متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
1 - خيمة التحكيم
الكتاب : معالم الفتن ج2    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

1 - خيمة التحكيم:

قبل التحكيم جاء المغيرة بن شعبة إلى معاوية، فقال له معاوية: يا مغيرة ما ترى؟ قال: يا معاوية لو وسعني أن أنصرك لنصرتك، ولكن على أن آتيك بأمر

____________

(1) الخفاف / الإبل.

(2) الأظلاف / للبقر والمعاعز.

(3) خير دار / قيل يقصد الكوفة وقيل الشام.

(4) شر جيران / أي أصحاب معاوية.

(5) نوفهم سهود / يعني أصحاب معاوية. لا ينامون الليل ويرتبون أمره.

(6) كحلهم دموع / أي نفاقا.

(7) أي المؤمن في تقية وخوف.

(8) أي المكذب في عز ومنعة.

(9) ابن أبي الحديد 123 / 1.

(10) الطبري 35 / 6.

الصفحة 113
الرجلين - أي عمرو وأبو موسى - فرحل حتى دخل على أبي موسى كالزائر له.

فقال: يا أبا موسى. ما تقول فيمن اعتزل هذا الأمر وكره الدماء - وكان المغيرة مقيما بالطائف ولم يشهد الحرب - قال: أولئك خير الناس، خفت ظهورهم من دمائهم وخمصت بطونهم من أموالهم. ثم ذهب المغيرة إلى عمرو. فقال: يا أبا عبد الله، ما تقول فيمن اعتزل هذا الأمر وكره الدماء، قال: أولئك شرارة الناس لم يعرفوا حقا ولم ينكروا باطلا. فرجع المغيرة إلى معاوية فقال له: قد ذقت الرجلين. أما أبو موسى فخالع صاحبه وجاعلها لرجل لم يشهد هذا الأمر، وهواه في عبد الله بن عمر، وأما عمرو بن العاص، فهو صاحبك الذي تعرف.

وقد ظن الناس أنه يرومها لنفسه. وأنه لا يرى أنك أحق بهذا الأمر منه (1).

لم يكن ابن العاص يمثل أي مشكلة لمعاوية، وإنما الذي كان يهم معاوية هو معرفة خامات أبي موسى الأشعري. وبعد أن تذوق المغيرة الخامات وأخبر بها معاوية، بدأت السياسة الأموية تعمل من أجل الوصول إلى أهدافها.

وروي: لما أراد أبو موسى المسير إلى دومة الجندل وهو المكان الذي اتفق ليكون مقرا للتحكيم. قال له ابن عباس: إن عليا لم يرض بك حكما لفضل عندك، والمتقدمون عليك كثير، وإن الناس أبوا غيرك، وإني لأظن ذلك لشر يراد بهم. وقد ضم داهية العرب معك - يعني عمرو - إن نسيت فلا تنسى أن عليا بايعه الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان. وليس فيه خصلة تباعده من الخلافة.

وليس في معاوية خصلة تقربه من الخلافة (2). وقال له: واعلم يا أبا موسى أن معاوية طليق الإسلام، وأن أباه رأس الأحزاب، وأنه يدعي الخلافة من غير مشورة ولا بيعة، فإن زعم لك أن عمر وعثمان استعملا فلقد صدق، استعمله عمر وهو الوالي عليه. بمنزلة الطبيب يحميه ما يشتهي ويوجره ما يكره. ثم استعمله عثمان برأي عمر، وما أكثر من استعملا ممن لم يدع الخلافة. واعلم أن لعمرو مع كل شئ يسرك خبيثا يسؤوك. ومهما نسيت فلا تنسى أن عليا بايعه.

____________

(1) ابن أبي الحديد 449 / 2.

(2) مروج الذهب 439 / 2.

الصفحة 114
القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان. وأنه لم يقاتل إلا العاصين والناكثين (1).

وانطلق أبو موسى إلى خيمة التحكيم. وروي أن معاوية وصى عمرا عندما فارقه وهو يريد الاجتماع بأبي موسى فقال له: يا أبا عبد الله. إن أهل العراق قد أكرهوا عليا على أبي موسى. وأنا وأهل الشام راضون بك. وقد ضم إليك رجل - أي أبو موسى - طويل اللسان قصير الرأي، فأخر الخلا. وطبق المفصل. ولا تلقه برأيك كله (2).

وروي أن عمرا أعطى لأبي موسى صدر المجلس. وكان لا يتكلم قبله.

وأعطاه التقدم في الصلاة وفي الطعام. لا يأكل حتى يأكل، وإذا خاطبه فإنما يخاطبه بأجمل الأسماء ويقول له: يا صاحب رسول الله، حتى أطمئن إليه، فظن أنه لا يغشه (3). ودعا عمرو بصحيفة وكاتب، ثم قال لكاتبه: اكتب فإنك شاهد علينا. ولا تكتب شيئا يأمر به أحدنا حتى تستأمر الآخر فيه، فإذا أمرك فاكتب، وإذا نهاك فانته، حتى يجتمع رأينا. ثم قال عمرو: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما تقاضى عليه فلان وفلان، فكتب وبدأ بعمرو، فقال له عمرو: لا أم لك أتقدمني قبله كأنك جاهل بحقه؟ فكتب فبدأ باسم عبد الله بن قيس.

وكتب: تقاضيا على أنهما يشهدان أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، ثم قال عمرو: ونشهد أن أبا بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عمل بكتاب الله وسنة رسوله حتى قبضه الله إليه، وقد أدى الحق الذي عليه، قال أبو موسى موافقا: اكتب. ثم قال في عمر بن الخطاب مثل ذلك. فقال أبو موسى اكتب. ثم قال عمرو: واكتب: وأن عثمان ولي هذا الأمر بعد عمر على إجماع من المسلمين وشورى من أصحاب رسوله صلى الله عليه وسلم. ورضى منهم وأنه كان مؤمنا. فقال أبو موسى

____________

(1) ابن أبي الحديد 445 / 2.

(2) مروج الذهب 439 / 2، ابن أبي الحديد 444 / 1.

(3) الكامل 168 / 3، وابن أبي الحديد 451 / 3، الطبري 39 / 6.

الصفحة 115
الأشعري: ليس هذا مما قعدنا له. قال عمرو: والله لا بد من أن يكون مؤمنا أو كافرا. فقال أبو موسى: كان مؤمنا. قال عمرو: فمره يكتب، قال أبو موسى:

اكتب. قال عمرو: فظالما قتل عثمان أو مظلوما؟ قال أبو موسى: بل قتل مظلوما، قال عمرو: أفليس قد جعل الله لولي المظلوم سلطانا يطب بدمه؟ قال أبو موسى: نعم، قال عمرو: فهل تعلم لعثمان وليا أولى من معاوية؟ قال: أبو موسى: لا، قال عمرو: أفليس لمعاوية أن يطلب قاتله حيثما كان حتى يقتله أو يعجز عنه؟ قال أبو موسى: بلى، قال عمرو للكاتب: اكتب وأمره أبو موسى فكتب، قال عمرو: فإنا نقيم البينة أن عليا قتل عثمان. فقال أبو موسى: هذا أمر قد حدث في الإسلام. وإنما اجتمعنا لغيره. فهلم إلى أمر يصلح الله به أمر أمة محمد، قال عمرو: وما هو؟ قال أبو موسى: قد علمنا أن أهل العراق لا يحبون معاوية أبدا، وأن أهل الشام لا يحبون عليا أبدا. فهلم نخلعهما جميعا ونستخلف عبد الله بن عمر. وكان عبد الله بن عمر على بنت أبي موسى (1).

وروي عن أبي جناب أن أبا موسى قال غير مرة: والله إن استطعت لأحيين اسم عمر بن الخطاب. فقال له عمرو: إن كنت إنما تريد أن تبايع ابن عمر لدينه. فما يمنعك من ابني عبد الله وأنت تعرف فضله وصلاحه؟ قال: إن ابنك رجل صدق. ولكنك قد غمسته في هذا الفتن (2).

وروى الطبري: أراد أبو موسى عبد الله بن عمر فأبي عليه عمرو، وأراد عمرو ابنه فأبى أبو موسى، فقال له عمرو: خبرني ما رأيك؟ قال: رأيي أن نخلع هذين الرجلين ونجعل الأمر شورى بين المسلمين، فيختار المسلمون لأنفسهم من أحبوا، فقال له عمرو: فإن الرأي ما رأيت. فأقبلا إلى الناس وهم مجتمعون، فقال عمرو: يا أبا موسى أعلمهم بأن رأينا قد اجتمع واتفق. فتكلم أبو موسى فقال: إن رأيي ورأي عمرو قد اتفق على أن نرجوا أن يصلح الله

____________

(1) مروج الذهب 440 / 2.

(2) الطبري 38 / 6، ابن أبي الحديد 450 / 1، البداية والنهاية 283 / 7، مروج الذهب 441 / 2.


الصفحة 116
عز وجل به أمر هذه الأمة فقال عمرو: صدق وبر أبو موسى. تقدم فتكلم.

فتقدم أبو موسى ليتكلم فقال له ابن عباس: ويحك والله إني لأظنه قد خدعك. إن كنتما قد اتفقتما على أمر فقدمه فليتكلم بذلك الأمر قبلك. ثم تكلم أنت بعده فإن عمرا رجل غادر ولا آمن أن يكون قد أعطاك الرضا فيما بينك وبينه. فإذا قمت في الناس خالفك. وكان أبو موسى مغفلا فقال: إنا قد اتفقنا.

فتقدم أبو موسى ثم قال: أيها الناس إنا قد نظرنا في أمر هذه الأمة. فلو نر أصلح لأمرها. ولا ألم لشعثها من أمر قد أجمع رأيي ورأي عمرو عليه وهو أن تخلع عليا ومعاوية وتستقبل هذه الأمة هذا الأمر فيولوا منهم من أحبوا عليهم وإني قد خلعت عليا ومعاوية... وأقبل عمرو بن العاص فقام مقامه وقال: إن هذا قد قال ما سمعتم وخلع صاحبه وأنا أخلع صاحبه كما خلعه وأثبت صاحبي معاوية. فإنه ولي عثمان بن عفان، والطالب بدمه وأحق الناس بمقامه (1) - وفي رواية - وأن أبا موسى قد كتب في الصحيفة أن عثمان قتل مظلوما وأن لوليه سلطانا أن يطلب بدمه حيث كان. وقد صحب معاوية رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه. وصحب أبوه النبي صلى الله عليه وسلم. وأن معاوية هو الخليفة علينا. وله طاعتنا وبيعتنا على الطلب بدم عثمان.

فقال أبو موسى: كذب عمرو. لم نستخلف معاوية. ولكنا خلعنا معاوية وعليا معا، وقال عمرو: بل كذب عبد الله بن قيس، قد خلع عليا ولم أخلع معاوية (2). فقال أبو موسى: ما لك لا وفقك الله غدرت وفجرت إنما مثلك (كمثل الحمار يحمل أسفارا) (3)، فقال له عمرو: بل إياك يلعن الله. كذبت وغدرت. إنما مثلك مثل (الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث) (4)، ثم

____________

(1) الطبري 40 / 6، مروج الذهب 442 / 2، الكامل 168 / 3، البداية 248 / 7، ابن أبي الحديد 451 / 1.

(2) مروج الذهب 442 / 2.

(3) سورة الجمعة: الآية 5.

(4) سورة الأعراف: الآية 176.

الصفحة 117
وكز أبا موسى فألقاه لجنبه (1) وانطلق عمرو إلى معاوية وسلم عليه بالخلافة (2).

وهكذا انتهى التحكيم بين المسلمين. لقد اشترط أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على الحكمين أن يحكما بكتاب الله ولا يتبعان الهوى ولا يداهنان.

فلم يأخذا من كتاب الله إلا مثلين ضربهما الله. مثل الحمار ومثل الكلب، وضرب كل واحد منهما صاحبه بمثل. ومن أجمل ما قرأت في هذا المقام. قول الأستاذ العقاد وهو يعلق على التحكيم قال: كلب وحمار فيما حكم به على نفسيهما غاضبين. وهما يقضيان على العالم بأسره ليرضى بما قضياه. وانتهت المأساة بهذه المهزلة. أو انتهت المهزلة بهذه المأساة (3).

ومن أطرف الآراء التي قرأتها عن التحكيم ورأي ابن كثير، فلقد قال:

فقال عمرو: إن هذا قد قال ما سمعتم وأنه قد خلع صاحبه، وإني قد خلعته كما خلعه وأثبت صاحبي معاوية، فإنه ولي عثمان وهو أحق الناس بمقامه. ثم يعلق ابن كثير على ما فعله ابن العاص فيقول: وكأن عمرو رأى أن ترك الناس بلا إمام والحالة هذه يؤدي إلى مفسدة طويلة عريضة أربى مما الناس فيه من الاختلاف.

فأقر معاوية لما رأى ذلك من المصلحة. والاجتهاد يخطئ ويصيب (4)، فيا ترى هل في هذا إقرار لفقه الكيد والمكر تحت عنوان: إن ابن العاص خاف على الأمة أن تنام ليلة واحدة بدون إمام؟ لأن من مات في هذه الليلة فستكون ميتته ميتة جاهلية. فلهذا أسرع بتنصيب إمام الزمان معاوية. وهو من هو وأسرته لها فضل عظيم على الإسلام والمسلمين. وإذا كان ابن كثير يرى أن ابن العاص لو لم يفعل ذلك لوصل الأمر إلى مفسدة طويلة. فابن كثير كواحد من كتاب التاريخ يعلم قبل غيره، أن الاختلاف والافتراق على امتداد التاريخ بعد صفين يعود أصله

____________

(1) الطبري 40 / 6، مروج الذهب 443 / 2، الكامل 168 / 3، البداية 248 / 7، ابن أبي الحديد 451 / 1.

(2) الطبري 40 / 6.

(3) عبقرية الإمام / العقاد ص 85.

(4) البداية 284 / 7.

الصفحة 118
إلى ما فعله عمرو بن العاص يوم التحكيم. ويعلم قبل غيره أن هذا التحكيم الذي رضيه من عمرو بن العاص لم يقبله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.

الذي يعده ابن كثير من الخلفاء الراشدين. ولا ندري كيف لا يقبل خليفة راشد التحكيم ثم تقبله أمه ملتمسة العذر لابن العاص، على اعتبار أنه متأول مجتهد له أجر على اجتهاده!! أي أجر والله ذم الاختلاف وابن العاص له عمود كبير في دائرة الاختلاف.

ومن أنصف ما قرأت في هذا المقام. ما ذكره الدميري في حياة الحيوان.

روي أن معاوية عندما صار خليفة قال لأبي الأسود الدؤلي: ما كنت تصنع لو جعلك أبو تراب حكما؟ فقال: كنت أجمع ألف رجل من المهاجرين وأولادهم، وألفا من الأنصار وأولادهم. ثم أقول: يا معشر الحاضرين، أيما أحق بالخلافة رجل من المهاجرين أم رجل من الطلقاء؟ فلما سمع منه معاوية لعنه وطرده من مجلسه.

صحيح أن هذا الرأي أغضب الحاكم. لكنه فيه إنصاف، وإدخال المهاجرين والأنصار طرفا في القضية فيه روح الشورى وبعد النظر، أما أن تترك الساحة للثعالب ويلتمس لهم الأعذار فيما بعد. فهذا - في رأينا - لا يجانبه الصواب.

وقبل أن نلقي الضوء على أحداث ما بعد التحكيم، علينا أن ننظر في الأحداث منذ أن رفعت المصاحف لنرى كيف كانت حركة أمير المؤمنين. ولقد ذكرنا أن الإمام كان يعلم أنه مقتول وأن معاوية سيمتلك ما تحت قدمه من تراب. وعلى الرغم من هذا فإن الإمام ومن معه كانوا يأخذون بأسباب الحياة الكريمة، وكانوا يواجهون الانحراف الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم، من أجل أن يتنفس المستقبل الحرية الحقيقية وهو يخطو في اتجاه أهدافه. وحركة أمير المؤمنين في مواجهة هذه الأحداث. كانت حركة الحجة على جيل الصحابة الأوائل. لأن الشذوذ إذا تسرب من أرضية الصحابة إلى المستقبل فلن يكون في هذه الحالة شذوذا، وإنما سيكتسب الشذوذ رداء القداسة وعلى هذا لا يمكن نقده. ثم تعبر الفتن على هذه القواعد في هدوء وسكينة

الصفحة 119
وعليها علامات التزيين والإغواء. لتدخل إلى عالم الاحتناك والاستسلام. وحركة الإمام بعد عملية رفع المصاحف كانت تدور حول الرفض. ولكن القوم هددوه إذ لم يقبل التحكيم فسيترتب على ذلك أمور. ثم اختار القوم أبو موسى الأشعري، ورفض الإمام هذا الاختيار. ولكنهم أجاروا عليه. هذا كان الإمام حجة على معسكره. وبدخول عمرو بن العاص وكتابة صحيفة الاتفاق بين أهل الشام وأهل العراق كان الإمام حجة على المعسكرين. وبصدور قرارات التحكيم كان الإمام حجة على الأمة. وحجج الإمام على الجميع تستند على حقيقة واحدة هي أصل الحقائق كلها " إحياء ما أحيا القرآن وإماتة ما أمات القرآن "، فعندما خرج للقتال بعد بيعته تحرك على محور هذه الحقيقة. وعندما رفع أهل الشام المصاحف رفض خدعتهم لأنها تستهدف هذه الحقيقة، ووصف رؤوسهم بأنهم ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، وعندما جاء عمرو وأبو موسى للاتفاق على التحكيم قال لهما: " فإن لم تحكما بما في كتاب الله فلا حكومة لكما ". لقد كان يأخذ الجميع إلى ساحة القرآن ويضع في أعناقهم أعظم حجة منذ ذرأ الله ذرية آدم. وهذا في رأينا أعظم انتصار لإمام المتقين. قد يكون خصومه قد بسطوا أيديهم على التراب. ولكن وبالتأكيد لن يروا لهذا التراب أي فائدة. يوم يقف التابع والمتبوع أمام عظمة الله جل وعلا.

وبعد التحكيم الذي كان الإمام يعلم نتيجته، وذلك وفقا لإخبار النبي صلى الله عليه وسلم. بدأ الإمام يحث الناس على القتال. لم يحثهم على قتال الحكمين، وإنما على قتال البغاة، فالحكمين سقط حكمهما عند الإمام بمجرد إعلانه لأنه اشترط. إذا لم يحكما بكتاب الله فلا حكومة. لقد حث الجميع على قتال القاسطين بعد أن تمت مهمته في إقامة حجته على أفراد بعينهم وأقوام بعينهم. كان له رغبة في أن يلتقي بهم أمام الله وحده. وعندما ساق الله إليه الأحداث والتقى بهم، وضعهم في دائرة القرآن وحده هو الحكم فيها. ثم جلس بعد ذلك ينادي معسكره كي يأخذ بالأسباب كما أخذ بها عمار وابن صوحان وابن بديل وابن عامر القرني وغيرهم. وكان يحذر إلا أن أخوف الفتن عليكم فتنة بني أمية. كان يريد منهم أن يطفئوا بريقها، ولكن تقاعس منهم من

الصفحة 120
تقاعس، وفي جميع الحالات فالحجة على رأس هذا وذاك.


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net