متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
خبر حبابة الوالبيّة
الكتاب : إرشاد القلوب ج2    |    القسم : مكتبة التربية و الأخلاق

[خبر حبابة الوالبيّة]

روي مرفوعاً إلى رشيد الهجري قال: كنت وأبو عبد الله سلمان، وأبو عبد الرحمن قيس بن ورقاء، وأبو القاسم مالك بن التيهان، وسهل بن حنيف بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام بالمدينة إذ دخلت حبابة الوالبيّة وعلى رأسها كوز(2)شبه المنسف وعليها أسمار(3) سابغة، وهي متقلّدة بمصحف وبين أناملها سبحة من حصى ونوى.

فسلّمت وبكت كثيراً وقالت: يا أمير المؤمنين آه من فقدك، ووا أسفاه من غيبتك، وواحسرتاه على ما يفوت من الغنيمة منك، لا نلهو ولا نرغب عنك(4)، وانّني من أمري لعلى يقين وبيان حقيقة، وانّي لقيتك وأنت تعلم ما اُريد، فمدّ يده اليـُمنى وأخذ منها حصاة بيضاء تلمع من صفائها، وأخذ خاتمه من يده وطبع به الحصاة وقال لها: يا حبابة هذا كان مرادك منّي؟

فقالت: اي والله يا أمير المؤمنين، هذا اُريد لما سمعناه من تفرّق شيعتك واختلافهم من بعدك، فأردت هذا البرهان ليكون معي إن عمّرت بعدك ـ ولا عمّرت ـ ويا ليتني وأهلي وقومي لك الفداء، وإذا وقعت الاشارة وأرسلت(5)

____________

1- الهداية للحضيني: 164; عنه مدينة المعاجز 1: 155 ح92.

2- في "ج": مجمرة.

3- في "ج": أثمار.

4- في "الف": لا تلهو ولا ترغب عنك.

5- في "ج": أو شكّت.


الصفحة 135
الشيعة إلى من يقوم مقامك أتيته بهذه الحصاة، فإذا فعل بها ما فعلتَ علمتُ انّه الخلف من بعدك، وأرجو أن لا اُؤجّل لذلك.

فقال لها: بلى والله يا حبابة، لتلقين بهذه الحصاة الحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمد بن عليّ وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعليّ بن موسى الرضا، وكلّ إذا أتيتيه استدعى الحصاة منك وطبعها بهذا الخاتم لك، فعند عليّ بن موسى ترين في نفسك برهاناً عظيماً منه، وتختارين الموت، فتموتين ويتولّى أمرك ويقوم على حفرتك ويصلّي عليك، وأنا مبشّرك بأنّك مع المكرورات [من المؤمنات](1)مع المهدي من ذرّيتي إذا أظهر الله أمره.

فبكت حبابة وقالت: يا أمير المؤمنين من أين هذا لأمتك الضعيفة اليقين، القليلة العمل لولا فضل الله وفضل رسوله وفضلك يا أمير المؤمنين، فبكم نلت هذه المنزلة وأنا والله بما قلته موقنة كيقيني انّك أمير المؤمنين حقّاً لا سواك، فادعُ لي يا أمير المؤمنين بالثبات على ما هداني الله عليه، لا اُسلبه ولا اُفتن فيه ولا أضلّ عنه، فدعا لها أمير المؤمنين عليه السلام وأصحبها خيراً.

قالت حبابة: فلمّا قبض أمير المؤمنين عليه السلام بضربة عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله في مسجد الكوفة أتيت مولاي الحسن عليه السلام، فقال لي: أهلا وسهلا يا حبابة هاتي الحصاة، وطبعها كما طبعها أمير المؤمنين عليه السلام وأخرج الخاتم بعينه، فلمّا مضى الحسن عليه السلام بالسمّ أتيت الحسين عليه السلام، فلمّا رآني قال: مرحباً يا حبابة هاتي الحصاة، فأخذها وختمها بذلك الخاتم.

فلمّا استشهد عليه السلام مضيت إلى عليّ بن الحسين عليه السلام وقد شكّ الناس فيه، ومالت شيعة الحجاز إلى محمد بن الحنفية، وصار إليّ من كبارهم جمع

____________

1- أثبتناه من "ج".


الصفحة 136
فقالوا: يا حبابة الله الله فينا، اقصدي عليّ بن الحسين بالحصاة حتّى يتبيّن الحق، فصرت إليه فلمّا رآني رحّب بي وقرّبني ومدّ يده وقال: هاتي الحصاة، فأخذها وطبعها بذلك الخاتم.

ثمّ صرت بعده إلى محمد بن عليّ، وإلى جعفر بن محمد، وإلى موسى بن جعفر، وإلى عليّ بن موسى الرضا، فكلّ يفعل مثل أمير المؤمنين والحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين، ثمّ علت سنّي، ورقّ جلدي، ودقّ عظمي، وحال سواد شعري، وكنت بكثرة نظري إليهم صحيحة البصر والعقل والفهم والسمع.

فلمّا صرت بحال استولى الكبر فيه قلت لمولاي عليّ بن موسى الرضا عليه السلام: لا تغفل عنّي، تحضر جنازتي وتصلّي عليّ كما وعدني جدّك أمير المؤمنين عليه السلام، فقال: نعم أبشري(1) فإنّك معنا.

فكان من أمرها انّها ذات ليلة نائمة على فراشها إذ نزل بها الحمام المحتوم، فأيقضوها فإذا هي قد سلّمت، فلمّا كان من الغد وإذا برسول عليّ بن موسى الرضا عليه السلام عندهم وعنده كفن وحنوط، ثمّ قاموا في جهازها، فصلّى عليها الرضا عليه السلام ولقّنها ثمّ قام على قبرها يبكي [عليها](2) ثمّ قال: أبلغي آبائي عنّي السلام(3).

 

>>>>>>


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net