متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الإمام الباقر والإمامة
الكتاب : الإمامة وأهل البيت (ع) ج3    |    القسم : مكتبة أهل البيت (ع)

2 - الإمام الباقر والإمامة

اختلف الإمام الباقر عن أبيه الإمام علي زين العابدين في شئ من منهج الإمامة، وذلك هو غلبة الإمامة الروحية عند لأب، حتى تكاد تقترب تعاليمه من التصوف، بينما غلب على الإمام الباقر طابع العلم، لا سيما رواية الحديث من ناحية، وطابع التشيع، حيث تبرز عقائد الشيعة في الإمامة والولاية والرجعة، وإن نسب شئ من ذلك إلى زين العابدين، فإن معظم العقيدة المذهبية للشيعة الاثني عشرية، تنسب للباقر، ثم للصادق من بعده (1).

وعلى أية حال، فالإمام الباقر هو الإمام الخامس للشيعة الاثني عشرية والإسماعيلية، غير أن هناك خلافا بين الشيعة ظهر على أيام الباقر، وكما أشرنا من قبل، فلقد ظهر أخوه " زيد بن علي زين العابدين " وقام بثورته ضد الأمويين، وتبعه جماعة خرجوا على إمامة الباقر، وقالوا: إن الإمامة صارت بعد الإمام الحسين في ولد الحسن والحسين، فهي فيهم خاصة، دون سائر ولد علي بن أبي طالب، وهم كلهم فيها سواء، من قام منهم ودعا إلى نفسه فهو الإمام المفروض الطاعة بمنزلة علي بن أبي طالب واجبة إمامته (2).

ويقوم الإمام زيد: إن كل من ادعى الإمامة، وهو قاعد في بيته، مرخ عليه ستره، لا يجوز اتباعه، ولا يجوز القول بإمامته (3)، ولا تصح الإمامة إلا بشرط أن يقوم بها، ويدعو إليها، فاضل، زاهد، عالم، عادل، شجاع، سائس (4)، بل إن الزيدية بأكملها ترى السيف والخروج على أئمة الظلم، وإزالة الجور، وإقامة الحق (5).

____________

(1) أحمد صبحي: نظرية الإمامة ص 358.

(2) النوبختي: فرق الشيعة ص 48.

(3) نفس المرجع السابق ص 60 - 61.

(4) تاريخ ابن خلدون 1 / 165، ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة 9 / 87.

(5) الأشعري: مقالات الإسلاميين 1 / 150 (القاهرة 1669).

الصفحة 22
والواقع أن الإمام زيد إنما كان يشترط لاستحقاق الإمام من آل البيت الإمامة أن يخرج داعيا لنفسه (1)، ولم يقل " بالتقية " التي كان آل البيت قد التزموا بها بعد مقتل الإمام الحسين وآل البيت في كربلاء، وفي نفس الوقت لم يشترط الشيعة الإمامية الخروج، لأن تولي الإمامة عندهم بالإيصاء - وليس بالاختيار من أهل الحل والعقد (2).

ومن ثم فقد عارض الإمام الباقر أخاه زيدا في شروط الإمامة التي رآها، حتى أنه قال له: على قضية مذهبك، والدك (أي الإمام علي زين العابدين) ليس بإمام، فإنه لم يخرج قط، ولا تعرض للخروج (3).

وعلى أية حال، فإن معظم الشيعة - وخاصة الإمامية - قد التزموا بفكر واحد، يدعو إلى إمامة الإمام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة - ثم ولده الإمام الحسن، ثم ولده الإمام الحسين، ثم أولاد الإمام الحسين من بعد أبيهم، حتى الإمام الحسن العسكري.

وأما عن وجوب الإمامة، فلقد سئل الإمام الباقر عن الحاجة إلى الإمام ، فقال: ليرفع الله العذاب عن أهل الأرض، وذكر قول الله تعالى: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم) (4)، وقال الإمام الباقر: لا تبقى الأرض يوما واحدا بغير حجة الله على الناس منذ خلق آدم وأسكنه الأرض، وقيل له: أكان علي رضي الله عنه، حجة من الله ورسوله على هذه الأمة في حياة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقال: نعم، يوم أقامه للناس ونصبه علما، ودعاهم إلى ولايته، وأمرهم

____________

(1) ابن قتيبة الدينوري: المعارف ص 623، الشهرستاني: الملل والنحل 1 / 31، النوبختي: فرق الشيعة ص 165 (بيروت 1984)، مقدمة ابن خلدون ص 197 - 198 (بيروت 1981)، تاريخ ابن خلدون 1 / 165.

(2) النوبختي: فرق الشيعة ص 165.

(3) تاريخ ابن خلدون 1 / 165، شرح نهج البلاغة 9 / 87، الملل والنخل 1 / 161.

(4) سورة الإنفال: آية 33.


الصفحة 23
بطاعته وسئل: أكانت طاعة علي واجبة على الناس في حياة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وبعد وفاته؟ قال: نعم، ولكنه صمت فلم يتكلم في حياة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (1).

ثم يفسر الإمام الباقر قول الله تعالى: (فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم) (2) وهو ينظر إلى الحجيج، وهم يطوفون حول الكعبة المشرفة، فيقول: هكذا كانوا يطوفون في الجاهلية، إنما أمروا أن يطوفوا بها، ثم ينظروا إلينا، فيعلمونا ولايتهم ومودتهم، ويعرضوا علينا نصرتهم (3).

ويشرح الإمام الباقر ضلال الناس، إذا لم يهتدوا بأئمة أهل البيت بقوله:

" من عبد الله عبادة اهتمام وتعب، ولم يعتقد بإمام عادل، وأنه منصوب من الله، فلا يقبل الله منه سعيا، ومثله كمثل نعجة فقدت راعيها وقطيعها، فظلت حائرة نهارها، فلما جن الليل ظنت أنها وجدت راعيها وقطيعها لتلحق بهم، فلما أصبح الصباح رأت الراعي غير راعيها، فعادت إلى حيرتها تبحث، ثم رأت قطيعا آخر، فأرادت أن تلحق بها، ودعاها راعي ذلك القطيع، وقد رأى أنها ضالة، ولما وجدت أنه غير راعيها عادت إلى حيرتها، حتى لقيها الذئب فافترسها، ذلك هو حال من أصبح لا إمام له، حتى إذا مات، مات ميتة جاهلية " (4).

وعن جابر قال قال لي محمد بن علي: يا جابر لا تخاصم، فإن الخصومة تكذب القرآن (5).

____________

(1) أحمد صبحي: المرجع السابق ص 358.

(2) سورة إبراهيم: آية 37.

(3) علي سامي النشار: نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام - الجزء الثاني - نشأة التشيع وتطوره ص 137 (الإسكندرية 1969 م).

(4) أحمد صبحي: المرجع السابق ص 359، دونالدسون: عقيدة الشيعة (تاريخ الإسلام في العراق وإيران) القاهرة 1946 ص 334.

(5) طبقات ابن سعد 5 / 236.

الصفحة 24


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net