متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
1 - مقام التطهير
الكتاب : وجاء الحق    |    القسم : مكتبة المُستبصرين

1 - مقام التطهير

قال تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) [ الأحزاب: 33 ]، قال ابن عباس: (يذهب عنكم الرجس) أي عمل الشيطان وما ليس لله فيه رضا، وقال الأزهري: الرجس: اسم لكل مستقذر من كل عمل، وقال ابن حجر: والمعنى: التطهير من الأرجاس والأدناس ونجاسة الآثام (1).

وروى مسلم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: " خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم غداة، وعليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) [ الأحزاب: 33 ] " (2) وروي عن عمر بن أبي سلمة أنه قال: لما نزلت هذه

____________

(1) أنظر: الفتح الرباني: 18 / 238.

(2) رواه مسلم، الصحيح: 15 / 194، والحاكم، المستدرك: 3 / 147.

الصفحة 47
الآية: (إنما يريد الله...) دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة وحسنا وحسينا، فجللهم بكساء وعلي خلف ظهره فجلله بكساء، ثم قال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، قالت أم سلمة رضي الله عنها:

وأنا معهم يا نبي الله، قال: أنت على مكانك وأنت على خير " (1)، وعن شداد بن عمار قال: " دخلت على واثلة بن الأسقع وعنده قوم فذكروا عليا - رضي الله عنه - فشتموه، فشتمته معهم، فلما قاموا، قال لي: شتمت هذا الرجل؟ قلت: قد شتموه فشتمته معهم، قال: ألا أخبرك بما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قلت: بلى، قال: أتيت فاطمة - رضي الله عنها - أسألها عن علي - رضي الله عنه -، فقالت: توجه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فجلست أنتظره حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعه علي وحسن وحسين - رضي الله عنهم - آخذا كل واحد منهما بيده حتى دخل، فأدنى عليا وفاطمة - رضي الله عنهما - وأجلسهما بين يديه، وأجلس حسنا وحسينا، كل واحد منهما على فخذه، ثم لف عليهم كساءه، ثم تلا صلى الله عليه وآله وسلم هذه الآية: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) [ الأحزاب: 33 ]، وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وأهل بيتي أحور " (2)، وعن أبي الحمراء قال: رابطت المدينة سبعة أشهر على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا طلع الفجر جاء إلى باب علي وفاطمة - رضي الله عنهما - فقال: " الصلاة الصلاة، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " (3)، وعن أنس بن مالك قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يمر بباب فاطمة - رضي الله عنها - ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر، يقول: " الصلاة يا أهل البيت، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " (4).

____________

(1) رواه الترمذي، الجامع: 5 / 351، وابن جرير والطبراني وابن مردويه، تحفة الأحوازي:

9 / 97، وابن كثير في التفسير: 3 / 485.

(2) قال ابن كثير: رواه الإمام أحمد وابن جرير، التفسير: 3 / 483.

(3) قال ابن كثير: رواه ابن جرير، المصدر نفسه.

(4) قال ابن كثير: رواه الإمام أحمد، المصدر نفسه.


الصفحة 48
وحديث الكساء وردت فيه روايات جمة تزيد على سبعين حديثا رواها:

أم سلمة، وعائشة، وأبو سعيد الخدري، وسعد بن أبي وقاص، وواثلة، وأبو الحمراء، وابن عباس، وثوبان، وعبد الله بن جعفر، وعلي، والحسين بن علي.

والمتدبر في حديث الكساء يجد أن أحداثه وقعت في أكثر من مكان، وقعت في بيت أم سلمة، وفي بيت عائشة، وفي بيت فاطمة، وأمام أكثر من واحد، ويجد أيضا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان ينادي عند بيت فاطمة وقت صلاة الفجر لمدة ستة أشهر، وفي رواية سبعة أشهر، وتكرار المشهد واستمرار النداء طيلة هذه المدة، يوحي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقيم بهذا الحجة على كل من سمع ورأى وصلى في مسجده، بأن هؤلاء هم أهل البيت، وكان - عليه الصلاة والسلام - إذا أراد أن يثبت أمرا من الأمور في ذاكرة من حوله، يكرر هذا الأمر من ثلاث إلى عشر مرات، ووضح ذلك في روايات عديدة حملت تحذيرات مما يستقبل الناس من أحداث، ينتج عنها ما ليس لله فيه رضا.

وإذا كان دعاء الرسول لمن تحت الكساء وتلاوته صلى الله عليه وآله وسلم لآية التطهير، يعطي للناس مفهوم إذهاب الرجس، والتطهير لمن تحت الكساء - عليهم السلام - فإن الدعوة الإلهية لبني إسرائيل أعطت لهم المفهوم نفسه، ولكن بطريقة تستقيم مع الشريعة في هذا الوقت، جاء في العهد القديم: " قال الرب لموسى: وتقدم هارون وبنيه إلى باب خيمة الاجتماع، وتغسلهم بماء، وتلبس هارون الثياب المقدسة، وتمسحه وتقدسه ليكهن لي، وتقدم بنيه وتلبسهم أقمصة، وتمسحهم كما مسحت أباهم ليكهنوا لي " (1).


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net