متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
في جوابه عليه السلام عن مسائل اليهوديين
الكتاب : إرشاد القلوب ج2    |    القسم : مكتبة التربية و الأخلاق

[في جوابه عليه السلام عن مسائل اليهوديين]

وبحذف الاسناد أيضاً مرفوع إلى ابن عباس قال: قدم يهوديان أخوان من رؤوس(3) اليهود، فقالا: يا قوم [انّ](4) نبيّنا حدّثنا انّه يظهر بتهامة رجل يمحي

____________

1- أثبتناه من "ج".

2- عنه البحار 30: 85 ح2; ونحوه الفضائل لابن شاذان: 132; والاحتجاج 1: 484 ح118; عنه البحار 10: 52 ح1.

3- في "ج": رؤساء.

4- أثبتناه من "ج".


الصفحة 176
بسيفه أحلام اليهود ويطعن في دينهم، ونحن نخاف أن يزيلنا عمّا كانت عليه آباؤنا، فأيّكم هذا النبي؟ فإن كان المبشّر به داود آمنّا به واتّبعناه، وإن كان يورد الكلام على ابلاغه(1) ويورد الشعر ويقهرنا(2) جاهدناه بأنفسنا وأموالنا، فأيّكم هذا النبي؟

فقال المهاجرون والأنصار: انّ نبيّنا قُبض، فقالا: الحمد الله، فأيّكم وصيّه، فما بعث(3) الله نبيّاً إلى قوم إلاّ وله وصيّ يؤدّي من بعده، ويحكي ما أمره به ربّه، فأومأ المهاجرون والأنصار إلى أبي بكر، فقالوا: هو وصيّه، فقالا: إنّا نلقي عليك من المسائل ما يلقى على الأوصياء، ونسألك ما تُسأل الأوصياء عنه، فقال أبو بكر: ألقيا سأخبركما عنه(4) إن شاء الله تعالى.

فقال له أحدهما: ما أنا وأنت عند الله؟ وما نفس في نفس ليس بينهما رحم ولا قرابة؟ وما قبر سار بصاحبه؟ ومن أين تطلع الشمس وأين تغرب؟ وأين سقطت(5) الشمس ولم تسقط(6) في ذلك الموضع؟ وأين تكون الجنّة وأين تكون النار؟ وربّك يَحمل أو يُحمل؟ وأين يكون وجه ربّك؟ وما اثنان شاهدان؟ وما اثنان غائبان؟ وما اثنان متباغضان؟ وما الواحد وما الاثنان، وما الثلاثة، وما الأربعة، وما الخمسة، وما الستّة، وما السبعة، وما الثمانية، وما التسعة، وما العشرة، وما الاحدى عشر، وما الاثنى عشر، وما العشرون، وما الثلاثون، وما الأربعون، وما الخمسون، وما الستّون، وما السبعون، وما الثمانون، وما التسعون، وما المائة؟

قال ابن عباس: فبقى أبو بكر لا يردّ جواباً، وتخوّفنا أن يرتدّ القوم عن

____________

1- في "ج": بالبلاغة.

2- في "ج": يقهرنا بلسانه.

3- في "ج": أرسل.

4- في "ج": مسائلكما.

5- في "ج": طلعت.

6- في "ج": لم تطلع فيه بعد ذلك.


الصفحة 177
الإسلام، فأتيت منزل عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقلت له: يا عليّ انّ رؤساء اليهود(1) قد قدموا المدينة وألقوا على أبي بكر مسائل وقد بقي لا يردّ جواباً.

فتبسّم عليّ عليه السلام ضاحكاً ثمّ قال: هو الذي وعدني رسول الله صلّى الله عليه وآله وأخذ يمشي أمامي، فما أخطأت مشيته مشية رسول الله صلّى الله عليه وآله حتّى قعد في الموضع الذي كان يقعد فيه رسول الله صلّى الله عليه وآله، ثمّ التفت إلى اليهوديين فقال: يا يهوديان اُدنوا منّي وألقيا ما ألقيتما على الشيخ، فقالا: من أنت؟ فقال: أنا عليّ بن أبي طالب، أخو النبي، وزوج فاطمة، وأبو الحسن والحسين، ووصيّه في خلافته(2) كلّها، وصاحب كل نفيسة(3) وغزاة، وموضع سرّ النبي صلّى الله عليه وآله.

فقال اليهودي(4): ما أنا وأنت عند الله؟ قال: أنا مؤمن منذ عرفت نفسي وأنت كافر منذ عرفت نفسك، وما أدري ما يحدث الله فيك يا يهودي بعد ذلك، قال اليهودي: فما نفس في نفس ليس بينهما رحم ولا قرابة؟ قال: يونس عليه السلام في بطن الحوت،قال: فماقبر ساربصاحبه؟قال:يونس حين طاف به الحوت في سبعة أبحر.

قال له: فالشمس من أين تطلع؟ قال: من قرن(5) الشيطان، قال: فأين تغيب(6)؟ قال: في عين حمئة، وقال لي حبيبي رسول الله صلّى الله عليه وآله: لا تصلّي في اقبالها ولا في ادبارها حتّى تصير في مقدار رمح أو رمحين، قال: فأين سقطت الشمس ولم تسقط(7) في ذلك الموضع؟ قال: البحر حين فرقه الله تعالى لقوم

____________

1- في "ب": رؤوساً من اليهود.

2- في "ج": في حالاته.

3- في "ج": منقبة.

4- في "ج": فقال له أحد اليهوديين.

5- في "ج": قرني.

6- في "ج": في أين تغرب.

7- في "ج": طلعت الشمس ثمّ لم تطلع.


الصفحة 178
موسى عليه السلام.

قال له: ربّك يَحمل أو يُحمل؟ قال: ربّي يحمل كلّ شيء ولا يحمله شيء، قال: فكيف قوله: {ويحمل عرش ربّك فوقهم يومئذ ثمانية}(1)؟ قال: يا يهودي ألم تعلم انّ الله له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما، وما تحت الثرى، وكلّ شيء على الثرى، والثرى على القدرة، والقدرة عند ربّي.

فقال: فأين تكون الجنّة؟ وأين تكون النار؟ قال: الجنّة في السماء، والنار في الأرض، قال: فأين يكون وجه ربّك؟ فقال عليّ عليه السلام لابن عباس: ائتني بنار وحطب فأضرمها، فقال: يا يهودي أين وجه هذه النار؟ قال: لا أقف لها على وجه، قال: كذلك ربّي، أينما تولّوا فثمّ وجه الله.

قال: فما اثنان شاهدان(2)؟ قال: السماء والأرض لا يغيبان، قال: فما اثنان غائبان؟ قال: الموت والحياة لا نقف عليهما، قال: فما اثنان متباغضان؟ قال: الليل والنهار، قال: فما نصف الشيء؟ قال: المؤمن، قال: فما لا شيء؟ قال: يهودي مثلك لا يعرف ربّه، قال: فما الواحد؟ قال: الله عزوجل، قال: فما الاثنان؟ قال: آدم وحواء، قال: فما الثلاثة: قال: كذبت النصارى على الله عزوجل وقالوا عيسى بن مريم ابن الله، والله لم يتّخذ صاحبة ولا ولداً.

قال: فما الأربعة؟ قال: التوراة والانجيل والزبور والفرقان(3) العظيم، قال: فما الخمسة؟ خمس صلوات مفروضات، قال: فما الستّة، قال: خلق الله السماوات والأرض في ستّة أيّام ثمّ استوى على العرش، قال: فما السبعة؟ قال: سبعة أبواب النار متطابقات، قال: فما الثمانية؟ قال: ثمانية أبواب الجنّة، قال: فما التسعة؟ قال:

____________

1- الحاقة: 17.

2- زاد في "ج": لا يغيبان.

3- في "ج": القرآن.


الصفحة 179
تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون، قال: فما العشرة؟ قال: عشرة أيّام من العشر.

قال: فما الأحد عشر؟ قال: قول يوسف لأبيه: {إنّي رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين}(1) قال: فما الاثنى عشر؟ قال: شهور السنة، قال: فما العشرون؟ قال: بيع يوسف بعشرين درهماً، قال: فما الثلاثون؟ قال: ثلاثون ليلة(2) من شهر رمضان صيامه فرض واجب على كلّ مؤمن، إلاّ من كان مريضاً أو على سفر.

قال: فما الأربعون؟ قال: كان ميقات موسى ثلاثين ليلة قضاها والعشرة كانت تمامها، قال: فما الخمسون؟ قال: دعا نوح [قومه](3) ألف سنة إلاّ خمسين عاماً، قال: فما الستّون؟ قال: قال الله عزوجل: فاطعام ستّين مسكيناً (أو) صيام شهرين متتابعين(4)، قال: فما السبعون؟ قال: اختار موسى قومه سبعين رجلا لميقات ربّه، قال: فما الثمانون؟ قال: قرية بالجزيرة يقال لها "ثمانين" [منها](5) قعد نوح في السفينة واستوت على الجودي وغرّق(6) الله القوم.

قال: فما التسعون؟ قال: الفلك المشحون اتّخذ [نوح فيه تسعين](7) بيتاً للبهائم، قال: فما المائة؟ قال: كان لداود عليه السلام ستّون سنة وهب له آدم أربعين [سنة من عمره](8)، فلمّا حضر آدم الوفاة جحد، فجحد ذرّيته.

____________

1- يوسف: 4.

2- في "ج" يوماً.

3- أثبتناه من البحار.

4- تلفيق من سورة المجادلة آية: 4.

5- أثبتناه من "ج".

6- في "ج": أغرق.

7- أثبتناه من "ج"، وفي البحار: اتّخذ يوماً فيها بيتاً للبهائم.

8- أثبتناه من "ج".


الصفحة 180
فقال: يا شاب صف لي محمداً صلّى الله عليه وآله كأنّي أنظر إليه حتّى اُؤمن به الساعة، فبكى عليّ عليه السلام ثمّ قال: يا يهودي هيّجت أحزاني، كان حبيبي [رسول الله](1) صلّى الله عليه وآله صلب(2) الجبين، مقرون الحاجبين، أدعج(3)العينين، سهل الخدّين، أقنى(4) الأنف، دقيق المسربة(5)، كثّ اللحية، براق الثنايا، كأنّ عنقه ابريق فضّة.

كان له شعرات من لبته(6) إلى سرّته متفرّقة كأنّها قضيب كافور، لم يكن بالطويل الذاهب، ولا القصير النزر، كان إذا مشى مع الناس غمرهم(7)، كان إذا مشى كأنّه ينقطع من صخرة أو ينحدر من صبب، كان مبدول(8) الكعبين، لطيف القدمين، دقيق الخصر، عمامته السحاب، سيفه ذو الفقار، بغلته دلدل، حماره اليعفور، ناقته العضباء، فرسه المبدول(9)، قضيبه الممشوق، كان أشفق الناس على الناس، وأرأف الناس بالناس، كان بين كتفيه خاتم النبوّة، مكتوب على الخاتم سطران، أوّل سطر "لا إله إلاّ الله" والثاني "محمد رسول الله" هذه صفته يا يهودي.

فقال اليهوديان: نشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمداً رسول الله، وأنّك وصيّ محمّد حقّاً، وأسلما وحسن اسلامهما ولزما أمير المؤمنين عليه السلام، فكانا معه حتّى كان من أمر الجمل ما كان، فخرجا معه إلى البصرة، فقتل أحدهما في وقعة

____________

1- أثبتناه من "ب".

2- في "ج" والبحار: صلت.

3- الدعج والدعجة: السواد في العين وغيرها.

4- القنا في الأنف: طوله ودقّة أرنبته مع حدب في وسطه.

5- المسربة: ما دقّ من شعر الصدر مائلا إلى الجوف.

6- اللبة: المنحر، والجمع اللبات.

7- في "ج": غمرهم نوره.

8- في "ج": مدوّر.

9- في "ج": لزار.


الصفحة 181
الجمل وبقى الآخر حتّى خرج معه إلى صفين فقُتل(1).

 

>>>>>>


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net