متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
في بيان أحوال عمرو بن الحمق الخزاعي
الكتاب : إرشاد القلوب ج2    |    القسم : مكتبة التربية و الأخلاق

[في بيان أحوال عمرو بن الحمق الخزاعي]

وباسناده إلى أبي حمزة الثمالي، عن جابر بن عبد الله بن عمر بن حزام(2)الأنصاري قال: أرسل رسول الله صلّى الله عليه وآله سرية فقال: انّكم تصلون ساعة كذا وكذا من الليل أرضاً لا تهتدون فيها مسيراً، فإذا وصلتم إليها فخذوا ذات الشمال، فإنّكم تمرّون برجل فاضل خير في شأنه، فاسترشدوه فيأبى أن يرشدكم حتّى تأكلوا من طعامه، ويذبح لكم كبشاً فيطعمكم، ثمّ يقوم معكم فيرشدكم الطريق، فاقرؤوه منّي السلام وأعلموه انّي قد ظهرت بالمدينة.

فمضوا فلمّا وصلوا في ذلك الوقت إلى الموضع المسمّى ضلّوا، قال قائل منهم: ألم يقل لكم رسول الله صلّى الله عليه وآله خذوا بذات الشمال؟ [فأخذوا ذات الشمال](3) فمرّوا بالرجل الذي وصفه رسول الله صلّى الله عليه وآله لهم، فاسترشدوه الطريق، فقال: لا أرشدكم حتّى تأكلوا من طعامي، وذبح لهم كبشاً، فأكلوا من طعامه وقام معهم فأرشدهم الطريق وقال لهم: أَظَهَرَ النبي صلّى الله عليه وآله بالمدينة؟ قالوا: نعم، وأبلغوه سلامه.

____________

1- مدينة المعاجز 3: 175 ح815; عن الهداية للحضيني: 153; وفي الخرائج 1: 175 ح8; عنه البحار 41: 192 ح4; ونحوه الثاقب في المناقب: 127 ح4; والخصائص للرضي: 49.

2- في بعض المصادر: حرام.

3- أثبتناه من "ج".


الصفحة 121
فخلّف في شأنه(1) من خلّف ومضى إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله، وهو عمرو بن الحمق الخزاعي بن الكاهن بن حبيب بن عمرو بن القين بن درّاج بن عمرو بن سعد بن كعب(2).

فلبث معه صلّى الله عليه وآله ما شاء الله، ثمّ قال له رسول الله صلّى الله عليه وآله: ارجع إلى الموضع الذي هاجرت إليّ منه، فإذا جاء أخي عليّ بن أبي طالب عليه السلام الكوفة وجعلها دار هجرته فآته(3)، فانصرف عمرو بن الحمق إلى شأنه حتّى إذا نزل أمير المؤمنين عليه السلام الكوفة أتاه فأقام معه [بالكوفة](4)، فبينما أمير المؤمنين عليه السلام جالس وعمرو بين يديه فقال له: يا عمرو ألك دار؟ قال: نعم.

قال: بعها واجعلها في الأزد، فإنّي في غد لو غبت عنكم لطلبت فتتبعك الأزد(5) حتّى تخرج من الكوفة متوجّهاً نحو الموصل، فتمرّ برجل نصرانيّ فتقعد عنده وتستسقيه الماء، فيسقيك ويسألك عن شأنك فتخبره فتصادفه مقعداً، فادعه إلى الإسلام فإنّه يسلم، فإذا أسلم فمر يدك على ركبتيه فإنّه ينهض صحيحاً سليماً ويتبعك.

____________

1- في "ب": في بستانه.

2- قال الشيخ عباس القمي رحمه الله في منتهى الآمال 1: 400: عمرو بن الحمق الخزاعي، العبد الصالح الإلهي، من حواري باب علم النبي صلّى الله عليه وآله، ولقد وصل إلى المقام الأسنى بخدمته لأمير المؤمنين عليه السلام وأدرك حضوره، وقد شارك في جميع حروبه (الجمل وصفين والنهروان) وسكن الكوفة، وساعد حجر بن عديّ بعد استشهاد عليّ عليه السلام في منع بني اُمية عن سبّه، وكتب الإمام الحسين عليه السلام في رسالته إلى معاوية:

"أولست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله صلّى الله عليه وآله، العبد الصالح الذي أَبْلَتْهُ العبادة فنحل جسمه، وصفر لونه بعد ما أمنته وأعطيته من عهود الله ومواثيقه ما لو أعطيته طائراً نزل عليك من رأس الجبل، ثمّ قتلته جرأةً على ربّك واستخفافاً بذلك العهد..." (البحار 44: 213).

3- في "ج": تنزل معه.

4- أثبتناه من "ج".

5- في "ج": لطلبت منك الأزد.


الصفحة 122
وتمرّ برجل محجوب جالس على الجادة، فتستسقيه الماء فيسقيك ويسألك عن قضيّتك(1) وما الذي أخافك وممّ تتوقّى، فحدّثه بأنّ معاوية طلبك ليقتلك ويمثّل بك بايمانك بالله ورسوله صلّى الله عليه وآله، وطاعتك واخلاصك في ولايتي، ونصحك لله تعالى في دينك، وادعه إلى الإسلام فإنّه يسلم، ومرّ يدك على عينيه فإنّه يرجع بصيراً باذن الله تعالى، فيتابعك ويكونان معك، وهما اللذان يواريان جسدك في الأرض.

ثمّ تصير إلى دير على نهر يُدعى بالدجلة فإنّ فيه صدّيقاً عنده من علم المسيح عليه السلام، فاتّخذه لك أعون الأعوان على سرّك، وما ذاك إلاّ ليهديه الله بك، فإذا أحسّ بك شرطة ابن اُمّ حكم ـ وهو خليفة معاوية بالجزيرة، ويكون مسكنه بالموصل ـ فاقصد إلى الصدّيق الذي في الدير في أعلى الموصل.

فناده فإنّه يمتنع عليك، فاذكر اسم الله الذي علّمتك إيّاه فإنّ الدير يتواضع لك حتّى تصير في ذروته، فإذا رآك ذاك الراهب الصدّيق قال لتلميذ معه: ليس هذا من أوان المسيح، هذا شخص كريم، ومحمد صلّى الله عليه وآله قد توفّاه الله ووصيّه قد استشهد بالكوفة، وهذا من حواريه.

ثمّ يأتيك ذليلا خاشعاً فيقول لك: أيّها الشخص العظيم لقد أهلتني بما لم أستحقّه، فبم تأمرني؟ فتقول له: استر تلميذي هذين عندك، وتشرف على ديرك هذا فانظر ماذا ترى، فإذا قال لك: إنّي أرى خيلا عابرة نحونا، فخلّف تلميذيك عنده وانزل واركب فرسك، واقصد نحو غار على شاطئ الدجلة فاستتر فيه، فإنّه لابد أن يسترك، وفيه فسقة من الجنّ والانس.

فإذا استترت فيه عرفك فاسق من مردة الجنّ، يظهر لك بصورة تنين أسود،

____________

1- في "ب" و "ج": قصّتك.


الصفحة 123
فينهشك نهشاً يبالغ في اضعافك ويفرّ فرسك، فيبتدر بك الخيل فيقولون: هذا فرس عمرو ويقصون أثره، فإذا أحسست بهم دون الغار فابرز إليهم بين الدجلة والجادة، فقف لهم في تلك البقعة فإنّ الله تعالى جعلها حفرتك وحرمك، فألقهم بسيفك فاقتل منهم من استطعت حتّى يأتيك أمر الله، فإذا غلبوك جزّوا رأسك وشهروه على قناة إلى معاوية، ورأسك أوّل رأس يُشهر في الإسلام من بلد إلى بلد.

وبكى أمير المؤمنين عليه السلام وقال: بنفسي ريحانة رسول الله صلّى الله عليه وآله وثمرة فؤاده وقرّة عينه ولدي الحسين، فإنّي رأيته يسير وذراريه(1) بعدك يا عمرو من كربلاء بغربيّ(2) الفرات إلى يزيد بن معاوية.

ثمّ ينزل صاحبك المحجوب والمقعد فيواريان جسدك في موضع مصرعك، وهو من الدير والموصل على مائة وخمسين خطوة، فكان كما ذكره أمير المؤمنين عليه السلام، وكان هذا من دلائله عليه السلام(3).

 

>>>>>>


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net