متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
ثانيا - دائرة الرأي
الكتاب : معالم الفتن ج1    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

ثانيا - دائرة الرأي

بعد السقيفة فتحت أولى صفحات دائرة الرأي. وهي دائرة تقوم على الشهادتين وعلى احترام شعائر الدين. لكنها لا تعرف السلطة الدينية ولا تعترف بها ولا تحبذ الالتزام بالمثاليات الدينية والنواحي الإدارية والسياسية وكان همها الأكبر قوة الدولة واستقرارها... وذلك لأن الحكم في دائرة الرأي أساسه رضا الناس واختيارهم فالأمة عنده هي الأصل.

وكما بينا من قبل أن أحداث السقيفة - في رأينا - جاءت بعد أن تبين كبار الصحابة ما يحيط بالدعوة من مكائد وإن العرب لا تطيع عليا. ومن السقيفة خرج نظام الخلافة. والخلافة ليست نظاما إلهيا نبويا. فهي جاءت على قاعدة إختيار الصحابة. والاختيار ليس دينا بأي حال. ونحن إذا أخذنا خطوة إلى الإمام واستبقنا الأحداث نجد أن الخلافة تحولت فيما بعد إلى ملك وجبرية فإذا بحثنا عن الأسباب وجدنا أن كبار الصحابة الذي خافوا على الإسلام من أعدائه يوم السقيفة. أقاموا حصونهم على حدود من الرمال الناعمة. فلم تتمكن الحصون من التغلب على طبيعة الموروث العشائري عند العرب ولا عن الموروث الكيدي عند كفار أهل الكتاب وغيرهم. فبعد فترة تعاون الموروث العشائري مع الموروث الكيدي في مقاومة نظام الخلافة. قامت دوائر النفاق بالنخر في الجدار ثم بالإغارة عليه وفي النهاية تركاه صريعا تسفعه الرياح بعد أن انزلقت حصونه المشيدة على حافة الرمال - وفي أعماق الشقوق رفعت أعلام

الصفحة 310
الملك والجبرية وحولها وقف علماؤهم لإرساء قواعد الاستبداد. فقالوا بفصل الدين عن السياسة بحجة أن العمل السياسي ليس عملا دينيا لكنه فعل بشري يحتمل الخطأ والصواب ويمكن نقضه أو نقده أو العدول عنه. وتحت هذه الحجة ارتكبت أفظع الجرائم في حق المسلمين ولم يستطع أحد أن ينقض أو ينقد لأن الفعل البشري تحت قبة الجبروت لا يمكن نقده أو العدول عنه. ونتيجة لهذا برزت مشكلة أساسية ألا وهي اجتزاء المسلمين على السلطة وخروجهم عليها باسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تارة. وطمعا في الحكم تارة أخرى. لقد كانت البداية حصون على الرمال. وكانت الخاتمة شقوق ودهاليز تحت سطح الأرض. وبين هذا وذاك ترى الأحداث التي أدت إلى الخسف.


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net