متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
8 - آية المائدة 55
الكتاب : الإمامة وأهل البيت (ع) ج2    |    القسم : مكتبة أهل البيت (ع)

8 - آية المائدة 55:

قال الله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا * الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون).

روى السيوطي في تفسيره: أخرج الخطيب في المتفق عن ابن عباس قال:

تصدق علي بخاتمه، فقال النبي للسائل: من أعطاك هذا الخاتم، فقال: ذاك الراكع، فنزلت الآية.

وأخرج عبد الرازق، وعبد بن حميد، ابن جرير، وأبو الشيخ، وابن مردويه عن ابن عباس: أن الآية نزلت في علي بن أبي طالب.

وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن عمار بن ياسر قال: وقف بعلي سائل، وهو راكع في صلاة تطوع، فنزع خاتمه فأعطاه السائل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعلمه ذلك، فنزلت الآية على النبي صلى الله عليه وسلم، فقرأها النبي صلى الله عليه وسلم، على أصحابه، ثم قال: من كنت مولاه، فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر، عن سلمة بن كهيل قال:

____________

(1) شرح نهج البلاغة 6 / 136 - 137.

الصفحة 402
تصدق علي بخاتمه، وهو راكع، فنزلت (إنما وليكم الله) - الآية (1).

وفي نور الأبصار عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوما من الأيام، الظهر، فسأل سائل في المسجد، فلم يعطه أحد شيئا، فرفع السائل يديه إلى السماء، وقال: اللهم اشهد، أني سألت في مسجد نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، فلم يعطني أحد شيئا، وكان علي، رضي الله عنه، في الصلاة راكعا، فأومأ إليه بخنصره اليمنى، وفيه خاتم، فأقبل السائل فأخذ الخاتم من خنصره، وذلك بمرأى من النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في المسجد، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم، طرفه إلى السماء، وقال: اللهم إن أخي موسى سألك فقال: (رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري * واحلل عقدة من لساني * يفقهوا قولي * واجعل لي وزيرا من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركه في أمري) (2)، فأنزلت عليه قرآنا (سنشد عضدك بأخيك * ونجعل لكما سلطانا * فلا يصلون إليكما) (3)، وإني محمد نبيك وصفيك: اللهم فاشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واجعل لي وزيرا من أهلي عليا، أشد به ظهري.

قال أبو ذر رضي الله عنه: فما استتم دعاءه، حتى نزل جبريل عليه السلام من عند الله عز وجل، قال: يا محمد، إقرأ (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا * الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون). قال: نقله أبو إسحاق أحمد الثعلبي في تفسيره (4).

وفي تفسير القرطبي: أن سائلا سأل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يعطه أحد شيئا، وكان علي - رضي الله عنه، وكرم الله وجهه - في الصلاة في الركوع، وفي يمينه خاتم، فأشار إلى السائل بيده حتى أخذه.

____________

(1) فضائل الخمسة 2 / 13 - 15.

(2) سورة طه: آية 25 - 32.

(3) سورة القصص: آية 35.

(4) نور الأبصار ص 77.


الصفحة 403
قال الإمام الطبري: وهذا يدل على أن العمل القليل لا يبطل الصلاة، فإن التصدق بالخاتم في الركوع عمل جاء به في الصلاة، ولم تبطل الصلاة به، وقوله: (ويؤتون الزكاة وهم راكعون)، يدل على أن صدقة التطوع تسمى زكاة، فإن عليا تصدق بخاتمه في الركوع.

وقال (ابن خويز منداد) قوله تعالى: (ويؤتون الزكاة وهم راكعون) تضمنت جواز العمل اليسير في الصلاة، وذلك أن هذا خرج مخرج المدح، وأقل ما في باب المدح أن يكون مباحا، وقد روي أن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، أعطى السائل شيئا، وهو في الصلاة، قد يجوز أن تكون هذه صلاة تطوع، وذلك أنه مكروه في الفروض (1).

وفي تفسير الطبري (2) بسنده عن السدي قال: ثم أخبرهم بمن يتولاهم فقال: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا * الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)، هؤلاء جميع المؤمنين، ولكن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، مر به سائل، وهو راكع في المسجد، فأعطاه خاتمه.

وفي رواية أخرى بسنده عن أبي جعفر قال: سألته عن هذه الآية (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا * الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)، قلت: من الذين آمنوا؟ قال: الذين آمنوا، قلنا: بلغنا أنها نزلت في علي بن أبي طالب، قال: علي من الذين آمنوا.

وفي رواية ثالثة: حدثنا عتبة بن أبي حكيم في هذه الآية (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا)، قال: علي بن أبي طالب.

وفي رواية رابعة عن غالب بن عبد الله قال: سمعت مجاهد يقول في قوله

____________

(1) تفسير القرطبي ص 2218 - 2219.

(2) تفسير الطبري 10 / 425 - 426.

الصفحة 404
تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله) - الآية، قال: نزلت في علي بن أبي طالب تصدق وهو راكع.

وفي تفسير ابن كثير (1): قال ابن أبي حاتم بسنده عن عتبة بن أبي حكيم قي قوله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) - الآية، قال: هم المؤمنون، وعلي بن أبي طالب.

وعن سلمة بن كهيل قال: تصدق علي بخاتمه وهو راكع، فنزلت (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا * الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)، وقال ابن جرير بسنده عن غالب بن عبد الله قال: سمعت مجاهد يقول في قوله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله) - الآية: نزلت في علي بن أبي طالب، تصدق وهو راكع، وعن ابن عباس في قوله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله) - نزلت في علي بن أبي طالب.

وروى ابن مردويه من طريق سفيان الثوري عن سنان عن الضحاك عن ابن عباس قال: كان علي بن أبي طالب قائما يصلي، فمر سائل وهو راكع، فأعطاه خاتمه، فنزلت (إنما وليكم الله ورسوله) - الآية.

وعن أبي صالح عن ابن عباس قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد والناس يصلون بين راجع وساجد، وقائم وقاعد، وإذا مسكين يسأل، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أعطاك أحد شيئا؟ قال: نعم، قال: من؟ قال: ذلك الرجل القائم، قال: على أي حال أعطاكه؟ قال: وهو راكع، قال: وذلك علي بن أبي طالب، قال: فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، عند ذلك، وهو يقول: (ومن يتولى الله ورسوله والذين آمنوا * فإن حزب الله هم الغالبون).

وعن ميمون بن مهران، عن ابن عباس في قوله الله تعالى: (إنما

____________

(1) تفسير ابن كثير 2 / 113 - 114 (بيروت 1986).

الصفحة 405
وليكم الله ورسوله) - الآية: نزلت في المؤمنين، وعلي بن أبي طالب أولهم.

وروى المحب الطبري عن عبد الله بن سلام قال: أذن بصلاة الظهر، فقام الناس يصلون، فمن بين راكع وساجد، وسائل يسأل، فأعطاه علي خاتمه، وهو راكع، فأخبر السائل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا * الذين يقيمون الصلاة * ويؤتون الزكاة * وهم راكعون).

قال: أخرجه الواحدي وأبو الفرج والفضائلي (1).

وروى الفخر الرازي في التفسير الكبير عن عطاء عن ابن عباس: أنها نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام، وروي أن عبد الله بن سلام قال: لما نزلت هذه الآية (إنما وليكم الله ورسوله) - الآية، قلت يا رسول الله: أنا رأيت عليا يتصدق بخاتمه على محتاج، وهو راكع، فنحن نتولاه.

ويقول الفخر الرازي: قالت الشيعة: هذه الآية دالة على أن الإمام - بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم - هو علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة -.

ويقول: وتقريره أن نقول أن هذه الآية دالة على أن المراد بها (إمام)، ومتى كان الأمر كذلك، وجب أن يكون هذا الإمام هو علي بن أبي طالب.

وفي تفسير المنار: ورواه من عدة طرق أنها نزلت في أمير المؤمنين، علي المرتضى، كرم الله وجهه، إذ مر به سائل، وهو في المسجد، فأعطاه خاتمه (2).

وروى الواحدي في أسباب النزول في قوله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا)، قال جابر بن عبد الله: جاء عبد الله بن سلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أن قوما من قريظة والنضير قد هجرونا وفارقونا، وأقسموا

____________

(1) الرياض النضرة 2 / 302.

(2) تفسير المنار 6 / 366.

الصفحة 406
ألا يجالسونا، ولا نستطيع مجالسة أصحابك لبعد المنازل، وشكى، ما يلقى من اليهود، فنزلت هذه الآية، فقرأها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: رضينا بالله وبرسوله وبالمؤمنين أولياء.

ونحو هذا قال الكلبي، وزاد: أن آخر الآية في علي بن أبي طالب، رضوان الله عليه، لأنه أعطى خاتمه سائلا، وهو راكع في الصلاة.

وعن ابن عباس قال: أقبل عبد الله بن سلام، ومعه نفر من قومه قد آمنوا، فقالوا: يا رسول الله، إن منازلنا بعيدة، وليس لنا مجلس ولا متحدث، وإن قومنا لما رأونا آمنا، بالله ورسوله صدقناه، رفضوا وآلوا على أنفسهم أن لا يجالسونا ولا يناكحونا ولا يكيلوا منا فشق ذلك علينا، فقال لهم النبي - عليه الصلاة والسلام - (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) - الآية.

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم، خرج إلى المسجد، والناس بين قائم وراكع، فنظر سائلا فقال: هل أعطاك أحد شيئا؟ قال: نعم خاتم من ذهب، قال: من أعطاكه؟ قال: ذلك القائم، وأومأ بيده إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال على أي حال أعطاك؟ قال: أعطاني وهو راكع، فكبر النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قرأ (ومن يتولى الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون) (1).

وفي تفسير الزمخشري: أن آية (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) - الآية، إنا نزلت في علي بن أبي طالب - رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة - حين سأل سائل، وهو راكع في صلاته، فطرح له خاتمه كأنه كان مرجا في خنصره، فلم يتكلف لخلعه كثير عمل يفسد بمثله صلاته، فإن قلت كيف صح أن يكون لعلي، رضي الله عنه، واللفظ لفظ جماعة، قلت: جئ به على لفظ الجمع، وإن كان السبب فيه رجلا واحدا، ليرغب الناس في مثل فعله، فينالوا مثل نواله، ولينبه على أن سجية المؤمنين يجب أن تكون على هذه الغاية

____________

(1) أسباب النزول ص 133 - 134.

الصفحة 407
من الحرص على البر والإحسان، وتفقد الفقراء، حتى إن لزمهم أمر لا يقبل التأخير، وهم في الصلاة، لم يؤخروه إلى الفراغ منها (1).

وفي كنز العمال: عن ابن عباس قال: تصدق علي عليه السلام بخاتمه، وهو راكع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، للسائل: من أعطاك هذا الخاتم؟ قال: ذلك الراكع، فأنزل الله فيه (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) - الآية.

قال: وكان في خاتمه مكتوبا (سبحان من فخري بأني له عبد)، ثم كتب في خاتمه بعد (الملك له).

قال: أخرجه الخطيب في المتفق (2).

وعن أبي رافع: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو نائم - أو يوحى إليه - وإذا حية في جانب البيت، فكرهت أن أقتلها وأوقظه، فاضطجعت بينه وبين الحية، فإذا كان شئ كان بي دونه، فاستيقظ وهو يتلو هذا الآية (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)، فقال: الحمد لله، فرآني إلى جانبه، فقال: ما أضجعك هنا؟ قلت:

لمكان هذه الحية، قال: قم إليها فاقتلها، فقتلتها، ثم أخذ بيدي فقال: يا أبا رافع، سيكون بعدي قوما يقاتلون عليا، حقا على الله جهادهم، فمن لم يستطع جهادهم بيده فبلسانه، فمن لم يستطع بلسانه فبقلبه، ليس وراء ذلك شئ.

قال: أخرجه الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم (3).

وروى الهيثمي في مجمعه (4) بسنده عن عمار بن ياسر قال: وقف على

____________

(1) تفسير الكشاف 1 / 262.

(2) كنز العمال 6 / 319.

(3) كنز العمال 7 / 305.

(4) مجمع الزوائد 7 / 17.

الصفحة 408
علي بن أبي طالب سائل، وهو راكع في تطوع، فنزع خاتمه فأعطاه السائل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعلمه بذلك، فنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه الآية (إنما وليكم ورسوله والذين آمنوا * الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)، فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: من كنت مولاه، فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه.

قال: رواه الطبراني في الأوسط - كما ذكره السيوطي في الدر المنثور، وقال: أخرجه الطبراني في الأوسط، وابن مردويه عن عمار بن ياسر.

هذا ويذهب الفيروزآبادي إلى أن الآية الشريفة إنما هي ظاهرة في إمامة الإمام علي بن أبي طالب، عليه السلام، ومن ثم فإن مفادها إنما يكون: إنما وليكم الله ورسوله وعلي بن أبي طالب، فقوله تعالى: (والذين آمنوا) - الآية، وإن كان لفظ جمع، ولكنه قد أريد منه شخص واحد، وحمل لفظ الجمع على الواحد جائز، إذا كان على سبيل التعظيم.

ولفظ الوالي، وإن كان له معان متعددة - كالمحب والصديق والناصر والجار والحليف ومالك الأمر أو الأولى بالتصرف أو المتصرف وغير ذلك - ولكن الظاهر من التولي هنا - بعد وضوح تبادر الحصر من إنما - هو مالك الأمر، أو الولي بالتصرف أو المتصرف، فإنه المعنى الذي يلائم الحصر في الله جل وعلا، وفي رسوله، وفي علي بن أبي طالب، لا المحب أو الصديق أو الناصر، وما أشبه ذلك.

ذلك لأنه من الواضح المعلوم: أن المؤمنين والمؤمنات بعضهم أولياء بعض - كما في القرآن الكريم - من دون اختصاص بالثلاثة المذكورين.

وفي بعض الروايات المتقدمة، وإن فسر الولي فيها، بمعنى المحب أو الصديق أو الناصر، ولكن ظهور كلمة (إنما) في الحصر - بل وضعها له لغة بمقتضى تبادره عنه عرفا، والتبادر علامة الحقيقة، كما حقق في الأصول - مما

الصفحة 409
يعني تفسير الولي بمعنى مالك الأمر ونحوه، مما يناسب الاختصاص بالله ورسوله وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (1).

وفي تفسير الطبري (مجمع البيان في تفسير القرآن) يقول: (إنما وليكم الله.....) أي الذي يتولى مصالحكم، ويتحقق تدبيركم، هو الله تعالى ورسوله.

وهذه الآية من أوضح الدلائل على صحة إمامة علي، بعد النبي صلى الله عليه وسلم، بلا فصل، والوجه فيه: أنه إذا ثبت أن لفظ وليكم، تفيد من هو أولى بتدبير أموركم، وتجب طاعته عليكم، ثبت أن المراد بالذين آمنوا (علي)، ثبت النص عليه بالإمامة (2).


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net