متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
13 - آية الإنسان 8 - 12
الكتاب : الإمامة وأهل البيت (ع) ج2    |    القسم : مكتبة أهل البيت (ع)

13 - آية الإنسان 8 - 12:

قال الله تعالى: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا * إنما نطعمكم لوجه الله، لا نريد منكم جزاء ولا شكورا * إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا * فوقاهم الله شر ذلك اليوم * ولقاهم نضرة وسرورا * وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا).

وفي تفسير الزمخشري: عن ابن عباس، إن الحسن والحسين مرضا، فعادهما سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، في ناس معه، فقالوا: يا أبا الحسن، لو نذرت

____________

(1) المراجعات ص 27.

(2) الصواعق المحرقة ص 229.

(3) أنظر عن حديث الثقلين أعلاه (ص 81 - 91).

الصفحة 417
على ولدك، فنذر علي وفاطمة، عليهما السلام - وفضة جارية لهما - إن برآ مما بهما، أن يصوموا ثلاثة أيام، فشفيا، وما معهم شئ، فاستقرض علي من شمعون اليهودي ثلاثة أصوع من شعير فطرزت فاطمة صاعا، واختبزت خمسة أقراص، على عددهم، فوضعوها بين أيديهم ليفطروا، فوقف عليهم سائل، فقال: السلام عليكم أهل بيت محمد، مسكين من مساكين المسلمين، أطعموني، أطعمكم الله من موائد الجنة، فآثروه، وباتوا لم يذوقوا، إلا الماء، وأصبحوا صياما، فلما أمسوا، ووضعوا الطعام بين أيديهم، وقف عليهم يتيم فآثروه، ثم وقف عليهم أسير في الثالثة، ففعلوا مثل ذلك، فلما أصبحوا أخذ علي، رضي الله عنه، الحسن والحسين، وأقبلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع، قال: ما أشد ما يسوؤني ما أرى بكم، وقام فانطلق معهم، فرأى فاطمة في محرابها، قد التصق ظهرها ببطنها، وغارت عيناها، فساءه ذلك، فأنزل الله جبريل، وقال: يا محمد، هنأك الله في أهل بيتك، فاقرأ السورة (1).

وروى الواحدي في أسباب النزول في قوله تعالى: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا)، قال: قال عطاء عن ابن عباس: وذلك أن علي بن أبي طالب، أجر نفسه يسقي نخلا بشئ من شعير ليلة، حتى أصبح، وقبض الشعير، وطحن ثلثه، فجعلوا منه شيئا ليأكلوا يقال له: (الخزيرة)، فلما تم إنضاجه، أتى مسكين فأخرجوا إليه الطعام، ثم عمل الثلث الثاني فلما تم إنضاجه أتى يتيم فسأل فأطعموه، ثم عمل الثلث الباقي، فلما تم إنضاجه أتى أسير من المشركين فأطعموه، وطووا يومهم ذلك، فأنزلت فيهم هذه الآية (2).

وروى ابن الأثير في أسد الغابة في ترجمة (فضة) النوبية - جارية فاطمة

____________

(1) تفسير الكشاف 2 / 511 - 512.

(2) أسباب النزول ص 296.

الصفحة 418
الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم - بسنده عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس قال: في قول الله تعالى: (يوفون بالنذر * ويخافون يوما كان شره مستطيرا * ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا).

قال: مرض الحسن والحسين، فعادهما جدهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعادهما عامة العرب، فقالوا: يا أبا الحسن، لو نذرت على ولدك نذرا، فقال علي: إن برآ مما بهما، صمت لله عز وجل ثلاثة أيام شكرا، وقالت فاطمة كذلك، وقالت جارية يقال لها فضة نوبية: إن برأ سيداي، صمت الله عز وجل شكرا، فألبس الغلامان العافية، وليس عند آل محمد قليل ولا كثير، فانطلق علي إلى شمعون الخيبري، فاستقرض منه ثلاثة آصع من شعير، فجاء بها فوضعها، فقامت فاطمة إلى صاع فطحنته واختبزته، وصلى علي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه، إذ أتاهم مسكين فوقف بالباب، فقال: السلام عليكم أهل بيت محمد، مسكين من أولاد المسلمين، أطعموني أطعمكم الله عز وجل، على موائد الجنة، فسمعه علي، فأمرهم فأعطوه الطعام، ومكثوا يومهم وليلتهم، لم يذوقوا، إلا الماء.

فلما كان اليوم الثاني قامت فاطمة إلى صاع وخبزته، وصلى علي مع النبي صلى الله عليه وسلم، ووضع الطعام بين يديه، إذ أتاهم يتيم فوقف بالباب، وقال: السلام عليكم أهل بيت محمد، يتيم بالباب من أولاد المهاجرين، استشهد والدي، أطعموني، فأعطوه الطعام، فمكثوا يومين لم يذوقوا، إلا الماء.

فلما كان اليوم الثالث، قامت فاطمة إلى الصاع الباقي فطحنته واختبزته، فصلى علي مع النبي صلى الله عليه وسلم، ووضع الطعام بين يديه، إذ أتاهم أسير، فوقف بالباب وقال: السلام عليكم أهل بيت النبوة، تأسروننا، وتشدوننا، ولا تطعموننا، أطعموني فإني أسير، فأعطوه الطعام، ومكثوا ثلاثة أيام ولياليها لم يذوقوا إلا الماء، فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأى ما بهم من الجوع، فأنزل الله

الصفحة 419
تعالى: (هل أتى على الإنسان حين من الدهر) - إلى قوله تعالى: (لا نريد منهم جزاء ولا شكورا) (1).

وروى المحب الطبري في الرياض النضرة: عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) قال: أجر علي نفسه يسقي نخلا بشئ من شعير ليلة حتى أصبح، فلما أصبح قبض الشعير فطحن منه، فجعلوا منه شيئا ليأكلوه يقال له (الخزيرة) (دقيق بلا دهن)، فلما تم إنضاجه أتى مسكين فسأل، فأطعموه إياه، ثم صنعوا الثلث الثاني، فلما تم إنضاجه أتى يتيم فسأل فأطعموه إياه، ثم صنعوا الثلث الثالث، فلما تم إنضاجه أتى أسير من المشركين فأطعموه إياه وطووا يومهم، فنزلت (2).

ورواه المحب الطبري أيضا في ذخائر العقبى (3).

وفي نور الأبصار: أن عبد الله بن العباس قال في قول الله تعالى: (يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا) مرض الحسن والحسين رضي الله عنهما، وهما صبيان، فعادهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس معه، فقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت على ولدك نذرا، فقال علي: إن برآ مما بهما صمت لله عز وجل ثلاثة أيام شكرا، قالت فاطمة: وأنا أيضا أصوم ثلاثة شكرا، وقال الصبيان: ونحن نصوم ثلاثة أيام، وقالت جاريتهما فضة: وأنا أصوم ثلاثة أيام شكرا، فألبسهما الله العافية، فأصبحوا صياما، وليس عندهم طعاما.

فانطلق علي إلى جار له من اليهود - يقال له شمعون - يعالج الصوف، وقال له: هل لك أن يعطيني جزة من صوف تغزلها لك بنت محمد بثلاثة آصع من شعير، فأعطاه فجاء بالصوف والشعير فأخبر فاطمة فقبلت وأطاعت، ثم

____________

(1) أسد الغابة 7 / 236 - 237.

(2) الرياض النضرة 2 / 302 - 303.

(3) ذخائر العقبى ص 102.

الصفحة 420
غزلت ثلث الصوف، وأخذت صاعا من الشعير فطحنته وعجنته وخبزته خمسة أقراص لكل واحد قرص.

وصلى علي المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أتى منزله فوضع الخوان فجلسوا، فأول لقمة كسرها علي رضي الله عنه، إذا مسكين واقف على الباب، فقال:

السلام عليكم يا أهل بيت محمد، أنا مسكين من مساكين المسلمين، أطعموني مما تأكلون، أطعمكم الله من موائد الجنة، فوضع علي رضي الله عن، اللقمة من يده، ثم قال:

فاطمة ذات المجد واليقين * يا بنت خير الناس أجمعين
أما تري ذا البائس المسكين * جاء إلى الباب له حنين
كل امرئ بكسبه رهين

فقالت فاطمة رضي الله عنها:

أمرك سمع يا ابن عم وطاعة * ما لي من لوم ولا ضراعة
باللب غذيت وبالبراعة * أرجو إذ أنفقت من جماعة
أن ألحق الأبرار والجماعة * وأدخل الجنة بالشفاعة

قال: فعمدت إلى ما في الخوان فدفعته إلى السكين، وباتوا جياعا، وأصبحوا صياما، لم يذوقوا إلا الماء القراح.

ثم عمدت إلى الجزء الثاني من الصوف فغزلته، ثم أخذت صاعا فطحنته وعجنته، وخبزت منه خمسة أقراص، لكل واحد قرص، وصلى علي المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أتى منزله، فلما وضعت الخوان وجلس، فأول لقمة كسرها علي رضي الله عنه، إذا يتيم من يتامى المسلمين عقد وقف على الباب وقال:

السلام عليكم أهل بيت محمد، أنا يتم من يتامى المسلمين، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة، فوضع علي اللقمة من يده، وقال:

فاطم بنت السيد الكريم * قد جاءنا الله بذا اليتيم


الصفحة 421

من يطلب اليوم رضا الرحيم * موعده في جنة النعيم

فأقبلت السيدة فاطمة رضي الله عنها، وقالت:

فسوف أعطيه ولا أبالي * وأوثر الله على عيالي
أصبحوا جياعا وهموا مثالي * أصغرهم يقتل في القتال

ثم عمدت إلى جميع ما كان في الخوان، فأعطته اليتيم، وباتوا جياعا لم يذوقوا إلا الماء القراح، وأصبحوا صياما، وعمدت فاطمة إلى باقي الصوف فغزلته، وطحنت الصاع الباقي، وعجنته وخبزته خمسة أقراص لكل واحد قرص، وصلى على المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أتى منزله، فقربت إليه الخوان ثم جلس، فأول لقمة كسرها، إذا أسير من أسارى المسلمين بالباب، فقال:

السلام عليكم أهل بيت محمد، إن الكفار أسرونا وقيدونا وشدونا، فلم يطعمونا، فوضع علي اللقمة من يده، قال:

فاطمة ابنة النبي أحمد * بنت نبي سيد مسود
هذا أسير جاء ليس يهدي * مكب في قيده المقيد
يشكو لنا الجوع والتشدد * من يطعم اليوم يجده في غد
عند العلي الواحد الموحد * ما يزرع الزارع يوما يحصد

فأقبلت فاطمة رضي الله عنها تقول:

لم يبق مما جاء غير صاع * قد دبرت كفي مع الذراع
وابناي والله ثلاثا جاعا * يا رب لا تهلكهما ضياعا

ثم عمدت إلى ما كان في الخوان فأعطته إياه، فأصبحوا مفطرين، وليس عندهم شئ، وأقبل علي والحسن والحسين نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهما يرتعشان كالفرخين من شدة الجوع، فلما أبصرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: يا أبا الحسن، أشد ما يسوؤني ما أدرككم، انطلقوا بنا إلى ابنتي فاطمة، فانطلقوا إليها، وهي في محرابها، وقد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع، وغارت عيناها، فلما

الصفحة 422
رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ضمها إليه، وقال: واغوثاه، فهبط جبريل عليه السلام، وقال: يا محمد، خذ ضيافة أهل بيتك، قال: وما آخذ يا جبريل، قال:

(ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) - إلى قوله تعالى: (وكان سعيكم مشكورا) (1).

وروى السيوطي في تفسيره (الدر المنثور) قال: أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله تعالى: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا) - الآية - قال:

نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم (2).

هذا وقد جاءت القصة في تفسير القرطبي مطولة، وإن تردد في قبولها (3)، كما جاءت القصة في تفسير الطبرسي والفخر الرازي (4)، وعلي بن إبراهيم (5)، ومن عجب أن يتجاهل الإمام الطبري القصة تماما (6).


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net