متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الأمر الثاني: خطبتها (ع)
الكتاب : ظلامة الزهراء عليها السلام في روايات أهل السنة    |    القسم : مكتبة رد الشبهات

وأما الأمر الثاني: خطبتها (ع)

 

من أوضح احتجاجاتها÷ هي الخطبة المشهورة التي تجلت فيها  البلاغة والفصاحة ونور النبوة، وقوة الحجة بمحضر من المهاجرين والأنصار، فهي وثيقة تسجل فيها احتجاجها على عدم مشروعية عمل القوم، المتمثل بظلامتها وغصب حقها، وما جرى عليها من أحداث، وعلى زوجها، ولاسيما عند مطالبتها بفدك هذه النحلة التي وهبها لها أبوها.

وجاءت هذه الخطبة بعدما أدلت÷ بكل ما لديها من أدلة وشهود، أبى أبو بكر أن يقبل منها، ويعطيها شيئاً من تركة الرسول ومنحته، فرأت أن تبسط الخصومة على ملأ من المسلمين، وتستنصر أصحاب أبيها، فذهبت إلى مسجده، كما رواه المحدثون والمؤرخون.

 

الطرق التي روت خطبة الزهراء (ع)

 

لذا سأنقل المصادر والروايات والطرق لهذه الخطبة الشريفة, وكذلك وثاقة ناقلها، وهي كالتالي:

 

عمر بن شبّة (ت/262 هـ )، كما قال الجوهري في كتاب السقيفة([1]).

فيعدّ هو أول من وصلت إلينا الخطبة من طريقه في التراث السني.

ورواها عنه ابن أبي الحديد (ت 656 هـ) في شرح النهج: وقد ذكر قسماً منها، ورواها عنه أيضاً أبو الحسن الأربلي (ت 693 هـ) في كشف الغمة: وقال: نقلها من نسخة قديمة مقروءةً على مؤلفها المذكور. ونقلتها من كتاب السقيفة عن عمر بن شبة, تأليف أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري من نسخة قديمة مقروءة على مؤلفها المذكور، قرئت عليه في ربيع الآخر سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، روى عن رجاله من عدة طرق([2]).

وثاقة عمر بن شبة

قال الخطيب البغدادي: >وكان ثقةً عالماً بالسير وأيام الناس وله تصانيف كثيرة<([3]).

قال الذهبي: >عمر بن شبة بن عبيدة الحافظ العلامة الأخبارى الثقة أبو زيد النميري البصري<([4]).

وقال ابن حجر: >قال ابن أبي حاتم كتبت عنه مع أبي وهو صدوق صاحب عربية وأدب، قال الدار قطني: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال مستقيم الحديث، وكان صاحب أدب وشعر وأخبار ومعرفة بأيام الناس وقال الخطيب كان ثقة عالماً بالسيّر، وأيام الناس وله تصانيف كثيرة<([5]).

 

أحمد بن أبي طاهر (طيفور): (ت/280هـ). رواها في بلاغات النساء، نقلها بثلاث روايات.

الرواية الأولى: >رواها عن جعفر بن محمد رجل من أهل ديار مصر لقيته بالرافقة، قال: حدّثني أبي، قال: أخبرنا موسى بن عيسى، قال: أخبرنا عبد الله بن يونس، قال: أخبرنا جعفر الأحمر، عن زيد بن علي رحمة الله عليه، عن عمّته زينب بنت الحسين< ([6]).

الرواية الثانية: قال ابن طيفور >ما وجدت هذا الحديث على التمام إلا عند أبي حفان، وحدثني هارون بن مسلم بن سعدان عن الحسن بن علوان عن عطية العوفي< ([7]).

 

الرواية الثالثة: >قال أبو الفضل: ذكرت لأبي الحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم كلام فاطمة÷ عند منع أبي بكر إياها فدك، وقلت له: إنّ هؤلاء يزعمون أنّه مصنوع، وأنه من كلام أبي العيناء الخبر منسوق البلاغة على الكلام.

فقال لي: رأيت مشايخ آل أبي طالب يروونه عن آبائهم، ويعلمونه أبناءهم، وقد حدثنيه أبي عن جدي يبلغ به فاطمة÷. على هذه الحكاية ورواه مشايخ الشيعة وتدارسوه بينهم قبل أن يولد جد أبي العيناء، وقد حدّث به الحسن بن علوان عن عطية العوفي. 

وثاقة ابن أبي طيفور

هو أبو الفضل الكاتب أحمد بن أبي طاهر، واسم أبي طاهر طيفور، وهو مروزي الأصل.

وّثقه الخطيب البغدادي، قال: >كان أحد البلغاء الشعراء الرواة، ومن أهل الفهم المذكورين بالعلم، وله كتاب بغداد المصنف في أخبار الخلفاء وأيامهم<([8]).

 

أبو سعد بن الحسن الآبي: (ت/421هـ) روى هذه الخطبة في كتابه نثر الدر ونقلها عنه العلامة شمس الدين محمد الباعوني الشافعي (ت 871 هـ) في كتابه جواهر المطالب([9]).

وثاقة أبي سعد ابن الحسن الآبي

 ترجم له الكتبي ووثقه قائلاً: >منصور بن الحسين الأستاذ أبو سعد الآبي تقلد الوزارة بالري، وكان يلقب بالوزير الكبير ذي المعالي زين الكفاة كان أديباً ماهراً ناظماً عالي الهمة شريف النفس، ذكره الثعالبي في كتاب اليتيمة وأثنى عليه، وله كتاب نثر الدر لم يجمع مثله سبع مجلدات كل مجلد بخطبة وكل مجلد فيه أبواب لم يجمع أحد في المنثور مثله<([10]).

 

سبط ابن الجوزي: (ت/654هـ) في تذكرة الخواص، رواها عن الشعبي([11]).

وثاقة سبط ابن الجوزي

وثقه الذهبي في تاريخ الإسلام، قائلاً: >الشيخ العالم المتفنن الواعظ البليغ المؤرخ الإخباري واعظ الشام شمس الدين أبو المظفر يوسف بن قزغلي بن عبد الله التركي العوني الهبيري البغدادي الحنفي سبط الإمام أبي الفرج ابن الجوزي... وكان كيساً ظريفاً متواضعاً، كثير المحفوظ، طيب النغمة، عديم المثل، له تفسير كبير في تسعة وعشرين مجلداً< ([12]).

 

الخوارزمي: (ت/ 568هـ) في كتابه مقتل الحسين $وقد ذكر منها قسماً، قال: >وبهذا الإسناد،... عن الزهري، عن عروة، عن عائشة<([13]).

وثاقة الخوارزمي

ترجم له الذهبي في تاريخ الإسلام ووثقه، قال:

>الموفق بن أحمد بن محمد أبو المؤيد المكي، العلامة، خطيب خوارزم. كان أديباً، فصيحاً، مفوها، خطب بخوارزم دهراً، وأنشأ الخطب، وأقرأ الناس، وتخرج به جماعة. وهو الذي يقال له: خطيب خوارزم<([14]).

 

6ـ ابن الأثير: (ت/606هـ) ذكرها بروايتين ([15]). عن زينب÷.

 

وثاقة ابن الأثير

قال الذهبي في تاريخ الإسلام: >هو القاضي الرئيس العلامة البارع الأوحد البليغ مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم ابن عبد الواحد الشيباني الجزري ثم الموصلي، الكاتب ابن الأثير صاحب (جامع الأصول) و (غريب الحديث) وغير ذلك<([16]).

 

أما ما ورد من مصادر الخطبة في المصادر الشيعية فمن الطبيعي أن يفوق ما ذكر في التراث السني, وهذا واضح ولا حاجة لذكره.

 

خطبة الزهراء  ÷ برواية ابن أبي طيفور 

 

سنكتفي بنقل خطبتها÷ برواية ابن أبي طيفور، كما في الرواية الأولى:

>قال أبو الفضل: ذكرت لأبي الحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم كلام فاطمة÷ عند منع أبي بكر إياها فدك، وقلت له: إنّ هؤلاء يزعمون أنّه مصنوع، وأنه من كلام أبي العيناء الخبر منسوق البلاغة على الكلام.

فقال لي: رأيت مشايخ آل أبي طالب يروونه عن آبائهم ويعلمونه أبناءهم، وقد حدثنيه أبي عن جدي يبلغ به فاطمة÷.

على هذه الحكاية ورواه مشايخ الشيعة وتدارسوه بينهم قبل أن يولد جد أبي العيناء، وقد حدّث به الحسن بن علوان عن عطية العوفي([17]),

 أنّه سمع عبد الله بن الحسن يذكره عن أبيه، ثمّ قال أبو الحسين وكيف يذكر هذا من كلام فاطمة فينكرونه، وهم يروون من كلام عائشة عند موت أبيها ما هو أعجب من كلام فاطمة يتحقّقونه، لولا عداوتهم لنا أهل البيت.

ثمّ ذكر الحديث، قال: لما أجمع أبو بكر على منع فاطمة بنت رسول الله فدك، وبلغ ذلك فاطمة لاثت خمارها على رأسها، وأقبلت في لمة من حفدتها، تطأ ذيولها، ما تخرم من مشية رسول الله شيئاً، حتى دخلت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار، فنيطت دونها ملاءة، ثمّ أنّت أنّة أجهش القوم لها بالبكاء، وارتج المجلس، فأمهلت حتى سكن نشيج القوم وهدأت فورتهم، فافتتحت الكلام بحمد الله والثناء عليه، والصلاة على رسول الله، فعاد القوم في بكائهم، فلما أمسكوا عادت في كلامها÷ فقالت: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}([18])

 فإن تعرفوه تجدوه أبي دون آبائكم وأخا ابن عمي دون رجالكم، فبلغ النذارة، صادعاً بالرسالة، مائلاً على مدرجة المشركين، ضارباً لثبجهم، آخذاً بكظمهم، يهشم الأصنام، وينكث الهام، حتى هزم الجمع وولوا الدبر، وتغرى الليل عن صبحه، وأسفر الحق عن محضه، ونطق زعيم الدين، وخرست شقاشق الشياطين، وكنتم على شفا حفرة من النار، مذقة الشارب، ونهزة الطامع، وقبسة العجلان، وموطئ الأقدام، تشربون الطرق، وتقتاتون الورق، أذلة خاشعين، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم، فأنقذكم الله برسوله بعد اللتيا والتي، وبعدما مني بهم الرجال، وذؤبان العرب، (ومردة أهل الكتاب)، كلّما حشوا ناراً للحرب أطفأها، ونجم قرن للضلال وفغرت فاغرة من المشركين قذف بأخيه في لهواتها، فلا ينكفئ حتى يطأ صماخها بأخمصه، ويخمد لهبها بحده، مكدوداً في ذات الله، قريباً من رسول الله، سيداً في أولياء الله، وأنتم في بلهنية وادعون آمنون، حتى إذا اختار الله لنبيه دار أنبيائه، ظهرت خلة النفاق، وسمل جلباب الدين، ونطق كاظم الغاوين، ونبغ خامل الآفلين، وهدر فنيق المبطلين، فخطر في عرصاتكم، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه، صارخاً بكم، فوجدكم لدعائه مستجيبين، وللغرة فيه ملاحظين، فاستنهضكم فوجدكم خفافاً، وأجمشكم فألفاكم غضاباً، فوسمتم غير إبلكم، وأوردتموها غير شربكم، هذا والعهد قريب، والكلم رحيب، والجرح لما يندمل، بداراً (وفي نسخة إنما) زعمتم خوف الفتنة، ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين، فهيهات منكم وأنى بكم وأنى تؤفكون، وهذا كتاب الله بين أظهركم، وزواجره بينة، وشواهده لائحة، وأوامره واضحة، أرغبة عنه تدبرون، أم بغيره تحكمون، بئس للظالمين بدلاً{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}([19])

  ثم لم تريثوا إلاّ ريث أن تسكن نغرتها، تشربون حسواً وتسرون في ارتغاء، ونصبر منكم على مثل حز المدى، وأنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا، أفحكم الجاهلية تبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون. ويهاً معشر المهاجرين، أأبتز إرث أبي أفي الكتاب أن ترث أباك ولا أرث أبي، لقد جئت شيئاً فرياً، فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله، والزعيم محمد، والموعد القيامة، وعند الساعة يخسر المبطلون. ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون.

ثم انحرفت إلى قبر النبي وهي تقول:

قد كان بعــدك أنباء وهـنبثة
إنا فقدناك فقد الأرض وابلها

 

لو كنت شاهدها لم تكثر الخطـب
واختل قومك فاشهدهم ولا تغب

قال: فما رأينا يوماً كان أكثر باكياً ولا باكية من ذلك اليوم<([20]).



([1]) ابن أبي الفتح الأربلي: كشف الغمة، ج2ص108ـ114. الناشر: دار الأضواء ـ بيروت.

([2]) كشف الغمة، ج2ص108-114.

([3]) الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد، ج11 ص208 رقم الترجمة/5914. الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.  

([4]) الذهبي: تذكرة الحفاظ، 2ج ص516 رقم الترجمة/533.

([5]) ابن حجر العسقلاني: تهذيب التهذيب، ج7 ص405.

([6]) بلاغات النساء، ص14ـ19. الناشر: مكتبة بصيرتي. قم المقدسة

([7]) المصدر نفسه، ص19ـ20.

([8]) تاريخ بغداد، ج4ص211 رقم الترجمة/1900.

([9]) شمس الدين الباعوني الشافعي: جواهر المطالب في مناقب الإمام علي، ج1 ص156ـ164. الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلامية، قم ـ إيران.

([10]) محمد بن شاكر الكتبي: فوات الوفيات، ج2 ص526 رقم الترجمة/531. الناشر: دار الكتب العلمية.

([11]) سبط ابن الجوزي: تذكرة الخواص، ص285 باب ذكر ندبها لرسول الله’ وفصاحتها.

([12]) الذهبي: تاريخ الإسلام، ج23 ص297. رقم الترجمة/203. الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([13]) الخوارزمي: مقتل الحسين×، ص121 ـ 123 ح 59.

([14]) تاريخ الإسلام، ج39 ص327.

([15]) ابن الأثير: منال الطالب في شرح طوال الغرائب، ص501 ـ 507.

([16]) تأريخ الإسلام، ج21 ص489. رقم الترجمة/252.

([17]) تقدمت ترجمته فهو ثقة ورواياته معتبرة.

([18]) التوبة/128.

([19]) آل عمران/85.

([20]) ابن أبي طيفور: بلاغات النساء، ص12ـ14.


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net