متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
4 - لقب الإمام
الكتاب : الإمامة وأهل البيت (ع) ج2    |    القسم : مكتبة أهل البيت (ع)

4 - لقب الإمام:

اختص الإمام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة - من بين جميع الخلفاء الراشدين (أبو بكر وعمر وعثمان رضوان الله عليهم) بلقب (الإمام)، ذلك اللقب الذي يطلق - إذا أطلق - فلا ينصرف إلى غيره، من بين جميع الأئمة الذين وسموا بهذه السمة، من سابقيه ولاحقيه -

وربما كان السبب في اختصاص الخليفة الرابع - أمير المؤمنين، علي بن أبي طالب، رضوان الله عليه - بهذا اللقب - دون الخلفاء الراشدين الثلاثة - الصديق والفاروق وذي النورين - رغم أنهم جميعا كانوا خلفاء راشدين، إذا قصدت الخلافة الراشدة بعد النبوة، كما كانوا أئمة مثله، بل وسبقوه في الإمامة، بمعنى الخلافة.

غير أن الإمامة يومئذ، إنما كانت وحدها في ميدان الحكم بغير منازع ولا شريك، ولم يكتب لواحد منهم، ليناضل بها علم الدولة الدنيوية، ولا أن يتحيز بعسكر، يقابله عسكر، وصفة تناوشها صفة، ولا أن يصبح رمز الخلافة يقترن بها، ولا يقترن بشئ غيرها.

ومن ثم فكل الخلفاء الراشدين - قبل الإمام علي بن أبي طالب - إمام، حيث لا اشتباه ولا التباس، ولكن الإمام - بغير تعقيب ولا تذييل - هو الإمام، كلما وقع الاشتباه والإلتباس، وذلك هو الإمام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة - كما لقبه الناس، وجرى لقبه على الألسنة،

____________

(1) أنظر: (محمد بيومي مهران - الإمام علي بن أبي طالب - جزءان - دار النهضة العربية بيروت 1990)، محمد رضا: الإمام علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - (دار الكتب العلمية - بيروت).

الصفحة 26
فعرفه به الطفل، وهو يسمع أماديحه المنغومة في الطرقات، بغير حاجة إلى تسمية أو تعريف (1).

هذا وقد اختص سيدنا الإمام علي بن أبي طالب، رضوان الله عليه، بخاصة أخرى من خواص الإمامة، ينفرد بها الإمام علي، ولا يجاريه فيها إمام غيره، وهي اتصاله بكل مذهب من مذاهب الفرق الإسلامية، فهو منشئ هذه الفرق - أو هو قطبها الذي تدور عليه - وندرت فرقة في الإسلام، لم يكن سيدنا الإمام علي معلما بها منذ نشأتها، أو لم يكن موضوعا لها، ومحورا لمباحثها، تقول فيه، وترد على قائلين.

ولقد اتصلت الحلقات بين الإمام وبين علماء الكلام والتوحيد، كما اتصلت بينه وبين علماء الفقه والشريعة، وعلماء الأدب والبلاغة، فهو أستاذ هؤلاء جميعا بالسند الموصول، ومن ثم فقد قل، أن سمعنا بعلم من العلوم الإسلامية - أو حتى العلوم القديمة - لم ينسب إليه - وقل أن تحدث الناس بفضل لم يخلوه إياه، وقل أن يوجه الثناء بالعلم إلى أحد من الأوائل، إلا كانت مساهمة له فيه.

وهكذا يمكننا القول - عن يقين، لا ريب فيه - أن لقب (الإمام) إنما هو أحق لقب بسيدنا الإمام علي، وهو أحق الأئمة بلقب (الإمام) - وكرم الله وجهه في الجنة، ورضي الله عنه وأرضاه (2) -.

ولا ريب في أن سيدنا الإمام علي بن أبي طالب رضوان الله عليه - إنما فاق في معارفه العلمية، كل أقرانه، حتى أنه سئل ذات يوم: من أين لك كل هذا العلم؟

____________

(1) عباس محمود العقاد: عبقرية الإمام ص 174 - 176 (دار المعارف - القاهرة 1981).

(2) نفس المرجع السابق ص 175 - 176.

الصفحة 27
فقال الإمام: ليس كل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، من كان يسأله ويستفهمه:

وكان لا يمر بي شئ من ذلك، إلا سألته وحفظته.

فقال أحد الجالسين: (لقد أعطيت علم الغيب)، فرد الإمام غاضبا: (علم الغيب لا يعلمه إلا الله، وما سوى ذلك، فعلم نبيه صلى الله عليه وسلم، فعلمنيه، ودعا لي بأن يعيه صدري، وتنضم عليه جوارحي). وكان الإمام علي عليه السلام يقول: إني لست بنبي، ولا يوحى إلي، ولكني أعمل بكتاب الله، وسنة نبيه ما استطعت، فما أمرتكم من طاعة الله، فحق عليكم طاعتي، فيما أحببتم وكرهتم (1).

والخلاصة أن المؤلفات التي تكتب عن الإمام علي - رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة - إنما تسبق اسمه - في أغلب الأحايين - بلقب (الإمام)، وأحيانا بلقب (إمام الأئمة).


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net