباقر (عليه السلام) عن ذلك أجاب : « لا ، ولكن إن كانت عنده أمة مجنونة فلا بأس أن يطأها ، ولايطلب ولدها » (2).


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net