متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
1 - صرخات الحسين
الكتاب : معالم الفتن ج2    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

1 - صرخات الحسين:

أمام المجموع التي تقرقع أنيابها كرقعة أنياب الحيتان، وقف الحسين والدماء تغطي وجهه بعد أن ضربه رجل من كنده بالسيف على رأسه، فقطع البرنس وأدمى الرأس. فقال لهم: أعلى قتلي تحاثون؟ أما والله ولا تقتلون بعدي عبدا من عباد الله، الله أسخط عليكم لقتله مني. وأيم الله، إني لأرجو أن يكرمني الله بهوانكم، ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون. أما والله إن لو قد قتلتموني لقد ألقى الله بأسكم بينكم وسفك دماءكم، ثم لا يرضى لكم بذلك حتى يضاعف لكم العذاب الأليم (1). وكان قد قال: إني لم أخرج أشرا ولا بطرا، ولا مفسدا ولا ظالما، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي، محمد صلى الله عليه وسلم، أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر، وأسير بسيرة جدي محمد صلى الله عليه وسلم، وأبي علي بن أبي طالب.

فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق. ومن رد على هذا، أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم الظالمين (2).

____________

(1) البداية والنهاية 188 / 1، الطبري 260 / 6، الكامل 264 / 3.

(2) مقتل الحسين / الخوارزمي 189 / 1.

الصفحة 297
كان الحسين يذكر ويقيم الحجة على امتداد الطريق، وكان الذين من حوله تلمع في عقولهم دنانير عبيد الله بن زياد. كما لمع العجل في قلوب بني إسرائيل، كان يلقي عليهم كلمات فيها حياتهم، وبها بعيشوا أحرارا. وكانوا يبحثون عن حجارة ليرجموه بها. هو يريد حياتهم، وهم يريدون قتله. وصاح الحسين: ما لك يا ابن سعد قطع الله رحمك، ولا بارك الله لك في أمرك، وسلط عليك بعدي من يذبحك على فراشك، كما قطعت رحمي ولم تحفظ قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم رفع صوته وتلى قوله تعالى (1):

(إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين * ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم " (2).

كان يذكرهم بما يعرفون وبما يخفون. وتعالت الأصوات: الحق مع آل معاوية، وقطع ضجيجهم صوت الحسين: نعم الرب ربنا، وبئس العبيد أنتم....

يا أمة السوء بئسما خلفتم محمدا في عترته. ثم قال: أما إنكم لن تقتلوا بعدي عبدا من عباد الله فتهابوا قتله. بل يهون عليكم ذلك، عند قتلكم إياي، وأيم الله، إني لأرجو أن يكرمني الله بالشهادة، ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون. فناداه الحصين بن مالك: وبماذا ينتقم لك منا يا ابن فاطمة فقال:

يلقي بأسكم بينكم ويسفك دماءكم، ثم يصب عليكم العذاب الأليم (3).

وبعد أن حذرهم الحسين التحذير الأخير، عطش الحسين حتى اشتد عطشه فدنا ليشرب من الماء، فرماه حصين بن تميم بسهم فوقع في فمه، فجعل يتلقى الدم من فمه، ويرمي به إلى السماء، ثم حمد الله وأثنى عليه، ثم جمع يديه فقال: اللهم احصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تذر على الأرض منهم أحدا (4).

____________

(1) مقتل الحسين / الخوارزمي 30 / 2.

(2) سورة آل عمران: الآية 33 و 34.

(3) مقتل الحسين 34 / 2.

(4) رواه الطبراني وقال الهيثمي رجاله ثقات (الزوائد 193 / 9) والبداية والنهاية 187 / 8، الطبري 258 / 6.

الصفحة 298


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net