متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
تشرف الشيخ حسين آل رحيم بلقائه (ع)
الكتاب : أروع القصص في من رأى المهدي عليه السلام    |    القسم : مكتبة القُصص و الروايات

 

الحكاية الثالثة والعشرون
تشرف الشيخ حسين آل رحيم بلقائه (ع)

 

 

حدث الشيخ العالم الفاضل الشيخ باقر النجفي نجل العالم العابد الشيخ هادي الكاظمي المعروف بآل طالب قال:

 

كان في النجف الأشرف رجل مؤمن يسمى الشيخ حسين رحيم من الأسرة المعروفة بآل رحيم وحدثنا أيضاً العالم والعابد الكامل مصباح الأتقياء الشيخ طه عن آل العالم الجليل والزاهد العابد دون بديل الشيخ حسين النجف إمام الجماعة الآن في مسجد الهندية بالنجف الأشرف والحائز على قبول الخاصة والعامة في التقوى والصلاح والفضل بأن الشيخ حسين رحيم المشار إليه كان في سلك أهل العلم ذا نية صادقة وقد ابتلي بمرض السعال فإذا سعل خرج من صدره مع الأخلاط دم وكان مع ذلك في غاية الفقر والاحتياج لا يملك قوت يومه وكان يخرج في أغلب وقته إلى البادية إلى الأعراب الذين في أطراف النجف الأشرف ليحصل على القوت ولو على شعير.

 

وكان مع ذلك قد تعلق قلبه بامرأة من أهل النجف وكان يطلبها من أهلها وما أجابوه إلى ذلك لقلة ذات يده وكان في هم وغم شديدين من جهة ابتلائه بذلك، فلما اشتد به الحال ويأس من تزوج البنت عزم على ما هو معروف عند أهل النجف من أنه إذا أصيب امرؤ  بأمر فواظب على الرواح إلى مسجد الكوفة أربعين ليلة أربعاء فلا بد أن يرى صاحب الأمر عجل الله فرجه من حيث لا يعلم ويقضي له مراده.

 

قال المرحوم الشيخ باقر قال الشيخ حسين فواظبت على ذلك أربعين ليلة فلما كانت الليلة الأخيرة وكانت ليلة شتاء مظلمة وقد هبت ريح عاصفة فيها قليل من المطر وأنا جالس في الدكة التي هي داخل باب المسجد وكانت الدكة الشرقية المقابلة للباب الأول وتكون على الطرف الأيسر عند دخول المسجد ولا أتمكن من دخول المسجد من جهة سعال الدم ولا يمكن قذفه في المسجد وليس معي شيء أتقي به البرد وقد ضاق صدري واشتد همي وغمي وضاقت الدنيا في عيني وأنا أفكر أن الليالي قد انقضت وهذه آخرها وما رأيت أحداً ولا ظهر لي شيء وقد تعبت هذا التعب العظيم وتحملت الخوف والمشاق أربعين ليلة أجيء فيها من النجف إلى مسجد الكوفة ويكون لي الأياس من ذلك!

 

فينما أنا أفكر في ذلك وليس في المسجد أحد أبداً وقد أوقدت ناراً لأسخن عليها قهوة جئت بها من النجف لا أتمكن من تركها لتعودي عليها وكانت قليلة جداً إذا بشخص من جهة الباب الأول متوجه إلي فلما نظرته من بعيد تكدرت وقلت في نفسي هذا أعرابي من أطراف المسجد قد جاء ليشرب من القهوة وأبقى بلا قهوة في هذا الليل المظلم ويزيد على همي وغمي.

 

فبينما أنا أفكر في ذلك إذا به قد وصل إلي وسلم علي باسمي وجلس في مقابلي فتعجبت من معرفته باسمي وظنته من الذين أخرج إليهم في بعض الأوقات من أطراف النجف الأشرف فصرت أسأله من أي العرب يكون قال من بعض العرب فصرت أذكر له الطوائف التي في أطراف النجف فيقول لا، لا وكلما ذكرت له طائفة قال لا لست منها فأغضبني فقلت له: أجل أنت من طر يطره، مستهزئاً وهو لفظ بلا معنى فتبسم من قولي وقال لا عليك من أينما كنت ما الذي جاء بك إلى هنا؟ فقلت وأنت ما عليك من السؤال عن هذه الأمور؟ فقال ما ضرك لو أخبرتني؟ فتعجبت من حسن أخلاقه وعذوبة منطقة فمال قلبي إليه وصار كلما تكلم ازداد حبي له فعملت له السبيل من التتن وأعطيته فقال أنت اشرب فأنا ما أشرب وصببت له في الفنجان قهوة وأعطيته فأخذه وشرب قليلاً منه ثم ناولني الباقي وقال أنت اشربه فأخذته وشربته ولم ألتفت إلى عدم شربه تمام الفنجان ولكن يزداد حتى له أنا فأناً فقلت له يا أخي قد أرسلك الله إلي في هذه الليلة تؤنسني أفلا تروح معي لنجلس عند قبر مسلم (ع) ونتحدث؟ فقال أروح معك فحدث حديثك فقلت أحكي لك الواقع أنا في غاية الفقر والحاجة مد عرفت نفسي ومعي سعال أتنخع الدم وأقذفه من صدري منذ سنين ولا أعرف علاجه وما عندي زوجة وقد علق قلبي بامرأة من أهل محلتنا في النجف الأشرف ومن جهة قلة ما في اليد ما تيسر لي أخذها وقد غرني هؤلاء الملائية وقالوا لي اقصد في حوائجك صاحب الزمان وبت أربعين ليلة أربعاء في مسجد الكوفة فإنك تراه ويقضي لك حاجتك وهذه آخر ليلة من الأربعين وما رأيت فيها شيئاُ وقد تحملت هذه المشاق في تلك الليالي فهذا الذي جاء بي وهذه حوائجي.

 

فقال لي وأنا غافل غير ملتفت أما صدرك فقد برئ وأما المرأة فتأخذها عن قريب وأما فقرك فيبقى على حاله حتى تموت.

 

فقلت وأنا غير ملتفت إلى هذا البيان أبداً ألا نروح إلى حضرة مسلم؟ قال قم فقمت وتوجه أمامي فلما وردنا أرض المسجد قال ألا تصلي صلاة تحية المسجد؟ فقلت: بلا فوقف قريباً من الشاخص الموضوع في المسجد وأنا خلفه بفاصله ثم كبرت للصلاة وشرعت بقراءة الفاتحة ما سمعت أحداً يقرأ مثلها أبداً فمن حسن قراءته قلت في نفسي لعله هو صاحب الزمان وذكرت كلمات له تدل على ذلك ثم نظرت إليه بعدما خطر في قلبي ذلك وهو في الصلاة فإذا به قد أحاطه نور عظيم منعني من تشخيص شخصه الشريف وهو مع ذلك يصلي وأنا أسمع قراءته فارتعدت فرائصي ولم أستطع قطع الصلاة خوفاً منه فأكملتها على أي وجه كان وقد علا النور عن وجه الأرض فصرت أبكي وأعتذر من سوء أدبي معه عند باب المسجد وقلت له أنت صادق الوعد وقد وعدتني الرواح معي على قبر مسلم (ع)

 

وبينما أنا أكلم النور إذا بالنور قد توجه نحو قبر مسلم فتبعته فدخل النور الحضرة وصار في جو القبة وبقي على ذلك وأنا لم أزل أبكي حتى إذا طلع الفجر عرج النور فلما كان الصباح التفت إلى قوله (ع) أما صدرك فقد برئ وإذا أنا صحيح الصدر وليس بي سعال أبداً وما مضى أسبوع إلا وسهل الله علي أخذ البنت من حيث لا أحتسب وبقي فقري على ما كان كما قال (ع) والحمد لله.

 


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net