الشبهة الخامسة
قال الدمشقية: ابن عبد ربه في العقد الفريد 2/ 205 ط المطبعة الأزهرية، سنة (1321هجرية)، قال: الذين تخلفوا عن بيعة أبي بكر، علي، والعباس، والزبير، وسعد بن عبادة.
فأما علي والعباس والزبير فقعدوا في بيت فاطمة، حتى بعث إليهم أبو بكر، عمر بن الخطاب ليخرجهم من بيت فاطمة، وقال له: إن أبوا فقاتلهم! فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار، فلقيته فاطمة، فقال: يا بن الخطاب، أجئت لتحرق دارنا؟!
قال: نعم، أو تدخلوا فيما دخلت فيه الأمة!!
أولاً: ابن عبد ربه عند الرافضة من أعيان المعتزلة. (الطرائف لابن طاووس الحسني ص239). والمعتزلة من أضل هذه الأمة. وبهم ضل الرافضة.
ثانياً: إنه كان مشهوراً بالنصب أيضاً. فإنه كان يعتقد أن الخلفاء أربعة آخرهم معاوية. ولم يدرج علي بن أبي طالب من جملة الخلفاء (الأعلام للزركلي1/207) ومثل هذا نصب عند أهل السنة.
ثالثاً: كتابه كتاب في الأدب. يا من عجزتم عن أن تجدوا شيئاً من كتب السنة.
جواب الشبهة
أولاً: قولكم: إن ابن عبد ربة عند الرافضة من المعتزلة، قول غير صحيح، فالرجل كما عرّفه القمي في الكنى والألقاب: > ابن عبد ربه أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه القرطبي الأندلسي المرواني المالكي<.
وقال القمي في كتابه (بيت الأحزان): > أبو عمرو أحمد بن محمد القرطبي المرواني المالكي المشهور بابن عبد ربه الأندلسي المتوفى سنة ثماني وعشرين بعد ثلثمائة، وهو من أكابر علماء السنة <، فالرجل أموي، مرواني، مالكي المذهب، ولا يضر قول ابن طاووس في كونه من المعتزلة، علماً أن ابن طاووس لم يقل من(أعيان المعتزلة)؛ بل قال: رجل معتزلي من أعيان المخالفين، فالرجل من أهل السنة وأعلامها.
ثانياً: قولكم: والمعتزلة من أضل هذه الأمة. وبهم ضل الرافضة.
نقول: كلامكم غير متوازن فإن المعتزلة لهم مبانيهم الفكرية والعقائدية فأين هم من الإمامية الاثني عشرية؟! فهذا كلام غير دقيق، ويكشف عن كونكم قليلي الخبرة في هذا المجال.
ثالثاً: قولكم: كان مشهوراً بالنصب، يتناقض مع ما قاله الجمهور من علمائكم في وثاقته، لاسيما قول الذهبي من كونه ديّناً، متصوناً كما سيأتي، إلاّ أن نقول: إن النواصب هم ثقات، وهذا ليس غريباً عند القوم، فإنهم وثقوا عمران بن حطان ـ الراثي لعبد الرحمن بن ملجم ووثقوا عمر بن سعد قاتل الحسين$()، ومروان بن الحكم الذي كان يلعن علي بن أبي طالب، والقائل للإمام الحسن$: أنتم أهل بيت ملعونون. خلافاً لصريح القرآن الكريم الذي يقول عنهم أنهم أهل بيت مطهرون().
ترجمة ابن عبد ربه الأندلسي
وعلى كل حال فسوف ننقل أقوال أصحاب التراجم في (ابن عبد ربه الأندلسي).
قال الذهبي: >أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه بن حدير الأندلسي القرطبي المتوفى (328ه(، كان موثقاً، نبيلاً، بليغاً، شاعراً().
وقال أيضاً: >وكان صدوقاً ثقة، متصوناً، ديناً، رئيساً< ().
وقال اليافعي في مرآة الجنان: >كان رأس العلماء المكثرين والإطلاع على أخبار الناس<().
وقال الصفدي: >وكان له بالعلم جلالة وبالأدب رئاسة وشهر مع ديانته وصيانته<().
وقال ابن كثير:>صاحب كتاب (العقد الفريد) كان من الفضلاء المكثرين والعلماء بأخبار الأولين والمتأخرين، وكتابه (العقد) يدل على فضائل جمة وعلوم كثيرة مهمة<().
رابعاً: قولكم كتابه كتاب في الأدب، مردود بعد بيان وثاقة الرجل وأنه صائن لدينه، ومن الفضلاء والعلماء، فضلاً عن إنه عالم بأخبار الأولين والمتأخرين، على حد قول ابن كثير. وعليه فنقله موثوق به.
قال العلامة الزين قاسم، في حاشيته على شرح (نخبة الفكر) الذي أسماه بـ (القول المبتكر على شرح نخبة الفكر):
>بأن قوة الحديث إنما هي بالنظر إلى رجاله لا بالنظر إلى كونه في كتاب كذا...<.
إذن تبين إن ما نقله ابن عبد ربة الأندلسي هو مورد للقبول بلحاظ ما قدمناه، وقررناه.
|