متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
4 - صراع خارج السقيفة
الكتاب : معالم الفتن ج1    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

4 - صراع خارج السقيفة.

روى الزبير بن بكار في كتابه: " الموفقيات والزبير " - قال فيه الذهبي: إمام ثقة من أوعية العلم (2) - لما بويع أبو بكر أقبلت الجماعة التي بايعته تزفه زفا إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم (3)، وروى الإمام البخاري عن أنس أنه بعد بيعة أبو بكر سمع عمر يقول لأبي بكر يومئذ اصعد المنبر فلم يزل به حتى صعد المنبر فبايعه الناس عامة وكان قبل ذلك قد بايعته طائفة من

____________

(1) رواه مسلم باب الإمارة (الصحيح 6 / 6).

(2) ميزان الاعتدال 66 / 2.

(3) ابن أبي الحديد عن كتاب الموفقيات 272 / 2.

الصفحة 291
السقيفة (1)، وروى الزبير بن بكار أنه لما كان من الغد قام أبو بكر فخطب الناس وقال: أيها الناس إني وليت أمركم ولست بخيركم فإذا أحسنت فأعينوني وإذا أسأت فقوموني إن لي شيطانا يعتريني فإياكم وإياي إذا غضبت... " (2).

وقال الزبير بن بكار: وكان عامة المهاجرين وجل الأنصار لا يشكون أن عليا هو صاحب الأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأن الفضل بن العباس قال: يا معشر قريش وخصوصا يا بني تيم إنكم إنما أخذتم الخلافة بالنبوة ونحن أهلها دونكم ولو طلبنا هذا الأمر الذي نحن أهله لكانت كراهة الناس لنا أعظم من كراهتهم لغيرنا حسدا منهم لنا وحقدا علينا وإنا لنعلم أن عند صاحبنا عهدا هو ينتهي إليه (3)، وقد ذكر الإمام علي (4) إنه كان معهود إليه أن لا ينازع في الأمر ولا يثير فتنة بل يطلبه برفق فإن حصل له وإلا أمسك وذلك لأن الحجة قد قامت والامتحان قد بدأ ولا إكراه في الدين. وروى أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة: بعد بيعة أبو بكر ذهب عمر بن الخطاب ومعه عصابة إلى بيت فاطمة منهم أسيد بن حضير فقال لهم: انطلقوا فبايعوا فأبوا عليه وروى الطبري أن عمر قال: والله لأحرقن عليكم أو لتخرجن إلى البيعة. فخرج عليه الزبير بسيفه (5) فقال عمر: عليكم الكلب، فوثب عليه سلمة بن أسلم وأخذ السيف من يده فضرب به الجدار، ثم انطلقوا بن وبعلي ومعهما بنو هاشم وعلي يقول: أنا عبد الله! وأخو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!.

وروى صاحب كتاب السقيفة: وعندما انتهوا بعلي إلى أبي بكر فقيل له:

بايع فقال: أنا أحق بهذا الأمر منكم لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي. أخذتم

____________

(1) البخاري (الصحيح 248 / 4) ك الأحكام.

(2) ابن أبي الحديد 273 / 2.

(3) ابن أبي الحديد 273 / 2.

(4) سنبين ذلك في حينه.

(5) الطبري 198 / 3.

الصفحة 292
هذا الأمر من الأنصار واحتججتم عليهم بالقرابة من رسول الله فاعطوكم المقادة وسلموا إليكم بالإمارة. وأنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار فانصفونا إن كنتم تخافون الله من أنفسكم واعرفوا لنا من الأمر مثل ما عرفت الأنصار لكم وإلا فبؤوا بالظلم وأنتم تعلمون. فقال عمر: إنك لست متروكا حتى تبايع، فقال له علي: احلب يا عمر حلبا لك شطره! اشدد له اليوم أمره ليرد عليك غدا!! ألا والله لا أقبل قولك ولا أبايعه، فقال له أبو بكر: فإن لم تبايعني لم أكرهك، وقال أبو عبيدة: يا أبا الحسن أنك لحديث السن وهؤلاء مشيخة قريش قومك ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالأمور. ولا أرى أبا بكر إلا أقوى على هذا الأمر وأشد احتمالا له واضطلاعا به فسلم له هذا الأمر وأرض.

فإنك إن تعش ويصل عمرك فأنت لهذا الأمر خليق وبه حقيق في فضلك وقرابتك وسابقتك وجهادك. فقال علي: يا معشر المهاجرين الله الله. لا تخرجوا سلطان محمد عن داره وبيته إلى بيوتكم ودوركم ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقه. فوالله يا معشر المهاجرين لنحن - أهل البيت - أحق بهذا الأمر منكم. أما كان منا القارئ لكتاب الله الفقيه في دين الله العالم بالسنة المضطلع بأمر الرعية والله إنه لفينا فلا تتبعوا الهوى فتزدادوا من الحق بعدا وانصرف علي إلى منزله ولم يبايع (1).

الملاحظ هنا وخلال أحداث هذه الفترة فيما وصل إلينا أن الإمام عليا لم يحتج على قريش بالنص. ويمكن فهم السبب بخلفية أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أراد خلال الأيام القليلة السابقة لهذه الأحداث أن يكتب لهم نصا ولكنهم حالوا بينه وبين ذلك. إشفاقا عليه وإشفاقا على أنفسهم من أن يكتب لهم ما يعجزون عنه فتكون العقوبة أشد لكون الأمر مكتوب. فإذا كان القوم قد صادروا النص المكتوب لأن عقوبته أشد فإنه لا يستبعد أن يصادروا النص المسموع.

والإمام لوح بالنص في مواطن عديدة. فقوله لهم: " لنحن أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم "، فتح دائرة حق من أراد أن يناقشها ناقشه والحق لا يخفى ثم قوله:

____________

(1) ابن أبي الحديد 266 / 2.

الصفحة 293
" والله إنه لفينا فلا تتبعوا الهوس " كشف دائرة الهوى وهي أيضا مفتوحة للمناقشة.

وروى البيهقي بسند صحيح أن أبا بكر حين استخلف قعد في بيته حزينا فدخل عليه عمر بن الخطاب فأقبل أبو بكر عليه يلومه وقال: أنت كلفتني هذا الأمر! وشكا إليه الحكم بين الناس. فقال عمر: أو ما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الوالي إذا اجتهد فأصاب فله أجران وإن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد. فكأنه سهل على أبي بكر. (1)


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net