متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
خلاصة ما تقدم ، 2- المسور بن مخرمة ( ت / 64 هـ )
الكتاب : ظلامة الزهراء عليها السلام في روايات أهل السنة    |    القسم : مكتبة رد الشبهات

 

خلاصة ما تقدم

  بعدما ذكرنا نبذة من تأريخ حياة ( محمد بن مسلم الزهري ) يأتي السؤال القهري وهو:

أولاً: هل يمكن أن نصدّق بمقالة الزهري، والتي ينتقص فيها من أمير المؤمنين$ كما ستأتي الإشارة إليه في شرح دلالة هذا الحديث؛ بل الصدق كل الصدق والقريب إلى الواقع أن الزهري أدرجه من نفسه, ووضعه بلا وازع من دين؟! أليس هو الجندي والمدافع عن حريم بني امية، والجسر الذي يعبرون عليه إلى بلاياهم, وسُلّماً إلى ضلالتهم, كما يقول الإمام السجاد$, أليس هو المنحرف عن أمير المؤمنين والمنكر لفضائله, والراوي عمن قتل ابنه عليه السلام.

ثانياً: ثم هل نستطيع أن نحكم بوثاقة الزهري بعد ما تقرر من مفردات حياته.

نعتقد أنّ الإنصاف والوجدان والضمير الإنساني, يحكمان بخلاف من ترجم له ووصفه بالوثاقة. 

2- المسور بن مخرمة ( ت / 64 هـ )

هو: المسور بن مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف القرشي،قالوا في ترجمته:

المسور من جنود عبد الله بن الزبير

قال الذهبي: > وقد انحاز إلى مكة مع ابن الزبير، وسخط إمرة يزيد، وقد أصابه حجر منجنيق في الحصار<([1]).

وقال أيضاً:> وعن عطاء بن يزيد كان ابن الزبير لا يقطع أمراً دون المسور بمكة<([2]) ومعلوم أن عبد الله بن الزبير قد أضل أباه وزيّن له حرب علي$ في معركة الجمل.

روى ابن أبي الحديد: >وكان عبد الله بن الزبير يبغض علياً$، وينتقصه وينال من عرضه، وروى عمر بن شبه وابن الكلبي والواقدي وغيرهم من رواة السيّر، أنه مكث أيام ادعائه الخلافة أربعين جمعة لا يصلي فيها على النبي صلى الله عليه وسلم، وقال لا يمنعني من ذكره إلا أن تشمخ رجال بآنافها، وفي رواية محمد بن حبيب وأبي عبيدة معمر بن المثنى: أن له أُهيل سوء ينغضون رؤوسهم عند ذكره<([3])

المسور يصلي على معاوية

قال الذهبي:>قال عروة: فلم أسمع المسور ذكر معاوية إلا صلى عليه< ([4]) فمن كان يصلي على معاوية العدو اللدود لعلي $؛ كيف نستطيع أن نطمئن لرواياته ونثق بصدورها وإن رويت في أصح الكتب.

الخوارج ينتحلون رأي المسور

بل نجد أن الخوارج ينتحلون رأيه، كما قال الذهبي: >قال الزبير بن بكار كانت الخوارج تغشاه وينتحلونه<([5]).

وروى ابن عساكر عن الزبير بن بكار: >وكانت الخـوارج تغشى المسـور بن مخرمة وتعظمه وينتحلون رأيه<([6]) ومن كان هذه صفته هل يُعقل أن ينصف علياً؛ بل لابد أن نجد مثل هذه الأحاديث وغيرها المئات التي تنال من علي وأهل بيته الطاهرين.

ابن حجر يقول: خبر المسور مشكل المأخذ

أما لو تتبعنا فيما ينقله من هذا الحديث, فنجد أنّ هناك من الحفّاظ من أشكل في مولده يوم وقعت هذه الخطبة.

قال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب:

>ووقع في (صحيح مسلم) من حديثه في خطبة علي لابنة أبي جهل, قال المسور: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم و أنا محتلم يخطب الناس... فذكر الحديث.

وهو مشكل المأخذ؛ لأن المؤرخين لم يختلفوا أن مولده كان بعد الهجرة, وقصة خطبة علي كانت بعد مولد المسور بنحو من ست سنين أو سبع سنين, فكيف يسمى محتلماً!

فيحتمل أنه أراد الاحتلام اللغوي, و هو العقل, والله تعالى أعلم<.([7])

نقول: لقد وقع ابن حجر في تهافت واضح، فلا يمكن أن نفسر الاحتلام باللغة, لان من الواضح أن الاحتلام ينصرف الى المعنى العرفي وهو البلوغ.([8]) وحمله على العقل تكلف لا سبيل إليه.

اعتراض ابن حجر على المسور

وقال ابن حجر أيضاً في فتح الباري: >ولا أزال أتعجب من المسور كيف بالغ في تعصبه لعلي بن الحسين حتى قال: أنه لو أودع عنده السيف لا يمكن أحداً منه حتى تزهق روحه، رعاية لكونه ابن فاطمة محتجاً بحديث الباب، ولم يراع خاطره في أن ظاهر سياق الحديث المذكور غضاضة على علي بن الحسين لما فيه من إيهام غض من جده علي بن أبي طالب حيث أقدم على خطبة بنت أبي جهل على فاطمة حيث اقتضى أن يقع من النبي في ذلك من الإنكار ما وقع؛ بل وأتعجب من المسور تعجباً آخر أبلغ من ذلك وهو أن يبذل نفسه دون السيف رعاية لخاطر ولد ابن فاطمة، وما بذل نفسه دون ابن فاطمة نفسه أعني الحسين والد علي الذي وقعت له معه القصة حتى قتل بأيدي ظلمة الولاة<([9]).

فابن حجر يذكر اعتراضين على المسور:

الأول: أن المسور وقع في تناقض في مضمون كلماته فهو  يجرح عواطف الإمام علي بن الحسين$ بإيراد هذه القصة وفي الوقت نفسه يريد إظهار الحب له، كتمهيد لطلب سيف رسول الله@ منه؟!

الثاني: إذا كان هذا الحب لآل النبي@ عند المسور لماذا لم يساهم في نصرة الحسين$ ضد ظلمة الولاة بنفسه في حين أنه يدعي أنه يبذل نفسه للسيف، وهل السيف أهم وأشرف من آل الرسول@؟!

وقال المزي في تهذيب الكمال: >وولد بمكة بعد الهجرة بسنتين, فقدم به المدينة في عقب ذي الحجة سنة ثمان عام الفتح, و هو ابن ست سنين<([10]).

إذن على ضوء ابن حجر والمزي فيكون عمره ست سنوات فهل هذه السن المبكرة تجعل من المسور ذاكراً لهذه القصة بتمامها وتفاصيلها.

إذن تبين لنا من خلال هذه المراجعة الفاحصة لكلا الرجلين (الزهري والمسور) أنّ هناك نقاطاً لابد من أخذِها بعين الاعتبار, مما تشكل دليلاً على سقوط الزيادة في هذا الحديث, وهي الخطبة المزعومة, ولعل من تأمل في الدلالة يتضح له الأمر أكثر.

 

--------------------------------------------------------------------------------

([1]) سير أعلام النبلاء:ج3ص391.

([2]) سير أعلام النبلاء:ج3ص373.

([3] ) شرح نهج البلاغة: ج4 ص62، فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي.

([4]) المصدر نفسه:ج3ص392. وانظر: تاريخ دمشق:ج28ص208.

([5]) المصدر نفسه:ج3ص391.

([6]) تاريخ دمشق:ج58ص161. وانظر:  الذهبي تاريخ الإسلام: ج5ص245.

([7]) ابن حجر العسقلاني: تهذيب التهذيب, ج 10 ص 151.

([8]) انظر ابن الجوزي: زاد المسير, ج2 ص86.

([9]) فتح الباري: ج9 ص285، دار المعرفة ـ بيروت.

([10]) المزي: تهذيب الكمال, ج 27 ص 583. الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net