متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
4 - الرسول وإقامة الحجة على القريب والبعيد
الكتاب : معالم الفتن ج1    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

4 - الرسول وإقامة الحجة على القريب والبعيد:

إذا كانت المسيرة بعد النبي وبنص الأحاديث الصحيحة. ستبدأ بفتن تنطلق

____________

(1) الإصابة 28 / 2).

(2) سورة الأحزاب: الآية 60.

(3) أي يكون المال لقوم دون قوم.

(4) أي يدخلوا في دين الله أمور لم ترد في كتاب الله وسنة رسوله.

(5) أي يستخدمون الناس ويستعبدوهم.

(6) رواه أحمد (الفتح 32 / 23). (7) رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني (كنز 165 / 11).

(8) رواه الطبراني والبيهقي (كنز 165 / 11) (البداية 258 / 8).

الصفحة 219
من بيوت الصحابة. وإذا كانت الأحداث ستأتي على رقاب العباد برجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان أنس كما في صحيح مسلم. وبدعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها كما ورد في صحيح البخاري. ثم تنتهي الأحداث بقذف الأمة نحو سنن الأولين فنسير عليها شبرا بشبر وذراعا بذراع. وفي النهاية يكونون غثاءا كغثاء السيل لا قيمة لهم ولا وزن. القاتل فيهم لا يدري فيما قتل والمقتول فيهم لا يدري فيما قتل. إذا كان هذا كله قد دخل من تحت لافتة القيادة فكيف يقال أن الشريعة قد تكلمت في كل شئ عدا القيادة. وكيف يستقيم قول كهذا مع ما رواه أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وآله: " وأيم الله، لقد تركتم على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء " (1).

قال البعض: إن الناس أدرى بشؤون دنياهم. وإن اختيارهم للقيادة ينضوي تحت قوله تعالى: (وأمرهم شورى بينهم) (2)، وقول البعض بهذا. لا يحقق أي دفع لدائرة الرجس. فتحت سقف شؤون دنياهم يجلس أيضا المنافقين والذين في قلوبهم مرض. وشؤون دنياهم لا تنسى أنها قابلة للاختراق من جهة الشيطان بفقه التزيين والإغواء. باختصار ستكون المسيرة غير محمودة العواقب. ولهذا لا بد من مرشد لها حدده الله الذي أخذ على نفسه فتح طريق العبادة وهداية الناس إليه. ثم إن القول بأن الأمر كان شورى في اختيار الخليفة. أمر لا يمكن إثباته.

وذلك لأن اختيار الخليفة على امتداد المسيرة لم يكن له وجد واحد ولم تتوفر الشورى فيه إلا فيما ندر. وعلى سبيل المثال. فإن يوم السقيفة لم يشهده رجل من بني هاشم بل لم يشهده من المهاجرين عدد لا يتعدى خمسة أفراد على أكثر الروايات وأصحها. ويوم السقيفة كان بحق يوم عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

حيث توعد سعد بن عبادة مرشح الأنصار وهتف كما جاء في الصحيح " اقتلوا

____________

(1) رواه ابن ماجة (كنز 370 / 11) وابن أبي عاصم، وقال الألباني له متابع قوي عند الإمام أحمد (كتاب السنة 27 / 1).

(2) سورة الشورى: الآية 38.

الصفحة 220
سعدا "، فأي شورى ترى هنا؟ وقد اعترف عمر فيما بعد وفاة أبي بكر رضي الله عنه بأن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقال من عاد إلى مثلها فاقتلوه كما جاء في الصحيح، فإذا كانت البيعة أن عادت على نفس الصورة فجزاء من يقدم عليها القتل. فما القول في هذا؟ وأبو بكر رضي الله عنه وهو على فراش الموت أوصى لعمر بن الخطاب من بعده ولم يشاور المهاجرين والأنصار عند اتخاذه هذا القرار. وعمر بن الخطاب وهو على فراش الموت جعلها شورى في ستة من أهل الجنة كما ورد في الحديث، ووضع نظاما للاختيار وأمر رضي الله عنه بقتل من عارض إختيار الأغلبية. فمن هذا وذاك لا ترى ما تعارف عليه من الشورى. وفي أيام معاوية وبني أمية. عندما أراد البيعة لولده يزيد. روى أنه جاء بأفصح فقهائه. وجمع رؤوس القبائل. ووقف الفقيه المحنك وأشار إلى معاوية وقال:

أنت أمير المؤمنين. فإن مت فيزيد. فمن أبي هذا وأشار إلى السيف. وعلى هذا جاء أولاد الحكم بن أبي العاص في القرن الأول الهجري. وعلى هذا أفتى المحنكون بولاية الفاسق فهل الفاسق يسوق الناس إلى رب العالمين؟ إذا كانت الإجابة نعم، فما معنى قوله تعالى: (والله لا يهدي القوم الفاسقين) (1)، وكيف يسوق الفاسق الناس إلى رب العالمين؟ إذا كانت الإجابة نعم، قال تعالى: (ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون) (2)، ولا يرض عنهم: (فإن الله لا يرض عن القوم الفاسقين) (3)، وكيف يتم وضعهم على رقبة الأمة. والله قد حذر من المنافقين وما الفاسقين إلا عمال في دائرة الرجس قال تعالى: (نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون) (4)، كيف تستأمنه الأمة والله تعالى لم يستأمن الفاسق على نبأ قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فساق بنبأ فتبينوا) (5)، لقد جعل المحنكون من الشذوذ قاعدة استرضاءا منهم لخط نصب

____________

(1) سورة التوبة: الآية 80.

(2) سورة النور: الآية 4.

(3) سورة التوبة: الآية 96.

(4) سورة التوبة: الآية 67.

(5) سوره الحجرات: الآية 6.

الصفحة 221
خيمته ومن داخلها اتخاذ مال الله دولا. ودين الله دخلا وعباد الله خولا. وجميع ذلك تحت شعار الشورى.

والحقيقة أن ولاية الفاسق التي أقرها المحنكون فيها تساهل طويل وعريض. لأن الذي أدلى دلوه كي يخرج لنا فيه فاسقا. كان عليه أولا أن يبحث عن بئر نظيف ليخرج لنا بآخر وقد قال تعالى: (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) (1)، نعم قد يكون الفاسق في الذروة ولكن وفقا للقاعدة النبوية حيث قال صلى الله عليه وسلم في قريش: " الناس تبع لقريش في هذا الشأن مسلمهم تبع لمسلمهم وكافرهم تبع لكافرهم " (2)، وقال: " صالحهم تبع لصالحهم وشرارهم تبع لشرارهم " (3)، فالناس لا بد لهم من شجرة يستظلون بظلها. وهناك شجرتان، وللفاسق شجرة وذروته، أما قوله تعالى: (وأمرهم شورى بينهم)، قال المفسرون: أي أن الأمر الذي يعزمون عليه فيما بينهم يتشاورون فيه لاستخراج صواب الرأي بمراجعة العقول. وصواب الرأي تمتصه العقول من قوله تعالى: (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) (4)، فهذه دائرة أصحاب الشورى، والقرآن الكريم كما سلط الضوء على الذين أمرهم شورى بينهم. سلطة أيضا على الذين فرقوا أمرهم بينهم ووضعهم في دائرة مغلقة عليهم قال تعالى في الصنف الذي رفض الأمة الواحدة والدعوة الواحدة للسبيل الحق (فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون)، ولأن لهذا الحزب سائر على امتداد السيرة لا يكل ولا يمل. قال تعالى لرسوله: (فذرهم في غمرتهم حتى حين * أيحسبون إنما نمدهم به من مال وبنين * نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون) (5)، فأصحاب هذه الآية قطعوا أمرهم. وجعلوا كل قطعة منه كتابا. ثم التقط كل حزب قطعته وانطلق فرحا يقرأ في قطعته كتابه.

____________

(1) سورة السجدة: الآية 18.

(2) رواه البخاري (الصحيح 264 / 2) وسبق تخريجه.

(3) رواه أحمد ورجال ثقات (الفتح 226 / 24) سبق تخريجه.

(4) سورة الزمر: الآية 18.

(5) سورة المؤمنون: الآية 54 - 55 - 56.

الصفحة 222
وفي عالم الزخرف والزينة والإغواء يرقصون طربا لما عندهم من مال وبنين.

وهم في الحقيقة لا يشعرون ماذا ينتظرهم في نهاية الطريق. إنهم قد يرون بداية الطريق أو وسطه. أما نهاية الطريق فلا ترى إلا بعد أن تجيئ. وإذا كان القرآن قد سلط الأضواء على الذين أمرهم شورى بينهم والذين قطعوا أمرهم بينهم، فإن الله تعالى أمر دائرة الإيمان وفيها الذين أمرهم شورى بينهم. أمرهم أمرا واحدا لا اختيار فيه حتى يوازنوا بينه وبين أمرهم فقال جل وعلا: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) (1). فكيف يكون هناك اختيار والله ورسوله قد اختار. وفي هذا الاختيار قمة الحرية الحقيقية التي توفر للإنسان إنسانيته الحقة. حتى نعود إلى من حيث بدأنا ونقول:

إن علم النبي صلى الله عليه وسلم بما سيحدث في النهاية يقتضي أن يقيم عليه الحجة في البداية. وإقامة الحجة سنة إلهية يترتب عليها الثواب والعقاب. ألم ترى أن الله أقام الحجة على خلقه وهم في عالم الذر. أقامها عند أول أعتاب خلق البشرية. لعلمه أن المسيرة ستنتج المؤمن والكافر والمحسن والمسئ، قال تعالى: (وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين) (2)، فإذا كان سبحانه قد أقامها في البداية في عالم الغيب. فإنه تعالى قد أقامها على امتداد العصور. وإن كانت الحجة قد سدت الأبواب في وجوه البعض. فإنها فتحتها أمام آخرين. والنبي ما سد شيئا ولا فتحه. ولكنه أمر بشئ فاتبعه وهو في هذا عبدا مأمورا. ما أمر به فعله. إن يتبع إلا ما يوحى إليه. والنبي ما أدخل أحدا وما أخرج أحدا. ولكن الله هو الذي أدخل هذا وأخرج هؤلاء. وذلك لأن المستقبل به أصحاب شجرة خبيثة. والشجرة الخبيثة لا بد أن يقابلها شجرة طيبة، والمستقبل فيه دائرة رجس لا بد أن يقابلها دائرة

____________

(1) سورة الأحزاب: الآية 36.

(2) سورة الأعراف: الآية 172.

الصفحة 223
طهر. والمستقبل به الذين في قلوبهم زيغ الذين يريدون الفتنة المتشابه. ولا بد أن يقابلهم الراسخون في العلم فبعد أن أشارت الأحاديث التي بها كلمة (بعدي) إلى مواقع الفتن. إلى مقدماتها ونتائجها وبداياتها ونهاياتها.

أشارت أحاديث أخرى إلى مواقع الأمان. لتقوم الحجة ويظهر التبشير والتحذير على صفحات التاريخ. وعن هذه الأحاديث عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: " أنت وليي في كل مؤمن بعدي " (1)، وعن عمران بن حصين قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " علي مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن من بعدي " (2)، وعن بريدة الأسلمي قال: قال النبي صلى الله عليه وآله في علي: فإنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي. وإنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي (3)، وعن بريدة أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا بريدة إن عليا وليكم بعدي. فأحب عليا فإن يفعل ما يؤمر " (4)، وعن أنس قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " يا علي أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه من بعدي " (5). وعن وهب بن حمزة قال: قال

____________

(1) رواه أحمد ورجاله ثقات غير أبي بلج وهو ثقة وطيه لين (الفتح 116 / 23) وقال ابن كثير رواه أبو داود الطياليسي (البداية 346 / 7) ورواه ابن أبي عاصم وقال الألباني صحيح (كتاب السنة 263 / 5).

(2) رواه ابن أبي عاصم وقال الألباني: إسناده صحيح ورجاله ثقات على شرط مسلم والحديث أخرجه الترمذي وابن حبان والحاكم وأحمد من طرق أخرى. وقال الترمذي حديث حسن غريب وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم وأقره الذهبي (كتاب السنة 565 / 2)، ورواه ابن جرير بسند صحيح (كنز العمال 142 / 13) وابن أبي شيبة بسند صحيح (كنز العمال 608 / 11)، والطبراني وقال الهيثمي رواه أحمد والطبراني في الأوسط وباختصار في الكبير ورجال أحمد رجال الصحيح (الزوائد 109 / 9).

(3) رواه أحمد وقال في الفتح الرباني. رواه الطبراني في الكبير والأوسط وأسانيد الكبير رجاله رجال الصحيح ورجال أحمد ثقات (الفتح 117 / 23)، ورواه ابن أبي شيبة (كنز العمال 608 / 11).

(4) رواه الديلمي (كنز العمال 612 / 11).

(5) رواه الديلمي (كنز العمال 615 / 11).

الصفحة 224
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقولن هذا لعلي فإن عليا وليكم بعدي " (1)، وعن ابن عباس قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست نبيا. إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي في كل مؤمن من بعدي " (2).

والمعروف أن أظهر منازل هارون بعد موسى. وزارته له. وخلافته عنه.

واشتراكه في الأمر معه. قال سبحانه حاكيا عن نبيه موسى: (فاجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري)، إلى قوله تعالى: (قد أوتيت سؤلك يا موسى) (3)، وقال تعالى: (وقال موسى لأخيه هارون أخلفني في قومي وأصلح) (4)، والنبي صلى الله عليه وسلم عندما نزل قوله تعالى:

(وأنذر عشيرتك الأقربين)، قال لهم كما ذكرنا من قبل في رواية صحيحة: " إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم واسمعوا له وأطيعوا "، وعندما اتسعت الدائرة كما ذكرنا قال: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى "، ثم اتسعت الدائرة فبعثه بسورة براءة وقال كما ذكرنا في رواية صحيحة: " ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي "، وعندما اتسعت قال: " من كنت مولاه فعلي مولاه "، وعلي بحكم نص منزلة هارون من موسى. خليفة الرسول في النواة التي تدور حولها القرى والقبائل. ولعلي ابن أبي طالب على الأمة جمعاء فرص الطاعة كما كان لهارون بالنسبة إلى أمة موسى. ومن وحيث طاعته لا يكون مأمورا، وها نحن قد أوردنا نخبة من الأحاديث الصحيحة التي توجب الطاعة. فأي حجة بعد ذلك.

ولقد قام النبي بتحصين هذه الطاعة فعن عبيد الله بن عباس قال: نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي فقال: يا علي أنت سيد في الدنيا سيد في الآخرة. حبيبك حبيبي. وحبيبي حبيب الله. وعدوك عدوي وعدوي عدو الله.

____________

(1) رواه ابن كثير في البداية (346 / 7).

(2) رواه ابن أبي عاصم وقال الألباني إسناده حسن ورجاله ثقات (كتاب السنة 565 / 2).

(3) سورة طه: الآية 36.

(4) سورة الأعراف: الآية 142.

الصفحة 225
والويل لمن أبغضك بعدي (1)، وعن أم سلمة قالت: أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أحب عليا فقد أحبني. ومن أحبني فقد أحب الله. ومن أبغض عليا فقد أبغضني. ومن أبغضني فقد أبغض الله (2)، وعن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا علي من فارقني فارق الله ومن فارقك يا علي فارقني (3)، وعن علي قال. قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك (4)، أليس في هذا كله سوق للناس نحو الطاعة؟ وعن عمرو بن شاس الأسلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: يا عمرو والله لقد آذيتني. قلت:

أعوذ بالله أن أوذيك يا رسول الله. قال: بلى من آذى عليا فقد آذاني (5)، وعن سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن نالوا من علي:

" ما لكم وما لي. من آذى عليا فقد آذاني " (6)، أليس في هذا تحصين للخليفة وسوق للناس إلى صراط المستقيم؟

ألم تجمع الأمة على حديث من كنت مولاه فعلي مولاه؟ فما جزاء من أهان ولي الله وسلطانه؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من أهان لي وليا

____________

(1) رواه الحاكم وقال حديث صحيح على شرط الشيخين. وأبو الأزهر بإجماعهم ثقة. وإذا تفرد الثقة بحديث فهو على أصلهم صحيح. والحديث سمعه يحيى بن معين بن أبو الأزهر فصدقه واعتذر إليه إن كان قد رماه بالكذب (المستدرك 128 / 3) وأورده ابن كثير في البداية 356 / 7.

(2) رواه الطبراني وقال الهيثمي إسناده حسن (الزوائد 132 / 9).

(3) رواه البزار وقال الهيثمي رجاله ثقات (الزوائد 135 / 9).

(4) رواه الطبراني وقال الهيثمي إسناده حسن (الزوائد 203 / 9).

(5) رواه أحمد (الفتح 120 / 23) وقال الهيثمي رواه أحمد والطبراني باختصار والبزار أصغر منه. ورجال أحمد ثقات، ورواه ابن حبان (الزوائد 129 / 9)، ورواه ابن أبي شيبة وابن سعد وأحمد والبخاري في تاريخه والطبراني والحاكم (المستدرك 122 / 3) (كنز العمال 142 / 13).

(6) رواه أبو يعلى ورجاله ثقات (الزوائد 129 / 9) ومر سابقا.

الصفحة 226
فقد بارزني بالعداوة... " (1)، وقال: " من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله " (2)، وقال: " أول فرقة تسير إلى السلطان في الأرض لتذله يذلهم الله قبل يوم القيامة " (3). وقال صاحب تحفة الأحواذي: من أهان من أعز الله وألبسه خلعة السلطنة أهانه الله. وسلطان الله في قوله: (إنا جعلناك خليفة في الأرض) (4) فالله هو الذي جعل. وإضافة السلطان إلى الله أضافت تشريف كبيت الله وناقة الله (5) ولأنه سلطان الله. فمن خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية كما ورد في صحيح البخاري (6). ولأنه هذا السلطان في مركز النواة. فهو العمود الفقري للجماعة ومن فارق الجماعة شبرا فمات إلا مات ميتة جاهلية، كما ورد أيضا في البخاري (7)، وعن حذيفة من فارق الجماعة شبرا خلع ربقة الإسلام من عنقه (8)، فإذا لم يكن هذا كله تحصينا للخليفة وحثا للناس كي يكونوا يدا واحدة وسوقا لهم نحو الصراط المستقيم. فأي كلام بعد ذلك يجدي؟

" من كنت مولاه فعلي مولاه "، ألا يستشف عن هذا النص إمارة أي إمارة.

فإذا كانت فيه. فكيف نفهم ما رواه البخاري عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله.

____________

(1) رواه الطبراني وأبو نعيم في الطب عن أبي أمامة. ورواه ابن عساكر عن أنس بلفظ " من أخاف لي وليا فقد بارزني بالمحاربة (كنز 229 / 1)، ورواه أحمد وأبو يعلى والطبراني والبيهقي وأبو نعيم عن عائشة بلفظ " من آذى لي وليا فقد استحل محاربتي " (كنز 230 / 1) ورواه الطبراني عن ابن عباس بلفظ " من عادى لي وليا فقد ناصبني بالمحاربة (كنز 231 / 1).

(2) رواه ابن أبي عاصم وقال الألباي حديث صحيح (كتاب السنة 289 / 2) ورواه الترمذي من أبي بكرة (كنز 182 / 1).

(3) رواه الديلمي عن حذيفة (كنز 215 / 1).

(4) سورة ص: الآية 26.

(5) تحفة الأحواذي 476 / 6.

(6) البخاري (الصحيح 222 / 4) ك. الفتن.

(7) البخاري ك الفتن (الصحيح 222 / 4).

(8) ابن أبي شيبة (كنز 384 / 1).

الصفحة 227
ومن أطاع أميري فقد أطاعني. ومن عصى أميري فقد عصاني " (1)، ألا ينطبق هذا النص على أي شئ مما ذكرناه في علي بن أبي طالب؟

والخلاصة: لقد حذر الله تعالى من دائرة البخس التي يعمل بداخلها حكومة دينية تتخذ الدين ستارا. وهدف هذه الحكومة رد الذين آمنوا بالله عن دينهم ووضعهم على أرضية لا علاقة لها بالصراط المستقيم. وحذر تعالى من دائرة الرجس التي يعم بداخلها طابور خامس تلتقي أهواؤه في الخطوط العريضة مع أهواء حكومة الأحبار وعباقرة الأوثان. ولما كانت الحكومة التي تواجهها إلى حكومة. فقد أمر تعالى بأن يكون المؤمنين كلهم يدا واحدة. ولما كان لكل شئ ذروة أعلن النبي ولاية علي بن أبي طالب على رأس الحكومة الدينية. فإذا نظرت ولم تجد الرأس. فلا تسأل في خاتمة الطريق كيف اتبعت الأمة سنن الأولين التي صممها أحبار الحكومة الدينية وأشرف على تنفيذها جميع الخدم والعبيد.


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net