متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
طاهر وضيق العيش
الكتاب : أروع القصص في من رأى المهدي عليه السلام    |    القسم : مكتبة القُصص و الروايات

 

الحكاية الرابعة والستون

طاهر وضيق العيش

 

 

كان هناك شخص صالح ومتقي يدعي بمحمد طاهر النجفي وكان خادماً في مسجد الكوفة لسنوات ويسكن هناك مع عياله ويعرفه أغلب أهل العلم في النجف الأشرف الذين يتشرفون إلى هناك وكان محمد طاهر النجفي فاقد البصر ومبتلي بحاله وقد نقل ذلك العالم هذه القضية عنه في ذلك المسجد الشريف قال:

 

قبل سبع أو ثمان سنوات ولعدم مجيء الزوار وذلك للمعارك بين طائفتي الزكرت والشمرت في النجف مما سبب انقطاع مجيء أهل العلم إلى هناك فصارت حياتي مرة لأن معاشي كان منحصراً بين هاتين الطائفتين مع كثرة عيالي وتكفلي بعض الأيتام أيضاً ففي ليلة جمعة لم يكن شيء عندنا نقتات به وكان الأطفال يئنون من الجوع فضاق صدري جداً وكنت غالباً منشغلا ً ببعض الأوراد والختوم ولكن في تلك الليلة ولشدة سوء حالتي جلست مستقبلاً القبلة بين محل السفينة وهو المكان المعروف بالتنور وبين دكة القضاء وشكوت حالي إلى القادر المتعال مظهراً رضاي بتلك الحالة من الفقر ومضطرباً وقلت: ليس من الصعب أن تريني وجه سيدي ومولاي ولا أريد شيئاً فإذا أنا أرى نفسي واقفاً على قدمي وبيدي سجادة بيضاء ويدي الأخرى بيد شاب جليل القدر تلوح منه آثار الهيبة والجلال لابساً نفسياً يميل إلى السواد فتصورت في البداية أنه أحد السلاطين ولكن كانت على رأسه المبارك عمامة وقريباً منه شخص آخر لابساً لباساً أبيض وفي ذلك الحال مشينا إلى جهة الدكة قريب المحراب فعندما وصلنا هناك قال ذلك الشخص الجليل الذي كانت يدي بيده: يا طاهر أفرش السجادة.

 

ففرشتها، ورأيتها بيضاء تتلألأ ولم أعرف ماهيتها وقد كتب عليها بخط واضح وقد فرشتها باتجاه القبلة مع ملاحظة الانحراف الموجود في المسجد فقال: كيف فرشتها؟ فقدت الشعور لهيبته ودهشته وقلت بدون شعور: فرشتها بالطول والعرض.

 

فقال: من أين أخذت هذه العبارة؟

 

قلت: أخذت هذا الكلام من الزيارة التي كنت أزور بها القائم (عجل الله فرجه).

 

فتبسم في وجهي وقال: لك القليل من الفهم.

 

فوقف على تلك السجادة وكبر تكبيرة الصلاة وإذا بنوره وبهائه يزداد من فوره فصار كالخيمة حوله بحيث لا يمكن النظر إلى وجهه المبارك! ووقف ذلك الشخص خلفه (ع) متأخراً عنه بأربعة أشبار فصلى الاثنان وكنت واقفاً أمامها فوقع في نفسي شيء من أمره وفهمت من ذلك أن هذين الشخصين ليسا كما ظننت فلما فرغا من الصلاة لم أر ذلك الشخص الثاني ورأيته (ع) على كرسي مرتفعاً ارتفاع أربعة أذرع تقريباً له سقف وعليه من النور ما يخطف البصر فالتفت لي وقال: يا طاهر! أي سلطان من السلاطين كنت تظنني؟.

 

قلت: يا مولاي أنت سلطان السلاطين وسيد العالم ولست أنت من أولئك.

 

قال: يا طاهر قد وصلت إلى بغيتك فما تريد؟ ألم نكن نرعاك كل يوم ألم تعرض أعمالك علينا؟

 

وواعدني بحسن الحال والفرج عن ذلك الضيق فدخل في هذا الحال شخص إلى المسجد من طرف صحن مسلم أعرفه بشخصه واسمه وكانت له أعماله سيئة فظهرت أثار الغضب (ع) والتفت إليه بوجهه المبارك وظهر العرق الهاشمي في جبهته وقال: يا فلان! إلى أين تفر؟ لأرض لسنا فيها أم لسماء لسنا فيها؟! فأحكامنا تجري فيها ولا طريق لخلاصك من ذلك إلا أن تكون تحت أيدينا ثم التفت إلي وتبسم وقال: يا طاهر! وصلت إلى بغيتك فما تريد؟ فلم أقدر أن أتكلم لهيبته (ع) ولما اعتراني من الحيرة من جلاله وعظمته فأعاد علي ذلك الكلام مرة أخرى واعتراني من شدة الحال ما لا يوصف فلم أقدر على الجواب والسؤال منه فلم يمض أكثر من طرفة عين حتى رأيت نفسي وحدي وسط المسجد ولا يوجد أحد معي فنظرت إلى جهة المشرق فرأيت الفجر قد طلع.

 

قال الشيخ طاهر: فمع أني كنت عدة سنوات أعمى وقد انسدت كثيراً من طرق المعاش على والتي كان أحدها خدمة العلماء والطلاب الذين يتشرفون هناك فقد توسع أمر معاشي من ذلك التاريخ حسب وعده (ع) ولحد الآن- والحمد لله- ولم أقع بصعوبة وضيق.


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net