متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
أنواع العقوبة التي يتعرّض لها الطفل
الكتاب : من يعينني ؟    |    القسم : مكتبة التربية و الأخلاق

 سؤال

عقوبة الابناء.. ما هي حدودها؟

العقوبة ليست علاجاً لأخطاء اطفالك.

لا تعاقب طفلك حين يعاندك ولكن اسال نفسك عن خطأك بحقه.

اكثر الاطفال حين يتعرضون للعقوبة لا يعلمون خطأ فعلهم.

كوني مع طفلك لا عليه حين يشعر بخطئه ويأتيك باكياً.

لماذا تستعمل العقوبة مع ابناءك والتي هي ذاتها التي استعملها معك صغيراً؟

العقوبة

تختلف العوائل بعضها عن بعض في شكل العقوبة الموجهة للأبناء... وكلّ يدافع عن طريقته في العقاب وأثره في التربية... ونحن هنا نستعرض ثلاث حالات يحتاج فيها الوالدان للعقوبة والتي هي: (سوء السلوك) حين يستعمل الطفل الكلمات النابية أو يسيئ إلى الآخرين... فلا يجد والده غير العقوبة رادعاً عن قلّة الأدب... (والتصرُّفات الخاطئة) ـ وهي حالة أخرى يوجّه فيها الآباء عادة العقوبة لأبنائهم حين يكون الطفل ثرثاراً أو غير مبال في اتّساخ ملابسه وتنظيم حاجاته... (والعناد) ـ في عدم طاعة والديه تدفع الآباء إلى عقوبة أبنائهم.

ونحن نتساءل هل للعقوبة اسلوب صحيح في التربية الإسلامية؟ وللجواب على هذا التساؤل نجد أنّ الآباء يجدون عادة للحالات الثلاث المتقدّمة والتي يحتاجون فيها عادة إلى عقوبة أبنائهم، علاجاً لتدراك وجودها... وفي صفحاتنا السابقة استعرضنا علاج العناد أو سوء التصرّفات الخاطئة... إضافة إلى أنّ الآباء وبالخصوص أولئك الذين يستخدمون العقوبة القاسية... عليهم التريّث قليلاً ليفكّروا بأنّ ما أوصل الطفل إلى الحالة التي جعلته معانداً أو قليل الادب أو غير ذلك هي نتيجة سوء تربيتهم له... فما هو ذنب الأبناء إذن؟

نحن لا نقول أنّ على الوالدين ترك أبنائهم مطلقاً دون عقاب... بل نؤكّد على اختيار العقوبة المفيدة الرادعة للطفل... حيث نلحظ أنّ أنواع العقوبة التي تعارف عليها افراد مجتمعنا هي باختصار:

أنواع العقوبة التي يتعرّض لها الطفل:

1 ـ الإيذاء الجسدي.

2 ـ التحقير.

3 ـ تحطيم المعنويات.

4 ـ الإيذاء النفسي.

5 ـ إظهار الخطأ فقط.

إنّ الإيذاء الجسدي بأن يستخدم الوالدان ضرب الطفل أو شدّه إلى أحد أركان البيت أو حرق أجزاء بدنه إلى غير ذلك من العقوبات الجسدية... واستخدام البعض الآخر الإيذاء النفسي مثل الشتم والسبّ... والقول للطفل بأنّنا لا نحبّك... أو عدم تكليمه لمدة طويلة... إلى غير ذلك من الأساليب المؤذية... إنّ كلّ أنواع هذه العقوبة سواء أكانت جسدية أو نفسية حسب المنظور الإسلامي للتربية خاطئة...

حيث ينص الحديث الشريف:

(دع إبنك يلعب سبع سنين، ويؤدّب سبعاً وألزمه نفسك سبع سنين).

بمعنى إنّ السبع سنوات الأولى من حياة الطفل تحمل عنوان اللعب... واللعب يعني تعليمه وإرشاده دون إلزامه وتحمّله لمسؤولية فعله... والعقوبة تعني تحميله مسؤوليات العمل ـ كما سوف نأتي إليه ـ إضافة على أنّ الأذى الجسدي والنفسي الذي نسبّبه للآخرين من الذنوب الجسمية التي لا تنفع الإستغفار وحده لمحوها، بل نحتاج معها إلى الدية، والديّة ضريبة مالية تحدّد قيمتها على الأثر الذي يتركه الأذى الجسدي أو النفسي... وبدونها (الدية) لا يمكن تحقيق العفو الإلهي إلاّ بعفو المقابل ورضاه.
إنّ النهي عن إستخدام العقوبة المؤذية للجسد والنفس... لا تعني مطلقاً ترك الطفل يتمادى في غيّه دون فعل شيء... فالمربّي الإسلامي يدعونا إلى إظهار الخطأ بشكل لطيف وبدون أذى للطفل... ويعتبره من أفضل أنواع العقوبة الرادعة لخلوّها من الآثار السلبية على نفسية الطفل... بالإضافة إلى الجوانب الإيجابية في إعداد الطفل في مرحلته الأولى لتحمُّل المسؤولية.

جاء في الحديث الشريف عن أحد أصحاب الإمام المعصوم قائلاً:

(شكوت إلى أبي الحسن موسى(ع) إبناً لي، فقال: لا تضربه... وأهجره... ولا تطل).

فالمربي الإسلامي في الوقت الذي ينهى عن استعمال الضرب التي هي ذي أثر سيئ على الجسد... كذلك ينهى عن الإيذاء النفسي (لا تطل)، أي لا تطيل مدّة عدم تكليمك إيّاه (الهجر)... والإكتفاء بهجرانه لمدة قصيرة بسبب خطئه.

إنّ توضيح الخطأ للطفل من أهمِّ الامور في هذه المرحلة، ولكنَّ البعض من الآباء يعاقبون أبناءهم دون أن يعرفوا ما الذي ارتكبوه أو أنّ الأم تنظر إلى طفلها فلا تمنعه من عمل يمارسه... وفي وقت آخر يتعرَّض للعقوبة بسبب الفعل ذاته... إنّ هذه الحالة تشوِّش الطفل كثيراً فلا يميِّز بين الخطأ والصواب... وحين يأتي الطفل إلى أمّه باكياً لأنّ لعبته انكسرت بيديه أو عند أصدقائه... وبكاؤه دليل معرفته للخطأ... فلا يصح من الأم أن تعاتبه وتكون عليه... فما دام يفهم الخطأ فعليها أن تكون معه تبدى تأسّفها وحزنها لما حدث له.

هل التهديد صحيح في العقوبة؟

إذا كانت العقوبة لغرض التأديب... فليطمئن الوالدان بأنّ التهديد يضعف من أثر التأديب... كيف؟

لأنّ التهديد وحده دون تنفيذ العقوبة... كأن تهدّد الأم صغيرها بالضرب أو حرمانه من شيء يحبَّه... ونفّذت التهديد، فالسلبيات تدخل في أنواع العقوبة المؤذية التي لها آثار سلبية، فضلاً عن عدم جدواها في التأديب... وإذا لم تُنَفِّذْ التهديد فهو خطأ جسيم آخر لأنّه يضعف من شخصيتها أمام الطفل.

من هنا نلحظ أنّ التهديد سواء نفّذ أم لم ينفّذ فلا فائدة مرجوّة منه ولا يصل بالوالدين إلى الهدف الذي يرغبوه في الحصول عليه في تأديب الطفل... حتّى بالتهديد المثير للذعر... مثل تخويفه بالشرطة أو بمن يسرقه أو بالحيوان المفترس... ويجب على الوالدين تركه لأنّه يؤثّر على مشاعره ويزيد في مخاوفه ويثير قلقه.

التهديد في منظور التربية الإسلامية

ولعلّ سائلاً يقول:

لماذا تقرّ التربية الإسلامية اسلوب التهديد، كما جاء في الآية الكريمة المقدّسة:

(فويل للمصلين، الذين هم عن صلاتهم ساهون) (الماعون/4،5).

وجوابه إنّ العقوبة الإلهية للعبد تختلف عن العقوبة التي يستخدمها الوالدان للطفل... بأنّها (العقوبة الإلهية) نتيجة طبيعية لفعل العبد... مثل حصاد الأشواك لمن زرع بذرته... أو فشل الطالب الذي انشغل باللعب واللهو في وقت الإمتحان... وتختلف عن عقوبة المربين بأنّها عارضة على الإنسان، مثل ضرب الوالدين للطالب لعدم اهتمامه بدراسته، أو طرد الفلاّح من المزرعة لعدم زرعه النباتات المثمرة المفيدة... فالعقوبة الالهية إذن نتيجة طبيعية لفعل الإنسان...  وعقوبة الوالدين نتيجة غير طبيعية لفعل الأبناء... ومن هنا كان التهديد الذي استعمله القرآن يختلف تماماً عن التهديد الذي يستعمله المربّون... فهناك اختلاف كبير بين أن تقول للطالب مثلاً:

الويل لك إن لم تهتم بدراستك، فإنّ الفشل نصيبك. (أو الويل لك أن لم تهتم بدراستك، فأن الضرب المبرج نصيبك). فالنوع الأول من التهديد مفيد في التأديب والتربية، لأنّه لا يستبطن العقوبة المؤذية من جهة... ولأنّه (التهديد) يلفت النظر ـ وبدون إيذاء ـ إلى الخطأ الذي ينتظر الفاعل.

أما النوع الثاني من التهديد فهو غير مفيد لعدم تأثيره في الفاعل وللأسباب التي ذكرناها في موضوع التهديد... ومن هنا كان الاسلوب القرآني في تربية العبد باستخدام التهديد مفيداً ومثمراً ومؤثّراً.

ماذا يرى علماء التربية الارضيون؟

إنّ العوامل النفسية التي تكمن وراء استخدام الوالدين أنواع العقوبة القاسية تجاه أخطاء أبنائهم وكما يراها علماء التربية الأرضيون... هي مايلي:

1 ـ تعرّض الوالدين في صغرهم لنفس العقوبة التي يستعملونها مع أبنائهم، كردّة فعل نفسية يندفع إليها الفرد حين لا يتمكّن من ردِّ الأذى عنه ضعيفاً في الصغر.

2 ـ تنفيس لحالة الغضب التي يعايشها المعاقب بسبب توتّره من كلمة أو إهانة أو مشكلة يعاني منها لا يقدر على مواجهتها فتنعكس على الأبناء.

3 ـ شعور الوالدين بالعجز تجاه تصرّفات ابنائهم الخاطئة أو مع الآخرين لضعف شخصيتهم وعدم ثقتهم بأنفسهم، الأمر الذي يدفعهم إلى العقوبة القاسية مع أبنائهم للتغطية على ضعفهم والخروج بمظهر القوَّة.


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net